المنشورات التقدمية
ابحث من بين أكثر من 1550 قطعة مكتوبة

تصريح صحافي حول اجتماع المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي.
عقد المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي اجتماعه الثامن مساء السبت 17 أغسطس 2013 برئاسة المنسق العام الزميل ضاري الرجيب، حيث بحث البنود المطروحة على جدول أعماله المتضمن مسائل سياسية وتقارير تنظيمية وخطوات إجرائية واتخذ في شأنها القرارات المناسبة، وذلك كالتالي:أولاً: إقرار وثيقة "رؤية التيار التقدمي الكويتي للإصلاح الديمقراطي"، التي سبق أن قرر المجلس العام في اجتماعه السادس بتاريخ 18 يونيو الماضي تشكيل فريق عمل لإعدادها، وتم عرضها على المجلس العام ومناقشتها وإقرارها من حيث المبدأ في اجتماعه السابع بتاريخ 8 يوليو الماضي، وهذه الوثيقة مكونة من قسمين يضم القسم الأول منها مراجعة تحليلية نقدية للحراك الشعبي في المرحلة السابقة، فيما يضم القسم الثاني ملامح طريق الكويت نحو الإصلاح الديمقراطي في جانبيه السياسي والدستوري.وقد قرر المجلس العام تكليف مكتب العلاقات الوطنية بتقديم وثيقة الرؤية إلى القوى السياسية، ثم نشر وثيقة الرؤية في وسائل الإعلام المختلفة ليطلّع الرأي العام عليها.ثانياً: رحب المجلس العام بالرسالة الموجهة من ائتلاف المعارضة إلى التيار التقدمي الكويتي المتضمنة توجّه الائتلاف نحو إعداد مشروع بناء الدولة (مثلث الإصلاح) ودعوة التيار التقدمي إلى تقديم وجهة نظره واقتراحاته في هذا الشأن، حيث قرر المجلس العام أنّ تقديم وثيقة "رؤية التيار التقدمي الكويتي للإصلاح الديمقراطي" إلى الإخوة في ائتلاف المعارضة ومناقشتها معهم من شأنه أن يلبي على نحو ايجابي الدعوة الواردة في الرسالة.ثالثاً: توقف المجلس العام في اجتماعه أمام التطورات الخطيرة والأحداث المؤسفة التي شهدتها مصر، واستنكر القمع الدموي للاعتصامات الجماهيرية، الذي قامت به السلطات العسكرية وراح ضحيته مئات من أبناء الشعب المصري الشقيق، وذلك من دون أن نبرئ في المقابل ساحة القوى السياسية وخصوصاً قيادة جماعة الإخوان من المسؤولية عن دفع الأمور إلى ما آلت إليه. وعبّر المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي عن التخوّف من استغلال ما حدث ويحدث في مصر سواء لفرض الحكم العسكري المباشر أو بواجهة مدنية، أو محاولة الزجّ بالشعب المصري في دوامة العنف والعنف المضاد والاقتتال الأهلي، وهذا ما تلوح نُذره الخطيرة في اندلاع أعمال حرق دور العبادة وتخريب المؤسسات العامة والقيام بعمليات مسلحة، مثلما حدث في سيناء.وإنّ المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي إذ يدرك التعقيدات والتناقضات والتجاذبات التي أحاطت وتحيط بمسار ثورة الشعب المصري في 25 يناير 2011، مثلما هي الحال في مختلف الثورات غير المكتملة، فإنّه يؤكد تضامنه مع القوى الشعبية الساعية إلى إقامة نظام ديمقراطي مدني تعددي قائم على العدالة الاجتماعية ومتحرر من التبعية للإمبريالية، وذلك بما يحول دون تكريس حكم العسكر أو يؤدي إلى قيام نظام حكم شمولي ديني.رابعاً: توقف المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي أمام المراسيم الملكية الأخيرة التي صدرت في البحرين وفرضت المزيد من القيود المتعسفة على الحريات العامة وصادرت الحقوق المدنية والسياسية للشعب البحريني الشقيق. وأكدّ المجلس العام أنّه لابد من التوصل إلى مخرج سياسي واقعي للأزمة السياسية والوطنية العميقة المحتدمة في البحرين وذلك على قاعدة الاستجابة للمطالب المشروعة للشعب البحريني الشقيق في الحرية الديمقراطية والحياة الكريمة والمواطنة المتساوية بعيداً عن النهج القمعي والانفراد بالسلطة والتأجيج الطائفي والاستقواء بالخارج.

تغطية جريدة الطليعة لمحاضرة "علاقة الرأسمالية بالتطور التكنولوجي" في مقر التيار التقدمي الكويتي
كتب محرر الشؤون المحلية:
في بادرة تعكس جشع الرأسمالي واستغلاله لمنتجات التكنولوجيا لزيادة أوقات ساعات عمل العامل وفي النهاية زيادة الإنتاج والربح، اقتبس الروائي وليد الرجيب مشهداً من فيلم «الأوقات الحديثة»، الذي أنتجه وأخرجه ومثله الفنان العبقري التقدمي اليساري تشارلي تشابلن عام 1936، عندما ابتكر صاحب المصنع، الذي يعمل به جهازاً يتيح للعامل تناول الغداء مع ضمان عدم توقف العمل، الأمر الذي قام بأدائه تشارل شابلن بسخرية ليوضح الرجيب بإسقاطاته كيف أن الرأسمالية لا يمكن أن تخترع وتطور شيئاً إلا إذا كان الربح فقط غاياتها.
وأشار الرجيب في الحلقة النقاشية التي حملت عنوان «علاقة الرأسمالية بالتطور التكنولوجي»، خلال الديوانية الأسبوعية للتيار التقدمي الكويتي، إلى مشاهد عدة أهمها أن ادعاءات أيديولوجيي أو مفكري الرأسمالية بأنه لولا النظام الرأسمالي لما وصلت البشرية إلى هذا المستوى من التطور التقني، خاصة في هذا العصر الذي يتميز بثورة الاتصالات، هي ادعاءات باطلة، بل والأدهى أن التكنولوجيا التي طورتها الرأسمالية قد تساهم في إسقاطها وإقامة البديل الإنساني ومجتمع العدالة الاجتماعية بعد ظهور الوجه الحقيقي لها.
ثلاثة أطوار
وبدأ الرجيب دراسته بسرد تاريخي عن البشرية منذ المشاعية البدائية، والتي قال عنها إنها مرت بثلاثة أطوار أو موجات ساهمت في تطور المجتمعات، ونقلتها نقلات واسعة ونوعية، وهي تقسيم العمل واكتشاف الزراعة والنار، التي طورت وسائل الإنتاج والقوى المنتجة، والطور الثاني هو الثورة الصناعية التي تطورت من خلالها الآلة ووسائل المواصلات، مثل القطار البخاري على الأرض والسفينة البخارية في البحار، مما أدى إلى توسع وتعدد الأسواق ووصول المنتج والبضاعة إلى مدن وبلدان أخرى، والطور الثالث هو الثورة التكنولوجية وتطور وسائل الاتصال، التي تدخل من ضمن وسائل الإنتاج إضافة إلى الآلات والموارد وغيرها إلى نطاق واسع.
وأضاف أن الحقيقة الثابتة أن الرأسمالية تسعى في هدفها النهائي فقط إلى الربح وتعاظمه، وإذا كانت أهمية المنتج بالنسبة للمستهلك (المجتمع) تكمن في قيمته الاستعمالية، فإن أهميته بالنسبة للرأسمالي في قيمته التبادلية، فالمنتج بالنسبة له في النهاية سلعة تُباع في الأسواق المحلية والخارجية، والهدف من وراء انتاجها وبيعها هو ربح أكثر في جيب الرأسمالي صاحب المصنع المنتج لهذه السلعة، بما فيها قوة عمل العامل التي تتحول إلى سلعة بحد ذاتها، ولكي يحقق الرأسمالي الأرباح فلابد من استغلال قوة عمل العامل لإنتاج فائض القيمة الذي ينتج السلع ويطور الآلة وطرق المواصلات ووسائل النقل بما فيها السيارات والبواخر والطائرات لتحقيق مزيد من الأرباح التي تصب في جيبه هو، وليس الهدف هو سعادة الإنسان ورخائه.
أرباح أكثر
واعتبر الرجيب أن كل اختراع أو اكتشاف جديد ومتطور يزيد من أرباح الرأسمالي، ومن ضمنه تطوير وسائل الإنتاج وأدوات العمل للوصول إلى أرباح أكثر، فضلاً عن أن الاكتشافات الجغرافية للدول والقارات الأخرى، خاصة أفريقيا والهند عبر رأس الرجاء الصالح، كانت بمنزلة وسيلة للتبادل التجاري ونقل البضائع إلى هذه القارات ونهب ثرواتها، وكانت سبباً في البحث عن طرق أخرى جديدة للأسواق الخارجية وجلب منتجات هذه الشعوب والبلدان إلى أوروبا.
وتطرق إلى الطور الذي حدث في العصر الرأسمالي، وشهد تطوير المصانع الرأسمالية لأسلحتها العسكرية من أجل ضمان الانتصار وقتل الشعوب الأخرى بوحشية واستعبادها كعمالة رخيصة من أجل ثراء الرأسمالية، وتضاعف أرباح الرأسماليين، وحتى الاستعمار البرتغالي والهولندي والبريطاني للهند بالذات جعلهم في بحث دائم عن طرق التجارة ونقل البضائع والمواد إلى أوروبا، بعد الاستيلاء على ثروات البلدان واستغلال الشعوب المستعمرة كعمالة رخيصة.
خدمة للرأسمالية
وأشار إلى قضية عدم توقف الرأسمالية الاستعمارية عن البحث عن أقصر الطرق لنقل بضاعتها، فحفرت القنوات لتقريب القارات مثل «قناة السويس» و»قناة بنما» بين القارتين الأميركيتين، بدلاً من الطرق البرية والبحرية الشاقة والطويلة، وكان اختراع الطائرات ذات المراوح ثم النفاثة وناقلات البضائع البحرية والجوية العملاقة، التي قال عنها إنها قفزة كبيرة وخدمة لا تقدر لمصلحة الرأسمالية، التي مرت بمراحل تطوير الأسلحة بما فيها أسلحة الدمار الشامل، والمنافسة وتقاسم مناطق النفوذ في العالم عن طريق شن الحروب على بعضها بأحدث الأسلحة المتطورة، مثلما حدث في الحربين العالميتين، محرضة طبقتها العاملة على الحرب باسم وخديعة «الدفاع عن الوطن»، بينما لم يمسك أي رأسمالي في الدول المتحاربة سلاحاً، بل كانت هذه الحروب فرصة لتشغيل مصانعها الحربية وكل ما يتعلق بها من لوجيستيات بطاقتها القصوى، وجني الأرباح الهائلة على جثث الملايين من البشر.
لا أخلاقية
وأكد الرجيب أن الرأسمالية لا تكترث لموت الأطفال والنساء والشيوخ أو لتشوههم جراء هذه الحروب العبثية واللا أخلاقية، ولكن الاهم لديها أن تربح قلة من الرأسماليين مزيداً من المال، ولتذهب الطبقة العاملة وفئات الشعب من الفلاحين والبسطاء إلى الجحيم.
واختتم الرجيب الحلقة النقاشية بهمسة في أذن الذين يرون في الولايات المتحدة والرأسمالية «قِبلة للحرية» ومنارة للتنوير والديمقراطية، كونها اكتشفت واخترعت وأتاحت لهم الأجهزة التكنولوجية الدقيقة، مثل الكمبيوتر والهواتف الذكية، قائلا: «إن الرأسمالية تستخدم هذه الأجهزة من أجل انتهاك حرياتكم وخصوصياتكم وملاحقتكم، فكل جهاز متطور هو جهاز متابعة وملاحقة لا ضد الإرهاب فقط كما تدعي الدولة الرأسمالية الأكبر، ولكن من أجل وأد كل انتفاضة أو ثورة قد تقوض نظامها الذي تسعى لإطالة عمره وجعله «نهاية التاريخ»، فهي لم تكن مطلقاً في يوم من الأيام ولن تكون أبداً أخلاقية».
_______________________________________________
فيديو محاضرة "علاقة الرأسمالية بالتطور التكنولوجي"
تبدو فرحة العيد منقوصة في بلادنا العربية، فبعض الأطفال احتفلوا بالعيد إما تحت قصف المدافع والطائرات، وإما أن العيد مر عليهم وهم مشردون في شوارع سورية المنكوبة أو في شتات الدول المجاورة، وينامون في الشوارع دون ملابس عيد يفرحون بها ودون ألعاب يشترونها أو حلوى العيد التي اعتادوا عليها في الأعياد، فالدكتاتور الدموي في سورية لا يحفل بالمناسبات الدينية ولا بالأماكن المقدسة، فالدين لا يعني له سوى أداة للسيطرة وذبح الأطفال والنساء بدم بارد، بينما العالم الغربي وعلى رأسه أميركا ينتظر أن تتدمر سورية ويضعف دورها العربي ويتحطم جيشها ويتفتت شعبها ليحقق حلمه بدويلات عربية ضعيفة وممزقة الأوصال، بينما يدعو هذا الغرب إلى حوار سياسي بين قاتل ومقتول، فبعد مرور أكثر من عامين على كارثة الشعب السوري، يراد لهذا البلد بأن يُحكم باسم إسلام أميركي ويظل «مخلوف» وأمثاله يسيرون على طريق النيوليبرالية التي تعاني من أزمات وتطلب من شعوبنا دعم شركاتها ونظامها الذي لم يصمد أمام التطور الموضوعي للتاريخ.لابد وأن العالم الغربي بقيادة الولايات المتحدة سعيد وهو يرى المجموعات الجهادية التكفيرية التي تربت على يديه منذ «طالبان» وهي تسيء إلى الإسلام الذي عرفه المسلمون كدين تسامح ومحبة، وتعود بالمسلمين إلى عهود ظلام بعيداً عن التحضر والإنسانية، وهي نفس المجموعات التي استخدمها الأسد من قبل ضد استقرار العراق، وهي التي أخرجها من السجون لتعيد انتاج نفسها في سورية مستخدمة كل الأساليب البشعة التي روعت أهالي سورية أكثر مما روعهم هذا النظام المتوحش، كي يظل العالم العربي غارقاً في الجهل والظلام والتخلف مما يسهل نهب ثروات شعوبه واخضاعها أكثر لعدوها الصهيوني، الذي سيجد مبرراً لإعلان إسرائيل دولة لليهود.وهذا ينطبق على العراق الذي ليس من مصلحة الغرب ونظامه النيوليبرالي أن يستقر أو يكون موحداً، والذي لم يعد له مخالب ضد الامبريالية بل أنياب تمزق أجساد الشعب بعضها البعض، ويتفتت هذا العراق الكبير إلى دويلات طائفية وعرقية، بينما النفط العراقي يتدفق في جيوب «هاليبرتون» شركة ديك تشيني التي قامت على هذه الاستراتيجية العدوانية.وهاهي تدافع بشكل محموم عن مرسي وشرعيته في مصر، محاولة ابتزاز الشعب المصري بمعونات مقسّطة حسب شهادات حسن السير والسلوك، فلا يمكنها التخلي عن أفضل حليف مصري قدم أرض شمال سيناء هدية لأمريكا وإسرائيل لتنفيذ المشروع الذي لم يستطيعا تنفيذه على مدى سنوات طويلة وهو توطين الفلسطينيين خارج أرضهم وكأنهم زائدون عن الحاجة، عمل مرسي ما لم يعمله مبارك بكل عمالته، فاسقاط حكم الإخوان هو اجهاض للحلم الأمريكي الذي لما يكتمل بعد.وهل نحن في الكويت أفضل من بقية الدول العربية ونحن نحتفل بعيد ليس بطعم التاريخ الكويتي؟ نحن نحتفل بالعيد في ظل تراجع عن المبادئ الكويتية الديموقراطية الأصيلة بوجود تمثيل نيابي لا يلبي طموحات شعبنا بالاصلاح السياسي والاجتماعي، وفي ظل حكومة ليست سوى مجموعة من الموظفين الكبار، حكومة تذكرنا بأولى الحكومات التي كان يغلب عليها وزراء من الأسرة الحاكمة لنعود إلى عهود المشيخة وليس إلى اعادة الاعتبار لبناء الدولة الكويتية الحديثة، يمر علينا العيد دون ذكر لأي أزمة سكن أو بطالة أو غلاء أو تعليم أو صحة، بل يمر علينا ونحن ممزقون قبلياً وطائفياً وفئوياً، فكل ما يحدث أثناء العيد هو العمل لصالح قلة متنفذة وفاسدة على حساب أغلبية الشعب الكويتي، حتى لم نعد نعرف هل هو عيد سعيد أم عيد ألم وحسرة وقهر.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_______________________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 14\08\2013 العدد:12462

إفراغ "دستور الحدّ الأدنى" من محتواه الديمقراطي المحدود.
طوال نصف قرن، نجح المسعى السلطوي لإفراغ الدستور من محتواه إما بالانقلاب مباشرة على الوضع الدستوري أو بالتواطؤ مع الغالبية النيابية الموالية للسلطة في معظم المجالس النيابية المتعاقبة، وذلك عبر تمرير مجموعة من القوانين المقيدة للحريات الشخصية والعامة والسالبة للحقوق الديمقراطية المقررة في الدستور، ومن أمثلة ذلك:
1- نجد أنّه بينما يقر الدستور في المادة 30 منه الحرية الشخصية، وهي إحدى الحريات المطلقة، التي لا يجوز تنظيمها بقانون، تأتي الممارسات والإجراءات الحكومية والدعوات النيابية من شاكلة الضوابط الـ 13 على الحفلات ومنع الكتب لتضيّق على الحريات الشخصية للأفراد، فتصادر حقهم في الفرح والغناء؛ وتفرض عليهم وصايتها فيما يحقّ لهم الاطلاع عليه وما لا يحقّ لهم ذلك.
2- على خلاف ما قرره الدستور في المادة 30 من صون لحرية المراسلة تحاول الحكومة أن تفرض رقابتها على التراسل الإلكتروني.
3- بينما تكفل المادة 43 من الدستور حرية تكوين الجمعيات والنقابات يأتي قانون جمعيات النفع العام ليمنح الحكومة سلطة شبه مطلقة في إشهار ما تشاء من جمعيات أو منع إشهارها، بالإضافة إلى تمكين الحكومة من سلطة مطلقة في اتخاذ قرارات بحلّ مجالس الإدارات المنتخبة أو الجمعيات نفسها وتصفيتها نهائياً.
4- كذلك الحال مع المادة 44 من الدستور، التي كفلت حرية الاجتماعات، حيث لا تتورع السلطة عن اتخاذ إجراءات بوليسية غير معهودة لمنع عدد من الاجتماعات العامة، التي لا يسري عليها ما تبقى من مواد المرسوم بقانون غير الدستوري.
5- قانون المحكمة الإدارية، الذي يحصّن القرارات الحكومية في قضايا الجنسية والإقامة وتأسيس دور العبادة مهما كانت جائرة ويمنع القضاء الإداري من النظر فيها، وذلك على خلاف ما قرره الدستور في المادة 166 من كفالة لحقّ التقاضي.
6- قانون المحكمة الدستورية الذي يسلب حقّ الأفراد ذوي الشأن في اللجوء المباشر إلى القضاء الدستوري، الذي تقرّه المادة 173 من الدستور.
__________________________________________
منقول عن كتيب "دستور 1962 في الميزان الديمقراطي"
بقلم: رشيد غويلب
ولدت المناضلة الشيوعية إنجيلا ديفز عام 1944 في مدينة برمنغهام في ولاية الاباما الأميركية وتحولت إلى رمز نضالي عالمي لحركة اليسار، والحركة النسوية العالمية، وحركة الدفاع عن الزنوج في العالم، وبفعل نضالها الثابت والمستمر ضد الاضطهاد والعنصرية ومن اجل الديمقراطية، وحقوق السجناء السياسيين وضعت الشرطة الاتحادية اسمها ضمن قائمة تحتوي على اخطر عشرة "مجرمين" في الولايات المتحدة الأمريكية، وجرى اعتقالها في عام 1970 لتمضي في المعتقل ستة عشر شهرا، واجهت خلالها خطر عقوبة الإعدام بعد اتهامها زورا بالخطف والقتل العمد، وعلى اثر هذا الاتهام الشائن اجتاحت أنحاء العالم كافة موجة كبيرة من التضامن شارك فيها الملايين. وفي 1972 أطلق سراحها بعد أن أثبتت براءتها من التهم الباطلة التي وجهت اليها.
درست إنجيلا ديفز الفلسفة وعلم الاجتماع واللغة الفرنسية ضمن اختصاصات أخرى في الجامعات الأمريكية وجامعة فرانكفورت ألألمانية الغربية وعلى أيدي أشهر الأساتذة في حينه، ورغم عبورها سن التقاعد لا تزال تعمل كأستاذ محاضر في جامعة كاليفورنيا لمادة تاريخ الوعي، والدراسات النسوية، بالإضافة إلى ذلك فهي كاتبة معروفة ومتحدثة باسم الحملة المضادة لعقوبة الإعدام. ان دورها النضالي جعلها واحدة من المع المثقفين الجذريين في الولايات المتحدة الأمريكية. وما تزال ديفز تلقي المحاضرات المهمة في الجامعات وفي فعاليات العديد من المنظمات السياسية والاجتماعية. وفي دراساتها الأخيرة اهتمت وما تزال، بالترابط بين مختلف أشكال الاضطهاد، ومختلف الحركات التي تتشكل لمقاومتها، في إطار نضال واسع النطاق ضد الليبرالية الجديدة ومنطقها المعادي للإنسان وآلياتها في السلطة. وهذا ما يعكسه اهتمام انجيلا ديفز في دراساتها خلال الـ 15 سنة الأخيرة حول تطور "مجمع السجون الصناعي" في الولايات المتحدة الأمريكية (يبلغ معدل نزلاء السجون في الولايات المتحدة يوميا 2 مليون مواطن، وقد تم خصخصة السجون، وبواسطة العمل الإجباري الذي يقوم به السجناء، تحقق الشركات أرباحا هائلة). وإذا ما فكر السجناء بالهرب يتم إطلاق النار مباشرة على الرجال، وتطلق رصاصة تحذيرية أولا على السجينات الهاربات. وهناك منظمات نسوية تطالب- بإطلاق النار مباشرة ودون تحذير على النساء أيضا، عملا بمبدأ المساواة بين الجنسين (ص 78). وتسعى ديفز دائما لتوحيد جميع القوى المعارضة. ولهذا نراها مثلا تتحدث مع النقابات حول مشاكل النساء وخصوصياتهن، وتتحدث مع المنظمات النسوية حول المسائل الطبقية، وخصوصا حول كيفية خوض النضال ضد الخصم المشترك.وهي تقوم بذلك منذ صدور كتبها "المرأة، العنصرية، والطبقة" (برلين الغربية 1982)، "المرأة، الثقافة والسياسة" (1984)، ودراستها الرائعة "موروثات موسيقى البلوز وحركات النساء السود" (1998) حول مطربات موسيقى البلوز جيرترود ريني، بيسي سميث، وبيلي هوليداي، و "هل السجون باليه" (2003)، وهي دراستها الرائدة حول نظام السجون وجذوره في العبودية، وكذلك "إلغاء الديمقراطية" (2005)، الذي أشارت فيه إلى حركة إلغاء العبودية، وضرورة تحولها إلى حركة جديدة للمطالبة بإلغاء جميع أشكال الاضطهاد المضادة للديمقراطية الحقيقية على جميع الأصعدة.ومن الطبيعي ان تجد انجبلا ديفز في عام 2013 في تظاهرات "حركة لنحتل" والحركات المثيلة لها. والكتاب الجديد لها هو "معنى الحرية" ويجمع في صفحاته محاضراتها غير المنشورة بين 1994 -;- 2009 حول هذا الموضوع والمحاور القريبة منه.وعبر طريق حياتها الطويل تؤكد دوما على الترابط بين القضايا المطروحة، وتذكر مستمعيها وقراءها ان الحصول على الإمكانيات الديمقراطية مرة واحدة، لا يعني ضمان استمرارها، بل يجب، وارتباطا بطبيعة الخصم، العودة دائما للدفاع عنها. ان معنى الحرية بالنسبة لها مرتبط دوما بالنضال، ولا يمكن تصوره قطعا بدون الأخير.وكتابها الأخير "معنى الحرية وحوارات أخرى صعبة" الصادر في سان فرانسيسكو في عام 2012 يضم 12 خطابا وكلمة تعود لعام 2009 تنتهي بهذه الكلمات " نخوض نفس نضالاتنا كل عام من جديد. ولن نكسبها مرة واحدة والى الأبد، ولكننا في عملية النضال التي نخوضها معا، نتعلم اكتشاف الجديد، الذي ما كنا لنراه، وهكذا نثري تصورنا عن الحرية".
منقول عن موقع الحوار المتمدن.
بقلم: فهد الزعبي*
احدٍ يبي أضواء موكب و جمهور ..و احدٍ على السرقات جداً عصامي ..
و احدٍ يوظف كل طاير و مطيور ..و احدٍ خطابه تِقِل مشهد درامي ..بشت و مرافق و النِّفَس فيه مغرور ..منصب و يملك و الحقيقة حرامي ..لا عاد به مجلس ولا فيه دستور ..نهج المشايخ في الحكومه نظامي ..إلى متى طمس الحقيقة لهم نور ..و إلى متى ننشد و لا فيه سامي ..و إلى متى نسكت على سلطة الزور ..تروي شعوب و شعب الكويت ظامي ..!
__________________________________________________
*عضو التيار التقدمي الكويتي

تصريح صحفي صادر عن المكتب التنفيذي للتيار التقدمي الكويتي بخصوص الإفراج عن معتقلي الرأي.
يتقدم التيار التقدمي الكويتي بالتهنئة إلى المفرج عنهم من المعتقلين من شباب الحراك الشعبي الكويتي ممن صدرت عليهم أحكام نهائية بتهمة المساس بالذات الأميرية وذلك بعد صدور عفو أميري عنهم، ونحن إذ ننظر لهذا العفو الأميري على أنه خطوة إيجابية في خضم هذا الكم الهائل من السلبيات التي تغمر واقعنا إلا أننا نتطلع إلى استكمال هذه الخطوة بإسقاط كافة الاتهامات الموجهة سياسياً وقضايا الرأي، و وقف نهج الملاحقات الأمنية لشباب المعارضة وقياداتها وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات لا سيما قوانين أمن الدولة وبالذات المادة ٢٥ من القانون ٣١ الصادر بسنة ١٩٧١، و نحن نعتقد بضرورة ارتباط مثل هذه الخطوات بتلبية طموحات شعبنا باستكمال نظامنا الديمقراطي في ظل إشهار الأحزاب وتشريع قانون انتخابي جديد قائم على القوائم النسبية وتشكيل حكومة برلمانية.
ونحن في التيار التقدمي الكويتي بصدد الإعلان عن وثيقة مراجعة تحليلية نقدية لواقع الحراك الشعبي المعارض وسنرسم من خلالها خارطة طريق للإصلاح والتغيير الديمقراطيَين على أمل أن تكون هذه الوثيقة بمثابة المبادرة العملية لدفع الحراك الشعبي ليكون منظماً ولتقريب رؤى الأطراف الفاعلة في المعارضة ولتوحيد صفوفها تحت مشروع سياسي واضح نسعى من خلاله جميعاً نحو استكمال الديمقراطية ونصل بعد ذلك إلى ما نتمناه من وطنٍ حرٍّ وشعبٍ سعيد.
٦ أغسطس ٢٠١٣

تصريح صحفي صادر عن المنسق العام بالإنابة للتيار التقدمي الكويتي د.فواز فرحان حول الخطاب الأميري الذي ألقاه رئيس الوزراء.
رغم مقاطعتنا لانتخابات "مجلس الأمة" التي جرت في ٢٧ يوليو ٢٠١٣ إلا أننا تابعنا باهتمام ما أسفرت عنه تلك الانتخابات من ترسيخ للطرح القبلي والطائفي والعائلي والمناطقي واستفحال لممارسات مقيتة مثل شراء الأصوات، وكان ذلك تأكيداً لما توقعناه من سلبيات لمرسوم قانون الصوت الواحد الذي رفضناه أصلاً من منطلق رفضنا لاستفراد السلطة ولفرضها لهذا النظام الانتخابي لمنع تكوين معارضة نيابية جدية ولإضعاف الرقابة البرلمانية الحقيقية، وذلك خدمةً لمشروعها الساعي لتقويض الهامش الديمقراطي المحدود، ثم تابعنا التشكيل الوزاري الأخير الذي طغى فيه عدد الوزراء الشيوخ وما ينطوي عليه من تكريس للسطوة المشيخية على مفاصل الدولة، الذي سيؤدي عملياً إلى فقدان مجلس الوزراء لدوره الدستوري كسلطة مقررة بحيث يتحول إلى مجرد جهاز تنفيذي تابع يتلقى التعليمات ولا يشارك في صنع القرار السياسي.
واستمعنا اليوم للخطاب الأميري الذي ألقاء رئيس مجلس الوزراء، ولنا عليه عدة تعليقات وملاحظات: إذ تجاهل الخطاب الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، وكأنّ تجاهل الأزمة يمكن أن ينفي وجودها ويمحو انعكاساتها، كما أغفل الخطاب أي إشارة ذات معنى إلى المشكلات الأساسية في البلاد وتجاهل هموم المواطن الكويتي البسيط، فلم يتطرق لمشكلة السكن التي تعانيها أكثر من مئة ألف عائلة كويتية على سلم الانتظار، ولم يتناول مشكلة الغلاء وارتفاع الأسعار التي تئن منها الفئات الشعبية متدنية الدخل، ولم يتحدث الخطاب عن مشكلة البطالة التي يعاني منها نحو عشرين ألفاً من الشباب الكويتي، ولم يشر إلى الحلّ الشامل المستحق لقضية الكويتيين البدون الذين يعانون الأَمرّين، كما تجنّب الخطاب ذكر تفشي الفساد الذي أصبحت فضائحه المتلاحقة تزكم الأنوف.
وأما ما تضمنه الخطاب من إشارة تتصف بالعمومية حول تحقيق الإصلاح فهو أمر لا يمكن التعويل عليه وذلك في ظل بقاء الأوضاع على ما هي عليه، ومن دون تغيير في النهج، ومع تجاهل متطلبات الإصلاح السياسي الديمقراطي.
٦ أغسطس ٢٠١٣
كثير ما يتردد على مسامع المواطن من قبل حكام الدول العربية عن الديمقراطية وعن خدمة المواطن والتنمية والمواطنة لكن في الحقيقة أنهم هم العائق الوحيد أمام التحديث السياسي وأنهم هم السبب في الحد من صلاحيات الشعوب وتعزيز حكمهم الفردي, فكيف يصبح للشعوب حقوق سياسية وجميع السلطات محصورة بشخوص ..
لكن الغريب أن بعد فشل الانظمة الفردية في العالم لازالت بعض الدول العربية والمجاورة تقاوم وتراهن على أن تكون هي الاستثناء في هذا العالم, فمصر قبلهم لم تتعظ من تونس ولا ليبيا من مصر, لأن كل دولة فيهم كانت تعتقد أنها هي الاستثناء حتى أصبح الاسثناء مطلق وبعد كل هذا هناك من يقول بأن الشعوب العربية غير مهيأة أساساً للديمقراطية و للأحزاب السياسية وهل طبق أساساً نظام ديمقراطي حقيقي في الوطن العربي أم أن كل محاولة تقابل بالقمع أو بالتآمر ؟ و في الحقيقية إن هذا الرأي هو بحد ذاته يعطي مبرراً للسلطة للاستمرار لوأد كل من يحاول الانتقال الى نظام ديمقراطي حقيقي مكتمل لأن الدول العربيه تعادي كل ما هو ديمقراطي في الواقع وبهذه الحالة سوف ينتظرون حاكماً يعطف على الشعب ويتكرم بالسماح لهم بإنشاء أحزاب ربما بعد عام أو مئه عام وربما إلى الأبد, وسوف تكون الديمقراطية عبارة عن ديكور في الداخل والخارج، في شكل واجهات ديمقراطية زائفة لنظم حكم الفرد كما يقول الاستاذ عبدالفتاح ماضي, وسوف يترك للحكام وحدهم مجال التلاعب بمقدرات الشعوب ومستقبلهم.
اعتقد أمام الشعوب العربية خياران إما أن يرتضوا بحكم الفرد, أو أن يسعوا لإقامة نظم حكم ديمقراطي تصان فيها كرامة المواطن ووتحقق مصالحه, و تحفظ لكل تيار سياسي حقه في المنافسة وتداول السلطة ولا يقصى أي تيار, حركة, طائفة أو أي أقليه ويتساوى الجميع أمام حكم القانون ويكون الشعب هو مصدر السلطات جميعاً.
لكن كيف ؟ ومتى ؟
عبدالوهاب الناصر
محمد نهار
عضو في التيار التقدمي الكويتي
لم يعد هناك سوى القليل ممن يحترمون أفكار المفكر الأميركي «فرانسيس فوكوياما» لعدم مصداقيته، حتى من أصحاب الفكر الليبرالي الرأسمالي الذين شجعوه في البداية ودعموا دوره وكتاباته المستمرة ضد الاشتراكية وفكرها ولعل أهمها كتابه الذي روجته الرأسمالية وسوقت له وهو «نهاية التاريخ»، ويقصد به أن الرأسمالية هي نهاية التاريخ وآخر نظام اقتصادي اجتماعي للبشرية، فحظي بتكريم الرأسمالية اللامحدود، ثم تراجع عن فكرته واعترف بخطئه ما أثار استياء الرأسماليين الذين أملوا أن يكون سهماً ورأس حربة موجهة إلى الفكر الاشتراكي الذي عاد للصدارة أخيرا، ثم عاش بعد ذلك في الظل ولم يكترث به أحد بعد تراجعه.وعلى أثر الأزمة الاقتصادية الرأسمالية البنيوية عام 2008م، نشأت حركة تحرر وانتفاضات عالمية في أوروبا والولايات المتحدة وتركيا والعالم أجمع ذات محتوى تقدمي، كان في الصدارة منها الأحزاب اليسارية والتقدمية والنقابات العمالية، وهنا نشأت في العالم وبالأخص في الولايات المتحدة صراعات فكرية تعيد الاعتبار لفكر ماركس الذي تنبأ بأزمات الرأسمالية، قادها أكاديميون أميركيون ماركسيون ويساريون في مواجهة ادعاءات مفكري الرأسمالية الضعيفة التي صورت هذا الحراك الذي يعم العالم ضد سياسة النيوليبرالية الاقتصادية التي أفقرت الشعوب ورفعت معدلات البطالة، بل سببت ثورات عربية هي الأولى في تاريخهم بأنه من صنع الطبقات الوسطى وبأن الرأسمالية هي الأحق بالحياة.ونُقل عن فوكوياما أخيرا كتابات جديدة مفادها أن «الطبقة الوسطى هي التي تقود ثورات «الربيع العالمي» ولم يكن للطبقة العاملة دور مبادر ومؤثر في هذه الانتفاضات في محاولة لطمس طبيعة طبقية الصراع، وهو قول يشبه توصيف الثورات والانتفاضات الأخيرة بأنها شبابية وعفوية وثورات تويتر وغيرها، والقصد منها هو تهميش دور الأحزاب السياسية وبالأخص التقدمية ودور الطبقة العاملة التي لعب اضرابها العام في مصانع مدينة المحلة وبقية المصانع دوراً حاسماً في انتصار ثورة 25 يناير 2011م المصرية وهذا ما حدث في تونس أيضاً.نعرف أن كل الثورات وخاصة ذات التوجه الوطني الديموقراطي تقوم بها فئات متعددة من بينها «الطبقة الوسطى» المعروفة بتذبذبها بسبب ضغط منافسة البرجوازية الكبيرة عليها، لكنها ومع تحفظنا على مصطلح «الوسطى» غير منظمة أو متجانسة، على عكس الطبقة العاملة التي تعتبر أكثر تنظيماً، وهذا حدث حتى في الثورة البلشفية التي ضمت مثقفين وبرجوازية صغيرة وعمالا وفلاحين وعسكريين، رغم أن هذه الثورة كانت ضد النظام الرأسمالي من أجل اقامة الاشتراكية وليست ثورة وطنية ديموقراطية.كما أنه أصبح من المعروف أن بنية الطبقة العاملة قد تغيرت ولم تعد نفسها في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، لكن أيضاً تغيرت بنية الرأسمالية ولم تعد كما كانت، وهذا التغير في بنيتي الطبقتين فرضته الضرورة التاريخية للتطور، فلم يعد العامل يلبس «الأوفراول» الملطخ بالزيت والشحم حيث كانت الرأسمالية تستغل قوته العضلية بل أصبحت تستغل قوته الذهنية وهذا يتطلب أن تكون الطبقة العاملة ذات تعليم وتدريب عاليين، خاصة في عصر العولمة الرأسمالية.كانت الطبقة العاملة في الثورات الديموقراطية العربية الأخيرة التي اشتركت بها «الطبقة الوسطى» هي الأكثر تنظيماً وانسجاماً بل وثباتاً على مبادئ الثورة، بينما لعبت «الطبقة الوسطى» دوراً انتهازيا بحوارها ومساوماتها مع الأنظمة القديمة.أظن أن الرأسمالية تذكرت فوكوياما واستعادته لمواجهة الثورات وحركة التحرر العالمية ضدها وحرصت كما هي العادة على تهميش دور الطبقة العاملة والأحزاب التقدمية التي تمثلها لتشكيك المثقف والناس بدور الأفكار التقدمية وفاعلية الطبقة العاملة في «الربيع العالمي»، رغم أن الواقع يثبت عكس ذلك وسيثبت أيضاً خطل وتخبط فوكوياما الفاقد لمصداقيته وستنساه الرأسمالية مرة أخرى.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 05\08\2013 العدد:12453
لقد كانت مبادرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح عندما أمر بالعفو عن كل من صدرت بحقهم أحكام نهائية في قضايا التعدي على الذات الأميرية خطوة ايجابية، ولاشك أن هذه الخطوة قد لاقت صدى ايجابياً لدى المحكومين وأهلهم بل وأهل الكويت جميعاً.وتأتي هذه الخطوة الحكيمة بعد فترة احتقان سياسي عاشتها الكويت وعانى منها شعبها لفترة غير قصيرة، خلقت حالة من عدم الاستقرار والقلق الشديدين من التحول الى نهج العنف والقمع الأمني والملاحقات السياسية وتلفيق التهم المعلبة للشباب على خلفية تعبيرهم السلمي أثناء الحراك الشعبي المتكرر والخروج بتجمعات احتجاجية رافضة لانتهاك الدستور والانفراد بالقرار ومطالبة بالحفاظ على مكتسبات دستور 1962م، وداعية الى احترام القوانين الدستورية التي ناضل الآباء والأجداد من أجل تحقيقها، ومطالبةً بتطوير هذا الدستور بما يناسب متطلبات العصر وتطلعات الشعب الكويتي للعودة الى مشروع بناء الدولة الحديثة، دولة القانون ومؤسسات المجتمع المدني واحترام حريات وارادة الشعب في القضاء على الفساد وضرورة الاصلاح السياسي وصولاً الى نظام برلماني كامل يكفل حق كل مواطن بالكرامة والرخاء والعيش الكريم والآمن.ولأن الأزمة الخانقة التي مررنا بها هي أزمة سياسية بالدرجة الأولى فان حلها لا يكون الا بحلول سياسية، تجمع كل مكونات المجتمع وطوائفه ضمن أسس المواطنة الدستورية، ويتم من خلالها نزع فتيل الأزمة والتحلي بالحكمة وتغليب المصلحة الوطنية، وخاصة أننا نعيش في عالم يموج بالاضطرابات وعدم الاستقرار الأمني من حولنا، اضافة الى أخطار يجب الانتباه لها واليقظة منها والتي قد تكوينا بنارها جميعاً بغض النظر عن اختلافاتنا في الرأي، وان مزيداً من التعنت والعناد سيقودان حتماً الى مزيد من الاحتقان وتعميق الأزمات ما يشكل خطراً على مستقبل البلد وأبنائه.ان خطوة العفو الأميري الايجابية بعثت الأمل فينا لعودة الأمان والاستقرار، لكننا بالتأكيد نتمنى استكمالها باسقاط كافة التهم ضد المتهمين بقضايا سياسية وقضايا رأي بما فيها قضايا أمن الدولة المبالغ بها، والتي صورت تعبير الناشطين والشباب عن رأيهم بأنها محاولات أو تآمر لقلب نظام الحكم.ولن تكتمل هذه الخطوة المحمودة الا بإلغاء القوانين المقيدة للحريات، بما فيها قانون التجمعات والتظاهر السلمي وحق الاضراب عن العمل الذي كفلته القوانين والمعاهدات الدولية، وحق المواطن بالتعبير عن رفضه للسياسات الحكومية وللفساد وتنفيع القلة المتنفذة على حساب غالبية الشعب الكويتي.فلا أمل في التنمية التي تعمل لصالح المواطن الا من خلال الاصلاح السياسي، الذي تتحقق أولى أبجدياته باستكمال النظام البرلماني الكامل من خلال تشريع قانون لاشهار الأحزاب السياسية على أسس وطنية، واصلاح النظام الانتخابي واستبدال هذا النظام الجديد الذي مزق الشعب الكويتي بنظام عادل يقوم على القوائم النسبية وتمثيل لجميع مكونات المجتمع وليس بترقيعه من خلال قانون بنظام الصوتين.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 03\08\2013 العدد:12451
«حتى لا ننسى» أو كي لا ننسى شعاراً رُفع بعد تحرير الكويت عام 1991م، ليذكرنا بأنه لا يجب أن تنسينا فرحتنا بالتحرير أسرانا في السجون العراقية، بل يجب قبل اعادة بناء ما تهدم وخُرب وحُرق وتعويض خسائرنا المادية والمعنوية وما خسرناه من شهيدات وشهداء الوطن الأبرار أن نعمل على عودة جميع الأسرى والمفقودين، وأتذكر أنني كتبت في أول أعداد نشرة المنبر الديموقراطي الكويتي (صوت الشعب) الذي شاركت بتأسيسه في أوائل أيام التحرير مع بعض الإخوة الأفاضل من المخلصين والصامدين، وصدر العدد الأول منها بعد ثلاثة أيام فقط من التحرير، وساهمت كذلك بكتابة وثائقه الأساسية مثل البرنامج واللائحة الداخلية، وكان المقال بعنوان «لم نتحرر بعد» ان لم تخني الذاكرة.وفي هذا المقال أعيد وأذكّر أننا في خضم الاستقطابات التي بدأت تخلق حالة من الخلافات الشديدة بيننا بسبب ما يحدث على الساحة العربية، لدرجة أننا أصبحنا نحلل أحداث الدول العربية الشقيقة نيابة عن شعوبها وقواها السياسية، ونفرض وصايتنا على رغبات الشعوب وحقها في تقرير مصيرها، أقول أريد أن أذكر بأن لدينا قضايانا الوطنية الخاصة التي تهم شعبنا الكويتي.وحتى لا ننسى وننساق الى ما يروج له في الاعلام العربي والى النقاشات العقيمة في وسائل التواصل، علينا أن نتذكر أن لدينا قضايا محلية ومشكلات وأزمة سياسية تحتاج الى الالتفات وتجميع الصفوف حولها شعبياً ومن جانب القوى السياسية.فللتو خرجنا من انتخابات برلمانية مُختَلف على نظامها والقانون الذي ينظمها، ولا نعرف حتى الآن كيف سيكون أداء النواب الجدد، وهل سيمثلون ارادة الشعب حقيقة أم سيكونون مجرد واجهة شكلية، وهل سيستطيعون تحقيق ما يطمح اليه الشعب وتخفيف الاحتقان السياسي، أم سيشكلون مجرد مجلس صوري ويسعون لمصالحهم الشخصية، وهل سيطالبون ويعملون على تحقيق البرلماني الكامل أم سيتجاهلون هذا المطلب ويركزون على دغدغة مشاعر الشعب من خلال المطالب الشعبوية.يجب ألا ننسى أن لدينا مشكلات جدية مثل البطالة التي تتزايد سنوياً، ومشكلات في الخدمات الصحية والتعليمية وترد في البنية التحتية، وغلاء معيشي ينهك المواطن وارتفاع جنوني في أسعار الأراضي والايجارات وفساد مستشرٍ وغش تجاري وأغذية فاسدة وتجار اقامات وخلل في التركيبة السكانية، وأزمات مرور وتفشي الرشوة والمحسوبية والواسطة، وتفتيت مجتمعي على أسس طائفية وقبلية وفئوية وطغيان العداء والكراهية بين مكونات المجتمع.لا يجب أن ننسى أن لدينا للمرة الأولى في تاريخنا سجناء رأي وملاحقات ومحاكمات سياسية للناشطين والشباب والشابات، ولدينا نهج لا ديموقراطي في غير صالح الشعب، بل في صالح القلة الفاسدة والمتنفذة البعيدة عن المحاسبة والعقاب.نحن نسير في نفق حالك الظلمة ولكننا ننسى كل ذلك وننشغل بخلافاتنا حول مايحدث في الدول العربية، غير مدركين للمخاطر المحدقة بنا ومنصرفين عن قضايانا وأزماتنا غير موحدي الصفوف.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 31\07\2013 العدد:12448

النهج الاقتصادي الاجتماعي للدستور يتعارض مع النظام الرأسمالي.
المفارقة أنّه على الرغم من أنّ هناك عدداً ليس قليلاً من التجار من بين أعضاء المجلس التأسيسي في العام 1962، ألا أنّنا نجد أنّ تأثيرات المدّ التحرري وانتشار الأفكار الاشتراكية في بداية ستينيات القرن العشرين تركت بصماتها على النهج الاقتصادي الاجتماعي الذي تمّ تبينه في الدستور في الموقف تجاه النظام الرأسمالي وما يسمى "نظام الاقتصاد الحر".
فعندما نعود إلى محضر الجلسة 19 للمجلس الـتأسيسي المنعقدة يوم الثلاثاء 11 سبتمبر من العام 1962، نجد أنّ وزير الصحة عضو المجلس التأسيسي عبدالعزيز الصقر قد طلب من الخبير الدستوري للمجلس تحديد طبيعة النظام الاقتصادي للدولة، قائلاً: "هل النظام الاقتصادي لدولة الكويت الذي ستنتهجه اشتراكي أو رأسمالي أم موجّه أم حر؟"... فرد الخبير الدستوري للمجلس التأسيسي الدكتور عثمان خليل عثمان: "إنّ النصوص تؤيد الملكية الفردية وهذا يعني أنّ المالك حر في التملك، ولكن ليس ذلك على حساب المصلحة العامة،، بل يمكن للدولة أن تضع نصوصا وحدودا في شأن الملكية الفردية، فإذن المراد هو أن نأخذ بالاشتراكية المعتدلة، وهذا هو موقفنا بين القوى المتصارعة حاليا في العالم الشرقية والغربية"... فأعاد عبدالعزيز الصقر سؤاله: "أنا أريد أن أعرف ما هو نظامنا الاقتصادي في الأنظمة الموجودة في العالم، وأين هو طريقنا في النظام الاقتصادي، هل هو نظام حر أم نظام موجّه؟"... فأوضح الخبير الدستوري للمجلس التأسيسي: "الحرية تتنافى في نظر الكثيرين مع التوجيه لتنافر الكلمتين، ولكن يمكن التوفيق بينهما، بمعني أن الحرية ليست مطلقة فهي تقبل التوجيه والتدخل من جانب الدولة ككل حرية لها من الضوابط ما يجعلها لا تمس المصلحة العامة. وما نريده بهذا أنّ الفرد حر في التملك. إنّ الملكية الفردية مصونة ولكن كلا الأمرين يخضع لتوجيه الدولة، وعليه فاقتصادنا حر ولكنه خاضع لتوجيهات الدولة"... ورداً على سؤال محدد من عبدالعزيز الصقر: "هل يكون الاقتصاد موجها فقط أو أنّ الدولة تتدخل في نطاق واسع؟" أجاب الخبير الدستوري قائلاً: "الاقتصاد مشترك بين النشاط الحر والنشاط العام"... وطلب بعض الأعضاء تأجيل مناقشة المادة بانتظار المذكرة التفسيرية للدستور، فعلّق رئيس المجلس التأسيسي عبداللطيف محمد ثنيان الغانم قائلاً: إنّ التفسيرات، التي أتى بها الخبير واضحة، وتم الاتفاق على تأجيل المناقشة إلى جلسة لاحقة، حيث استؤنفت المناقشة في الجلسة 26 للمجلس التأسيسي المنعقدة يوم السبت 3 نوفمبر من العام 1962، ووفقا لمحضرها فقد سأل عضو المجلس التأسيسي سليمان الحداد عن تفسير المادة 20 من المذكرة التفسيرية "هل نفهم من هذه المادة أنّ الدولة تتبع نظاما اقتصادياً معيناً؟"، فأجاب الخبير الدستوري للمجلس: "قلنا أنّ النظام الاقتصادي هو عبارة عن نظام اقتصادي يقوم على أساس احترام الملكية الفردية مع جعل هذه الملكية متفقة مع مقتضيات الحياة الاجتماعية، ويعتبر هذا وضعا اقتصاديا وسطا بين الاشتراكية المتطرفة وبين الرأسمالية المتطرفة فهو تعبير عما نسميه بالاشتراكية المعتدلة، فهذا هو المكان الوسط، الذي رأت لجنة الدستور أنّه خير الأمور الوسط ولذلك تخيرته دون أحد المظهرين المتطرفين"... فتساءل العضو سليمان الحداد عما إذا كانت الاشتراكية المعتدلة تتنافى مع الاقتصاد الحر، فأوضح الخبير الدستوري أنّه "اقتصاد حر ولكنه موجّه أو مدار بمعنى أنّه إلى جانب النشاط الحر يوجد إشراف الدولة ورقابتها والنشاط العام..." فأيّد العضو الحداد توضيح الخبير وقال: هذا ما أقصد إليه أن يسجل أنّ الاقتصاد في الكويت اقتصاد حر موجّه... وأثنى وزير الصحة عضو المجلس التأسيسي عبدالعزيز الصقر على إدخال كلمة "العادل" في تحديد طبيعة العلاقة بين القطاع العام والقطاع الخاص مطالبا بتوضيح أكثر لتفادي طغيان قطاع على أخر، وقدّم اقتراحا بهذا الشأن، فأكّد الخبير الدستوري أنّ لجنة الدستور توصلت إلى هذا الاستنتاج عندما وضعت كلمة "العادل" حيث كانت تقصد "ألا يطغى النشاط العام على النشاط الخاص ولا يطغى النشاط الخاص على النشاط العام، فما يقصده الوزير هو فعلا الذي قصدته اللجنة وهو المسجّل في المذكرة التفسيرية ونحن متفقون تماما على ذلك"... وبذلك انتهت المناقشة في المجلس التأسيسي إلى ما انتهت إليه من وصف لنظامنا الاقتصادي كاقتصاد حر موجّه وليس اقتصادا رأسماليا حرا أو متطرفا، بل لقد أُشير أكثر من مرة في محاضر المجلس التأسيسي إلى أنّه أقرب إلى الاشتراكية المعتدلة ونظام وسط بين الاشتراكية المتطرفة والرأسمالية المتطرفة.
ونجد بعض ملامح هذا النهج الاقتصادي الاجتماعي في بعض التوجهات والضمانات الواردة في الدستور، ومن بينها:
1- حماية المواطنين من التسلط الاقتصادي الرأسمالي، مثل:
- التأكيد على التعاون العادل بين القطاعين العام والخاص في الاقتصاد، بما يعني عدم إمكان التصفية النهائية للقطاع العام عبر الخصخصة، كما في المادة 20.
- التأكيد على الوظيفة الاجتماعية للملكية ورأس المال وعدم التعامل معهما كحقّ مطلق كما في المادة 16.
- حرمة تملك الثروات الطبيعية، كما في المادة 21 من الدستور.
- حماية المستأجرين والعمال كما في المادة 22.
- النص على أنّ الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية في المادة 20 من الدستور، وأنّ العدالة الاجتماعية أساس الضرائب وفق المادة 24.
2- حماية الفئات المهمشة اقتصادياً: مثل تحريم العمل بالسخرة في المادتين 41 و42، وإعفاء الدخول الصغيرة من الضرائب في المادة 48، ومجانية التعليم في المادتين 13 و40، وتوفير الخدمات الصحية في المادة 15، وكفالة الدولة المواطنين وتقديم المعونة في حالات الشيخوخة والمرض والعجز عن العمل والتأمين الاجتماعي كما في المادة 11، وتقرير الضمان الاجتماعي في حالات الكوارث والمحن العامة والحروب كما في المادة 25.
_____________________________________________________
منقول من كتيب "دستور 1962 في الميزان الديمقراطي"
قلت في مقال سابق إن المختلفين حول ما يحدث في مصر سيحاولون البحث عن أي دليل لإثبات وجهة نظرهم، بينما كنا وما زلنا نخشى أن يكون مصير الجيش المصري مثل مصير الجيشين العراقي والسوري، وأكثر ما نخشاه هو فتنة تدمر الشعب المصري مثلما دمرت الشعبين العراقي والسوري، كل ذلك لصالح التفوق الإسرائيلي.
إن استخدام العنف والقتل هو أخطر ما تتعرض له الثورات العربية التي لم تكن على هوى أميركا والغرب وإسرائيل، فبالأمس تم اغتيال المناضل الناصري التونسي محمد البراهمي وقبله المناضل التونسي شكري بالعيد وهما من زعماء التيار الشعبي المعارض، كما اغتيل الناشط الليبي عبدالسلام المسماري بعد خروجه مباشرة من مسجد في بنغازي، وتشير أصابع الاتهام إلى جماعات إسلامية، بعد أن استولى حزب النهضة في تونس على السلطة وظهور جماعات إسلامية متشددة في ليبيا، وخرجت بعدها في مصر تهديدات لشخصيات سياسية بأن يتعرضوا لمصير البراهمي وبالعيد.و حدث يوم جمعة «لا للإرهاب» في 26 يوليو الجاري الكثير من العنف في ساحات وميادين مصر، راح ضحيتها العشرات من بينهم رجال شرطة ضباطاً وأفراداً، كما قتل في سيناء على يد إرهابيين جنود من الجيش المصري، وتم القبض على كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات بعضها محلية الصنع وبعضها مهرب من دول أخرى، ما يهدد سلامة المواطنين المصريين ويعيد السيناريو الذي يحدث في كل من العراق وسورية، ويُراد له أن يحدث في تونس وليبيا.لقد استطاعت أميركا وإسرائيل والغرب تقسيم مواقف الشعوب العربية وقواها الوطنية وحتى اليسارية من الثورة السورية، وأحداث العنف والتطرف التي حطمت الآلة العسكرية السورية، عن طريق اختلاق فتنة أصبحنا جميعاً ضحايا لها كشعوب عربية، ونخشى أن تُنفذ مثل هذه الفتنة في مصر التي ستكون تداعياتها خطيرة على الشعوب وقواها الوطنية والتقدمية، والمستفيد الوحيد هو التفوق الإسرائيلي وتحقيق المصالح الأميركية.فمنذ موجة 30 يونيو الثورية والشارع العربي وقواه السياسية منقسمة بين الثورة والانقلاب، والدليل على ذلك أنه على النقيض تماماً من جميع القوى الوطنية والليبرالية واليسارية والاشتراكية المصرية، خرج بيان من «الاشتراكيين الثوريين» الذين يتبنون الفكر التروتسكي داعياً لعدم خروج الجماهير في يوم 26 يوليو على اعتبار أنه تفويض للجيش للعودة للنظام القديم وقمع الحريات وإراقة الدماء، وفي الوقت الذي رفضت فيه كل القوى السياسية في مصر هذا البيان قامت قناة الجزيرة بإذاعته على أنه موقف اليسار المصري وأشادت به لأنه يتطابق مع رأي جماعة الاخوان، وأيضاً في خطوة مشابهة أدان هذا الحزب اعتداء الجيش على المتظاهرين قرب الحرس الجمهوري، بينما طالبت جميع القوى السياسية بالتحقيق في هذه الحادثة ومن تسبب فيها رغم الشواهد والدلائل، وهذه المواقف من التروتسكيين هوجمت من شبابها وأعضائها على صفحات الفيس بوك، وتسببت في استقالات من الحزب.ولعب الغرب وفي مقدمهم الولايات المتحدة على مشروع الفتنة في مصر، فصورت وسائل الإعلام الأميركية والغربية ما يحدث على أنه انقسام في الشعب المصري، بينما في الحقيقة هو انقسام بين طائفة أو جماعة وبين بقية الشعب المصري.ففي مشهد جميل يدل على تلاحم جميع فئات الشعب المصري دقت أجراس الكنائس في لحظة آذان المغرب يوم 26 يوليو، كما صام المسيحيون تحت شعار «من أجل مصر».ورغم أن الدعوة للبقاء في الميادين جاءت من القوى التقدمية ومنذ ما قبل 30 يونيو حتى لا يتكرر خطأ 25 يناير عندما تركت الميادين بعد تسلم المجلس العسكري للسلطة بما فيها الدعوة للنزول إلى الميادين في 26 يوليو، إلا أن وسائل الإعلام الغربية ووسائل التواصل الاجتماعي صورت الأمر على أنه استجابة لدعوة عبدالفتاح السيسي.قلقي شديد على مصر وشعبها، وخشيتي أشد من انقسام شعوبنا العربية وقواها السياسية وانسياقها للمخطط الأميركي الإسرائيلي لتفتيت الشعوب العربية واضعاف قواها الوطنية وإجهاض ثوراتها وإرادتها في التحرر والديموقراطية والتخلص من التبعية.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 29\07\2013 العدد:12446
بقلم: د. حسن مدن*
ما من قيمة في الحياة هي محل تقريض وإشادة كقيمة الحرية، ولكن ما من قيمة مكبلة بالقيود وبالمحاذير وبالمحظورات، مثلما هي الحرية. إننا جميعا نمشي بمحاذاة الحائط، لأننا اعتدنا الاتكاء عليه ولم نتعلم بعد المشي الحر في الشوارع الفسيحة برجلين طليقتين، ونحن نمشي مطأطئي الرؤوس، لأننا اعتدنا أن تكون السقوف واطئة، بحيث لا تحتمل قاماتنا القصيرة، وإن رؤوسنا دقت بما فيه الكفاية بهذه السقوف، حتى أصبنا بالدوار فلم نعد نعي مواقع الجهات الأربع.. ومع الوقت نشأت في دواخلنا «سيكولوجيا العبد» نحن الذين ولدتنا أمهاتنا أحرارا، وحين نتذكر تلك النصيحة الذهبية التي أطلقها أحد الكتاب: «احذر الإنسان الذي يشعر بأنه عبد، فلسوف يريد أن يجعل منك عبدا» حتى نشعر بأن ماء باردا صب على رؤوسنا، لأننا إذ ندرك في قرارات أنفسنا أننا لسنا أحرارا نمارس التسلط على من نظنهم أدنى مكانة منا.
انظر إلى الرجل المستلب في عمله أمام مديره أو مسؤوله المباشر، وتأمل كيف يتصرف في بيته كطاغية فتعجب كيف تجمع الناس بين شخصية الطاغية وشخصية الخنوع، في أشبه ما يكون بسيكولوجيا التعويض عن القهر الواقع علينا، بالشكل الذي فصله د.مصطفي حجازي في كتابه القيم عن «سيكولوجيا الإنسان المقهور»، وفي كتابه الطريف «المستظرف الجديد» ينقل الباحث هادي العلوي أقوالا وحكما من التراث العربي - الإسلامي تدلل على أن الوعي بهذا الأمر يمتد بعيدا وعميقا، فينسب للخليفة الراشد عمر بن الخطاب قوله «ما وجد أحد في نفسه كبرا إلا من مهانة يجدها في نفسه»، أما أبوحيان التوحيدي فيقول: «ما تعاظم أحد على من دونه، إلا بقدر ما تصاغر لمن فوقه».
افتقارنا إلى الحرية كشعور بالانطلاق ينسل عميقا إلى أدق تفاصيل حياتنا، إنه يمس على سبيل المثال قيمة نبيلة كقيمة الحب من يقول إن عواطفنا حرة، أو أننا نعبر عن مشاعرنا حيال الآخرين بشكل حر ومجرد وخال من الحسابات والاعتبارات!
يذهب ميلان كونديرا، الروائي العالمي المعروف، إلى أنه ليس في استطاعة المرء أن يحدد يقينا إلى أي مدى تكون علاقاتنا بالغير نتيجة العواطف لحبنا أو لـ «لاحبنا»، لعطفنا أو كرهنا، وإلى أي مدى هي محكومة سلفا بموازين القوى بين الأفراد، وهذه الملاحظة الدقيقة إذا كانت تصح على البشر جميعا بصرف النظر عن انتماءاتهم وجنسياتهم، فإنها تصح بمقدار مضاعف على مجتمعات مثل مجتمعاتنا العربية «تشيخ» فيها حتى العواطف.
«إن طيب الإنسان الحقيقي لا يمكن أن يتجلى بكل صفاء وحرية إلا حيال أولئك الذين لا يمثلون أي قوة»، والقوة هنا مأخوذة بمعناها الشامل وتجلياتها المختلفة التي تتوغل في أصغر الخلايا وتندس في أدق الشرايين!
__________________________________________________
*الأمين العام السابق للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
منقول عن موقع المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
كان المؤرخون القدماء يظنون أن التاريخ يصنعه الملوك، ولذا كان يصلنا وتتشكل بناء عليه معارفنا أخبار الملوك وغزواتهم وحروبهم وفتوحاتهم وأمجادهم وإنجازاتهم، دون أن نعرف دور الشعوب في هذا التاريخ.لكن علم التاريخ المستند للتحليل والتفسير الماديين أثبت أن التاريخ تصنعه الشعوب أو البشر بشكل عام، وليس القادة أو الملوك، فكل ما حدث في التاريخ من تطور للبشرية كان من صنع الناس.كما كانت هناك أفكار خاطئة سائدة مثل أن التاريخ يعيد نفسه أو يسير بشكل مستقيم، وهذا ما يعنيه التقدم والتطور حسبما يعتقدون، لكن الفلسفة المادية التاريخية أثبتت أن لهذه التحولات أو التقدم أو التطور قوانين علمية موضوعية خارجة عن وعينا، وإن التاريخ يسير بشكل لولبي تصاعدي فيبدو كأنه يعود إلى نقطة البداية أو يعيد نفسه ولكنه في الحقيقة يعود بشكل أعلى تصاعديا مثل الزمبرك اللولبي.ولكن الإرث الثقافي للشعوب العربية جعلهم يقفون عند دور الفرد في صناعة التاريخ -رغم أن للفرد دوراً مهماً في التاريخ -، ويرسمون في أذهانهم أيضاً أن التاريخ يسير بخط مستقيم كالطريق المعبد الذي ينقل حركتنا للأمام. ولذا لم يكن متصوراً قبل ثورات عام 2011م أنها ممكن أن تحدث في ظل غياب «قائد فذ» مثل جمال عبد الناصر، وفوجئ الجميع بخروج الملايين من البشر في العواصم العربية ليصنعوا تاريخاً جديداً، وتنتشر مفاهيم مثل ثورات عفوية أو ثورات شبابية أو ثورات تكنولوجيا التواصل الاجتماعي دون أن يعرفوا أن ذلك أمر طبيعي في كل الثورات عبر التاريخ.ورغم أن الإنسان العربي عاش مرحلة احباط طويلة وحالة من الخذلان وخاصة بعد تحول ثورات التحرر الوطني العربية في القرن العشرين إلى أنظمة استبدادية، إضافة إلى هزيمة أو نكسة يونيو 1967م، إلا أن أمله قد تجدد بعد ثورتي تونس ومصر عام 2011م.ثم عاد وأُحبط من جديد بعد قفز العسكر وقوى الإسلام السياسي على هاتين الثورتين، رغم أن هذه القوى شاركت متأخرة في هاتين الثورتين، وعندما حدثت ثورة 30 يونيو ظل كثير من الناس وبالأخص المثقف العربي متشككين من نتائج هذه الموجة الثورية.والواقع أن هذه الموجة الثورية في مصر جاءت استكمالاً لثورة 25 يناير 2011م، ولأن التاريخ لا يسير بخط مستقيم فيمكن أن تمر الأحداث التاريخية بعثرات والتواءات وتراجع موقت.هذه الموجة الثورية الثانية كانت أكثر نضجاً من موجة يناير، لأن الجماهير استفادت من أخطائها، فمن قاد الحراك الجماهيري فيها هذه المرة هم الشباب المسيسون الذين ينتمون إلى أحزاب وطنية وديموقراطية وتقدمية وليس شباباً ينتمون إلى منظمات مجتمع مدني، كما أن الجماهير لم تترك الميادين كما فعلت في الموجة الثورية الأولى في يناير 2011م بعدما تسلم الجيش زمام الأمر، كما رفعت الجماهير شعارات أكثر جذرية ضد حكم العسكر وضد الولايات المتحدة وإسرائيل، وضد التدخل في شؤون الشعب المصري، كما ساهمت بفعالية برسم خارطة الطريق التي قرأها قائد القوات المسلحة عبد الفتاح السيسي تحت ضغط الجماهير الهائلة وغير المسبوقة في تاريخ البشرية.وفي ظننا أنها لن تكون الموجة الثورية الأخيرة، فما زال طريق التقدم طويلاً، فالتقدم عملية لا نهائية والتاريخ في سيرورة لا تتوقف والنصر لابد أن يكون للشعوب التي تصنع تاريخها.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 24\07\2013 العدد:12441
بقلم:عبدالهادي الجميل*
ذهبت قبل فترة لمحل أجهزة كهربائية لشراء ثلاجة للبيت، وعندما استقر رأيي على واحدة، طلب مني البائع الجلوس للتأكد من وجودها بالمخزن. طافت عيناي في أرجاء المكان، فرأيت (فريزر) أبيض اللون. تأملته مليّا، وبشكل لا إرادي تحسّست "ثنيّتي" المكسورة بلساني، فعدتُ إلى ذكريات لا تُنسى أبدا.
بعد عودتي وإخوتي من المدرسة في أحد الأيام، ذهبنا كالعادة، إلى المطبخ للسلام على أمّي. في تلك الفترة الجميلة كانت الأمهات لا يذهبن إلى أي مكان سوى للمطبخ أو للمستشفى لإنجاب طفل جديد، ووهناك علاقة وطيدة بين المطبخ المنزلي والمستشفى، فهما يتشابهان في إنتاج الطبخات الرديئة والجيدة!
دخلنا إلى المطبخ، وهناك لاحظنا وجود الفريزر.
تحلّقنا بحماس وصخب حول هدية السماء إلينا، فتركت أمّي قدر الطبخ وأتت لتحول بيننا وبين الفريزر، وهي تلوّح بالمغرفة المعدنية في وجوهنا قائلة:
"وخّروا عن الفريزر، شيل كوعك لا تخفسه، لا تفتحونه ترى يخرب إذا طلعت منّه البرودة، انتوا مو وجه نعمة".
انشغلت أمي بالفريزر وأهملتنا حتى شعرنا بالغيرة الشديدة. ولا نستطيع لومها على ذلك، خصوصا وأن الله قد اختار مطبخها من بين مطابخ كافة نساء الحارة كي يكون أوّل مطبخ يدخل إليه الفريزر.
تعوّدت نساء الحارة على الاجتماع كل مساء في "حوش" بيتنا الخلفي، قبل أن يقررن الجلوس داخل المطبخ بعد وصول الفريزر. هذا التغيير المدبّر كان يثير امتعاض أمّي خوفا على الفريزر من أعين جاراتها اللاتي تخلو مطابخهن من الفريزر، فكانت تجلس وهي تسند ظهرها للفيرزر في مواجهة دلال وحصّة ونورة وسارة وأم زيد.
استغلّت أمي الفريزر في الهيمنة على نساء الحارة، بنفس الطريقة التي استغلت بها الرأسمالية الآلة البخارية للهيمنة على الطبقات الفقيرة بعد الثورة الصناعية قبل 250 سنة. فبسبب وجود الفريزر استطاعت أمي التحكم في مطابخ جاراتها. تحقّق ذلك عندما حوّلت الفريزر إلى ثلاجة مركزية لكل بيوت الحارة، يتم فيه تخزين لحوم ودجاج الجيران. قامت كل جارة بإرسال كيس ورقي كبير الحجم يحتوي على الدجاج واللحم، مكتوب عليه إسم العائلة: آل عبدالكريم، آل حسن، آل زيد إلخ إلخ، مما اضطر أمّي، ضحى كل يوم، لاستقبال جاراتها اللاتي يأتين لطلب بعض "الودام" من الأكياس، فكانت توقفهن في طابور قصير يمتد من باب المطبخ ويتوقف قبل الفريزر بمترين على الأقل، وهي مسافة كافية كي تمنع أعينهن المتلصصة من النظر إلى باطن الفريزر عند فتحه، فكانت تقف بجانب الفريزر وتلتفت إلى جارتها الواقفة على رأس الطابور قائلة:
- "اشتبون اليوم للغداء؟".
دلال: "عطيني من لحم الكتف، بوخالد ودّه يتغدّى مرقة لحم اليوم".
أمي: "انتوا أمس ماكلين لحم، واليوم بعد بتاكلون لحم؟" تطلّع لها أمّي دجاجة وتمدّها لها قائلة: "واجد عليه دجاجة مسلوقة".
وقبل أن تبدأ دلال بالاحتجاج، تنظر أمي إلى المرأة التي تليها وتقول بحزم:NEXT PLEASE
تتقدم أم زيد: "عطيني نصف دجاجة".
أمّي: "كل يوم دجاج، انتوا ما انقرفتوا من الدجاح؟! وهاللحم اللي تارس الفريزر ومثقّل على الكمبرسر، متى بتاكلونه؟"
أم زيد: "اللحم مخلّينه للضيوف".
تطلّع أمي قطعة كبيرة من اللحم وتمدّها لها قائلة: "أي ضيوف؟ صار لنا 30 سنة جيران وما عمرنا شفنا عندكم ضيف واحد لو بالغلط. روحي سوّي لحم لعيالك، ترى الله ما يحب البخل وانا اختك".
لم يقتصر استخدام أمي للفريزر على اللحم والدجاج فقط، بل تجاوز ذلك إلى تثليج البهارات والخبز والسمن، وبعض عبوات اليورانيوم المنضّب. بالإضافة إلى تثليج الطماطم.
حاولنا إقناعها بعدم تثليج الطماطم لكنها لم تعبأ بنا واستمرت في تثليجه، حتى أصبح صلبا ككرات البلياردو، ولم تتوقف عن تلك التقليعة إلّا بعد أن تحوّل الطماطم المثلّج إلى نوع خطير من انواع السلاح الابيض.
كنت وإخوتي في عمر متقارب، مما ساعد على نشوب المشاجرات بيننا، وكنّا ننهيها، ككل الصبية، بالعض وشد الشعر، وغالبا ما تنتهي بلا خسائر تُذكر. ولكن تغيّر ذلك بعد دخول الفريزر إلى بيتنا وظهور سلاح الطماطم المثلّج الذي كان، في بادئ الأمر، يستخدم للردع فقط قبل أن يتحول إلى سلاح فعال لحسم المعركة.
ما أن تسمع أمي أصواتنا تتعالى استعدادا للشجار، و"الحرب أوّلها كلام"، حتى تهتف ببناتها: يالله يا بنات طوّقوا الفريزر، اخوانكم بيتهاوشون. فكانت وأخواتي يضربن طوقا بشريا مشددا حول الفريزر لمنعنا من فتحه واستخدام الطماط المثلج لتصفية الحسابات الشخصية.
في أحد الأيام نشب عراك خاطف وصامت بيني وبين أخي الذي انطلق إلى الفريزر وأخرج حبّة طماطم صلبة حجم 200 جم تقريبا، وأطلقها باتجاهي فأصابت فمي وكسرت" ثنيّتي" العلوية.
اخرجني صوت البائع من ذكرياتي. أعطيته قيمة الثلاجة ثم أشرت باتجاه الفريرز: بكم؟
قال : 120 دينار ، عاوزه ؟
قلت ضاحكا: لا طبعا. لا أريد أبناءً بأسنان مكسورة وذكريات رائعة قد تفسد حاضرهم ومستقبلهم.
_____________________________________________
*عضو في التيار التقدمي الكويتي.
1- عدم اكتمال الطابع التمثيلي لمجلس الأمة، الذي يفترض أن يكون مؤسسة نيابية منتخبة بالكامل... إذ أنّ الوزراء غير المنتخبين، وهم غالبية أعضاء مجلس الوزراء وتكاد نسبتهم أن تصل إلى ثلث عدد النواب المنتخبين في مجلس الأمة (16 وزيراً يشملون وزيراً محللاً من النواب مقابل 49 نائباً)، حيث يُمنح الوزراء العضوية النيابية ويشاركون في مختلف الأعمال البرلمانية، باستثناء أمرين هما: عدم إمكان ترشيحهم إلى عضوية لجان المجلس، التي يشاركون في انتخاب أعضائها، وعدم مشاركتهم في التصويت على طلبات طرح الثقة في الوزراء منفردين وعدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء... وهذا يعني أنّ مجلس الأمة ليس منتخبا بالكامل؛ مثلما هي البرلمانات في البلدان الديمقراطية، وأنّ طابعه التمثيلي النيابي كان ولا يزال ناقصا.
2- الضمانات الواسعة، التي تتمتع بها الحكومة تجاه مجلس الأمة، إذ لا يشترط دستور الحدّ الأدنى حصولها على الثقة النيابية المسبقة، ولا يمكن طرح الثقة في الحكومة ككل، وإنما يمكن فقط أن يتم طرح الثقة في كل وزير على حدة وذلك بعد استجوابه، أما رئيس مجلس الوزراء فلا يمكن أن تُطرح فيه الثقة، وإنما يمكن فقط تقديم طلب بعدم إمكان التعاون معه، وذلك بعد استجوابه، وهو طلب محفوف بالمخاطر لأنّه يفتح الباب أمام إمكانية حلّ مجلس الأمة نفسه بدلا من إعفاء رئيس مجلس الوزراء، فهذان الخياران متاحان في دستور الحدّ الأدنى على نحو متساوٍ أمام الأمير للتعامل مع مثل هذا الطلب النيابي... وفي المقابل، ليست هناك آلية مقررة دستوريا لتداول مناصب السلطة التنفيذية، مثلما هي الحال في أي نظام ديمقراطي، بل أنّ هناك ما يشبه الاحتكار الدائم أو طويل الأمد للعديد من هذه المناصب.
3- غياب الحياة الحزبية المنظمة، التي هي أحد أهم مكونات النظام الديمقراطي، ما أدى إلى تكريس الطابع الفردي للعملية الانتخابية، التي يخوضها المرشحون فرادى.
4- انعدام آليات التداول الديمقراطي للسلطة التنفيذية.
___________________________________________________
منقول من كتيب "دستور 1962 في الميزان الديمقراطي"

في الغبقة الرمضانية التي أقامها التيار التقدمي أعضاء وناشطون لــجريدة الـطليعة: الكويت لا تزال في أزمة.. والحل في التغيير
كتب محرر الشؤون السياسية:
لم تغب السياسة عن الغبقة الرمضانية، التي أقامها التيار التقدمي بديوان الزيدان بالشامية، فقد عبر عدد من أعضاء التيار والحضور عن سخطهم للطريقة التي تدار بها البلاد، مؤكدين أن الأزمة ليست في السلطة التشريعية، لكنها أزمة في العقول التنفيذية التي تدير البلاد.
وأضاف المتحدثون في تصرح خاص لـ «الطليعة»، على هامش الغبقة السنوية التي يقيمها التيار التقدمي، أن الخروج من الأزمة الحالية يتطلب توافقاً حكومياً شعبياً بأطر دستورية، مؤكدين أن طرق التغيير معروفة، وهي الطريقة المنظمة بالتنسيق مع القوى السياسية والشبابية خارج البرلمان القادم، الذي يفتقد أي أفق للتعامل معه.
في البداية عبّر أمين سر التيار التقدمي د. فواز الفرحان عن تشاؤمه مما هو قادم، قائلاً: لا تزال أسباب أزمة ارتباك وتعقيد المشهد السياسي قائمة، وللأسف وعلى الرغم من إجراء انتخابات حالية وقدوم مجلس جديد فاننا لا نعول عليه قيد أنملة.
خارطة طريق
وعن الحراك الشبابي ومدى فاعليته، قال الفرحان: الحراك الشبابي الحالي لا يزال في مرحلة ردود الافعال وليس في إطار الحراك الشبابي المنظم، ولذلك سنتوقع حدوث ردود أفعال تتجاوب مع الأحداث السياسية القادمة، مضيفا أن أساس الأزمة لا يزال موجودا، لذا «أعتقد أن الأزمة ستستفحل في المستقبل القريب، وستطفو على السطح مشاكل وتناقضات عدة، مؤكدا أن التيار سيسعى إلى الانتقال إلى الحراك المنظم بدلا من حراك ردود الافعال».
وأضاف أن التيار الوطني سيصدر قريباً وثيقة، كخارطة طريق، للإصلاح السياسي ومساراته المختلفة، مؤكدا أن الوثيقة ستختلف عن تلك التي صدرت منذ عام تقريبا بعد أن انغلق الأفق النيابي بشكل تام.
النضال الجماهيري
من جهته، أكد المنسق العام للتيار التقدمي ضاري الرجيب أن التيار التقدمي قاطع الانتخابات لأسباب عدة يأتي على رأسها أن الأفق البرلماني مسدود وبلغ ذروته عما كان عليه في السابق، مؤكدا أن اللعب على القوانين لاسيما الشعبية لن يغير من الأمر شيئاً، وأن الأمر الوحيد القادر على التغيير مصدر الشرعية الديموقراطية.
وأضاف الرجيب أن المشهد السياسي لم يتغير بسبب عدم تغيير قانون الانتخاب، الذي هو أساس المشكلة، وأن السلطة اظهرت وجهها الحقيقي في رؤيتها للانقلاب على الدستور، مشيراً إلى أن طرق التغيير معروفة، وهي الطريقة المنظمة بالتنسيق مع القوى السياسية والشبابية خارج البرلمان القادم، الذي يفتقد أي أفق للتعامل معه، «لذا لا يوجد أي بوادر لدعم ذلك البرلمان أو تشريعاته القادمة، ولهذا ندفع كتيار في تجاه النضال الجماهيري».
عقلية غير ملائمة
بدوره، أكد الناشط السياسي نافع الحصبان أن ما يدور في المجتمع الآن على مستوى الوضع السياسي مشكلة كبرى تكمن في نهج العقلية غير المؤمنة بالديموقراطية، ونفتقد تلك التي تسعى إلى تطبيق الاستقرار ودولة المؤسسات والمدنية، مضيفاً أننا لو رجعنا إلى الوراء سنطالع الأسماء والوجوه والعقول نفسها التي تفتقد المنهجية والآلية والنظرة المستقبلية للتطور والتقدم والايمان بالديموقراطية والمساءلة والرقابة الشعبية.
واعتبر الحصبان أن العقلية التي تدير البلد لا تتلاءم مع قطار الإصلاح الذي انطلق بالفعل، مؤكداً أن على الجميع أن يؤمن بحق الشعب وإرادة الأمة، موضحاً أنه لهذه الأسباب جاء قرار مقاطعتنا للانتخابات على الرغم من حكم المحكمة الدستورية، وعلى السلطة التنفيذية أن تعي تلك الأمور.
انتخابات عائلية
من جانبه، تمنى الكاتب ابراهيم المليفي سرعة الخروج من المأزق السياسي الذي تعيشه البلاد، مؤكداً أن الطريقة الوحيدة للخروج بيد الطرف المسيطر على كل الأحداث، بل والصانع لها، وهي السلطة بالدرجة الأولى، وتأتي بعدها عناصر متفهمة من جانب المعارضة باختلاف أطيافها، وأقصد بالمعارضة المعارضين ممن أدخلونا في المأزق الذي نعيشه حالياً.
وأضاف المليفي أن الشعب الكويتي، وللأسف، يحصد ثمار أخطاء المراحل السابقة بأساليب الإدارة التي تمت في الفترة الماضية، وقال: «افتقدنا الاجواء السياسية واستبدلت بالصراعات الطائفية والقبلية، وما يقال عن أنها انتخابات تجرى حاليا ما هي إلا انتخابات عائلية من دون خرائط وبرامج سياسية».
مأتم سلطوي
واعتبر عضو التيار التقدمي أنور الفكر أن ما يحدث ويعترض المشهد السياسي مشاهد وأزمات مفتعلة، واصفاً الانتخابات الحالية بمأتم سلطوي على الرغم من محاولة الإعلام الموالي تصويره على أنه عرس ديموقراطي، مضيفا أن ذلك المأتم تحاول السلطة من خلاله انتزاع ارادة الامة بشقيها في الرقابة والتشريع.
وأكد أن بيانات التيار التقدمي، التي سبقت حكم «الدستورية»، أشارت وبكل وضوح إلى أن الأزمة ليست دستورية، لكنها أزمة تتعلق بادارة البلاد وحولت مجلس الامة إلى مكان للفضفضة السياسية، مبيناً أن المجلس ليس مبنى اسمنتياً، ولكنه روح الامة وارادتها من خلال الرقابة والتشريع، لذا رفضنا ونرفض العبث بقانون الانتخاب الذي أتى بممثلين لا يعبرون عن رغبة الامة. وأضاف الفكر: «نحن أمام أزمة أكبر من ذلك بكثير تتعلق بالخط الاقتصادي والاجتماعي، الذي حاولت السلطة في ست سنوات ماضية تدميره، والدليل الارقام الاقتصادية ونسب التضخم التي ارتفعت إلى 27 في المائة منذ 2007، اضافة إلى الخلل بالميزانيات والهدر فيها، فضلا عن نزع الهوية الوطنية من خلال الاصطفافات القبلية والطائفية برعاية السلطة وإعلامها، فهي تحاول انتزاع الوحدة الوطنية والمواطنة الدستورية، التي هي أساس الدولة المدنية»، موضحاً أن الحل يكمن في التوافق بين إرادة السلطة والشعب.
شيء خطير
وعن الاقتصاد الكويتي ووضعه في ظل التجاذبات السياسية الحالية، أكد المحلل الاقتصادي وعضو التيار التقدمي مرزوق النصف أن الاقتصاد مستقر نسبياً بسبب ارتفاع أسعار برميل النفط وتخطيه حاجز المائة دولار، ولكن الاعتماد بشكل اساسي على السوق النفطي شيء خطير وغير مستقر، لاسيما لو أخذنا في الاعتبار احتمالية انخفاض اسعار النفط كما حدث منذ ما يقارب السنوات الثلاث.
وعما قيل عن وجود استقرار اقتصادي الفترة الماضية تزامناً مع ارتفاع مؤشرات سوق الاوراق المالية، قال النصف: «إن ارتفاع المؤشرات في البورصة وأداء البورصة بشكل عام ليس مقياسا كون أغلب عملياتها مضاربات على أسهم شركات صغيرة، ولذلك لا يعتمد عليه كمؤشر طويل الامد في تقييم الاقتصاد».
وأضاف أن مشاكل الاقتصاد من الصعب أن تحل في سنة واحدة أو فصل تشريعي واحد، موضحاً أن المشاكل الأساسية جزء كبير منها يتعلق بالتوظيف والجزء الآخر يتعلق بالاسكان والطلبات الاسكانية التي تخطت حاجز المائة الف طلب، مؤكداً أن ما يعمق المشكلة هو عدم وجود بوادر للقضاء على هاتين المشكلتين، لاسيما لو أخذنا في الاعتبار حاجة المواطن الكويتي وتطلعه لحلهما.
واختتم النصف حديثه بالقول «إن المشكلة الاقتصادية تكمن في نقص الكفاءة بالجهاز التنفيذي، مبيناً أن هناك انعدام كفاءة رهيباً، لاسيما في التخطيط للمشاكل التي يعانيها المواطن، لافتقاد المسؤول التنفيذي القيام بعمليات حسابية بسيطة لحل القضايا، موضحاً أن البلاد في السنوات القادمة تحتاج الى أحمال إضافية، لذا أرى من الضرورة تغيير التنفيذيين وليس المشرعين، وساعتها ستكون قدرتنا على الإصلاح أكبر وأكثر».
بقلم: عبدالوهاب الناصر.
لم أكن أنتظر حكم المحكمة لأني أعتقد أن الخلاف سياسي لا قانوني واختيار النظام الانتخابي هو شأن الشعب وحده وأن نظرية الفصل بين السلطات تأسست حتى لا يقع التعسف، ولا تجتمع السلطة التشريعية والتنفيذية في يد رجل واحد،كذلك اعتقد بان اي حكم سوف يعزز مفهوم دولة المشيخة او يعطي الصلاحية المطلقة لأي فرد كان أو عائلة هو أمر مرفوض عند أي شخص ينشد الديمقراطية الحقيقية ويأمل بالمزيد من الحريات.
قبل ان أطرح الحل أود ان أعلق سريعاً على ما ذكر بأن الصوت الواحد للناخب هي قاعدة متبعة في العديد من الدول الديموقراطية, فهذه الحجة تسطيح لقاعدة (صوت واحد لمرشح واحد) المطبقة بالدول الديمقراطية العريقة واجتزاء على النظام الديمقراطي المتكامل, فمن باب أولى ان أردنا تطبيق هذه القاعدة - والتي هي مختلفة تماماً عن قانون الصوت الواحد بالكويت - ان نطبق النظام البرلماني الكامل أو ان يختار الشعب رئيس الوزراء إما عن طريق ممثليه او مباشرة, مثلما هو الوضع في الديمقراطيات العريقة كما تقول حجتهم !
ولكن الحقيقه انهم تركوا كل الانظمة الديمقراطيه الناجحه و بحثوا عن نظام انتخابي غير مصنف ومطبق في 4 دول فقط حسب دليل المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات في ( الاردن – افغانستان – جزيرة بيتكيرن - وجزيرة فانوا ). ان هذا النظام لم يأتي من السلطة الا لتجعلنا كتله من الافراد المعزولين ولكي تستبعد القوى السياسيه من خلال مرسوم الصوت ومن ثم تحصينه من قبل المحكمه حتى لا تمكننا من محاسبتها أو مراقبتها,خاصة بعدما شعرت بان صلاحياتها قد تتقلص وان اداره الدولة خرجت من يدها وان الشعب اصبح واعٍ بحقوقه وسوف يصبح هو الرقيب و صاحب السياده ومصدر السلطات هذا هو حال الانظمه العربيه التي دائما ما تعالج المشاكل بانتقاص حقوق الشعب وتعزيز حكم الفرد لا بمزيد من الديمقراطيه.فلسنا اول ولا اخر دولة تمر بهذه المرحلة ولا سلطتنا اول سلطة تنقلب على دستورها وتنفرد بالحكم ،فعقلية من بيده كل القرارت واحدة من مصر الى ليبيا الى السودان والبحرين وغيرهم.
لكن السؤال هو كيف نخرج من هذه الازمة وما هو الحل ؟
يقول د.علي الكواري ان الانتقال الى نظم حكم ديمقراطية يتطلب بالضروره وجود احزاب ديمقراطيه ومن ثم بناء كتله تاريخيه فاعله تضم الى جانب كل منها بقيه القوى التي تنشد التغيير السلمي ، وجدير بالتأكيد ان مثل هذه الكتله التاريخيه هي وحدها القادره على تقديم بديل واقعي لنظم حكم الفرد. واعتقد كذلك ان الحمل الاكبر يقع على عاتق الشباب في الدرجه الأولى, فيجب ان يكونوا هم قلب هذه الكتله والمتحدث باسمها لانهم أثبتوا انهم دائماً هم طليعه المحتجين ووقود الحراك, خاصة بعد ان رأينا بعض ما يسمى بنواب الاغلبية ينقلبون على مبادئهم بعد شعورهم ان الكرسي أغلى من المبدأ وحقوق الشعب.
ففي الماضي كان هناك رموز هي من تقود الحراك وتوجه الناس اما الآن فقد تراجعت الرمزية وهذ ما يميز الحراك الشبابي العربي الحالي. و أفضل مثال على ذلك المغرب, فعندما فشلت النخب والاحزاب السياسيه المغربية في تحقيق مطالب الشباب و استكمال مسيرة الانتقال الديمقراطي,أسس الشباب المغربي حركه ( ٢٠ فبراير ) ثم شكلوا لجان شعبيه تضم كل من هو مؤمن بالقضيه من يساريين وإسلاميين وليبراليين ونشطاء الحركه الأمازيغيه، توافقوا على الحد الأدنى للمطالب ،واختارت الحركه شكلاً تنظيمياً يعتمد على خلق تنسيقيات في المدن التي بلغ عددها ٨٠ تنسيقيه, ووضعوا برنامجاً شاملاً وواضحاً ومتكاملاً، أبرز ما فيه : الاصلاحات الدستوريه واقامه ملكيه برلمانية فأستجاب الملك محمد السادس لمطالب الشعب عن طريق الضغط السلمي المنظم مجبراً.فبالوعي والعمل المنظم والايمان بالقضية يتسجيب الحكام لمطالب الشعوب ..
بصدمة وألم قرأت خبر حبس المغردة والناشطة السياسية سارة إدريس مدة سنة وثمانية أشهر مع الشغل والنفاذ، وهي على تغريدة أو تغريدات عدة في تويتر، وليس على جريمة جنائية.وعلى حد علمي فإن سارة ستكون أول إمرأة سجينة رأي في الكويت، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع آرائها السياسية أو وسيلة التعبير عنها، وهذا يضيف على عدد سجناء الرأي في الكويت سجينة جديدة، ويؤكد استمرار الحكومة في نهج الملاحقات السياسية الأمنية التي لا تزال تشنها ضد كل من يعارض نهجها غير الديموقراطي، مما يهدد بخطر على حرية الرأي والتعبير.يحدث ذلك في ظل حراك وانتفاضات وثورات شعبية في كل بقاع الأرض من أجل الحرية والكرامة والديموقراطية والعيش الكريم، يحدث في كويت السلام والأمن والتسامح ليغير من وجهها الذي ترعرعنا وعشنا وربينا أبناءنا عليه.وكأن الحكومة تريد أن تثبت وتؤكد أن الأزمة السياسية العميقة التي تمر بها الكويت ليست محصورة في آلية التصويت في الانتخابات، وإنما هي نتيجة نهج كامل ضد الديموقراطية والحريات التي رسمها الدستور.والغريب أن الحكومة تعاملت بانتقائية مع جرائم شراء الأصوات التي شاركت بها أطراف من السلطة ذاتها، وهو أمر لا تخفى تفاصيله على الشعب الكويتي، ولا يخفى عليهم أسماء كبيرة دفعت آلاف الدنانير لشراء أصوات الناخبين، وكأن هذه الانتقائية هي ضمانة فوق الضمانة لمجيء مجلس أمة موالٍ تماماً وغير فاعل أو شكلي، رغم أن آلية الصوت الواحد ضمانة كافية لعدم وصول معارضة متجانسة تطالب بالإصلاح السياسي والانتخابي، هذا إذا أضفنا لهذه الآلية تمزيق النسيج المجتمعي والتفتيت القبلي والطائفي والفئوي، ناهيك عن الفرعيات المجرمة قانونياً.هذا النهج لا يصب في مصلحة الوطن والشعب، وهو يخدم بالدرجة الأولى طبقة المتنفذين الفاسدين التي تنهب ثروات الشعب، ويكرس نهج الانفراد بالسلطة والتحكم في مقدرات البلاد في حركة عكس اتجاه التاريخ وبالضد من إرادة الأمة وآمالها بالتقدم والرخاء والحرية والعدالة الاجتماعية.ورغم كل الأخطار التي تحيق بوطننا وشعبنا، ورغم الدروس والعبر التي نراها من حولنا، إلا أن الحكومة تمضي بعنادها وكأننا نعيش بمعزل عن العالم الذي أصبح قرية صغيرة تربطه تكنولوجيا المعلومات بالصوت والصورة ولا يخفى فيه شيء.ورغم الفساد المستشري الذي نعيشه كل يوم ونعاني منه، إلا أن الجهود الأمنية موجهة ضد الشعب المسكين وضد حرياته وعيشه الكريم، وليس ضد سرقة المال العام والشركات المسؤولة عن فساد الأغذية وتجارة الإقامات والمال السياسي.وأظن في هذه الحالة أنه سيتشكل واقع سياسي جديد بعد نتائج الانتخابات، قد تعيد الحراك الشعبي ولكن بوعي سياسي أعمق وشعار أكثر نضجاً، وهو المطلوب من القوى السياسية والمجاميع الشبابية التي يجب أن تعمل بجدية أكبر من أجل الإصلاح السياسي وصولاً إلى النظام البرلماني الكامل، ومن أجل إطلاق الحريات العامة وإلغاء القوانين المقيدة لها والقضاء على الفساد والمفسدين، ووضع البلاد على سكة التنمية المستحقة التي يكون محورها الإنسان.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 22\07\2013 العدد:12439
بقلم: فيصل مال الله*
مع قرب الانتخابات الجديدة لمجلس الأمة تتعالى الأصوات التي تطالبنا بالمشاركة بالانتخابات حتى "لا نتركها لهم".. ولكن عندما نتوقف قليلاً لنتفكر بمقولة "لا نتركها لهم" نكتشف العديد من الأسئلة المثيرة؛ أولها من الذي تُوجه له هذه المقولة؟ ثم من الذي يقولها؟ هل جميع من يقولها يقصد نفس ال"هُم" الذين لا يريدونا أن نتركها لهم؟ وأخيراً هل مشاركتنا بالفعل ستمنع ان تُترك لهم؟
لم أجد أي فئة معينة مستهدفة بهذه المقولة من الجميع، فكل الناخبين سمعوها موجهة لفئة أو لأخرى، لكن الإثارة تبدأ عندما تلاحظ من الذي يقولها! سمعت هذه المقولة ممن قاطع انتخابات ديسمبر ٢٠١٢ وكان محسوباً على فريق المقاطعين و ممن كان من فريق سأشارك الأسطوري، بل لقد سمعتها من بعض فداوية السلطة! اذا كان جميع هؤلاء يرددون هذه الجملة فمن غير المعقول أن يكونوا جميعاً يقصدون نفس ال "هُم" الذين لا يريدونا أن نتركها لهُم، ما عليك إلا أن تسأل كل من يقول لك هذه الجملة من هم اللذين لا يريد أن يتركها لهم لتعرف التنوع المثير في "هُم". بعض المقاطعين غلبتهم العاطفة بعد أن رأوا مجلس الأمة العزيز عليهم قد امتلأ بالمهرجين بعد انتخابات ديسمبر 2012 لذلك هم يريدون المشاركة حتى لا يتركونها للمهرجين، وبعضهم كذلك لا يريد أن يتركها للحكومة كما يعتقد أنه فعل في ديسمبر 2012، وهناك الطائفيون من السنة والشيعة والذين سيذهبون للتصويت حتى لا يتركونها للطائفة المختلفة لهم، وهناك من لا يريد أن يتركها للبدو، أما فداوية السلطة فهم -حقيقةً- لا يؤمنون بهذه المقولة وليس لهم أي "هُم" لا يريدون تركها لهم ولكنهم فقط يريدون إنجاح مشروع السلطة بالصوت الواحد والاستفراد بالحكم لذلك يسعون لإثارة المشاعر بقصد دفع المزيد من المشاركين لإعطاء الشرعية للإنتخابات.
بقي الآن السؤال المهم: هل مشاركتنا ستمنع بالفعل أن تُترك لهم؟ سأجيب عل هذا السؤال فقط من منظور من يطالب بالمشاركة حتى لا نتركها للمهرجين أو الحكومة. لأن الآخرين الذين يقولونها من منظور كراهية الآخر هم مرضى نفسيين يحتاجون الى الدعاء بالهداية أولاً وجلسات مع طبيب نفسي ثانياً لعل وعسى أن يتخلصوا من هذه العقد والجهالة.
حتى لا نترك مجلس الأمة للمهرجين ونواب الحكومة (وقد يكون الفرق بينهما لا شيء) يجب أن نحصل على غالبية مقاعد مؤثرة بالمجلس لتوفر لنا الإمكانية لتمرير القوانين حتى لو كانت لا تُرضي الحكومة والمهرجين والتصدي لجميع أنواع الفساد، أما إذا كنا مجرد أقلية في المجلس ونواب الحكومة هم الأغلبية فلن نستطيع عمل أي شيء غير الصراخ والزعيق بلا أي فائدة لأنه بالنهاية كل ما تحتاج له الحكومة لتمرير ما تريد خلال المجلس هو إصدار الأمر لنوابها لتصوت بالموافقة على ما تريد وبما أنهم الأغلبية فان الحكومة ستحصل على ما تريد! إذن نستنتج أنه من غير الحصول على أغلبية مؤثرة بالمجلس فانها ستكون ل"هُم"... هل نستطيع بمشاركتنا الحصول على أغلبية؟ الصوت الواحد أُبتُكر لضمان عدم حصول ذلك على الأقل في المدى القريب.. هل نستطيع الحصول على أغلبية في المدى البعيد بالصوت الواحد؟ المحكمة الدستورية بتحصين مرسوم الصوت الواحد أعطت صكاً على بياض للحكومة بحل المجلس ثم تعديل النظام الانتخابي متى ما شاءت في حال أننا حصلنا على أغلبية مؤثرة! تماماً كما حدث بعد حصول كتلة الأغلبية على 37 كرسي في مجلس فبراير 2012، لذلك لا فائدة من المشاركة بأي انتخابات في ظل هذا النظام الانتخابي.
“هُم" استحوذوا على مجلس الأمة سواء شاركنا أم لا... مشاركتنا لن تكون غير موافقة منا على الصوت الواحد والاستفراد بالقرار... التغيير لا يمكن أن يحدث الآن من داخل المجلس، بل من خارجه فقط.
---------------------------
*عضو التيار التقدمي الكويتي.

تدقيق بعض المصطلحات والمفاهيم المتصلة بمطالب الإصلاح الديمقراطي.
مصطلح "الإمارة الدستورية":
المفهوم المباشر هو أن نظام الدولة "أميري"، ويحكمها "دستور"، فهي إمارة دستورية. وهي بذلك عكس الإمارة ذات الحكم المطلق أو المشيخة ذات الحكم الفردي. والكويت إمارة دستورية في حدّها الأدنى، ولا يمكن أن تتحقق الإمارة الدستورية إلا في إطار نظام برلماني كامل.
مصطلح "الحكومة المنتخبة":
الحكومة المنتخبة في الأنظمة الديمقراطية الرئاسية غير الوراثية تعني انتخاب رئيس الدولة، أما في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية الوراثية أو غير الوراثية فإنّ مصطلح الحكومة المنتخبة يعني أن يكون رئيس مجلس الوزراء والوزراء من بين أعضاء البرلمان فقط. ويجب الانتباه إلى أنه في الأنظمة البرلمانية لا يتم انتخاب رئيس مجلس الوزراء والوزراء مباشرة، بل يتم تعيينهم من بين أعضاء البرلمان، وهذا يحقق فكرة الحكومة المنتخبة. ولعل التعبير الأدق هو النظام البرلماني الكامل.
مفهوم النظام البرلماني الكامل:
من أجل تحقيق مبدأ شعبية الوزارة، ومن أجل التخلص من آثار الحكم الفردي، تأتي المناداة بالنظام البرلماني الكامل الذي يقوم على خمسة أركان هي:
- وجود أحزاب سياسية.
- تداول ديمقراطي للسلطة.
- ضرورة نيل الحكومة ثقة البرلمان.
- أن يكون رئيس الدولة حَكَمَاً بين السلطات لا طرفاً في المنازعات السياسية.
- اختيار رئيس مجلس الوزراء والوزراء من بين أعضاء البرلمان بما يسهل محاسبتهم دون أي تعقيدات.

بيان تضامني مع سجناء الرأي صادر عن التيار التقدمي الكويتي.
بألم شديد وقلق بالغ تلقينا في التيار التقدمي الكويتي خبر حبس المغردة سارة الدريس مدة سنة وثمانية أشهر مع الشغل والنفاذ، ويهمنّا في هذا الشأن أن نعبّر عن تضامننا الكامل معها ومع بقية الشباب من سجناء الرأي؛ وكذلك مع الشخصيات السياسية والشباب الذين طالتهم حملات الملاحقات الأمنية التي شنتها ولا تزال تشنها السلطة ضد كل مَنْ يعارض نهجها غير الديمقراطي.إنّ حملات الملاحقات الأمنية واعتقال شباب الحراك الشعبي وحبسهم تؤكد مجدداً أنّ الأزمة السياسية في البلاد التي تفاقمت في السنة الأخيرة لا تنحصر في تغيير آلية التصويت في الانتخابات، وإنما تعود هذه الأزمة بالأساس إلى نهج الانفراد بالسلطة والتحكّم في مقدرات البلاد ومحاولات العودة بالكويت إلى عهد المشيخة، وهو النهج الذي يجب أن تتصدى له مختلف التيارات السياسية والمجاميع الشبابية، وذلك بالتزامن مع استمرار المطالبة بوقف حملات الملاحقات الأمنية التي تشنّها السلطة ضد عناصر المعارضة وشبابها، والمسارعة إلى إسقاط الاتهامات في قضايا الرأي، وإطلاق الحريات العامة وإلغاء القوانين المقيدة لها.الكويت في 17 يوليو 2013
تمر غداً الذكرى الخامسة والخمسون لثورة 14 تموز/ يوليو 1958م العراقية، وقد حيّت القوى الوطنية والتقدمية العراقية هذه الذكرى في بيان لها حيث وصفتها: «بالعزيزة على قلوب الملايين من أبناء العراق، وهي ذكرى العيد الوطني للشعب العراقي... ثورة الشعب والجيش الوطنية التحررية الكبرى».ومضى البيان حول هذه الذكرى بالقول: «لقد حققت آمال وتطلعات الملايين من الفقراء والكادحين من العمال والفلاحين وذوي الدخل المحدود، وتماهت مع أحلام المثقفين والمبدعين وعموم شرائح وفئات الشعب الاجتماعية الوطنية التي كانت تطمح إلى حياة جديدة وعراق جديد في ظل حكم نظام وطني ديموقراطي متحرر من الهيمنة الأجنبية والارتهان لمصالح قلة قليلة من المتنفذين على حساب أوسع الفئات والطبقات الاجتماعية».وقد بات من المعروف أنه اجتاحت الوطن العربي في النصف الثاني من القرن العشرين حركة تحرر وطني حققت آمال الشعوب العربية في التخلص من الملكيات والإقطاع والاستعمار الأجنبي، وترسّخ واقعاً جديداً لدى الشعوب العربية التي كانت تخضع للإذلال والتبعية للمستعمر الأجنبي وأعوانه وتابعيه من المتنفذين الفاسدين الذين استولوا على ثروات هذه الشعوب، ومارسوا القمع والقتل والسجن لكل معارضي الأنظمة في ذلك الوقت.ووصفت الأدبيات السياسية والتاريخية جميع هذه التغيرات بـ «بالانقلابات العسكرية» ما عدا ثورة 14 تموز 1958م في العراق التي وصفت بأنها «ثورة»، وذلك لسبب موضوعي هو أن الجيوش هي التي بادرت بالانقلاب على الحكم ثم أيدتها الشعوب العربية التي كانت ترزح تحت نير الملكية والاستعمار، بينما ما حدث في العراق هو قراءة الجيش لمزاج الجماهير التي خرجت بالملايين من أبناء الشعب العراقي في انتفاضة ضد الحكم والتبعية للاستعمار والقوى الوطنية والتقدمية التي كانت تعلم مسبقاً بهذه الحركة، وقد تركت حركة التحرر الوطني العربية تأثيراً جدياً وحاسماً على مجمل الدول العربية واتجاهاتها في الحكم السياسي وخاصة أن مصر تملك ثقلاً إقليمياً واستراتيجياً، رغم أن ما حدث في 23 يوليو 1952 و1953م كان انقلاباً عسكرياً قاده الضباط الأحرار بقيادة محمد نجيب وجمال عبدالناصر، حيث شجعت الشعب العراقي للانتفاض في ثورته التي تلت الانقلاب المصري.وهو عكس ما حدث في ثورة 25 يناير 2011م واستكمالها بثورة 30 يونيو 2013م، حيث هب الشعب المصري بكل أطيافه وفئاته الاجتماعية ضد حكم مرسي الذي تكررت أخطاؤه حتى أوصلت مصر خلال عام واحد إلى حافة الهاوية، «حيث انخفض النمو من 5 إلى 2 في المئة ووصل العجز بالموازنة إلى 11 مليار دولار، كما وصل الدين العام إلى 235 مليار دولار، ولم توجد أي حلول لـ 25 في المئة من الشعب المصري الذين يعيشون تحت خط الفقر، وارتفعت نسبة البطالة من 9 إلى 14 في المئة، وبقي قطاع السياحة دون تفعيل وهو قطاع مهم لدخل الدولة، كما لم تولِ أهمية لتعميم المدارس والمستشفيات في المناطق النائية، وكذا الأمر بالنسبة للزراعة والصناعة» حسب مقال كتبه د. صالح بكر الطيار من مركز الدراسات العربي الأوروبي في 5 يوليو الجاري.فما يحدث في مصر الآن ليس صراعاً بين الكفر والإيمان أو بين ليبراليين وإسلاميين أو حتى بين عسكر ومدنيين، ولكنه بوضوح ثورة ضد سياسة نظام لم تؤد إلا لمزيد من الفقر والبطالة، وارتهان أكبر للهيمنة الأميركية - الإسرائيلية بالضد من إرادة الشعب المصري، كما أنه صراع نظام حزب واحد مع جميع مؤسسات الدولة القضائية والإعلامية والثقافية والعسكرية، والتعاون مع إسرائيل لضمان أمنها في اتفاقية الهدنة مع غزة، والسماح بتركيب أدوات تجسس إلكترونية متقدمة على الحدود مع إسرائيل، والبدء بمشروع بيع ورهن أصول مصر الاقتصادية في مشروع «الصكوك» ومشروع «النهضة» الزائف، والتوجه لتدويل قناة السويس تحت مسمى مشروع تنمية إقليم قناة السويس التي أممها الشعب المصري، وهو ما يعتبر عودة لمشاريع استعمارية قديمة، وتم الانقضاض على مكتسبات الشعب المصري التي حققها في حركته التحررية في خمسينات القرن الماضي.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 13\07\2013 العدد:12430

مقال للزميل مرزوق النصف تحت عنوان "تقييم الأداء الاقتصادي للإخوان في مصر".
بقلم: مرزوق النصف*
يُشار إلى الاقتصاد كأحد أهم الأسباب التي غذت الغضب الشعبي في مصر ضد الرئيس محمد مرسي، وهو ما يعني أن تحليلا للأوضاع الاقتصادية المصرية قد يكون مفيدا في فهم الأحداث الأخيرة، والأهم أن هذا التحليل قد يكون مفيدا للوصول إلى حكم موضوعي حول نجاح الإخوان المسلمين كحزب في الحكم. ويبدو أن تقييم الإخوان على أساس نجاحهم في تنفيذ برنامجهم الرئاسي معيار مقبول، وهذا التقييم هو هدف المقال.
نستذكر بداية أن برنامج الإخوان الرئاسي سُمي بـ«النهضة»، وشعاره «نهضة مصرية... مرجعية إسلامية»، وحجمه 79 صفحة تغطي السياسة المحلية والخارجية والاقتصاد وقضايا متنوعة، كالبيئة والمرأة وذوي الاحتياجات، وقد أنفق الإخوان جهدا كبيرا في ترويجه. والبرنامج مفصل نسبيا، خصوصا في قسمه الاقتصادي الذي يحوي أهدافا محددة بالأرقام، وهذه الأهداف هي التي سنستند إلى بعضها في تقييم أداء الإخوان الاقتصادي.
نمو الإنتاج
ومن المنطقي النظر أولا إلى أحد أهم المؤشرات الاقتصادية في أي دولة، أي الناتج المحلي الإجمالي، أو حجم الاقتصاد، حيث وضع الإخوان في برنامج النهضة هدف «الانتقال من معدل نمو %1.8 إلى %7 متوسط معدل نمو سنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، بما يسمح بمضاعفته خلال السنوات العشر الأولى»، ويبدو أن نسبة %1.8 مذكورة كونها نسبة نمو الاقتصاد عام 2011، وهي نسبة نمو استثنائية في انخفاضها، وبالتالي ليست أساسا جيدا للمقارنة في برنامج اقتصادي.
على أي حال تشير بيانات البنك المركزي المصري إلى أن الاقتصاد نما بنحو %2.2 فقط عام 2012، ويُتوقع انخفاض نسبة النمو عام 2013 لنحو %2، وهاتان النسبتان أقل من متوسط نمو الاقتصاد المصري في السنوات الخمس السابقة لثورة يناير، أي في الأعوام 2006-2010، والبالغ نحو %6.2، في إشارة إلى سوء الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وإلى أن اتجاه النمو الاقتصادي يبتعد عن الهدف المحدد في برنامج النهضة.
مؤشر التضخم
ويمكن النظر إلى مؤشر آخر لتقييم أداء الإخوان في الرئاسة، وهو مؤشر التضخم، أي ارتفاع الأسعار، حيث يحدد برنامج النهضة هدف «خفض معدل التضخم الحالي الذي يتجاوز %11 سنويا، ليصبح أقل من نصف معدل النمو السنوي»، أي خفض النسبة إلى %5.4 على الأقل. وآخر البيانات المتوافرة من البنك المركزي المصري للفترة ما بعد ثورة يناير 2011 تشير إلى أن التضخم كان باتجاه الانخفاض منذ فبراير 2012، عندما كانت نسبته %9.1، وذلك قبل شهور خمسة من تسلم د. مرسي للرئاسة، وحتى نوفمبر 2012 عندما بلغت نسبة التضخم %4.3 بعد شهور أربعة من تسلم الرئاسة، لكن ابتداء من الشهر الخامس، أي ديسمبر 2012، ارتفعت نسبة التضخم تدريجيا حتى بلغت %8.2 في مايو 2013، أي أن أداء الإخوان مع التضخم فيه إيجابيات، لكنه أداء غير مستقر، ومشوه بأزمتي الوقود والغاز وغيرهما.
أما المؤشر الثالث الذي يمكن النظر إليه فهو البطالة، والتي يحدد برنامج النهضة هدف خفضها «إلى أقل من %7 بحلول عام 2016»، إلا أن بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر تشير إلى عدم تحقق هذا الهدف، حيث ارتفعت البطالة لنحو %13 في الربع الرابع من عام 2012، ونحو %13.2 في الربع الأول من عام 2013، علما بأن هذه النسب مصدرها حكومي، وقد تكون أقل من نسب البطالة في الواقع.
وهناك عدة مؤشرات أخرى يذكرها برنامج النهضة، يمكننا النظر إليها، مثل وضع احتياطي العملة الأجنبية، وعجز الموازنة والدين العام الداخلي والخارجي، والتي في المجمل لا تشير إلى تحقق أهداف برنامج النهضة، مع الانتباه إلى أن سنة واحدة تعتبر فترة قصيرة وغير كافية لتقييم الأداء الاقتصادي لأي حزب، كما أن هناك عوامل غير اقتصادية محلية ودولية تؤثر في الاقتصاد إيجابا وسلبا، وقد تكون تحت سيطرة الحزب الحاكم أو خارجها.
مع ذلك يبقى الاستنتاج أن بعض أهم الأهداف الاقتصادية في برنامج النهضة لم تتحقق في السنة الأولى من حكم الإخوان، كما أن اتجاه تطور المؤشرات لا يشير بشكل واضح أن الأهداف ستتحقق كاملة حتى خلال أربع سنوات رئاسية.
*باحث اقتصادي و عضو في التيار التقدمي الكويتي
منقول عن جريدة القبس تاريخ 12\07\2013 العدد:14411

مقالين للدكتور بدر الديحاني تحت عنوان "الثورة المصرية تتجدد".
(1 من 2)
صندوق الاقتراع، كما ذكرنا في المقال السابق، ليس العنصر الوحيد للشرعية، فهناك عناصر أخرى لازمة للشرعية تتضمنها المبادئ الدستورية التي تتم صياغتها بناء على توافق وطني عام كي تضفي مشروعية على أعمال السلطات العامة؛ لهذا فقد أدركت البشرية بعد كوارث النازية والفاشية أن النظام الديمقراطي ليس إجراءات فقط أو "سلّماً" للوصول إلى السلطة كما تفهمه بعض التيارات المتطرفة، فهتلر وموسوليني وصلا عن طريق صناديق الاقتراع، بل هو، أي النظام الديمقراطي، قيم ومبادئ عامة أيضا تحدد آلية الحكم وقواعد العملية السياسية ومن ضمنها تداول السلطة والفصل بين السلطات والتعددية وحق الاختلاف واحترام رأي الأقلية والاعتراف بالمعارضة.من هنا فإن سلطة الرئيس المنتخب ديمقراطيا مقيدة بنصوص دستورية محددة تتضمنها عادة دساتير الدول الديمقراطية المستقرة. أما بعد الثورات فيصاغ دستور جديد يكون نتيجة لعملية توافق وطني حول قواعد العملية السياسية وآلية الحكم، وهو الأمر الذي كان من المفروض أن ينجز بعد ثورة 25 يناير العظيمة في مصر التي أسقطت نظام الاستبداد واحتكار السلطة والثروة.بعد الثورة أجريت انتخابات رئاسية خاضها الإخوان بالرغم من وعدهم السابق للقوى الثورية بأنهم لن يترشحوا لرئاسة الجمهورية لكنهم نكثوا بوعدهم كما فعلوا عندما تراجعوا عن وعودهم السابقة بعدم السيطرة على أكثر من ثلث مجلس الشعب.فاز مرشح الإخوان محمد مرسي على منافسه أحمد شفيق بأغلبية بسيطة (51%)، وهذا معناه أن القوى الثورية التي لا تتفق بتاتا مع الإخوان أو "عاصري الليمون" كما يسمونهم في مصر هم الذين رجحوا كفة مرسي ومنحوه الرئاسة، ما يشير إلى وجود حالة استقطاب سياسي حاد في المجتمع تتطلب جهوداً مضاعفة من الرئيس المنتخب لتقريب وجهات النظر والآراء حول مستقبل النظام السياسي بعد الثورة. فماذا حصل؟حصل العكس تماماً، فلم يكتف الإخوان بالتراجع عن وعودهم السابقة بعدم الترشح لرئاسة الجمهورية، وعدم السيطرة على مجلس الشعب، بل قام مرسي بعد انتخابه رئيساً مباشرة بإعادة مجلس الشعب المنحل بناء على حكم المحكمة الدستورية لأن "الجماعة" يسيطرون عليه، وألغى الإعلان الدستوري المكمل الذي سبق أن أقسم على احترامه، وتخلى عن التزامه بالقضايا التي تم التوافق عليها مع القوى السياسية في اجتماع "فيرمونت".علاوة على ذلك فقد طرح مشروع الدستور للاستفتاء رغم الخلاف السياسي الحاد حوله، ثم أكمل "إنجازاته" للانفراد بالسلطة والقرار بإعلان دستوري جديد يحصن قراراته السابقة واللاحقة، ويجعلها نهائية ونافذة بحيث لا يمكن وقف تنفيذها أو إلغائها أمام أي جهة قضائية، ويمنع حل الجمعية التأسيسية والشورى!من هنا بدأت الشكوك تحوم حول شرعية ما يفعله الرئيس المنتخب، حيث إن صندوق الانتخاب فقط غير كاف لمنحه الشرعية، ولا يعطي له الحق للانفراد بالسلطة وإقصاء الآخرين، والقيام بأعمال غير مشروعة (أغلب قرارات مرسي ألغتها المحاكم)، وهو الأمر الذي أدى إلى تشكل جبهة معارضة واسعة تضم العديد من القوى السياسية والثورية ضد النهج غير الديمقراطي للرئيس.وزاد الطين بلة محاولة الرئيس "أخونة" أجهزة الدولة التي يفترض أن تكون مستقلة عن الحزب الحاكم مثل السلطة القضائية والأجهزة الأمنية، ناهيكم عن تدهور الوضع الاقتصادي وتردي مستوى معيشة المواطنين، حيث لم يطرح الإخوان أي رؤية اقتصادية مختلفة عما كان يطرحه نظام مبارك، فتجددت الثورة في موجتها الثانية يوم 30 يونيو... وللحديث بقية.
______________________________________________________
(2 من 2)
في المقال السابق تطرقنا للأسباب التي أدت إلى الموجة الثانية لثورة 25 يناير التي لما تحقق أهدافها بعد، والمتمثلة بعدم احتكار السلطة والثروة والعيش والحرية والعدالة الاجتماعية. وكما شاهد العالم فقد خرج الشعب المصري يوم 30 يونيو بعشرات الملايين الذين امتلأت بهم الساحات والميادين العامة والشوارع على طول البلاد وعرضها، وكانت مطالبهم محددة، وهي تنحي الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد أن بلغ الخلاف السياسي الحاد مداه، وفشل الرئيس المنتخب فشلاً ذريعاً في الوصول إلى توافق وطني حول آلية الحكم بعد الثورة، ولم يكن هناك من مخرج سوى العودة إلى صاحب الأمر ليقرر وهو الشعب مصدر السلطات جميعاً.وفي هذا السياق يقول د. محمد حبيب النائب الأول السابق لجماعة الإخوان المسلمين "إذا كان الشعب هو صاحب الشرعية، وإذا كانت هذه الحشود قد اجتمعت حول معنى واحد هو "ارحل"، فقد صار لزامًا على كل مؤسسات الدولة أن تنصاع لطلبها. لقد سبق للدكتور مرسي أن تعهد أمام الجماهير بأنه سينزل على إرادتها حال ثورتها عليه، لذا كان عليه أن يفى بتعهده، ويستجيب لنداء الرحيل، لكنه للأسف لم يفعل" (مقال الفرص الضائعة- صحيفة المصري اليوم(7-7-2013 ).نعم للأسف أنه لم يفعل بل أصر بشكل عجيب على التمسك بالسلطة واختصار الشرعية بذاته، ولم يعر اهتماماً يذكر للإرادة الشعبية التي تطالب برحيله. ليس ذلك فحسب بل أخذ هو وجماعته "الإخوان المسلمين" يلوحون باستخدام العنف ضد كل من يطالب بتنحي الرئيس، وكانت صيحاتهم في "رابعة العدوية" لا تخلو من الدعوة إلى استخدام القوة والعنف اللفظي وخطاب الكراهية ضد الشعب، بعد أن وصفوا معارضيهم "بالكفار والنصارى والعلمانيين واليساريين والليبراليين والملحدين"، فأعلنوا عليهم "الجهاد والاستشهاد"!أما الصراع السياسي حسب فهمهم فهو عبارة عن حرب بين "الإسلام" الذي يمثله مرسي و"الكفر" الذي يمثله كل من يعارضه "لهذا أعلنوا" نصرة الإسلام "أي نصرة مرسي"، فهل هذا سيؤسس لآلية حكم دولة مدنية ديمقراطية فعلاً؟ وأي شرعية ستبقي للرئيس المنتخب بعد ذلك؟حصل كل ذلك بالرغم من أنه قد سبق للجيش أن أعلن أنه سيمدد الأسبوع الذي حدده من قبل لمدة يومين إضافيين كي تتمكن الرئاسة والقوى السياسية من إيجاد حل توافقي للأزمة السياسية المحتدمة، وإلا فإن الجيش سيقوم بفرض "خارطة طريق للمستقبل". وبالرغم من معارضتنا لتدخل الجيش أي جيش في العملية السياسية لأن وجود العسكر مضر بالعملية الديمقراطية، لكن كي نكون واقعيين فإننا عندما نتحدث عن المؤسسة العسكرية في مصر فإننا نتحدث عن "قوة" قائمة بذاتها يحسب حسابها في مجريات الأحداث الداخلية، حيث إن لها ممتلكاتها ولها "مصالحها"؛ لذا أجبرت حسني مبارك على التنحي أثناء ثورة 25 يناير، ثم استلمت السلطة بالكامل فأصبح وزير الدفاع آنذاك المشير طنطاوي هو رئيس المجلس العسكري الحاكم، أي رئيس الجمهورية، وحينها لم يتحدث أحد عن الانقلاب العسكري سواء من القوى السياسية بالداخل بما فيهم الإخوان (نستثني هنا بعض القوى الثورية التي أعلنت معارضتها للعسكر ورفعت شعار "يسقط يسقط حكم العسكر" لكن لم يستمع لها أحد)، أو في الخارج فالقوى الإقليمية والخارجية بما في ذلك أميركا وصفت الثورة حينذاك بأنها ثورة مبهرة. نعم لم يعترض أحد من القوى السياسية الرئيسية سواء على استلام العسكر للسلطة أو على سوء أدائهم السياسي أثناء الفترة الانتقالية الأولى، بل كان الإخوان أثنائها أقرب القوى السياسية للمؤسسة العسكرية، وطالبوا عدة مرات بعدم التعرض لها ودافعوا عنها بالرغم من استخدام الجيش للقوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين في "العباسية وماسبيرو وشارع محمد محمود" وغيرها! فماذا تغير الآن يا ترى؟! الثورة هي الثورة بل إن عدد الذين خرجوا يوم 30 يونيو ضد الرئيس المعزول أكثر ممن خرجوا يوم 25 يناير ضد المخلوع مبارك، كما أن المؤسسة العسكرية هي ذاتها لكنها هذه المرة لم تحتكر السلطة كما في الموجة الأولى من الثورة، بل سلمتها للقوى الثورية التي اعتبرتها بمنزلة استجابة لمطالب الثورة؛ لهذا خرج الشعب المصري بكل فئاته وأديانه وطوائفه بالملايين عدة مرات احتفالا بالمناسبة.على أي حال فقد تجددت الثورة المصرية العظيمة بشكل أبهر العالم قاطبة، ولن تستطع أي قوة بعد اليوم مهما كانت سواء فلول نظام مبارك أو العسكر أو بعض القوى الإقليمية والدولية أن تجهض الثورة... صحيح أن أمام الثورة كي تنجح بالكامل تحديات في غاية الصعوبة ولكن كما قال الشابي:إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
د. بدر الديحاني
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 8 و 10 يوليو 2013
يتمثّل المنطلق الفكري للتيار التقدمي الكويتي في كونه تياراً ذا وجهة تقدمية، والتقدمية صفة تطلق على أولئك الناس الذين يرون أنّ المجتمع البشري تحكمه قوانين ضرورية تحتّم عليه التغيّر والتطور والتقدم وصولاً إلى مجتمع الكفاية الإنتاجية والعدل الاجتماعي وتقليص التفاوت الطبقي وتلاشيه لاحقاً... وفي الوقت ذاته فإنّ هذه القوانين إنما تتحقق بنضال الجماهير وإرادتها وحركتها، ولهذا فإنّ الإنسان التقدمي ليس مَنْ يؤمن فقط بالتقدم، وإنما الإنسان التقدمي هو الذي يشارك بالنضال وبالفكر من أجل تحقيق هذا التقدم... أي أنّ التقدمي هو الذي يتخذ موقفاً تقدمياً إزاء ضرورات ومتطلبات تطور المجتمع، وفي الوقت نفسه هو الذي يرفض الاستغلال الطبقي للرأسمالية ويدافع عن حقوق الطبقة العاملة والفئات الشعبية.
إنّ التقدم ظاهرة اجتماعية تعبّر عن انتقال المجتمع البشري إلى مستوى أرقى من حيث الثقافة والمقدرة الإنتاجية والتعامل مع الطبيعة. والتقدم قانون أصيل في تاريخ الإنسان، لأنّ التاريخ الإنساني تقدم متصل في مواجهة معوقات وعقبات لا حصر لها، سواء أكانت معوقات طبيعية أو اجتماعية أم عملية أم نظرية.
وإنّ جوهر التقدم هو سيطرة الإنسان على الضرورات الطبيعية والاجتماعية، وإزاحة العقبات التي تعترض تطور قوى الإنتاج في المجتمع، وتعطّل الطاقات الإبداعية في الإنسان، وفي مقدمتها التخلف والاستغلال الطبقي والتهميش.
والتقدم ليس مجرد تحرر من الضرورات المادية وحدها، وإنما هو كذلك توفير الثقافة والحرية وضمانهما. إنّ معيار التقدم الاجتماعي هو درجة تطور القوى الإنتاجية والنظام الاقتصادي ومؤسسات البناء الفوقي، إلى جانب انتشار العلم وتطور الثقافة والفرد ودرجة اتساع الحرية الاجتماعية، وتطور أسلوب الإنتاج هو عامل أساسي وحاسم هنا وصولاً إلى مجتمع الكفاية والعدل وتقليص ثم تلاشي التفاوت الطبقي.
وأما عن وصف الاتجاه التقدمي بأنّه يساري، فإنّه يعود إلى تعبيري اليسار واليمين اللذين هما تعبيران سياسيان يتصلان بمقاعد جلوس النواب في البرلمان الفرنسي أثناء الثورة الفرنسية عام 1789، حيث جلس النواب المعارضون للنظام الملكي إلى يسار رئيس البرلمان والمؤيدون للنظام الملكي جلسوا إلى يمينه... ومع أنّ تعبيري يسار ويمين تعبيران مطاطان يتغيران مع تغيّر الأوضاع، إلا أنّه يمكن القول إنّ اليسار هو المعارضة التي تسعى من أجل تغيير الوضع القائم، بينما يمثّل اليمين القوى الساعية إلى المحافظة على الوضع القائم أو إلى الارتداد عنه إلى الوراء.
وهناك مَنْ يلتبس عليه الأمر فيفترض أنّ التقدمية والليبرالية اتجاه واحد... وهذا ما يتطلب توضيحاً يزيل هذا الالتباس والخلط، إذ صحيح أنّ الليبرالية والتقدمية، تتفقان في ما بينهما حول الموقف تجاه الحريات الشخصية، ولكنهما تختلفان حول الرؤية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتقدم المجتمعات، هذا بالإضافة إلى التفاوت في الموقف تجاه الطبقة العاملة والفئات الشعبية وملكية وسائل الانتاج، حيث لا تولي الليبرالية اهتماماً بمطالب العمال، وأصحاب الدخول المتدنية والمهمشين، بينما تدافع التقدمية عن الطبقة العاملة، والفئات الشعبية والمهمشة من المجتمع.
لقد بدأت فكرة الليبرالية في عصور النهضة في أوروبا، لمواجهة سلطة الكنيسة والملكية، واتخذت شكل الكتابات النخبوية، إلى أن توجت بالثورة الفرنسية، التي رفعت شعار "حرية إخاء مساواة"، ولكنها بعد سنوات تمسكت بمبدأ الحرية، وأهملت الإخاء والمساواة، ومع نسيان مبدأ المساواة، أصبحت الحرية مبدأً مقدساً، فيما أتاح إهمال المساواة المجال لتبرير الليبراليين استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.
أما الليبرالية الاجتماعية فقد برزت في أعقاب الأزمة الرأسمالية الكبيرة عام 1929، التي سميت بالكساد الكبير، عبر كينز ونظريته الاقتصادية الليبرالية الاجتماعية، فتحسن وضع الإنسان في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية حتى السبعينات من القرن العشرين... وفي الثمانينات برز "النيوليبراليون" أو الليبراليون الجدد ومنهم الرئيس الأميركي رونالد ريغان ورئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر، واستندوا إلى مدرسة شيكاغو الاقتصادية، نسبة لجامعة شيكاغو الأميركية التي تركز فيها الاقتصاديون دعاة النيوليبرالية، التي تدعو إلى رأسمالية وحشية عدوانية ، لا تعرف العدل ولا التنمية ولا البناء، وتحتقر الإنسان وتستغله إلى آخر مدى، وتمتص ثروات الدول النفطية، لتنعش الشركات والكارتيلات الضخمة، مثل المجمعات العسكرية، وتدعو إلى رفع وصاية الدول عن الاقتصاد وسياسة الرعاية الاجتماعية، وذلك ضمن شروط واملاءات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، اللذين يفرضان على الدول تصفية القطاع العام وبيعه للقطاع الخاص.
الفرق بين التقدمية و الليبرالية:
- التقدمية تركز على الديمقراطية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية، دون أن تهمل الديمقراطية السياسية، بل تقرنهما معاً.
- الليبرالية تركز على الديمقراطية السياسية, وتهمل الديمقراطية الاجتماعية التي تعني العدالة الاجتماعية.
- التقدمية ترى أولوية العدالة الاجتماعية، وتدافع عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية وذوي الدخل المتدنية.
- الليبرالية تؤمن بالنظام الرأسمالي وبأبديته، وتتجاهل أنّه نظام استغلال طبقي يحمل في طياته البطالة والتضخم والإفقار والمعاناة الاجتماعية والكساد والركود والاستعمار والحروب.
- التقدمية ترى أن الرأسمالية هي مرحلة من مراحل التاريخ.
- الليبرالية ترى أن الرأسمالية هي نهاية التاريخ.
- ترى التقدمية ضرورة رعاية الدولة للإنسان وتقديمها للخدمات، وترى إنّ التناقض الرئيسي هو بين العمل وبين رأس المال.
- الليبرالية تؤمن باقتصاد السوق من دون ضوابط.
منقول عن كتيب "من نحن؟ وماذا نريد؟" من التيار التقدمي الكويتي
الانقلاب العسكري هو أن يتم التخطيط له بالسر من قبل ضباط في الجيش من أجل الاستيلاء على الإذاعة والتلفزيون والمنشآت الحيوية والاستيلاء على الحكم بالقوة العسكرية، والشعب إما أن يؤيدها مثلما حصل في 23 يوليو بمصر، وإما أن يرفضها مثلما حصل في تشيلي عندما قام الجنرال بينوشيه بتحريض ودعم من أميركا للانقلاب على حكم سلفادور الليندي الاشتراكي عام 1973م وجرت أثناءه المجازر المعروفة.أما الثورة فهي غضب جماهيري عارم وشعب يثور على نظامه ويخرج للشوارع غالباً بشكل عفوي ثم تقوده وتوجهه الأحزاب الوطنية، وهنا اما أن يقمعها الجيش مثلما حدث في سورية وإما ان يحميها الجيش مثلما حدث في مصر 30 يونيو.والثورات دائماً يصاحبها عنف وثورة مضادة من قبل النظام القديم الذي يريد أن يحافظ على مصالحه، وهذا حدث في كل الثورات عبر التاريخ، وهناك دائماً خطر احتمال استيلاء الجيش على السلطة بحجة حفظ النظام عن طريق فرض إجراءات استثنائية مثل قانون طوارئ أو أحكام عرفية وحظر تجوال.والبيان الذي قرأه وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح السيسي أو خارطة الطريق، وضعته القوى الوطنية بمشاركة شباب حركة تمرد وبتوافق من جميع مكونات المجتمع، وقد حاولت هذه المجموعة التي صاغت خارطة الطريق دعوة محمد سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين ورئيس مجلس الشعب السابق للمشاركة مرتين ولكنه رفض.وبالمناسبة كان مشروع ورقة الجيش يتضمن رئيسا عسكريا وحكومة انتقالية موقتة من سبعة تكنوقراط بينهم عسكريون عدا عن وزيري الدفاع والداخلية، ولكن القوى الوطنية رفضت ذلك، وطالبت بأن يكون الرئيس الموقت هو رئيس المحكمة الدستورية وأن تخلو الحكومة من أي عسكريين وتكون حكومة كفاءات وطنية أي رجال دولة وليست حكومة تكنوقراط، على أن يتم اختيار الحكومة وتحدد مدة لوضع الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بأسرع وقت مع إشراك الشباب.وجاءت إجراءات الجيش ضد بعض القنوات الفضائية الدينية وقناة الجزيرة مصر مباشر، لورود معلومات استخباراتية أنها تحضر للدعوة للجهاد بالطرق كافة، ولأن قناة الجزيرة أذاعت خطاباً مسجلاً لرئيس معزول وما يمكن أن يحدثه ذلك من بلبلة في الشارع، كما وجدوا أسلحة ووثائق في بعض القنوات معدة للاستعمال، كما قبضت على من اعتدى بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين أو بعض قيادات الاخوان المطلوبين بقضايا على ذمة القضاء.والجيش حمى جميع المظاهرات سواء في ميدان التحرير أو رابعة العدوية، بل سمحوا للمرشد العام الذي جاء بحماية أربعة حراس من حركة حماس لكي يهدئ من الناس وخاصة أن لا أحد ينوي إقصاء جماعة الاخوان من المشاركة، لكن للأسف هيج المرشد العام الجماهير المؤيدة لمرسي ودعاها للدفاع عن الشرعية بأرواحها، فجرت عمليات القتل والعنف التي سقط على اثرها عدد من الضحايا بينهم رجال شرطة، وتكشّفت أشياء كثيرة وتسجيلات جرت بين الاخوان وأميركا وبعض الجهاديين.وكانت ردة الفعل الأولى للولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل أن ما حدث هو انقلاب على الشرعية، وهددت أميركا بقطع المساعدات كما حدث مع جمال عبد الناصر، وسرعان ما شكل الشعب المصري صندوق «دعم مصر» فأتت المساهمات حتى من الفلاحين الفقراء والطلبة والموظفين، تمهيداً لوضع المبالغ تحت تصرف الرئيس الموقت لدعم الاقتصاد المصري رداً على التهديد الأميركي.لكن جميع الدول الغربية بما فيها أميركا التي فقدت حليفاً لها أهم من حسني مبارك غيرت موقفها بعد قراءتها لمزاج الجماهير المصرية الغاضبة من الغرب، ما عدا تركيا وبعض الدول الأخرى.وسنشهد المزيد من الإشاعات والأكاذيب وتزوير أفلام الفيديو التي كشفتها جماهير الشعب الثائر، والتي خدعت العديد من ذوي النوايا الطيبة، ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بما ستأتي به الأيام المقبلة.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 08\07\2013 العدد:12425

مقال للزميل د. فواز فرحان تحت عنوان "يا مصر قومي و شدّي الحيل"
بقلم: فواز فرحان*
كان للثورة المصرية في ٣٠ يونيو الماضي (أو كما يسميها البعض بالحركة الثورية المصححة لانحراف ثورة ٢٥ يناير) دور مهم في كشف تناقضات الكثيرين ممن يرفعون شعار الديمقراطية والحرية بهدف استخدامهما كجسر للعبور إلى مشروعهم الخاص والبعيد كل البعد عن آمال وطموحات الشعب المصري وشعوب منطقتنا عموماً، وأن تعريفهم لهذين المصطلحين يختلف تماماً عما اصطلح واتفق عليه غالبية المهتمين في الشأن العام والسياسيين ممن يسعون لإقامة دول مدنية حديثة.
اكتشفنا أنّ شعار الديمقراطية الذي يرفعونه ليس المقصود به إلا الفوز بالانتخابات عن طريق الحصول على أغلبية الأصوات، وأنّ من حق الفريق الفائز وضع دستور (بدلاً من أن يكون توافقياً) لا يشارك بالاستفتاء عليه إلا ثلث الشعب المصري ولا يوافق عليه إلا ثلثا هؤلاء المشاركين! والذين لن يتعدوا بأفضل الأحوال حاجز الـ٢٠٪ من الشعب... وأنّ من حق هذا الفريق الفائز أن يحصَن قرارات الرئيس المنتخب من خلال إعلان دستوري أشبه ما يكون بوثيقة تمليك لهذا الرئيس عبر منحه سلطات تكاد أن تكون مطلقة... كما يعتبر هؤلاء هذه الديمقراطية ذات التعريف الغريب ضوءاً أخضر لتسخير كل إمكانيات الدولة لخدمة مشروع الإخوان المسلمين والمتمثل في سيطرة طبقتهم البرجوازية على ثروات المجتمع تحت غطاء أسلمة الدولة و دروشة مفاصلها.
ويستمر كشف تناقضات البعض عندما يركزّون فقط على التدخل العسكري الذي حاول حسم الاحتقان و إنهاء احتدام الأزمة بين المعارضين لحكم الإخوان والمؤيدين له بمعزل تامٍ عما سبقه من خروج مظاهرات مليونية تحدثت عنها وسائل الإعلام الدولية بوصفها من أكبر مظاهرات العالم في التاريخ، وعندما يصورون الحركة الثورية التي حدثت بأنها ليست إلا انقلاباً عسكرياً قام به السيسي بتسطيح وتبسيط شديدين، والمثير للاستغراب أن هؤلاء المتناقضين لا يعتبرون تدخل الجيش في ثورة ٢٥ يناير انقلاباً عسكرياً مع أنه شكّل مجلساً عسكرياً للحكم، وبينما تم الآن تشكيل مجلس مدني! و بغض النظر عن كون رئاسة مرسي نتاجاً لعملية انتخابية؛ بينما لم يكن مبارك كذلك، إلا أنّ فكرة وجود إرادة شعبية لإسقاطهما ثم تدخل الجيش هي واحدة في الحالتين! رغم أنني لم أكن أتمنى دخول العسكر على خط هذه الحركة الثورية وأخشى من تبعاته مستقبلاً وأتوجس خيفة من انقضاض العسكر على السلطة بعذر الحفاظ على أمن الدولة وسلامة الشعب، إلا أنني في الوقت نفسه لا أستطيع اختزال كل نضالات الشعب المصري بهذا التدخل!
أنا أرفض وأستنكر إغلاق القنوات الفضائية الإخوانية والطريقة المهينة التي اعتقل فيها بعض قيادييها، وأدين قتل المتظاهرين المؤيدين لحكم الإخوان، ولكن ما هو موقف المتناقضين من قتل المتظاهرين المعارضين لحكم الإخوان و من الخطاب الفئوي الذي يشبّه الصراع في مصر بالصراع بين الكفر والإيمان أو بين الإسلام وأعداء الإسلام؟... لا موقف معلناً لهم، وربما يكون موقفهم هو إضمار الفرح بذلك! ومن أشد تناقضات هؤلاء؛ استنكارهم الشديد لتدخل الأنظمة الخليجية الفج في الوضع المصري بينما هم صامتون صمت الموافق على دعم الإدارة الأميركية لمرسي وجماعة الإخوان لدرجة أنّ وسائل الإعلام الأميركية لم يبق إلا أن ترفع شعار عودة الخلافة الإسلامية!... وكذلك عدم تعليقهم على تأييد النظام الإيراني القمعي للرئيس المعزول رغم ارتفاع أصواتهم ضده بخصوص دعمه للنظام السوري المجرم!
بعيداً عن هؤلاء المتناقضين أحيي نضالات الشعب المصري الأبي المستمر في ثورته وفي طريقه نحو بناء الدولة الديمقراطية التي تنعم بالحرية والعدالة الاجتماعية، وفي الوقت نفسه يجب أن يحذر هذا الشعب، خصوصاً الطلائع الثورية الواعية فيه، من تحوّل التدخل العسكري -الذي سعى لإنهاء الأزمة- إلى سلطة عسكرية تنحرف بمسار ثورة الشعب المصري مرة أخرى إلى المسار الدكتاتوري... وعلى الشعب المصري والقوى الثورية الحذر من دخول فلول نظام مبارك والعناصر المشبوهة التابعة للغرب على خط الحركة الثورية وربما تصدُّر مشهدها، وعليهم كذلك التيقظ لكي لا تجهض الأنظمة العربية المتربصة بالثورة المصرية مشروعهم الثوري والنهضوي من خلال ادعاء دعمها له؛ ومن ثم ضربه بوسائل مختلفة.
في النهاية أنا مؤمن بهمة الشعب المصري وعزيمته وإصراره وتصميمه على النهوض ببلده.. و يا مصر قومي و شدّي الحيل..
----------------------
*عضو التيار التقدمي الكويتي

مقال للزميل أحمد الشمري تحت عنوان "الكويت لا تتحمل صراعاتكم"
بقلم: أحمد الشمري*
ما حدث قبل أيام في بنيد القار من مشادات كلامية وتبادل للشتائم وتراشق بالحجر وتشابك بالأيدي بين مؤبني "حسن شحاته" والرافضين للتأبين باعتبار أن المتوفى من السبابين واللعانين لأمهات المؤمنين والصحابة لهو مؤشر خطير على تطور الصراع المذهبي في الكويت فجرس الإنذار لم يقرع لأنه استهلك ومل من التنبيه والإنذار فانتهت صلاحيته وما من مجيب!
فلا الدولة قادرة على ضبط المتطرفين والطائفيين والمحرضين ومحاسبتهم، أو هي لا تريد التدخل أو مستفيدة من إنقسام المجتمع، ولا المجتمع يمتلك الوعي الكافي الذي يستطيع به تحصين نفسه وإبعادها عن المؤثرات التحريضية التي تجرنا إلى الإنزلاق في حربٍ لا تنطفئ نيرانها وأحقادها حتى تأكل الأخضر واليابس.
ولو كلف الكويتيون أنفسهم بالنظر لما يجري في العالم العربي من أحداث وما يترتب عليها من دمار وخراب وتشريد و ضحايا في العراق وسوريا بسبب النزعات الأهلية والطائفية لاتعظنا، فالكويت بلد صغير في قلب منطقة مضطربة وملتهبة باستمرار، وهي لا تقبل التقسيم والتقطيع حتى تأخذ كل طائفة حصتها وأرضها ونخلص من شرها!
فالحروب الأهلية لا تجد فيها منتصراً، وهذا هو لبنان شاهد على ما أدَّعيه فما أصابه طيلة خمسة عشر عاماً (١٩٧٥-١٩٩٠م) من الاقتتال الطائفي حتى خسرت جميع الأطراف فاندفعت ورضخت للحوار والتفاهم في صيغة معينة تقر العيش المشترك والسلم الأهلي.
وقد يكون أحياناً الصراع إيجابي ومنتج للتقدم عندما يكون بين أحزاب وتيارات وبرامج تتنافس على تداول السلطة السياسية كأن يكون الصراع بين "المحافظين والديمقراطيين" أو بين "الليبراليين والاشتراكيين" كما يجري اليوم في الدول الأوربية التي تخلصت من الحروب الدينية و المذهبية بفضل التنوير و قيم الحداثة...
يظن الأصوليّين عندنا أننا نعيش في غابة فمن حق القوي منهم أن يفرض إرادته وأجندته ومفاهيمه الضيقة على الآخر الضعيف دون أي اعتبار للدولة أو للقوانين والتشريعات الدستورية التي تحمي حقوق الأفراد والجماعات وتنظم العلاقة بين الحاكم و المحكوم ، فالمادة ٣٥ من الدستور الكويتي تنص على أن « حرية الاعتقاد مطلقة وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقاً للعادات المرعية ...» فتأبين المتوفي (بصرف النظر عن أخلاق الميت وسلوكياته وتوجهاتة) هو حق لأتباعه ومريديه، فلو أراد التقدميون أن يؤبنوا المناضل نلسن مانديلا بعد موته لا يحق لأحد منعهم بمنطق القوة والتهديد وعلى المتضرر المعترض أن يلجأ للقضاء والقانون لكي يأخذ حقه، وهذا ما فعله المحامي دويم المويزري الذي سجل قضية ضد المؤبنين معتبراً أن "الفعل مثير للفتنة"... بهذا الأسلوب يمكننا تحجيم خلافاتنا و نزاعاتنا بطرق حضارية تحفظ السلم الأهلي و تؤسس لأخلاق بدلاً من العنف.
أتمنى أن لا أكون كالنافخ في الرماد أو كالصارخ في واد.
فحذاري من الفتنة.
------
* عضو التيار التقدمي الكويتي.

وليد الرجيب:30 يونيو الديموقراطية ليست انتخابات فقط (1 من 2).
قلت في مقالي السابق إننا لا نعرف ماذا دار في المحادثة الهاتفية بين محمد مرسي وأوباما، وها هي المصادر بما فيها البيت الأبيض تكشف ما دار، والذي يتلخص بطلب مرسي العون والدعم من الولايات المتحدة لدعم شرعية الصندوق التي أتت به رئيساً لمصر، فكان رد أوباما مستقرئاً مزاج الشارع المصري: «ان الديموقراطية ليست انتخابات فقط، ولكن يجب امتصاص غضب الملايين المعارضة من خلال تحقيق بعض المطالب»، ولكن الغريب بالأمر أن رئاسة الجمهورية غيرت رد أوباما إلى معنى آخر هو دعم أميركا للشرعية في مصر، مما حدا بالبيت الأبيض إلى إصدار تصريح أشبه بالتكذيب، ثم أذاعت المكالمة مع ترجمة لها.وأمام تظاهرة أعتبرتها بعض المصادر الإعلامية الغربية أنها «أكبر حشد في تاريخ البشرية» أصر مرسي أن المتظاهرين في الميادين لا يتجاوزون المئة والستين ألفاً، بينما يبلغ مناصروه الملايين، وقلت في مقالي السابق إن الصحف نشرت صوراً لمؤيدي جماعة الإخوان في ميدان رابعة العدوية وهم يلبسون الخوذ ويحملون العصي وهو أمر خطر، بينما التزم المتظاهرون في ميدان التحرير بالسلمية سواء من خلال دعوات القوى الوطنية والديموقراطية والتقدمية، أو من خلال ما أظهرته شاشات الفضائيات من رقي في التعبير السلمي عن موقفهم من حكم جماعة الإخوان الذي سعى إلى السيطرة على كل مفاصل الدولة واتباع سياسة أخونة جميع المؤسسات، ودخل في خصومة مع القضاء والإعلام والثقافة، واستبدل محافظي المحافظات وكبار موظفي الدولة وعين الحكم عناصر تابعة له، وسعى إلى مجزرة قضائية تزيح من خلالها 3000 قاض، كما أزاحت النائب العام وعينت نائباً يتبع الجماعة، وهاجمت جميع وسائل الإعلام ووضعت قيوداً عليها وغيرت رؤساء تحرير الصحف الرئيسية بموالين لها، هذا عدا الاستمرار في السياسة الاقتصادية النيوليبرالية التي اتبعها حسني مبارك من قبل.وقد لوحظ في هذه الموجة الثانية من الثورة المصرية أن عدد من خرج إلى الشوارع والميادين أكثر بكثير ممن خرجوا يوم 25 يناير إذ انضم لها من انتخب مرسي أيضاً، كما لوحظ تقارب وتوافق بين القوى الوطنية والتقدمية المنضوية في جبهة واسعة حول المطالب والأهداف والشعارات المرفوعة، ما يعني أن الشعب المصري أصبح أكثر وعياً مما كان عليه في 25 يناير 2011م، فللمرة الأولى تُرفع شعارات ضد الولايات المتحدة والامبريالية وتدخلها في شؤون مصر الداخلية وترفض محاولة فرض ديموقراطية شكلية وضعت مصر على حافة الانهيار الاقتصادي، ومن أهم الشعارات كذلك هو رفض حكم العسكر خصوصاً بعد التجربة الأليمة مع المجلس العسكري الذي أدار المرحلة الانتقالية بعد ثورة يناير بقيادة المشير طنطاوي وسلم بعدها السلطة لجماعة الإخوان بالتفاهم مع أميركا.ونشرت خدمة الأخبار العاجلة من الموجز الالكترونية وكذلك بعض الصحف الكويتية أن عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية وهو كادر قيادي في الإخوان، قد وجه نداء إلى الدول الغربية للتدخل العسكري لحماية الشرعية، وهو ما عدته مؤسستا الجيش والشرطة خيانة عظمى ضد الشعب والجيش المصري، وهو ما نشر بسببه الجيش والشرطة قَسَماً بحماية الشعب المصري بدمائهم.وخلال كل ذلك اعتدت جماعات من الإخوان المسلمين بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين استشهد على اثره عدد من المواطنين وضباط الشرطة، وتم ضبط كميات من الأسلحة النارية والسلاح الأبيض وزجاجات المولوتوف وأجهزة تنصت متطورة في مقرات الإخوان واعتقال بعض منهم، كما عثر على وثائق تفيد بأن الإخوان تلقوا مساعدات خارجية بعضها من جهات في الدول الخليجية، وكذلك أوامر بالجهاد ضد أبناء الشعب المصري من معارضي مرسي ومن ورائه الإخوان.فهل هي ثورة أم انقلاب عسكري؟ هذا ما سنبحثه في الجزء الثاني من هذا المقال.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 06\07\2013 العدد:12423

مقال للزميل عبدالهادي الجميل تحت عنوان "من سيكسر رقم السيسي؟"
لماذا انتظر الجيش المصري أكثر من اسبوعين خلال ثورة 25 يناير قبل أن ينحاز للشعب المصري المطالب بعزل الرئيس الأسبق حسني مبارك، ولم ينتظر 4 ساعات فقط في 30 يونيو الماضي قبل أن يبدأ بخطوات عزل الرئيس السابق محمد مرسي؟
أنصار عزل الرئيس مرسي يشبّهون تحرّك الجيش بأنه استجابة لثورة شعبية تهدف إلى إنقاذ مصر من براثن حزب الإخوان المسلمين، بينما أنصار مرسي يرونه انقلابا عسكريا صريحا على الشرعيّة والنظام الديمقراطي الذي أتى بمرسي من سجن النطرون ووضعه رئيسا لمصر وللأمة العربية.
تفاعلت معظم دول العالم مع الأزمة المصرية، وتفاوت هذا التفاعل قياسا إلى التجارب السابقة المشابهة التي يمتلئ بها إرشيف التاريخ، وهو إرشيف مجاني وموثوق ومتاح لكل راغب في الإطلاع عليه والإستفادة منه، فأعلنت بعض الدول أن ماحدث في مصر ليس إلّا إنقلابا عسكريا حقيقيا لم يعد العالم يقبل به أو يتسامح تجاهه، وهناك دول أخرى رأت أن ما قام به الجيش يأتي استكمالا لثورة 25 يناير! اللافت للنظر هو أن هناك نوعان من المواقف المؤيدة للانقلاب، النوع الأوّل هو التأييد الخجول الذي لا يعلن ذلك صراحة ولكنه لا يخفي ارتياحه مما حدث، مثل المواقف الأوربية والأمريكية التي آخر ما تتمناه هو وجود نظام اسلامي في قلب القاهرة وعلى مسافة قريبة من حدود " إسرائيل" ربيبتهم وحليفتهم الأولى في المنطقة. ولولا أن التشريعات والقوانين في هذه البلدان تمنع وبصرامة التعامل مع الأنظمة الإنقلابية، لوجدنا طائرات رؤساء هذه الدول تحل تباعا في مطار القاهرة لإظهار الدعم والتأييد لنظام السيسي الجديد.
أمّا النوع الثاني من المواقف المؤيدة للانقلاب فهي الدول التي عملت على زعزعة الوضع المصري الداخلي منذ اليوم الأول لفوز الرئيس المعزول محمد مرسي بانتخابات الرئاسة، وهي ذاتها الدول التي أعلنت ترحيبها بالانقلاب فور وقوعه وهي ذات الدول التي استخدمت ثرواتها الهائلة لتضييق الخناق على الشعب المصري لتأليبه ضد رئيسه الشرعي، ولعل خير مثال على ذلك؛ أزمة وقود السيارات وانقطاع التيار الكهربائي المفتعلة التي عاشتها مصر في الأشهر القليلة الماضية ثم انتهائها وتدفق المليارات فور عزل الرئيس مرسي.
تعيش هذه الدول ومنذ الخمسينيات وحتى اليوم، رعبا شديدا، من الثورات والانقلابات، دفعها طوال تاريخها إلى صرف جزء كبير من ثرواتها لمحاربة الشيوعية والقومية والبعث والقاعدة وصولا إلى محاربة الإخوان المسلمين، ويأتي ذلك بهدف حماية أنظمتها الحاكمة البدائية، فقامت بعقد التحالفات الاستراتيجة المعلنة والسرية مع أمريكا وأوربا( المؤيدة بخجل للانقلاب) من أجل تأمين وجودها وحدودها ضد الأطماع الخارجية وضد أي ثورات شعبية داخلية، مقابل النفط الرخيص والقواعد العسكرية والدعم اللوجستي في الحروب التي يشنها حلف الناتو ضد الدول العربية أو الاسلامية التي تحاول التحرر من هيمنة الحلف وأطماعه الاستعمارية. وهذا ما يفسّر قلّة عدد أفراد جيوش هذه الدول قياسا بثرواتها الهائلة وعدد سكانها مجتمعة، وحصر مناصب وزارات الدفاع على أبناء الحكم، وتولية الأتباع والموالين المناصب العسكرية العليا دون أدنى اعتبار للكفاءة والتاريخ العسكري. هنا يجب أن نتساءل، كيف تخلّصت هذه الدول من رهاب الانقلابات العسكرية، لتقوم بدعم الانقلاب العسكري في مصر سياسيا واقتصاديا ومعنويا؟
يبدو أن سبب ذلك يعود إلى انحسار خطر الانقلابات العسكرية خلال العقدين الماضيين، من جهة، وظهور خطر أكبر من جهة أخرى، وهو الديمقراطية الحقيقية التي أتت المنطقة ممتطية أحلام شباب ثورات الربيع العربي التي تسللت بعض نسائمها إلى داخل هذه الدول، ففاضت سجونها الرهيبة بالمواطنين المطالبين بالإصلاح وحق المواطنة والمشاركة في الثروة والحكم.
إذا كان المشير حسين الطنطاوي قد انتظر في المرة الأولى اسبوعين كاملين قبل أن يزيح حسني مبارك، وأتى بعده الفريق عبدالفتاح السيسي ليزيح محمد مرسي، فمن هو القائد العسكري العربي الذي سيكسر رقم السيسي؟!!
أظن أنه لم يعد هناك مجال للتشكيك بقدرة شعوبنا على نيل حقوقها المشروعة والوقوف بوجه الاستبداد، فخروج ملايين المصرين يوم الثلاثين من يونيو والأول من يوليو وحتى اللحظة، أثبت بما لا يدع مجالاً لليائسين من المثقفين العرب الذين ظلوا ينظرون بريبة واستخفاف بقدرة الشعوب العربية وغير العربية على انتزاع كرامتها من حضن الشارع المصدر الأساس للنضال السياسي، أما من راهن وظل يراهن على صناديق الانتخابات أو ما يسمى بالنضال القانوني، فقد كذبتها الموجة الثانية من الثورة المصرية التي فاقت بعدد من خرج للشارع عدد الثوار في 25 يناير 2011م.منذ اللحظة الأولى لحكم الإخوان المسلمين في تونس ومصر عن طريق «صناديق الاقتراع» أو الديموقراطية الشكلية، لم أشك لحظة في قدرة الجماهير العربية على قلب المعادلات واستكمال ثوراتها المجيدة، والتي مازال الطريق أمامها طويلاً وشاقاً، فبرأيي المتواضع لن تستسلم أميركا وإسرائيل وترضى بضياع مصالحها وإن تغيرت الوجوه من إسلامية إلى ليبرالية، ستظل سائرة في طريق آلية الأسواق المفتوحة، لأن غالبية مكونات جبهة الانقاذ مؤمنة تماماً بالنموذج الاقتصادي الأميركي والغربي، فقط تختلف عن الإخوان بأنها تريدها مدنية وليست إسلامية، بمعنى النموذج الرأسمالي للديموقراطية.بينما لا يمكن أن تُستكمل الثورة الاجتماعية الديموقراطية إلا بتحقيق العدالة الاجتماعية والمزاوجة بين الديموقراطيتين السياسية والاجتماعية، ما يعني توزيع عادل للدخل وتمثيل مصالح كل الطبقات والفئات الاجتماعية، وتحقيق التنمية الذاتية أي الاعتماد على الثروات الوطنية وتطوير القوى المنتجة، ورفض وصاية صندوق النقد الدولي ورفض الخصخصة وتنفيع القلة ورفض التبعية والالتفات إلى تحقيق رخاء الشعب والقضاء على البطالة والفقر والفساد ونهب ثروات الشعوب.وقد دُهشت أثناء متابعتي لإرادة ملايين الجماهير المصرية، من الموقف الواعي ضد التدخل الأميركي السافر في الشأن الداخلي المصري، وإبداء النصائح الأبوية التي لم تخل من تناقضات وارباكات، سببها «لخبطة» الحسابات الأميركية ورهاناتها على قدرة صمود جماعة الإخوان ضد إرادة شعوبها التي أدركت عدم قدسية صندوق الاقتراع الذي يمكن استغلاله من قبل الحكومات والأنظمة لتحقيق مآربها، وأنها لم تعد ساذجة لتصدق أن الصناديق ستحقق أهدافها وطموحاتها، بل ستعطي شرعية لمزيد من النهب والاستبداد والفساد باسم القانون.أما المنتشون بوهم سيطرة الإسلام السياسي لبناء دولة الخلافة، فقد ردت عليهم صور «غوغل إيرث» التي كشفت أن كل شوارع وميادين محافظات مصر تغص بالمعارضين لحكم الإخوان، بينما بينت هذه الصور أن المؤيدين للإخوان كانوا نقطة صغيرة في جوار «رابعة العدوية»، فالأقمار الاصطناعية تُكذب إدعاءات المستشارين التي تنقل للزعماء بأن المتظاهرين «حفنة صغيرة من المشاغبين والمخربين».ولأن المثل العربي «إذا نهضت مصر نهض العرب، وإذا غرقت مصر جرت معها العرب» مثل صحيح، ففي ظني أن إخوان تونس سيلحقون بإخوان مصر في الهروب من الأبواب الخلفية كما حدث للمحافظين في أرجاء مصر.ورغم أن مرسي رفض بيان الجيش الذي أنذره 48 ساعة لتلبية مطالب الشعب المصري، ورغم أننا لا نعلم ماذا دار من حديث هاتفي بين مرسي وأوباما، إلا أننا نعلم أن الشعوب لن تُغلب أبداً، حتى وإن كان بيان الجيش المصري غير صادق وغرضه امتصاص غضب الجماهير كما يعتقد البعض الذي مازال وسيظل متشككاً.وأخيراً فلنتابع ما يجري في السودان أيضاً.وليد الرجيبosbohatw@gmail.comمنقول عن جريدة الراي تاريخ 03/07/2013 العدد:12420

الخطان الاقتصادي والاقتصادي - الاجتماعي للتيار التقدمي الكويتي
يتمثّل الخطان الاقتصادي والاقتصادي - الاجتماعي للتيار التقدمي الكويتي في بناء اقتصاد وطني منتج ذي وجهة اجتماعية عادلة.
إذ أنّ ما يعانيه اقتصادنا الوطني من اختلالات هيكلية إنما هي نتاج ارتكازه على بنية اقتصادية ريعية ذات مورد أحادي، وارتباطه التبعي بالنظام الرأسمالي العالمي عبر تأدية وظيفة متخلفة في إطار التقسيم الدولي للعمل تتمثّل في تصدير النفط الخام؛ بالإضافة إلى النهج الاقتصادي للقوى الاجتماعية المتنفذة وما أدى إليه من اختلال توازن البنية الاقتصادية لصالح القطاعات غير المنتجة والتطور الأحادي الجانب، وإعاقة نمو وتطور القوى المنتجة المادية والبشرية وتكريس تخلفها، عبر سياسات اقتصادية وتوظيفية حجر الزاوية فيها الاعتماد على الأيدي العاملة غير المُستقرة كبديل وليس كمُكمّل للأيدي العاملة الوطنية والمُستقرة، وأصبحت إيرادات بيع النفط الخام تشكّل مصدر النشاط الاقتصادي، مع ملاحظة ضعف صلتها ببقية القطاعات الاقتصادية باستثناء صلة التمويل، وما يتهدد الموارد النفطية من مخاطر النضوب بفعل الاستنزاف أو جراء ما يمكن أن يسمى “النضوب التقني” في حال إنتاج طاقة بديلة بكلفة مناسبة.
وتبرز تبعية الاقتصاد الكويتي في أدائه وظيفة متخلفة في إطار التقسيم الدولي للعمل تتمثل في تصدير النفط كمادة خام واستيراد كافة احتياجات البلاد من الخارج، واستثمار الاحتياطي المالي العام وتحويلات القطاع الخاص إلى الخارج على هيئة ودائع أو أصول ثابتة مما يعزز الشراكة الطبقية مع الرأسمال العالمي من موقع التبعية. مع ملاحظة ما تواجهه هذه الاستثمارات من انخفاض لدخولها وتآكل قيمة أصولها، وكونها بالأساس تحت سيطرة وإدارة أجنبية، وتؤكد التطورات الاقتصادية العالمية أنّ ذلك يزيد من مخاطر تآكلها نقدياً واستثمارياً قياساً بالاستثمار المحلي المنتج، هذا إلى جانب الاعتماد على الخبراء والبيوت الاستشارية الأجنبية في الأجهزة الاقتصادية.
ويتضح الطابع الطفيلي للاقتصاد الكويتي في تلك الفجوة الكبيرة بين الإنتاج والاستهلاك لغير صالح تراكم حقيقي لرأس المال، والتي تتم تغطيتها عن طريق ريع النفط، وتضخم الإنفاق الحكومي وارتباطه بسياسة غير عادلة لتوزيع الدخل والتصرف بالثروة الوطنية. وهذا ما أدى إلى إهدار جانب كبير من هذه الثروة وتنامي فئات طفيلية لا تقوم بأية وظيفة اجتماعية مفيدة، ونمو رأس المال المالي والربوي واتساع عمليات المضاربة والسمسرة، وضعف ارتباط القطاع المصرفي بالاستثمار الإنتاجي، بالإضافة إلى هيمنة القطاعات غير الإنتاجية كالخدمات والتجارة، وما يرافق ذلك من انتشار لقيم المجتمع الاستهلاكي والموقف السلبي من العمل المنتج.
ويتخذ التوزيع غير العادل للدخل والثروة الوطنية مظاهر عديدة أدت إلى اتساع الفوارق الطبقية في المجتمع الكويتي وتمركز رأس المال والثروة في أيدي فئة وأسر محدودة، وتوجيه سياسة الإنفاق لصالحها.
ونحن في “التيار التقدمي الكويتي” نرى أنّه إزاء فشل وإفلاس النهج الاقتصادي القائم وعدم ارتباطه بالمصالح الأساسية لغالبية الفئات الشعبية، لابد من انتهاج سياسة اقتصادية وطنية بديلة لبناء اقتصاد وطني متطور ومستقل بهدف تجاوز أوضاع التخلف والتبعية والنهب الطفيلي واستباحة المال العام والتوزيع غير العادل للثروة وغياب التخطيط، وهذا ما يتطلب:
1- تنويع وتوسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، بإقامة صناعة وطنية تعتمد على أحدث التقنيات، وتوفير الحماية والدعم لها باعتماد خطة تصنيع تتلاءم مع إمكانيات البلاد ومتطلبات السوق الداخلي والإقليمي، وتسهم في تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، وذلك بتشجيع الصناعة الوطنية وتوفير الحوافز الملائمة لتطويرها وتطوير الكادرين الفني والإداري المحلي فيها، والتركيز على الصناعات البتروكيماوية وتطوير الصناعات القائمة وخصوصاً المعتمدة على النفط. هذا إلى جانب تطوير قطاع الملاحة والنقل البحري.
2- الاستخدام العقلاني الرشيد وطويل الأمد للثروة النفطية وإبقائها بيد الدولة ورفض خصخصتها وصد الأبواب أمام سعي شركات النفط العالمية الكبرى لإعادة هيمنتها عليها تحت غطاء اتفاقيات المشاركة في الإنتاج، وربط سياسة إنتاج النفط وتصديره بمتطلبات تطوير اقتصادنا الوطني واحتياجاته الفعلية؛ وكذلك ربطها بحجم الاحتياطيات النفطية الحقيقية القابلة للاستخراج، ووضع ضوابط للحد من استنزاف الثروة النفطية، وتعزيز وحدة الأوبيك في مواجهة الاحتكارات، والعمل مع بقية دول الأوبيك والدول الأخرى المنتجة والمصدرة للنفط على اعتماد وحدة حسابية أخرى لمعاملات النفط الدولية بدلاً من عملة الدولار الأميركي التي يتحدد مصيرها في الولايات المتحدة لا الدول المصدرة للنفط.
3- البدء في أبحاث تأسيسية للاستثمار في مجال الصناعة المستقبلية للطاقة الشمسية لتميّز بلادنا بموقع الاستفادة الاقتصادية الأكثر إنتاجية وبالتالي إمكانية توفر ميزة للربح في مجال هذه الصناعة الوليدة حالياً، والمربحة مستقبلياً، واستعمال بدائل أخرى لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه مثل الطاقة الشمسية خصوصاً لمرحلة ما بعد النفط، والانتباه إلى العواقب البيئية لأي إصلاح اقتصادي والاهتمام بالبيئة كأولوية لأي مشاريع مستقبلية .
4- تنمية الموارد البشرية المحلية وتعبئتها، وتأهيل قوة العمل الوطنية والاعتماد عليها وعلى العمالة المستقرة من “البدون” والوافدين العاملين، وبالأساس منهم الخليجيون والعرب، بدلاً من جلب المزيد من العمالة الأجنبية الجديدة.
5- الاهتمام بقطاع الدولة (القطاع العام) في الاقتصاد وتوسيعه، وتحسين إدارته وإعادة تنظيم مؤسساته وتنشيط فعاليتها وفقاً لأصول الإدارة الحديثة، ومراقبة أدائها، وتطوير القطاع المشترك، واستثمار المال الاحتياطي العام للدولة في مشاريع منتجة من أجل رفع وتائر النمو الاقتصادي، ورفض التصفية النهائية لقطاع الدولة (القطاع العام) ومحاولات تقليص الدور الاقتصادي للدولة، وعدم تخصيص النشاطات الاقتصادية الأساسية أو الناجحة في القطاع العام. مع التأكيد على أهمية الدور الريادي للدولة في الاقتصاد كضمانة ليس لتعظيم الإنتاج فقط، بل وعدالة التوزيع وحماية النشاطات الخدمية الحيوية، كذلك التنبّه إلى مخاطر رهن هذا القطاع الهام والحيوي لخدمة المصالح الطفيلية الخاصة التي تعتاش على تخريب القطاع العام وتعمل على استشراء الفساد والاختلالات فيه لتحقيق المنافع الطبقية.
6- عدم تقديس آلية السوق ومحاولة إضفاء طابع سحري خادع عليها في حلّ المشكلات الاقتصادية، حيث ثبت أنّ اعتماد آلية السوق من شأنه تجاهل المسؤولية الاجتماعية لرأس المال؛ وعدم تحقيق نمو اقتصادي متوازن واستغلال أنسب للموارد، وإنما الهدف منه تعظيم الأرباح، بل لقد أكدت التطورات المعاصرة في عالم رأس المال مدى الدمار الذي يلحقه انفلات رأس المال بمجمل النظام الاجتماعي وقيمه، وأنّ عدم ضبطه سيؤدي إلى الخراب ويفضي إلى نتائج غير محسوبة.
7- عدم تقديس آراء المؤسسات الاقتصادية العالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، التي كثيراً ما تُغفِل تقييماتها لاقتصادات الدول عن الجانب الاجتماعي وحقوق الطبقة العاملة والفئات الشعبية، كما أنّ نصائحها للإصلاح الاقتصادي كثيراً ما تعتمد على وصفة عامة تتمحور حول تحرير الأسواق المحلية من الضوابط وفتح الاقتصاد الوطني على الاقتصاد العالمي دون قيود؛ ومن دون اعتبار للمصلحة الوطنية للدولة ومصلحة ومواطنيها؛ ودون اعتبار لاختلاف مراحل التطور الاقتصادي بين الدول. كما لا يخلو تاريخ هذه المؤسسات العالمية من التقييمات الخاطئة لاقتصادات الدول والنصائح الفاشلة التي قدمتها لها، وتعامل هده المؤسسات مع دول مثل مصر وتونس قبل ثورتيهما خير دليل على سوء هذه النصائح.
8- تشجيع النشاطات الإنتاجية في القطاع الخاص، وتقديم التسهيلات والحوافز اللازمة كي يدخل القطاع الخاص في مجالات استثمار إنتاجية ذات مستويات تقنية عالية، ليسهم في إعادة البناء الاقتصادي وتوازنه، بدلاً من اختلاله الناجم عن غلبة الاستثمارات في قطاعات الاقتصاد الساخنة كالأسهم والعقار، مع ضرورة تحمّل هذا القطاع تبعات اختياراته الاقتصادية، وتأكيد المسؤولية الاجتماعية لرأس المال في توفير فرص العمل ودفع ضرائب على الأرباح بهدف المساهمة في تمويل الميزانية العامة للدولة، والتأكيد على أنّ محاربة النتائج الطفيلية للعولمة الرأسمالية، والحماية الضرائبية للمنتجات المحلية وذات القيمة المضافة الوطنية، يشكلان أمرين ضروريين لدعم الميزانية العامة.
9 - الأخذ بسياسة مالية ونقدية تستهدف تشجيع الاستثمار الإنتاجي؛ والحدّ من التضخم النقدي، والرقابة على القطاعين المالي والمصرفي وتجنّب محاولات فرض السيطرة الأجنبية عليهما، ووضع نظام ضريبي تصاعدي على أرباح الشركات الكبيرة والبنوك، والتركيز الرقابي النوعي على ميزانيات هذه الشركات والبنوك لمنع الاختلال الاستثماري وكبح الانجراف الطفيلي ومحاربة النشاطات الوهمية في أسواق المال، وتوجيه الاستثمارات الحكومية نحو تحقيق أهداف استثمارها بأقل درجة من المخاطر وأكبر مردود وعدم استثمارها في البلدان التي قامت بتجميد أرصدة الدول الأخرى، وتوجيهها نحو البلدان العربية ما أمكن، ورفض تدفقات الاستثمارات الأجنبية لأغراض المضاربة.
10- وضع سياسة عقلانية للاستيراد، ودعم الجمعيات التعاونية عن طريق إعادة تنظيم القطاع التعاوني وتطويره وتعزيز دوره في فروع الاقتصاد الوطني الإنتاجية والخدمية، مع العمل على تخليصه من الفساد، وإخضاعه للرقابة والشفافية من جانب المساهمين وتحريره من الوصاية الحكومية المفروضة عليه. وتوفير التسهيلات والحماية لصغار ومتوسطي التجار.
11- إحداث إصلاح إداري شامل بحيث يتم تطوير الإدارة الحكومية لتكون في خدمة المواطنين والمجتمع، ومعالجة مشاكل التضخم الوظيفي وانخفاض الإنتاجية والفساد الإداري، ووضع أسس موضوعية عادلة وشفافة للترقية والتقدم الوظيفي، والتخفيف من الشكليات الإدارية والروتين.
12- الحد من الفساد ومكافحته تكتسبان أهمية قصوى، وهذا ما يتطلب سن قوانين وتفعيل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ووضع إجراءات وتدابير لمنع استغلال النفوذ، والكشف عن الذمة المالية لكبار المسؤولين في الدولة، وتضارب المصالح، وفضح التجاوزات ومحاولات التطاول على المال العام ونهبه، مع تعزيز أجهزة الرقابة الدستورية ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة بالشفافية ومكافحة الفساد، والعمل على وقف إفساد الحياة السياسية والبرلمانية والمؤسسات الإعلامية، وذلك بوضع سقف أعلى للإنفاق الانتخابي وكشف مصادر تمويل الحملات الانتخابية ووسائل الإعلام، وتقديم الدعم من المال العام، دون توجيه سياسي، للمرشحين ذوي الدخول المتدنية لتمويل الحد الأدنى من نشاطاتهم الانتخابية لتعزيز المنافسة المتكافئة بين المرشحين أصحاب الدخول المتفاوتة.
13- إصلاح السياسات الاقتصادية الاجتماعية واتخاذ جملة من التدابير الاقتصادية والاجتماعية والقانونية لصالح أوسع الفئات الشعبية وتلبية احتياجاتها الحيوية، ومنها:
أ. معالجة مشكلة التضخم وارتفاع الأسعار، التي بلغت 26 في المئة بين أغسطس 2007 وأغسطس 2011، وما يلحقه التضخم من ضرر على المستوى المعيشي لعموم المستهلكين والفئات الشعبية منهم على وجّه أخص، يتطلّب تقوية شبكة الأمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية وتوسيع نطاقها لصالح الفئات الشعبية متدنية الدخول والقطاعات المهمشة، وأن تشمل وضع سياسة أسعار تقوم على أساس المراقبة الصارمة على أسعار السلع، وتقوية أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحماية المستهلك من رفع الأسعار والغش التجاري، ومنحها صلاحيات الرقابة الفعالة والضبط القضائي. وتوسيع قائمة السلع المدعومة والمشمولة بالبطاقة التموينية بالنسبة للمواطنين أصحاب الدخول المتدنية، واعتماد سلم متحرك للرواتب والأجور بربطها بارتفاع تكاليف المعيشة (مؤشر أسعار المستهلك) مع تفعيل المادة الرابعة من القانون 49 لسنة 1982 في شأن زيادة مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين وزيادة المعاشات التقاعدية، التي تقضي بأن “ُعاد النظر كل سنتين على الأكثر في مستوى المرتبات والمعاشات التقاعدية على ضوء زيادة نفقات المعيشة.
ب. معالجة مشكلة السكن، حيث تجاوز عدد الطلبات المتراكمة للحصول على السكن أكثر من 103 آلاف طلباً في العام 2013، ناهيك عن الطلبات المقدمة أخيراً من النساء، ومحدودية المساحة المأهولة من البلاد التي لا تتجاوز 7 في المئة من إجمالي مساحة الدولة، ما يرفع سعر العقار خصوصاً في ظل المضاربات، بحيث لا يستطيع المواطن العادي الحصول على سكن خاص عبر مدخراته الشخصية مما يتطلب توسيع نطاق المساحات المتاحة للسكن من الأراضي المملوكة للدولة بهدف توفير المزيد من الأراضي وخفض أسعارها، وفرض ضريبة عقارية على الملكيات الكبيرة والأراضي الفضاء غير المستغلة، والحد من المضاربات العقارية، وإنشاء مناطق سكنية داخل العاصمة, و تحسين خدمة الرعاية السكنية وتنوعها من حيث التصاميم والمساحة وقروض التأثيث الميسرة، مع تقليص فترات الانتظار الطويلة للحصول على الرعاية السكنية وتحديد مواقيت زمنية ملزمة وسن قانون إيجارات عادل يراعي مصالح جمهور المستأجرين من السكان وأصحاب المحلات ويأخذ بعين الاعتبار مصالح صغار الملاك.
ت. عدم المساس بالحقوق الاجتماعية المكتسبة، وإعادة النظر في الوجهة وحيدة الجانب لسياسة ترشيد الإنفاق بحيث لا تمس بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية، ومراعاة الظروف المعيشية للطبقة العاملة والفئات الشعبية من المواطنين والمقيمين.
14- معالجة مشكلة البطالة وتوفير فرص العمل للشباب الكويتي، وربط مخرجات التعليم بحاجات الاقتصاد، حيث تشير الدراسات الحكومية إلى أنّ عدد العاطلين عن العمل من الشباب الكويتي في 2012 كان أكثر من 19 ألف عاطل، وهذا العدد مرشح للارتفاع في السنوات المقبلة في ظل ضيق فرص التوظيف في الدولة وعدم قيام القطاع الخاص بمسؤولياته الاجتماعية في توفير فرص عمل كافية للشباب الكويتي, وهذا ما يتطلب إحداث تغييرات في الخطط التنموية بحيث يكون محورها الإنسان وهدفها خلق بنية اقتصادية منتجة تديرها عمالة وطنية تتأهل في مواقع الإنتاج والعمل:
أ. تعديل قانون دعم العمالة الوطنية بما يلزم القطاع الخاص، وخصوصاً الشركات التي تساهم الدولة فيها؛ وشركات المقاولات في القطاع النفطي بتوفير فرص عمل حقيقية وليس توظيفاً وهمياً للشباب الكويتي، وزيادة نسبة تشغيل الكويتيين. وفرض عقوبات جزائية على مخالفي نسب العمالة والتسريح الكيفي مع إغراءات تشجيعية للجهات الملتزمة.
ب. وضع خطط لتشجيع القطاع الخاص على تشغيل الكويتيين، بحيث تتحمّل الدولة نسبة من الأجر تنخفض تنازلياً مع مرور الوقت، وفرض نسب متصاعدة للإحلال الوظيفي للعمالة الوطنية في القطاع الخاص.
ت. منع تحويل الأعمال الفنية والإدارية في القطاع النفطي إلى شركات المقاولات، واقتصار التعيين فيها على الشباب الكويتي، وإعادة تأسيس معاهد التدريب على الأعمال النفطية التي كانت قائمة في السابق.
ث. تعديل قوانين العمل واستكمال نواقصها، من خلال توحيدها وتضمينها حقوقاً أوسع للعمال وشروطاً أفضل لعملهم، بالأخص إقرار سلم لأجور القطاع الخاص.
15– معالجة مشكلة القبول في الجامعة المرشحة للتفاقم أكثر في السنوات المقبلة، وهذا ما يتطلّب:
أ- الإسراع في إنجاز مشروع إنشاء المدينة الجامعية، ومحاسبة المتسببين في تأخيره.
ب- إنشاء جامعات أخرى وافتتاح كليات في المحافظات، مع إتاحة خياري التعليم المشترك والتعليم المنفصل عبر إنشاء كليات بنات جامعية.
ت- توجيه الطلبة نحو الدراسة في التخصصات التي تحتاجها البلاد، وذلك على ضوء دراسات علمية تحدد التخصصات المطلوبة، وبالتوافق مع الاحتياجات الفعلية ضمن سياسة تخطيط تنموية تتحكم في مخرجات التعليم وتولي أهمية قصوى للأعمال غير المكتبية في القطاعات الإنتاجية والخدماتية.
16- حلّ قضية الكويتيين البدون وفق قواعد واضحة انطلاقاً من اعتبارات إنسانية واجتماعية وتنموية وبعيداً عن المعايير العنصرية، وذلك بمنح الجنسية الكويتية لحملة إحصاء 1965 وللذين ولدوا في الكويت وتلقوا تعليمهم واستقروا فيها وليس هناك موطن آخر يمكنهم الانتقال إليه، مع ضرورة إقرار الحقّ الدستوري في الجنسية لأبناء المواطنات الكويتيات تطبيقاً لمبدأ المساواة بين المرأة والرجل وفقاً للدستور، مثلما فعلت أخيراً دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك الإقرار بحقّ الجنسية لأسر الشهداء والأسرى، واستيعاب الكفاءات والأيدي العاملة الماهرة، وانضمام الكويت إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بعديمي الجنسية، وتفعيل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان، حيث لم يعد مقبولاً استمرار الحرمان من هذه الحقوق وكذلك لم يعد مقبولاً استمرار المماطلة والتسويف في التعامل مع هذه القضية.
17- تحسين مستوى الخدمات العامة ونشرها على قدم المساواة في جميع المناطق ومن دون تمييز بين جميع السكان، وبالأخص الخدمات الصحية والتعليمية، بتوفير الخدمات النوعية كالخدمات العلاجية المتخصصة وزيادة أَسرّة المستشفيات، وفتح فروع للمعاهد الخاصة والتطبيقية في المحافظات، وزيادة عدد الحدائق العامة وتوفير الخدمات الترفيهية والمرافق الرياضية المناسبة للأطفال والشباب والأسر والمسنين. بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية من شبكات صرف صحي والطرق الرئيسية والمطار والمنافذ البرية والبحرية، وإيجاد وتطوير مرافق صحية و اجتماعية لذوي الاحتياجات الخاصة و المسنين، وإنشاء هيئة رقابية تشرف على سير مناقصات الدولة وتتابع مراحل تطبيقها في الخطة الزمنية المدرجة.
18- الاهتمام بالبيئة عبر تجريم الاستغلال السيئ للبيئة بكافة أشكالها في الصحراء و البحر، ووضع حد لإنبعاثات المصافي والمصانع البتروكيماوية واستبدالها بتقنيات مسالمة للبيئة.
منقول من كتيب "من نحن؟ وماذا نريد؟" للتيار التقدمي الكويتي.

تصريح صحافي صادر عن المنسق العام للتيار التقدمي الكويتي الزميل ضاري الرجيب حول الأحداث المؤسفة في بنيد القار.
نتابع في التيار التقدمي الكويتي ببالغ القلق الأحداث المؤسفة التي شهدتها منطقة بنيد القار مساء الثلاثاء ٢ يوليو، وندعو المواطنين إلى اليقظة والحذر وعدم الانجرار وراء الدعوات المنفلتة وردود الأفعال غير المسؤولة.ولقد سبق لنا في التيار التقدمي الكويتي أن حذرنا من مغبة دعوات تأجيج النعرات الطائفية، أيّاً كان مصدرها، وسبق أن نبّهنا إلى خطورة عواقب مثل هذه الدعوات، وما تؤدي إليه من شقاق وتمزيق للنسيج الوطني الاجتماعي على حساب القضايا الوطنية والاجتماعية الرئيسية.ونرى أنّ هذه الدعوات المشبوهة ليست مجرد تصرفات فردية معزولة، ولا هي مجرد ردات أفعال عفوية، وإنما هناك تحريض متعمّد ومحرضون مغرضون، وهناك مخططات وأهداف سياسية خبيثة، لا نبرئ الأطراف السلطوية منها خصوصاً على ضوء التجارب التاريخية السابقة.إننا في التيار التقدمي الكويتي على ثقة بأنّ الكويتيين في غالبهم يرفضون أي محاولات لتمزيق النسيج الوطني لمجتمعهم، ويدركون كذلك ما ينجم عن دعوات الفتن الطائفية من عواقب وخيمة، بخاصة في ظل الوضع الاقليمي المضطرب المحيط بالكويت وما يشهده من فتن بغيضة وانقسامات خطيرة وصراعات وحروب طائفية مدمرة.فجر الأربعاء ٣ يوليو ٢٠١٣
الأسباب التي دعت إلى مقاطعة الانتخابات الماضية ما زالت قائمة، لذا فإن مبدأ الاتساق يتطلب أن يقاطع الانتخابات القادمة كلّ من قاطعها في السابق، بل إن تلك الأسباب تفاقمت عدداً وتعاظمت خطراً، فنحن الآن أمام التزام أخلاقي إزاء من ضحوا من أجلنا جميعاً، فمنهم من تصدى لبطش القوات الخاصة بأجسادهم العارية، ومنهم من ضحى بحريته ليدخل غياهب السجن، لذا فإن المشاركة في الانتخابات القادمة تعني الاستخفاف بتضحيات الشباب والتفريط بأهدافهم النبيلة.من السهل وصف أولئك الشباب بالمتهورين والغوغائيين والمغرر بهم، لكن الحقيقة تشير إلى أنهم خاضوا تجربة مريرة وخرجوا منها بدرس مفاده أن الحرية لا تمنح طواعية بل يجب انتزاعها، وهو درس عصيّ على الفهم عند أولئك الذين طأطؤوا رؤوسهم أمام بريق المال وعظمة الجاه.بالطبع، هناك من يحلو له أنّ يردّد شعار "احترام القانون واجب أخلاقي"، لكن لا يمكن لأي إنسان عقلاني أن يقبل هذا الشعار بهذا الشكل المطلق، فالقانون العادل فقط هو الذي يكون احترامه واجباً أخلاقياً، ولعلّ لنا في سيرة "مارتن لوثر كينغ" أسوة حسنة، فبعد أن قاد هذا البطل المظاهرات التي تحدّت قوانين التمييز العنصري، رفع العنصريون البيض من الشعب الأميركي شعار "احترام القانون واجب أخلاقي"، فما كان من "لوثر" إلاّ أن أجابهم بمقولة "سان أوغستين" الشهيرة: "القانون الظالم ليس بقانون على الإطلاق"!لكن ما الذي يحدد عدالة القانون وأحكامه؟ العدالة ليست مرتبطة بمضمون الحكم أو بالنتيجة التي يصل إليها القانون، ولو كان الأمر كذلك لأصبح الحكم نفسه عادلاً بالنسبة إلى طرف وظالماً بالنسبة إلى طرف آخر، بل إنه مرتبط بالآلية التي يصل من خلالها القانون إلى أحكامه، ولهذه الآلية شروط تهدف إلى ضمان عدالة الأحكام، من أهمها الاستقلالية في الرأي، والالتزام بحدود الاختصاص، والاتساق في إصدار الأحكام، والشفافية في عرض القضايا محل الخلاف، والأهم من ذلك كله، نيل ثقة الشعب الذي هو مصدر كلّ السلطات.لقد أثبتت الأحداث الأخيرة على الساحة المحلية أنّ درجة الاحتقان في الشارع الكويتي لم تصل إلى القدر الذي يجبر السلطة على الحوار والتفاوض على صيغة توافقية ترضي جميع الأطراف، ويبدو ألا خيار أمام الشباب الوطني سوى الاستمرار في المطالبة بالإصلاح الشامل من خلال الطرق السلمية كافة. ليس ثمة حلول سحرية، فالطريق طويل وشاق، وهناك من تخاذل فسلك طريقاً آخر، وهناك من تقاعس فتوقف عن المسير، لكن هناك أيضاً من تأبى كرامته إلاّ أن يسير على طريق الحرية إلى آخر مداه!
د. فهد راشد المطيري
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 19\06\2013
وأنا أكتب هذا المقال في صبيحة 30 يونيو، لن أعرف ما ستؤول اليه مظاهرات الشعب المصري من أجل اسقاط حكم الإخوان المسلمين، التي تنظمها «حركة تمرد» بمبادرة شبابية جمعت خلال الأشهر الماضية أكثر من 22 مليون توقيع لاسقاط الرئيس محمد مرسي.ولأن جماعة الإخوان تدرك خطر حركة الجماهير الشعبية في الشارع، فانها ما فتئت تدعو الى الاحتكام الى صناديق الاقتراع للفصل في النزاع بين الجماعة والشعب المصري، الذي ضاق ذرعاً بسياسة الإخوان التي سعت الى أخونة الدولة والسيطرة على جميع مفاصلها خلال العام المنصرم، اضافة الى تدهور كل مفردات الحياة في مصر، حيث أثبتت حكومة الإخوان عجزاً تاماً في مواجهة المشكلات الاقتصادية، والسبب هو اختيار رئيس الدولة والوزراء من جماعة الإخوان وهي لا تملك الدراية بأوليات الاقتصاد السياسي، فقد ارتفعت الأسعار وانخفض سعر الجنيه المصري فتعاظمت الأزمة المالية والأزمات الاقتصادية.ويقول المؤرخ المرموق الدكتور محمود اسماعيل في مقال نشره في جريدة الأهالي: «أثبت حكم الإخوان خلال عام أن رئيس الجمهورية غير مؤهل لحكم مجرد مدينة أو قرية من قرى مصر، فهو يفتقر الى أوليات السياسة فضلاً عن افتقاره لهيبة الرئاسة بحيث أصبح موضوعاً للنكات والسخرية بصورة لم تتأت لحاكم من قبل، كما أخفق الإخوان في السياسة الخارجية على المستوى الاقليمي والقومي والعالمي، وارتفعت خلال حكمهم معدلات البطالة وسوء الأحوال المعيشية، وذلك لأنهم انطلقوا من أيديولوجيا دينية قاصرة وضيقة ومتخلفة، لدرجة تعيين وزير ثقافة لا يفهم مجرد مصطلح ثقافة، يسعى الى مسخ الهوية الوطنية ومصادرة الابداع باعتباره رجساً من عمل الشيطان».ولا يخفى على أحد تواطؤ الإخوان لتنفيذ المخطط الصهيوني - الأميركي، ولذا حاولت السفيرة الأميركية في مصر ادانة المظاهرات وتدخلت بشكل سافر في الشأن المصري الداخلي بلقاءاتها مع كل من وزير الداخلية ووزير الدفاع وبعض المسؤولين، وهو ما لاقى استنكاراً من أبناء الشعب المصري ضد التدخل الأميركي الذي سهل ودعم حكم الإخوان، ولكن نبرة الادارة الأميركية تغيرت أخيراً وطالبت بحق التظاهر السلمي، بعد جردة حساب للربح والخسارة، فالمهم بالنهاية هو مصالحها في المنطقة.وحتى بعض القوى الاسلامية السلفية التي لم تحصل على نصيبها من الكعكة، اتهمت الإخوان بأخونة الدولة واستخدام الاسلام كستار لأهداف دنيوية أساسها السلطة.وتشير التوقعات الى مواجهات دامية بين الإخوان والمعارضة، اذ قبل أن يبدأ اليوم الموعود وهو 30 يونيو (امس) سقط ثمانية قتلى وأكثر من ستمئة جريح بعضهم جروحهم خطرة، بعد استخدام أسلحة نارية وبيضاء، وقد نشرت الصحافة صوراً لمؤيدي الرئيس والمرشد والجماعة وهم يحملون عصياً، في اشارة الى الدفاع عما أسموه بالشرعية الاسلامية باستخدام العنف.نعود للاحتكام الى صندوق الاقتراع سواء في مصر أو الكويت من أجل الاصلاح والتغيير، فهو وهم فارغ وخدعة كبرى مغلفة بشرعية، فهي لا تضمن التزوير والتلاعب من أجل نجاح رئيس جمهورية أو ممثلين للأمة في حال الكويت، خاصة في ظل ديموقراطية منقوصة أو قوانين انتخابية معبوث بها، فلم تعد لصناديق الاقتراع قدسية أو حتى مصداقية تضمن حقوق الشعوب. وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

مقال للزميل د. فواز فرحان تحت عنوان "شرعية الصناديق في مصر".
بقلم: د.فواز فرحان *
الديمقراطية تعني حكم الشعب، وبشكل أدق تعني تولي الشعب إدارة شؤون الدولة من خلال التداول السلمي للسلطة، وهذا التعريف لا يعني أن الأكثرية تنفرد في اتخاذ القرارات بمعزل عن رأي الأقلية واحترام هذا الرأي ومناقشته وحفظ حقوق هذه الأقلية و رد الاعتبار لرأيها في حال فشل القرار الذي تعارض ورأيها... والديمقراطية ليست سياسية فقط بل اجتماعية أيضاً، وبرأيي أن الديمقراطية الاجتماعية بما تضمنه من تكافؤ للفرص وتوزيع عادل للثروات ومنع استغلال طبقة لأخرى هي الأرضية السليمة التي تبنى عليها الديمقراطية السياسية، فلا يجوز استخدام الديمقراطية السياسية (أو شرعية الصناديق الانتخابية بشكل أدق) لقمع الطرف السياسي المنافس أو لممارسة التمييز والتهميش من قبل الأكثرية تجاه الأقلية سواء فئوياً أو دينياً أو طائفياً أو مناطقياً، كما أنه لا يجوز استخدام شرعية الصناديق الانتخابية لتقويض الديمقراطية أو إلغاء الدستور مثلاً بحجة أن هذا ما يريده أغلب الشعب، ومن بديهيات الديمقراطية ألا ينفرد أي طرف سياسي بتغيير شروط وقواعد المنافسة الانتخابية بمعزل عن بقية الأطراف، لأن الديمقراطية وقواعدها وشروطها ممثلة بالدستور أو غيره هي بالأساس اتفاق بين هذه الأطراف كلها، وبالتالي فإنّ استبعاد هذه الأطراف عند تغيير هذه الشروط والقواعد يعتبر غشاً فاضحاً إن لم يكن خيانة أصلاً يسقط بسببها كل استحقاق انتخابي أو شرعية لصناديق الاقتراع.
في مصر مثلاً فازت جماعة الإخوان المسلمين بانتخابات الرئاسة ممثلة بمحمد مرسي لأسباب عديدة من أهمها اصطفاف القوى الثورية وراء محمد مرسي لكي لا يفوز أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق في عهد الدكتاتور مبارك وممثل (فُلول) نظامه، وكانت عيون الشعب مفتوحة على ما ستفعله السلطة الجديدة في (سنة أولى ثورة) فسقطت هذه العيون على الإعلان الدستوري والذي يعتبر تغييراً لقواعد المعادلة السياسية من طرف واحد، ثم تغيير أعضاء المحكمة الدستورية، وتغيير النائب العام، ثم محافظ الأقصر وإحلال العناصر الإخوانية مكان الآخرين في رئاسة تحرير الصحف القومية و في الدوائر الأمنية والمناصب القيادية في الوزارات وخصوصاً وزارة الثقافة، ناهيك عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي استفحلت، أي أن الشعب أصبح أمام (أخونة) للبلد بطريقة ممنهجة وتحييد وتهميش وإقصاء لكل مَنْ يخالف الإخوان سياسياً، وبذلك لم تعد هناك قيمة لما كان من (استحقاق) الانتخابات و(شرعية) الصناديق لأن الفائز أخل بالشروط والقواعد التي فاز على أساسها، فلم يعد أمام الشعب من سبيل إلا العودة للشارع التي وضعت هذه الشروط والقواعد الديمقراطية بفعل ضغطه ونضاله.
سألني أحدهم سؤالاً وقال لي: هل من المعقول أنه كلما فاز رئيس خرج المخالفون له سياسياً ليسقطوه من خلال الشارع؟ فما فائدة الانتخابات إذاً؟ والجواب هو: من حق أي مجموعة سياسية أن تتظاهر سلمياً ضد الرئيس الذي تختلف مع سياساته، فلو كان الرئيس وجماعته السياسية ملتزمين بالقواعد الديمقراطية التي فازوا على أساسها لما وجد المعارضون زخماً شعبياً يجعل عدد الموقعين على وثيقة (تمرد) ٢٢ مليوناً، فحركة الشارع لن تسقط رئيساً ملتزماً بالدستور والقانون شكلاً ومضموناً، ولن تتعدى التجمعات بضع مئات إن لم يكن أقل، أي أن الشعب يجب عليه أن يلتزم بنتائج الانتخابات بقدر ما يلتزم الفائز بالشروط والقواعد التي فاز على أساسها، ومن حق الشعب إسقاط الفائز من خلال الشارع إذا ما أخل بها أو غيّرها.
قلوبنا مع مصر وأهل مصر لأن كل تغيير فيها سينعكس حتماً على محيطها العربي إنْ سلباً فسلب وإن إيجاباً فإيجاب.
--------------------------
* عضو التيار التقدمي الكويتي.
يبدو أن مفهوم «الواجب الوطني» أو مصلحة الوطن، يختلف في معناه من شخص لآخر، ويعتمد ذلك على مصلحة الشخص ووعيه السياسي بل نواياه وغاياته في الدعوة لهذا الواجب، فهو لا يعني شيئاً واحداً أو اتجاهاً واحدا أو فعلا أو سلوكا واحدا لكل الأشخاص.هناك من ينظر للتظاهرات والتحركات الشعبية والاضراب عن العمل ومعارضة السياسات السلطوية على أنها ضد مصلحة الوطن، وهناك من يراها واجبا وطنيا، وهذا ينطبق على المشاركة أو المقاطعة للانتخابات، بل يصل الأمر عند السلطات المستبدة إلى تخوين من يطالب بحقه أو يعبر عن احتجاجه بطرق سلمية مشروعة.وأحياناً نندهش من عدم قدرة السلطات على الإبداع في وصف معارضيهم، فهم لدى جميع الأنظمة المستبدة «غوغائيون، قلة منحرفة، حفنة مشاغبة، مخربون، بلطجية، ينفذون أجندات خارجية... الخ» من المصطلحات المستنسخة، لا أحد في هذه السلطات أو الحكومات فكر واستخدم مصطلحات جديدة أكثر إبداعاً، من تونس لمصر لليمن لسورية لتركيا لدول الخليج.نعيش في الكويت أزمة سياسية عميقة منذ سنوات، والقراءة الأولية تقول ان هذه الأزمة ستستمر لسنوات، ودرب حلها طويل وشاق ويحتاج إلى وعي سياسي تفتقر له معظم الأطراف، وخاصة بعض أطراف المعارضة وقواها السياسية التي تركز على الجزئيات وتغفل عن الأساسي، وترى النتائج وتحتج عليها ولا ترى الأسباب.والوعي السياسي لا يولد مع الإنسان ولا يشبه الفطرة، ولكنه يحتاج إلى فهم واستيعاب وقدرة على التحليل يستقيها الإنسان من ثقافته ومنهجه الحياتي والفكري، وتحتاج إلى تنظيم سياسي يمتلك الرؤية السياسية والفكرية، وينطلق من برامج وأهداف واضحة، كما تحتاج إلى مران وممارسة وعقل جمعي وبلورة رأي موحد، ولا تحتاج إلى أفراد يملكون قدرات خارقة أو كاريزما، فمن يفكر ويعمل لوحده لا بد له من التوهان السياسي والقصور الفكري مهما بلغ من ثقافة وحنكة سياسيتين.نحن أمام استحقاقات انتخابية ضمن شروط وأطر وقوانين معينة، البعض يرى المشاركة فيها واجبا وطنيا وعملية انتشال للبلد من أزمته، بينما يرى الآخر أن المقاطعة واجب وطني فلا يمكنه الموافقة على خوض انتخابات بهذه الشروط والقوانين، وبرأينا هذا أمر يتعلق بوعي الإنسان ورؤيته لمصلحة الوطن.أنا شخصياً أرى أن من واجبي الوطني ألا أشارك في انتخابات تهين كرامتي ومواطنتي وحقي الذي كفله لي الدستور، فمثلي مثل كثير من المواطنين الذين امتلكوا في يوم من الأيام إرث ومكتسب الحرية والعزة والكرامة التي أعطاني إياها وطني قبل خمسين سنة ووعد بإعطائي المزيد، حسب مواد الدستور وما جاء فيه ووضحته مذكرته التفسيرية، فالحكم لي ولجميع أبناء شعبي وأنا وهم مصدر السلطات جميعاً، هذا ما رسمه لنا وأكده الدستور، فهل نتنازل طواعية عن هذا الحق الذي ناضل أجدادنا وآباؤنا من أجل تحقيقه؟ هل هذا هو التاريخ الذي نريد توريثه لأحفادنا؟أعلم علم اليقين أن الحل ليس غداً، ولن يأتيني على طبق من فضة، لكني لست أقل من أجدادي الذين صارعوا أهوال البحار، والذين بنوا السور بسواعدهم ودافعوا ببسالة عن وطنهم وأرضهم، فأنا من صلبهم وورثت العزة والكرامة منهم ولم أتعلمها في الكتب أو من الغرب، ولذا سأشارك بالانتخابات بشروطي وأحاور بشروطي وأعيش بشروطي فقط كمواطن كويتي.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 29\06\2013 العدد:12316
بقلم: عبدالهادي الجميل*
ذكّرني عقد الألماس أبو٤٨ مليون الذي زيّن رقبة الفنانة أحلام في الأراب آيدل؛ بقصّة "عقد خالصة" التي ذُكِرت في التراث، واسمحوا لي أن أتصرّف بها أمامكم، وأقصد أن أتصرّف بالقصّة لا بأحلام..
كان الشاعر الماجن أبو نواس مزامنا للخليفة هارون الرشيد، وفي أحد الأيام استدعاه الخليفة ليسمعه أحدث قصائده، وفيما كان أبو نواس منهمكا، بمنتهى الحماس، في إلقاء قصيدته، كان الرشيد لاهيا بمداعبة جارية سوداء أثيرة عنده، اسمها"خالصة " حاطّه زميّم ذهب في خشمها ولابسة نفنوف بنفسجي بدلعة كبيرة. والجمال كما تقول مارغريت هانغرفورد:
Beauty Is in the Eye of the Beholder
ويعني أن الجمال يقيّمه الناظر إليه، أو كما قال عمر بن أبي ربيعة "حسنٌ في كل عينٍ من تود".
وما أن فرغ أبو نواس من قصيدته حتى خرج غاضبا بسبب استهانة الخليفة به. وعندما جنّ الليل؛ شرب أبو نواس قدحين من الجعة أو الفُقّاع كما كانت تسمّيها العرب قبل إنشاء شركة هينيكن الهولندية، فأذهب السكر عقله وتذكّر ما حدث له صباحا في قصر الخليفة، فاغتاظ أيّما غيظ، وقرر الثأر لكرامته التي تناثرت على أرضية بلاط الخليفة كحبات الخرز، فخرج من ساعته وعرج على مكتبة الجمعيّة واشترى قلم خطٍ عريض ثم ذهب تحت جنح الظلام الى قصر الخليفة متنكرا بزي معلّم صحي أفغاني، وكتب على السور :
لقد ضاع شعري على بابكم.... كما ضاع عقدٌ على خالصة.
وعندما فرغ، عرج على بيّاع صيني في الكرّادة واشترى منه بطلين عرق، وذهب يكمل سهرته الخرندعية.
في الصباح الباكر؛ شاهد الحرس بيت الشعر فأخبروا الخليفة، فغضب كثيرا، وأرسل كتيبة من القوات الخاصة لتلقي القبض على أبي نواس الذي كان نائما، بعد سهرة ماجنة مليئة بالشذوذ والعربدة، فاستيقظ مذعورا على صيحات القوات الخاصة: اطلع يا الچلب، افتح يا ابن القح..، إنت هون ولاه؟
وبقية البذاءات المتنوعة التي تعوّد سكان بغداد على سماعها من القوات الخاصة آنذاك. لم يرد ابو نواس عليهم فظنوا بأنه ليس موجودا، فغادروا وأذيال الخيبة بين أرجلهم، ثم خرج أبو نواس على إثرهم وهو يترنّح بسبب حالة الهانغ أوفر التي كان يعانيها جرّاء الخمر الرديء الذي كان يشربه، وأطيب الخمور أرداها كما قال مظفر النواب. مرّ أبو نواس بمكتبة الجمعيّة مرة أخرى واشترى ممحاة يابانية أصلية، وذهب الى القصر ومحا تجويف العين في بيت الشعر، فأصبح البيت كالتالي:
لقد ضاء شعري على بابكم ..... كما ضاء عقدٌ على خالصة
ثم استأذن بالدخول على الخليفة الذي ما أن رآه حتى صرخ غاضبا: تعال يا الداشر، ليش تهجو خالصة؟
وكانت خالصة قاعدة بالزاوية تاكل معمول وهردة ومدنّقة راسها يعنّني حزينة. فقال النواسي: أطال الله عمر الخليفة.. هذا كذبٌ بواح، جحيد وأمرن بعيد، ما كتبت في خالصة إلّا الزين. ولا تستمع لمستشارين السوء وتعال شوف المكتوب بنفسك.
ركب الخليفة على سيارة تشبه سيارة لعبة الغولف لأنه شايب وسمين وفيه نقرس، وردف خالصة وراه، وراحوا يشوفون ما قاله أبو نواس، ويوم قروا المكتوب، استانست خالصة وانفرجت أساريرها وبانت الفلجة اللي بين ضروسها، فانبسط الخليفة ومنح أبا نواس بورش باناميرا وصندوق سيجار كوبي ماركة كوهيبا ومناقصة بالأمر المباشر لتأثيث التوسعة الجديدة في السجن المركزي، وأمر بفوز خالصة بجائزة الأراب آيدل فئة المجاهيم .
*عضو في التيار التقدمي الكويتي
التغيير ليس سنة الحياة فقط كما يردد الناس، ولكنه قانون علمي جدلي موضوعي أي خارج وعي الإنسان سواء كان ذلك يتعلق بالطبيعة أم بالمجتمعات، ونكرانه هو ضرب من ضروب الأمنيات ومحاولات إيقاف هذا التغيير وإن نجحت لفترة زمنية فإنها حتماً ستبوء بالفشل على المدى البعيد، هذا إذا استندنا إلى قوانين العلم لتحليل الظواهر حولنا.
طالعتنا الصحف يوم أمس بخبر حدث غير مألوف في منطقتنا بل ربما في عالمنا العربي الأوسع، وهو خبر تسليم سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر السلطة لابنه تميم بن حمد بشكل سلس ودون انقلابات ألفناها في منطقة الخليج في العقود الأخيرة.وبغض النظر عن ملابسات هذا الحدث الجديد على المنطقة، وما تناقلته وسائل الإعلام الأجنبية والعربية منذ ما يقارب الشهر، عن أسباب هذه الخطوة الجريئة، إلا أننا نعتقد أن أي تغيير إلى أمام بشرط أن يكون جذرياً وليس شكلياً هو أمر له استحقاقاته التاريخية.ورغم أن المصادر أفادت أن هذه الخطوة ستعقبها تغييرات كبيرة على السياسة الداخلية في الشقيقة قطر، بما في ذلك مجلس نواب منتخب بالكامل ومشاركة بالقرار السياسي وبشكل تدريجي وسيتم بناء عدد من مؤسسات المجتمع المدني التي تساهم في تعزيز الديموقراطية في قطر، إلا اننا نظل متشككين في مدى جدية هذه التوجهات متمنين أن يخيب ظننا.والسبب في هذا التشكك هو ثقافة مجتمعاتنا التي تغلب عليها السمات العشائرية، فالدساتير المكتوبة والمباني الشاهقة والاستثمارات الضخمة وحدها لا تغير من العقلية أو الثقافة، ولعل مثال الكويت وهو الأنضج والأقدم في منطقة الخليج فيما يخص الديموقراطية والمشاركة السياسية، قد يكون أوضح مثال لترسّخ ذهنية المشيخة والحكم بطريقة عشائرية، رغم أن دستورها قد كتب قبل خمسين عاماً، فالثقافة هي أمر لا يتغير بقرار أو برغبة أو بإجراء أو حتى بقانون، بل تعني التخلي عن إرث الماضي في كل شيء بدءا من الموقف من المرأة وصولاً إلى تداول السلطة بشكل ديموقراطي وسيادة دولة القانون والمؤسسات.هنا أنا لا أنكر على الناس انتماءهم القبلي، فجميعنا في الكويت ننتمي في أصولنا إلى قبائل، بل كل شعوب الأرض كانت في يوم من الأيام عبارة عن تجمعات قبلية وعشائرية سواء في أوروبا أو في آسيا أو في الشرق الأوسط، لكن كل هذه الشعوب تخلت عن هويتها القبلية الصغرى من أجل هوية كبرى هي الانتماء إلى دول وكيانات سياسية، يخضع أفرادها إلى حكم القانون ويديرون شؤونهم المختلفة بطريقة مؤسساتية، وليس بناء على أوامر ورغبات شيخ القبيلة.ولأننا نرى الواقع في حركته الجدلية وليس في استاتيكيته الخالدة، فإن التغيير قادم لا محالة ولا مرد له مهما حاول البشر إيقاف عجلة التاريخ، فالوعي يزداد لتأخذ المواطنة الدستورية مكان الانتماء القبلي، وها هي قبيلة «العوازم» الكريمة في الكويت وهي من أكبر القبائل ومن أوائل من سكن هذه الأرض في العصر الحديث، تتفرق في مواقفها من قضية وطنية كبرى، ومن نهج الانفراد بالحكم الذي يعتبر عكس ما رسمه دستور «الحد الأدنى»، بل ان هذا الانقسام هو أكبر دليل على أن قانون مرسوم الصوت الواحد «يفرق ولا يجمع»، وينطبق ذلك على مكونات أخرى في المجتمع انقسمت بين مؤيد ومعارض ومشارك ومقاطع للانتخابات التي ستجرى بناء على هذا المرسوم، ولن يجدي حكم المحكمة الدستورية مع احترامنا لتحصينه.أيضاً من المعروف في القوانين العلمية أن التراكم الكمي الذي يؤدي إلى تغير نوعي لا يحدث تلقائياً أو مع مرور الزمن، بل يحتاج إلى إرادة الإنسان وفعله من أجل التغير النوعي الذي سيأتي لا محالة.
وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 26\06\2013 العدد:12413
القهوة هي هذا الصمت الصباحي الباكر المتأنيوالوحيد الذي تقف فيه وحدك مع ماء تختاره بكسل و عزلة في سلام مبتكر مع النفس والأشياء وتسكبه على مهل في إناء نحاسي صغير و داكن و سري اللمعان ، أصفر مائل إلى البني ثم تضعه على نار خفيفة ، آه لو كانت نار الحطب..........والقهوة هي مفتاح النهار هي أن تصنعها بيديك لا أن تأتيك على طبق لأن حامل الطبق هو حامل الكلام والقهوة الأولى يفسدها الكلام الأول لأنها عذراء الصباح الصامت، الفجر نقيض الكلام ورائحة القهوة تتشرب الأصوات ولو كانت تحية رقيقة مثل صباح الخير وتفسد.... لأن القهوة فنجان القهوة الأول هي مرآة اليد واليد التي تصنع القهوة تشيع نوعية النفس التي تحركها وهكذا فالقهوة هي القراءة العلنية لكتاب النفس المفتوح والساحرة الكاشفة لما يحمله النهار من أسرار.أعرف قهوتي وقهوة أمي وقهوة أصدقائي أعرفها من بعيد وأعرف الفوارق بينها .. لا قهوة تشبه قهوة أخرى ليس هناك مذاق اسمه مذاق القهوة فالقهوة ليست مفهوما وليست مادة واحدة وليست مطلقا لكل شخص قهوته الخاصة إلى حد أقيس معه درجة ذوق الشخص وأناقته النفسية بمذاق قهوته، ثمة قهوة لها مذاق الكزبرة وذلك يعني أن مطبخ السيدة ليس مرتبا ، وثمة قهوة لها مذاق الخروب ذلك يعني أن صاحب البيت بخيل وثمة قهوة لها رائحة العطر ذلك يعني أن السيدة شديدة الاهتمام بمظاهر الأشياء وثمة قهوة لها ملمس الطحلب في الفم ذلك يعني أن صاحبها يساري طفولي وثمة قهوة لها مذاق القدم من فرط ما تألب البن في الماء الساخن ذلك يعني أن صاحبها يميني متطرف وثمة قهوة لها مذاق الهال الطاغي ذلك يعني أن السيدة محدثة النعمة.لا قهوة تشبه قهوة أخرى لكل بيت قهوته ولكل يد قهوتها لأنه لا نفس تشبه نفسا أخرى ، وأنا أعرف القهوة من بعيد تسير في خط مستقيم في البداية ثم تتعرج وتتلوى وتتأود وتتلوى وتتأوه وتلتف على سفوح ومنحدرات تتشبث بسنديانة أو بلوطة وتتغلب لتهبط الوادي وتلتفت إلى ما وراء وتتفتت حنينا إلى صعود الجبل وتصعد حين تتشتت في خيوط الناي الراحل إلى بيتها الأول.رائحة القهوة عودة وإعادة إلى الشيء الأول لأنها تتحدر من سلالة المكان الأول، هي رحلة بدأت من آلاف السنين وما زالت تعود ، القهوة مكان القهوة مسام تسرب الداخل إلى الخارج وانفصال يوحد ما لا يتوحد إلا فيها هي رائحة القهوة هي ضد الفطام ، ثدي يرضع الرجال بعيدا ، صباح مولود من مذاق مر حليب الرجولة والقهوة جغرافيا.االشاعر محمود درويش

مقال للزميل فواز البريكان تحت عنوان "من شوارع الوطن (معطيات حول الحريات)"
تجول حريتي وتلامس واقعاً تعيسا أرادت به فتح نافذة تطل على عالمنا المجاور للتعرف على مدى حجم الحرية الذي تعيشه،وحدودها وسعتها من خلال تقصٍ سريع للواقع الديمقراطي الذي ينتمي إلى فئة النظريات الاستقرائية .
عند تطوافنا للبحث في السيادة والحرية في تجارب تلك الدساتير التي عاشتها الشعوب بدءًا بالدستور الفرنسي نجد أنه نص على أن السيادة الوطنية ملك للشعب، ويمارسها بواسطة ممثليه وعن طريق الاستفتاء،ولا يجوز لأي فئة من الشعب،أو أي فرد أن يسوغ لنفسه حق ممارسة السيادة الوطنية.
بينما جاء الدستور الأمريكي الذي عدل لأول مرة سنة 1791 بإضافة عشر مواد سميت ((وثيقة الحقوق))،تنص فيه هذه المواد على أنه لا يحق لمجلس الشيوخ سن قوانين تفرض اتباع دين معين، وتمنع حرية النقد حديثا أو كتابة،أو تحد من حرية الصحافة، أو تمنع التجمعات الشعبية للتعبير عن مطالبها.
وحينما أتى الدستور المصري نراه ينص على أن السيادة للشعب يمارسها ويحميها، ويصون وحدته الوطنية، وهو مصدر السلطات, ثم يقوم بإكمال المسير نحو هذا الاتجاه الذى يعنى بالحرية،فذكر أن الحرية الشخصية حق طبيعي، وهى مصونة لا تمس., و أشار أيضا إلى أن الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصاً., ثم شرع بتشييد أسوار لحمايتها، فقالها مدوية:إن كل اعتداء على أى من الحقوق والحريات المكفولة فى الدستور جريمة لا تسقط عنها الدعوى الجنائية ولا المدنية بالتقادم إلخ... ثم أتت صياغة الدستور الكويتي على غرار تلك الدساتير،وذلك عندما تطرق في حديثه عن الباب الثالث إلى ما يتعلق بالحقوق والواجبات العامة حينما قال:إن حقوق المواطن التي ترتكز على مبدأ الحرية والمساواة قد كفلها الدستور،وإن حرية الاعتقاد والرأي ضمن احترام النظام العام.
فمن خلال هذا العرض السريع انكشفت لنا ثقافة بعض المجتمعات التي كتبت تلك الدساتير،ونلاحظ تنوعها كل حسب فهمه للحقوق وقيمة الحرية ،ولكن فهم الحقوق يحتاج إلى جهد من الاقناع،وإلى كم هائل من الظروف والأحداث يجب أخذها بعين الاعتبار،فالحرية هي احترام الرأي وعدم اقصاء الآخر ،كما أن المجتمع الحضاري هو من يقدس الدستور ويرفض المساس به .
إن الشمس لا تأتي في منتصف المساء ،وعلى العقل أن يبصر بما حوله،فالمجتمع الًذي تنتهك فيه الحرية والقانون عليه الاستعداد.لما هو أدهى وأمر، بلا تعليق ،، ..فالحرية هي الإنسانية كما قال نجيب محفوظ:إن الحرية هي ذلك التاج الذي يضعه الإنسان على رأسه ليصبح جديراً بإنسانيته.
*عضو التيار التقدمي
بعد أن تم الاعتداء على دستور الحد الادني عبر تفريغة من محتواه وسلب ارادة الأمة فإني أرى أن المشاركة السياسية ماهي إلا عدم احترام للذات والمبدأ وعملياً هي إعطاء شرعية للسلطة لسلب المزيد من الحقوق الشعبية المستحقة، فالحقوق تسلب تدريجياً وإذا وجدت السلطة رضوخ من الشارع واستسلام لمخططها فلن تتوانى عن سلب المزيد من الحقوق .يبقى خيار المقاطعة أفضل، لكن مقاطعة دون عمل لا فائدة منها، فإلى الآن المعارضة بقيادة الأغلبية أثبتت فشلها فالصوت الواحد تحصن دستورياً وقريباً سيتم الدعوة لإنتخابات قادمة ولم تحقق المعارضة ولو جزء من أهدافها، وجزء كبير من سبب خسارتها هو تخبطها وعدم التفافها حول مشروع واضح، فبعد تصعيد الخطاب السياسي وبعد نجاح المقاطعة في إنتخابات مجلس الصوت الواحد لم يتم تقديم أي مشروع أو أهداف أو برنامج عمل متكامل لتحقيق المطالب الشعبية واستمرت المعارضة بخطاب أشبه بالانتخابي متناسين استحقاق المرحلة، كذلك فشلت المجاميع الشبابية بالتنسيق فيما بينها فأصبح الاستحواذ هو هم كل تجمع حتى أصبحنا فريسة سهلة للسلطة .
إذن ما العمل؟هل نستسلم ونتعايش مع ديموقراطية - بالاسم فقط - تتلاعب بها السلطة وتحركنا بها كما تحرك خيوط العرائس على المسرح كي تضحك الجمهور ؟
نحن أمام استحقاق ومسؤولية سنحاسب عليها حتى من الأجيال القادمة فهل سنكرر أخطائنا ونقوم بالالتفاف حول أغلبية غير جادة في ادارة المرحلة أم نشق طريقنا بكل استقلالية بتقديم مشروع حقيقي وطني يستقطب جميع فئات المجتمع ومن خلاله نفرض الإصلاحات الديمقراطية فبالنهاية لا ارادة تغلب إرادة الشعوب.
أخيراً وليس آخراً أعتقد بأن كم من الاهانات السياسية وقنابل الغاز والهراوات والاعتقالات والمحاكمات كفيلة بان تكون وقود يحركنا لسرعة الالتفاف حول بعضنا البعض ونبذ خلافاتنا مستذكرين أن الكويت وطن مختلف عن أقرانة ولن نسمح بن يتراجع.
نورة خالد السلطان
نعرف جميعاً أنه عندما وضع أمير الكويت الراحل عبدالله السالم الصباح دستور 1962م بمشاركة مجموعة من رجالات الكويت المخلصين، كان هناك قطاع من أبناء الأسرة غير راضين عن فقدان نفوذهم الذي حُدد باطار دستور الحد الأدنى، واعتبروه خطأ تاريخياً ما كان له أن يتم، ولذا بدأت المحاولات منذ وفاة الأمير الراحل عبدالله السالم بالانقضاض على الدستور والانقلاب عليه بطرق شتى، مثل التزوير وتعطيل العمل بالدستور، ثم العبث به ومحاولة تفريغه من محتواه، ولم تزل هذه المحاولات مستمرة، ولا يزال الشعب يناضل من أجل الحفاظ على مكتسباته الدستورية والديموقراطية، بل والمطالبة بتطوير الديموقراطية باتجاه النظام البرلماني الكامل.لم تختلف عقلية المشيخة منذ ذلك الحين وتناقضها مع متطلبات بناء الدولة الحديثة، ولكن استجد شيء آخر عزز هذا الاتجاه وهو لم يشمل الهجوم على الديموقراطية السياسية فقط بل والديموقراطية الاجتماعية أيضاً، هذا الاتجاه فرضه نظام اقتصادي دولي جديد وهو نظام «العولمة الرأسمالية» التي تتطلب آلية الانفتاح على السوق، وتحريض الحكومات على رفع دعمها الاجتماعي عن الشعوب، بل وتحميل الطبقة العاملة والفئات الشعبية والمهمشة تبعات هذه السياسة، وبيع القطاع العام برمته الى القطاع الخاص من خلال سياسات الخصخصة، هذا النظام العالمي الجديد لا يتوافق مع الديموقراطية والحرية والمطالبة بالاصلاح السياسي والاجتماعي والعدالة الاجتماعية.فتاتشر وريغان (المحافظون الجدد) دشنا سياسة النيوليبرالية الجديدة بالقمع الشديد للطبقة العاملة والفئات الشعبية المطالبة بتحسين حياتها المعيشية، حيث قمعت تاتشر اضرابات العمال وسجنت قادتهم، ومات عشرة منهم جراء اضرابهم عن الطعام فيما سمي بـ«اضراب الجوع» عام 1981م، كما دخل ريغان في نزاع مع الحركة العمالية وطرد 13 ألفا من مراقبي الحركة الجوية مردداً قوله الشهير: «أنا لا أتفاوض».وعندما دُشنت في فندق «فيرمونت» الشهير بكاليفورنيا معالم الطريق الى «حضارة جديدة» عام 1995م، حيث كلف ميخائيل غورباتشوف بدعوة خمسمئة من قادة العالم في مجالات السياسة والمال والاقتصاد، واعتبر غورباتشوف أن المدعوين هم «هيئة خبراء جديدة»، لم يكن الاجتماع للحوار بل لاعلان قرار قد اُتخذ، هيئة الخبراء الجديدة أقرت بلا حياء أو انسانية أن خمس قوة العمل سيكفي لانتاج جميع السلع أي 20 في المئة من السكان العاملين في العالم، ولكن ماذا عن الـ 80 في المئة المتبقين في العالم؟ يجيب عن ذلك رئيس مؤسسة «سان» بقوله: في المستقبل «إما أن تأكل وإما أن تُؤكل»، فلن يسمح لـ 80 في المئة من سكان العالم المطالبة بالحرية والديموقراطية وتحسين أحوالهم المعيشية، وببساطة سيمنعون من تعطيل هذا النظام الجديد بكل الوسائل، وتبنى مؤسسوا هذا النظام الجديد مقولات مثل «التضحية هي وسيلة التكيف مع العالم الجديد» و«أن شيئاً من اللامساواة الاجتماعية قد أضحى أمراً لا مناص منه».فمواجهة الاحتجاجات والتحركات الشعبية في العالم تمت بالعنف لحماية النظام الاقتصادي الجديد، في أوروبا وأميركا والدول العربية ومنها دول الخليج وأخيراً في تركيا والبرازيل، فبعض هذه الشعوب يدرك أن هجوم حكومته على الديموقراطية السياسية والاجتماعية قد رسم في فندق «فيرمونت»، وبعضها يرجعه فقط الى تسلط الأنظمة وكراهيتها للديموقراطية، فالمهم لدى النظام الاقتصادي العالمي الجديد، هو أن ينهب العالم لصالح قلة تمركز في يدها رأس المال، حتى وان اضطرت الى استخدام العنف والسجن مع «حفنة من المشاغبين والغوغائيين والمتطرفين والمرتهنين لأجندات خارجية».وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 24\06\2013 العدد:12411

مقال للزميل د. فواز فرحان تحت عنوان "اتركوا البرلمان للسلطة!"
بقلم: د. فواز فرحان*
الأنظمة السياسية في العالم إما أن تكون دكتاتورية أو أنها ذات طابع ديمقراطي دستوري... ولن أتطرق للأنظمة الدكتاتورية لأن مستقبلها أسود كأفعال رموزها؛ ومصيرها آيل للسقوط على أيدي شعوبها... فالحديث هنا عن الأنظمة ذات الطابع الديمقراطي الدستوري والتي تنقسم إلى أنظمة أقرب لأن تكون مكتملة الديمقراطية وأنظمة شبه ديمقراطية، ففي ظل الأنظمة الأقرب لأن تكون مكتملة الديمقراطية (والتي تكون إما رئاسية كأميركا، أو برلمانية كبريطانيا، أو تجمع بين الإثنين معاً كفرنسا) تكاد آليات الإصلاح والتغيير أن تنحصر في تشكيل رأي عام حول القضايا التي تهم المجتمع لينعكس ذلك على تشكيلة البرلمان من خلال انتخابات حرة ونزيهة، بينما في ظل الأنظمة شبه الديمقراطية فقد تكون آليات الإصلاح والتغيير من خلال الانتخابات والبرلمان في حال قابلية هذه الأنظمة لتطوير نفسها باتجاه استكمال الديمقراطية في ظل توازنات القوى المؤثرة في الساحة السياسية وقد تكون كذلك من خلال الشارع والنضال الجماهيري إذا كانت توازنات القوى السياسية معرقلة للتطور الديمقراطي.
في الكويت نظامنا السياسي نظام شبه ديمقراطي يتأرجح النظام الدستوري فيه بين النظامين الرئاسي والبرلماني، فلا هو حَسَم الاتجاه نحو أحدهما ولا هو جمع بينهما كما في بعض الدول الأقرب لأن تكون مكتملة الديمقراطية، وفي ظل وجود أسرة لها إمارة الدولة بشكل وراثي فإن خط تطورنا الديمقراطي الطبيعي من المفترض أن يسير باتجاه النظام البرلماني في ظل الإمارة الدستورية، وعندما وضع (دستور الحد الأدنى) كنتيجة طبيعية لنضالات شعبنا التي قادتها قوى وطنية مستنيرة وظروف محلية وإقليمية ودولية كان من الطبيعي استخدامه من قبل هذه القوى الوطنية كخط بداية لمسيرة الإصلاح والتغيير، وظلت هذه القوى الوطنية تناضل في ظل الهامش الديمقراطي المتاح والمحدود على أمل تطوير الدستور ليتطور معه نظامنا ديمقراطياً، إلا أن هذه النضالات اصطدمت بعبث السلطة بهذا الدستور من خلال تزوير انتخابات عام ١٩٦٧، والإنقلاب الأول على الدستور في عام ١٩٧٦، وتقسيم الدوائر تقسيماً فئوياً وطائفياً وقبلياً ومناطقياً في عام ١٩٨٠، والإنقلاب الثاني على الدستور في عام ١٩٨٦ وابتداع ما يسمى بالمجلس الوطني في عام ١٩٩٠، وكذلك من خلال الفساد والإفساد السياسي (مادياً ومعنوياً) واعتماد الواسطة والمحسوبية ودوس السلطة على القوانين ضاربة بعرض الحائط مباديء سيادة القانون والعدالة الاجتماعية، فبدأت تتشكل شيئاً فشيئاً القناعة بعدم جدوى الإصلاح والتغيير من خلال هذا الوضع الدستوري المشوّه والاستسلام لقواعد وشروط السلطة لتحقيق الإصلاح والتغيير المنشودين.
وفي السنوات الأربع الأخيرة اتجه الحراك الشعبي للنضال من خلال الشارع ونجح في الوصول إلى بعض مطالباته وفشل في الوصول إلى أخرى، في ظل قناعة تتزايد يوماً بعد يوم وسنة تلو أخرى بأن العمل من خلال الوضع الدستوري المشوّه ليس إلا مجاراةً لعبث السلطة إن لم يكن مشاركة لها فيه... وبعد حكم المحكمة الدستورية الأخير ارتفعت الأصوات مناديةً بمقاطعة (مسرحية الانتخابات والبرلمان) لأنها ليست إلا تعطيلاً للتطور الديمقراطي الحقيقي والمستحق.
ولئن كانت السلطة دائماً ما تحمّل نواب الأمة المعارضين أسباب عرقلة تنمية البلد وتطوره واتجاه الأوضاع إلى انهيار مؤسسات الدولة، فإنه في ظل كل هذه المعطيات بات مستحقاً ترك السلطة (تشبع) بمقاعد البرلمان حتى يصفو لها الجو لتحقيق التنمية والتطوير، فالمؤزمون الآن خارج البرلمان ولا عذر (نظري) للسلطة إن لم تنم البلد وتطوّره، وهذا الخيار (أتوقع) سيكون المسمار الأخير في نعش عبث السلطة لأن الناس وخصوصاً المشاركين منهم في الانتخابات القادمة ستتعرى أمامهم السلطة وتنكشف ليروا بأم أعينهم مكمن الخلل ومصدر الأزمات وسيصلون حتماً إلى القناعة التي وصلنا لها منذ سنوات والتي تحمّل السلطة كل ما نحن فيه من تراجع وتدهور وفساد وسوء إدارة، فاتركوا السلطة تنفرد في إحكام قبضتها على المؤسسة البرلمانية لتروا كيف ستتصاعد موجة الرفض الشعبي لكل ما يحدث ولتشهدوا نزول فئات شعبية أخرى إلى الشارع لم تشارك أصلاً في الحراك الشعبي الحالي... بعد أن يزول الوهم وتتضح حقيقة الأمر.
-------
*عضو التيار التقدمي الكويتي.

مقال للزميل محمد نهار تحت عنوان "لماذا نقاطع؟ ... وكيف يجب أن نفهم المقاطعة؟"
بقلم: محمد نهار*
المقاطعة ليست قراراً ينم على عدم احترام حكم المحكمة الدستورية، فللمحكمة وأحكامها وقراراتها كل الاحترام، ولكن أحكام المحاكم ليست منزّهة عن النقد... والمقاطعة حقّ يملكه أي فرد يود التعبير عن استيائه ورفضه لأي ممارسة كانت، وهي وسيلة مهمة من بين عدّة وسائل، ولكنها تبقى في آخر الأمر وسيلة وليست غاية، ومَنْ يظن أنّ مقاطعة الانتخابات هي "عصى موسى" فهو مخطئ... ومَنْ يظن بأن المطالب الشعبية تأتي فقط بعدم ذهابنا إلى صناديق الاقتراع فهو مخطئ أيضاً...
المقاطعة خطوة مهمة لبلوغ هدف سامٍ، مع التأكيد على أنّ تحقيق أي مطلب شعبي يحتاج إلى عنصرين مهمين وهما: شعب يطالب وسلطة "تسمع"... وكلما قَصُرَ سَمَعْ السُلطة يجب ارتفاع صوت الشعب، فلا يمكن أن تتحقق مكتسباتنا دون دفع الثمن... فقبل أن نقاطع يجب أن نعي لماذا نقاطع؟... نقاطع ليس لأن الأغلبية ارتأت بأنّ المقاطعة هي الحل، بل يجب أن تكون المقاطعة نابعة من قناعة سياسية فردية نابعة من كل شخص يود المقاطعة، لأننا لا نواجه أشخاصاً بل نواجه نهجاً دام لعقود، نواجه نهجاً يملك المال والإعلام ويملك السلطة والنفوذ، يملك الخوف في نفوس الكثير ممَنْ يظنون أنهم "رعيّة" لا مواطنين، لهذا يجب أن تقاطع أموراً أخرى كثيرة لتعرف لماذا تقاطع هذه الانتخابات، وأي انتخابات لن تتم وفق قانون ٤٢\٢٠٠٦؟... فقاطع خوفك أولاً، وقاطع طائفيتك، وقاطع فئويتك، وقاطع قَبلِيّـتك، وقاطع تصديقك لكذبة "السلطة تريد الإصلاح" أو هذه حكومة إصلاحية، وقاطع انتظارك لمنحة أو إسقاط قرض، قاطع انتظارك لفتات المائدة، قاطع جهلك بحقوقك وواجباتك، قاطع انتهازيتك وقاطع فكرة "الفلانيين" كلونا، قاطع كل ما زرعته داخلك السلطة التي لم تؤمن بك يوماً، قاطع إحباطك، قاطع استصغارك لنفسك.
وحتى نقاطع كل ما تم ذكره يجب أن يتوافر لدينا عنصر مهم ألا وهو "الوعي السياسي"، يجب أن نعلم أين الخلل؟ ولماذا "لم" يتم إصلاح هذا الخلل؟... يجب أن نعي ماهي التراكمات التي أوصلتنا لهذا النظام الذي يحمل في طياته الكثير من التناقضات والكثير من المواد التي لم تعد صالحة لزماننا هذا؟... فدستورنا دستور حائر مابين النظام البرلماني والنظام الوراثي، دستور غير مكتمل الملامح... فإن كان قبوله أمراً مُبَرّراً في العام ١٩٦٢ فهو غير مُبَرّر الآن خصوصاً في ظل هذا التطور السريع للعالم وأنظمته من حولنا... إنّ المقاطعة ليست سوى بداية يجب أن تصاحبها "رؤية" واضحة وخطة منظمة تهدف إلى توعية وقود هذا الحراك وقوته الرئيسية "الشعب"، ليعرف ما هي أهدافه بشكل واضح وكيفية تحقيقها وآليتها. إن الحراك يجب أن يخلع عباءة الفردية والارتجالية ويتحول إلى عمل "جماعي" منظم يستوعب كل فئات الشعب بكافة اختلافاته ، يجب أن يكون هناك وعي بأن لا دولة مؤسسات بلا ديمقراطية حقيقية، ولا ديمقراطية حقيقة بلا أحزاب، وبأنّ الكويت ومستقبلها فوق الجميع... يجب أن نعي كل الأكاذيب التي تدار من حولنا بمباركة حكومية لدعوتنا للمشاركة، فلا يوجد نظام في العالم تكون آلية الانتخاب فيه للناخب صوت واحد من بين عشرة ممثلين "أقل \ أكثر" بل هناك صوت واحد فقط "لممثل" واحد فقط أو يمثل قائمة انتخابية على مستوى البلاد، يجب أن نعي بأن تحقيق مطلب الحكومة المنتخبة لن يكون ألا بالتمثيل النسبي وأمّا غير ذلك فهو مجرد هدر للوقت، فإن كان الأوّلون قد أضاعوا خمسة عقود في القبول بدستور الحد الأدنى، فعلى السلطة أن تعي أنّ الوعي الآن ليس محتكراً للنخبة فقط، وبأنّ كل شخص يملك في يده مكتبة تخوله أن يمتلك المعرفة التي تساعده في تطوير ذاته ليكون مواطناً حقيقياً وليس أحد أفراد "الرعية"، وبأننا لا نملك سِعة الصدر هذه لننتظر خمسة عقود أخرى لتهدر.
ختاماً : يجب على الجميع أن لا ينسى أنّ الشعب هو مصدر السلطات جميعاً كما نصت على ذلك المادة السادسة من الدستور... وبالتالي فعِندما نُطالَب باحترام مؤسسات الدولة "كواجب" علينا، فلدينا أيضاً "حقوق" كمواطنين يجب أن تحترم، وتحترم معها أي مطالبات شعبية ما دامت غير طائفية أو فئوية، ومن حقنا ألا نهان ولا أن يتم تخويننا.
-------------
* عضو التيار التقدمي الكويتي.
صدر مشروع قياس الرأي العام العربي تحت مسمى «المؤشر العربي 2012-2013»، الذي يصدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وهو مؤسسة بحثية عربية للعلوم الاجتماعية والعلوم الاجتماعية التطبيقية والتاريخ الإقليمي والقضايا الجيو-سياسية العربية، أو سياسات دولية تجاه المنطقة العربية، سواء كانت سياسات حكومية أو سياسات مؤسسات وأحزابا وهيئات، ومقر هذا المركز هو الدوحة في دولة قطر.وتناول المركز قضايا عدة ابتداء من الأوضاع العامة لمواطني المنطقة العربية وتقييمات المستجيبين للاستطلاع لمستوى الأمان وأوضاع أسرهم الاقتصادية والوضع السياسي وتقييمهم لمؤسسات الدول وأداء الحكومات، واتجاهات الرأي العام نحو الديموقراطية والمشاركة السياسية، وصولاً إلى تقييم الثورات العربية.لقد وصلني هذا التقرير يوم أمس فقط، ولم تتح لي فرصة الاطلاع عليه بدقة كافية، ولكني حاولت قراءة الاستنتاجات التي تم التوصل إليها من خلال هذا الاستطلاع والتقييم.فمثلاً عبر المستجيبون عن المشاكل الأكثر إلحاحاً في بلدانهم، فبرزت البطالة كأهم مشكلة تواجه بلدانهم، تلاها ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وغياب الأمان وعدم الاستقرار السياسي والفقر وضعف الخدمات العامة والفساد المالي والإداري، بنسب متفاوتة ومفارقات تدعو أحيانا للعجب والتساؤل.فخمس المستجيبين فقط أفاد بأن حكوماتهم غير جادة على الإطلاق في حل المشكلات، وحول الثقة بمؤسسات الدولة فقد حازت الأجهزة الأمنية من مخابرات ومباحث وأمن دولة ثقة 59 في المئة، ويعلق التقرير: «ان اتجاهات الرأي تبرز الثقة بالأجهزة التنفيذية من عسكرية وشبه عسكرية، أكثر من ثقتها بسلطات الدولة الثلاث، القضائية والتنفيذية والتشريعية، بينما كان تقييم الرأي العام للأداء الحكومي سلبياً بصفة عامة، كما أن الرأي العام في مجمله أي 85 في المئة يعتقد أن الفساد المالي والإداري منتشر جداً في بلدانه، ففي الكويت ترى نسبة 13 في المئة بأن الفساد غير منتشر».وكذلك في الكويت والسعودية والأردن ومصر وتونس وموريتانيا تميل إلى الاعتقاد أن حكوماتهم جادة في محاربة الفساد وبنسب تفوق المعدل العام، ويشير التقرير أن تقييم الرأي العام كلها عوامل تفضي مجتمعة إلى تآكل الثقة بين المواطنين ومؤسسات دولهم الرئيسية، إضافة إلى سيادة شعور بعدم تطبيق الدولة للقانون، ما يؤدي حسب التقرير إلى أن تصبح الدول العربية تعاني من مأزق شرعية لدى مواطنيها.كما تشير النتائج إلى أن أكثرية الرأي العام في المنطقة العربية منحازة إلى نظام سياسي ديموقراطي بنسبة 71 في المئة، وأن تقييم المستجيبين حول مدى ضمان الحريات في بلدانهم لا يشير إلى توافق على غياب الحريات، بل بالعكس من ذلك فالأكثرية تشير إلى أن هذه الحريات مضمونة، خاصة تلك المتعلقة بحريات الرأي وحريات التجمع والتنظيم.أما اتجاهات الرأي العام نحو الثورات العربية بعد أكثر من عام فكانت إيجابية، وترى أن تلك الثورات تمثل حالة يقظة للشعوب العربية، بينما عبر نحو 40 في المئة عن مخاوف من الحركات الإسلامية السياسية، التي لن تحترم قواعد النظام الديموقراطي والحريات العامة.لاحظت في التقرير الذي أُقر بأني لم أدقق فيه كثيراً، أن بعض من تم سؤالهم عن بعض الأمور الحساسة في بلدانهم امتنعوا عن الإجابة، ربما خشية من ألا يكون الاستطلاع محايداً أو آمناً لحياتهم.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 22\06\2013 العدد:12409
أما وقد قالت المحكمة الدستورية كلمتها في الطعون الانتخابية المقدمة لها وقانون مرسوم الصوت الواحد، فما على الجميع سوى احترام الحكم حتى وإن كان لم يوافق هوى أو آمال الجميع.لكن لكل قرار تبعاته التي ستترتب عليه، التي سيستفيد منها البعض ويتضرر البعض الآخر، وهنا بالتأكيد لا يهمنا الأشخاص بل المهم هو مصلحة الوطن ومستقبله، ومستقبل النظام الديموقراطي والدستور الذي رغم قصوره ارتضيناه كخطوة ابتدائية في بناء دولة حديثة ذات أركان مدنية ومتحضرة ومؤسسات راسخة، يسود فيها القانون ويطبق على الجميع، وتسود بها العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وتسير في طريق التقدم والرفاهية والتنمية المستدامة، ويُقضى فيها على الفساد والمفسدين، ويشعر المواطن في كنفها بالأمن والأمان والمواطنة الدستورية.فنحن في الكويت العزيزة لسنا في جزيرة معزولة عن هذا العالم سريع التغير، وخاصة مع التطور الهائل لوسائل التكنولوجيا والاتصالات، فالعزلة ليست خياراً واقعياً، مثلما العودة للماضي أو المراوحة أيضاً خيارات ليست واقعية، بل هي خارج سياق التطور التاريخي للبشرية، فكل ما هو مخالف لواقع التطور التاريخي البشري لم ولن تزكيه الحياة ومحكوم عليه بالفشل من عنوانه.والتساؤل المستحق الآن، هل سيسهم قرار المحكمة الدستورية الجليلة بالتخفيف من حالة الاحتقان السياسي المحتدم في البلاد التي استمرت فترة كافية لتترك ندوبا في نفوس أبناء الوطن؟ أم أنه سيعيد إنتاج الأزمة السياسية التي أخلت بتوازننا جميعاً، سواء من كان يأمل أن يصدر مثل هذا الحكم أم من كان يأمل بحكم آخر واتجاه آخر؟المحكمة عالجت قضية جزئية كانت أحد أسباب الأزمة السياسية، ولم تعالج جوهر المشكلة وأسبابها والتي هي ليست من اختصاصها بالتأكيد، ولا هي من الأسباب والأسس التي أنشئت من أجلها، وهي قضية نهج سلطة ورؤيتها لكيفية وأسلوب إدارة شؤون البلاد، فالمحكمة مختصة بقضايا محددة هي النظر بالأمور التي تخص الدستور ومواده، وسلامة العملية الانتخابية والفصل بالطعون الانتخابية.لكن برأينا الخاص ومع إقرارنا بأحقية المحكمة في شأن الاختصاصات المنوطة بها، لكنها في حيثيات أحكامها الأخيرة دخلت في رأي سياسي ليس من اختصاصها أثناء تبريرها لمرسوم قانون الصوت الواحد، وأرجو أن يصحح لي القانونيون الدستوريون هذا الاعتقاد الذي قد يكون خاطئاً، حينما قالت: «بأنه نظام تأخذ به الديموقراطيات في العالم»، بيد أن ما خفي على هذه المحكمة الموقرة والمقدرة من الجميع أن الصوت الواحد في البلدان الديموقراطية يطبق على أحد نظامين، فاما صوت واحد للناخب لقائمة انتخابية واما صوت واحد للناخب لنائب واحد يمثل كل دائرة انتخابية، ولا يطبق على صوت واحد لاختيار مرشح واحد لدائرة يمثلها عشرة نواب، فهذا غير معمول به في الديموقراطيات بالعالم.الآن وقد حدث ما حدث، وهو غطاء شرعي لمرسوم قانون الصوت الواحد، الذي يفترض بالمجلس المنتخب المقبل أن ينظر فيه، فهل ستتوفر غالبية نيابية في ظل آلية الصوت الواحد؟ لا نظن فإضافة إلى عزم معظم القوى المعارضة والمقاطعة للانتخابات السابقة الاستمرار في المقاطعة، إلا أن حكم المحكمة قد شق اصطفافات القوى المقاطعة بعد أن أعلن بعضها المشاركة رغم انتقاده لمرسوم الصوت الواحد، كما أن هذه الآلية لا تمكّن من خلق غالبية معارضة داخل البرلمان تستطيع فرض تشريع مخالف، بل أنه سيغير موازين القوى لصالح السلطة التنفيذية التي تستطيع من خلال البرلمان الجديد تمرير ما تريده دون توفر إرادة شعبية التي سيكون معظمها معطلا ومقيدا.كما أنه يثبت من ناحية أخرى أن العمل البرلماني ليس شكل العمل السياسي الرئيسي والوحيد، ولا يشكل ضمانة للعدالة الكاملة، أو ضمانة لتحقيق الاصلاح السياسي المنشود، وأنما قد يشكل تكريساً لواقع مرفوض قد يستمر طويلاً بسلبياته التي أفرزت أزمات سياسية سيستعصي حلها بالمستقبل في ظل مثل هذه الموازين.
وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 19/06/2013 العدد:12406

مقال للزميل د. حمد الأنصاري تحت عنوان "لا خير فينا إن لم نقلها..."
لقد هُزِمنا .. نعم هُزِمنا .. ومَنْ لا يعترف بالهزيمة لا يمكن أن يحقق النجاح، فرغم المكاسب الكثيرة التي حققها الحراك والمتمثلة بإقالة رئيس الوزراء السابق وارتفاع نسبة الوعي لدى الجماهير إلا أننا لم نتمكن من تحقيق أي مطلب من مطالبنا ... فلم تتم محاسبة الفاسد ولا المفسد ولم نتمكن من إقرار قوانين الإصلاح السياسي، وجاءت اكبر هزائمنا برفض المحكمة الدستورية للطعن المقدم ضد مرسوم قانون الصوت الواحد!
أسباب الهزيمة كثيرة ولكن أهمها هي الأسباب "الذاتية" والتي يمكن إصلاحها عادة ومن اجل إصلاحها علينا أولا أن نعترف بها.
لقد استؤنف الحراك الجماهيري بعد الغزو في العام 2006 بحركة "نبيها خمس" والتي لم تطالب بأكثر من تعديل الدوائر الانتخابية من أجل الإصلاح، ورغم قناعتي بأنّ الإصلاح لا يمكن أن يتم بتعديل الدوائر "فقط" إلا أن الحركة لاقت إقبالاً كبيراً وحققت مطلبها الوحيد فكانت نتيجتها الحد من ظاهرة شراء الأصوات ولكنها زادت الاصطفاف القبلي والطائفي، فتلك الدائرة محسومة للطائفة الفلانية وهذه حسمتها الفرعية للقبيلة الفلانية ... فلا طبنا ولا غدا الشر!
وجاءت بعدها حركة "ارحل نستحق الأفضل" من أجل الإصلاح وهنا ازداد الحراك جماهيرية وخصوصاً بعد فضيحة الإيداعات والتحويلات المليونية ولكني أيضاً لم أكن مقتنعا بأنّ الإصلاح سيأتي بمجرد تغيير الأشخاص، فالعلة ليست شخصاً... إنها نهج وعقلية وأطراف تريد السيطرة على جميع السلطات بالبلد والاستئثار بثرواته لها وحدها فقط دون حسيب أو رقيب ... ورغم هذه القناعة جاملنا وجامل الكثيرون من أجل وحدة الصف ومحاسبة الفاسد ولقناعة بأنّ التراكم الكمي سيؤدي في النهاية إلى تغيير نوعي.
لقد وضعنا أيدينا بأيدي مَنْ يخالفنا فكراً وتعاونّا من أجل القضية الأكبر وحقق الحراك وقتها مكسبه الوحيد بإقالة رئيس الحكومة وتغييره وحل مجلس القبيضة!
واستمرت جهود الشباب الصادق فانتخبوا أغلبية تاريخية في مجلس فبراير 2012 وأملنا فيهم خيراً بتحقيق مطالب الإصلاح "النوعية" بعد أن تم تحقيق المطلب المرحلي بإقالة رئيس الحكومة، ولكن الأغلبية النيابية كانت أغلبية هلامية مفككة بلا لون ولا طعم ولا رائحة .,. تلك الأغلبية كان بإمكانها أن تحقق مكاسب تاريخية للشعب الكويتي لو أنها "ركزت" على مطالب الإصلاح السياسي، ولكنها فشلت منذ أول يوم بعد إعلان النتائج وشتت جهودها، وأضاعت طريقها بتبنيها مطالب لم تكن ضمن برنامج الإصلاح المنشود، فبدأ أعضاء الأغلبية فيما بينهم بالمساومة من أجل تنقيح المادة الثانية من الدستور ثم جاءت الاقتراحات السخيفة والمتهورة مثل هدم الكنائس أو الإلزام بارتداء الزي المحتشم والحجاب، وأخيراً اقتراح تنقيح المادة 79 من الدستور في شأن توافق القوانين مع الشريعة، ورغم وجود أقلية "ضمن الأغلبية" صادقة في تبينها مطالب الإصلاح قدمت مقترحات الإصلاح السياسي مثل قانون إشهار الهيئات السياسية وغيره إلا أن أكثرية "الأغلبية" كانت تغرد خارج السرب!
ورغم تصدي بعض القوى الوطنية وبعض الحركات الشبابية لتلك الاقتراحات الدخيلة على مطالب الحراك إلا أن هؤلاء النواب استمروا في غيّهم ولم يعيروا مطالب الإصلاح أي أهمية!
وبعد إبطال مجلس فبراير 2012 تداعت القوى الشبابية و السياسية المعارضة مرة أخرى موحدة جهودها متناسية رعونة بعض نواب الأغلبية فجاءت حركة مسيرة "كرامة وطن" الرائعة والتاريخية الرافضة لمرسوم الصوت الواحد وأعقبتها المقاطعة التاريخية لانتخابات ديسمبر 2012 التي أبرزت حجم الرفض الشعبي لمجلس الصوت الواحد... ولكن ماذا بعد المقاطعة؟
بدأت الغيرة تشتعل في أفئدة بعض النواب السابقين الذين تعودوا أن يكونوا في الواجهة فحسبتهم انتخابية بحته وآخر همهم مطالب الإصلاح السياسي ... والدليل اقتراحاتهم في مجلس "الأغلبية" وتضييعهم لجهود الشباب وبقية القوى السياسية، فبدأ الحراك يتفكك، وبدأت نسبة المشاركة في المسيرات تقل الواحدة تلو الأخرى، وبدأنا نرى أكثر من جبهة معارضة داخل الحراك، وكل جبهة لها مؤيدوها المعارضون للجبهة الأخرى وضاعت الحسبة!
وكان الأمل الأخير هو أن تحكم المحكمة الدستورية ببطلان مرسوم قانون الصوت الواحد فبدأ بعضهم فعلاً بالتجهيز لخوض الانتخابات ووضع الخطط لجذب الناخبين نحوه ,.. ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه...
ورغم احترامنا لقرار المحكمة الدستورية إلا أن موقفنا من المرسوم بقانون هو موقف سياسي وليس قانونياً، فلو قبلنا بمرسوم قانون الصوت الواحد "فقط" لأنّ المحكمة أعطته الصفة القانونية فمن باب أولى أن نقبل بسجن الشباب المغردين و الحكم الأولي على النائب السابق مسلم البراك وغيره من النواب والشباب!
خلال الفترة السابقة تحملنا وجاملنا كثيراً من أجل وحدة الصف وأملاً بتحقيق مطالب الإصلاح السياسي وحتى لا نكون سبباً في تشتيت الجهد، أما الآن وبعد حكم المحكمة الدستورية برفض الطعن بمرسوم قانون الصوت الواحد فلا مجال للمجاملة ولا مجال للتهاون مع المتسلقين والمتكسبين... فالهزيمة كانت ثقيلة.
الآن وبعد أن تأكد للجميع أنّ الأفق البرلماني مسدود، ولا مجال للإصلاح عن طريقه، فأنه لا يوجد أمامنا غير طريق الحراك الجماهيري أو كما أفضل أن أسميه طريق "النضال الجماهيري"، وحتى ينجح هذا الحراك علينا أولاً إن نعرف ماذا نريد؟... فنكتب مطالبنا بكل وضوح وبأدق التفاصيل حتى لا يكون هناك أي شك أو لبس عند أي طرف ... ثم علينا بعد ذلك وضع خريطة طريق للوصول لتلك المطالب تتفق عليها جميع الأطراف والقوى السياسية المعنية بالإصلاح الديمقراطي... أما مَنْ لديه موقف رمادي فلسنا بحاجته و"ما يشوف شر" وبكل تأكيد سيأتي مَنْ يشغل الفراغ الذي سيتركه بعد رحيله، فمن غير المعقول أن يأتي طرف بعد كل ما عانيناه في الفترة السابقة وبعد الهزيمة الكبيرة والإحباط الشديد لدى الشباب ليتكسب باسم الدين ويشتت القوى أكثر ما هي مشتتة فيقول نريد دستوراً جديداً بشرعية إسلامية، بينما الشعب يتطلع إلى الإصلاح الديمقراطي من أجل الحرية والكرامة ومحاربة قوى الفساد والاستبداد والنهوض بالبلاد.
________________
* عضو الحركة التقدمية الكويتية.

بيان القوى التقدمية والديمقراطية في البحرين والكويت حول الاتفاقية الأمنية الخليجية.
تتابع القوى التقدمية والديمقراطية في البحرين والكويت بقلق وحذر بالغين محاولات سلطتي البلدين للإسراع في انجاز إجراءات التصديق على الاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي تنتقص على نحو فاضح من السيادة الوطنية للبلدين وتنال بشكل صارخ من الضمانات الدستورية المكفولة للمواطنين، بل أنّ هذه الاتفاقية الجديدة تنطوي على أحكام أسوأ بكثير حتى من تلك الأحكام الواردة في الاتفاقية الأمنية الخليجية الموقعة في العام 1994.
إذ تتيح المادة العاشرة من هذه الاتفاقية الأمنية الجديدة المجال واسعاً أمام تدخّل الأجهزة الأمنية للدول الخليجية الأخرى في الشؤون الداخلية للبلدان الأعضاء في مجلس التعاون، وذلك تحت غطاء "التعاون الميداني"؛ وذريعة "تقديم الدعم والمساندة"؛ ومبرر "مواجهة الاضطرابات الأمنية".
فيما تخلو هذه الاتفاقية من وجود ضوابط واضحة ومعايير محددة لحالات اجتياز دوريات المطاردة البرية والبحرية للحدود الدولية للبلدان الموقعة عليها، ما يمثّل خرقاً صارخاً للسيادة الوطنية لبلدينا.
وهناك في المادتين الرابعة والثامنة من الاتفاقية توسع مثير للمخاوف في الأحكام المتصلة بتبادل الأجهزة الأمنية للمعلومات والبيانات الشخصية المتعلقة بالمواطنين وتسليمها إلى الأجهزة الأمنية في الدول الأخرى.
في الوقت الذي تخلو فيه المادة السادسة عشرة من هذه الاتفاقية من أي ضمانات جدّيّة تكفل حقوق المواطنين الذين تطلب الدول الأخرى تسليمهم إليها للتحقيق والمحاكمة، ما يخشى معه إساءة استغلالها في الملاحقات الأمنية للعناصر المعارضة.
إنّ الاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تتعارض على نحو فجّ مع مبادئ السيادة الوطنية وتنتقص بصورة مكشوفة من الضمانات المكفولة دستورياً في بلدينا لحقوق الموطنين وحرياتهم، فضلا عن تعارضها مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وخصوصا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ما يتطلب إعلان موقف شعبي واضح في رفضها؛ ودعوة مختلف القوى السياسية والشعبية في بلدينا إلى التصدي لمحاولات تمريرها.
التيار التقدمي الكويتي
المنبر الديمقراطي الكويتي
المنبر الديمقراطي التقدمي – البحرين
جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد" – البحرين
جمعية التجمع القومي الديمقراطي - البحرين
18 يونيو 2013
يبدو أن صندوق النقد الدولي الذراع والخادم الأمين لتنفيذ السياسات الاقتصادية النيوليبرالية، لن يهدأ حتى يجعل العالم بأسره وشعوبه رهينة للسياسات الرأسمالية المعولمة، بعد أن كان مختصاً بنصائح أو فلنقل «الوصفات والأوامر» للحكومات الفقيرة لرفع دعمها الاجتماعي عن شعوبها، وتفكيك القطاعات العامة فيها وتخصيصها خدمة للامبريالية المعولمة، التي باتت خطراً يهدد شعوب العالم بالاحتضار الاقتصادي والجوع واقتلاع الديموقراطيات ومبادئ العدالة الاجتماعية وكل ما حققته الطبقة العاملة والفئات الشعبية من مكتسبات تاريخية.السياسة النيوليبرالية الجديدة التي أطلقت آليات السوق، وحصرت دور الحكومات في «حراسة النظام الرأسمالي» في دولها، ورهن كل ثروات الكرة الأرضية لصالح مجموعة من الدول الصناعية الكبرى وشركاتها الضخمة العابرة للقارات، مرسّخة سياسة جديدة هي «ديكتاتورية السوق والعولمة»، مرددة أقوالا غير ديموقراطية مثل: «إن مراعاة البعد الاجتماعي واحتياجات الفقراء أصبحت عبئاً لا يطاق»، والادعاء «بأن شيئاً من اللامساواة بات أمراً لا مناص منه»، وفي ذلك يستوي لديها الدول الفقيرة المدينة والدول ذات الدخول العالية غير المدينة والتي تستطيع بناء تنمية مستدامة تنشر الرخاء والعدل وتقضي على الفقر والبطالة والتفاوت في توزيع الثروة والدخل بين المواطنين.وقد حاولت الحكومة في العام 2010م ضمن هذه الوصفات المدمرة بيع جميع قطاعات الدولة للشركات الخاصة في الكويت، ولكن وقوف الشعب ضد هذه الإجراءات جعل مجلس الأمة يستثني قطاعات التعليم والصحة والنفط في مداولته الثانية.ثم تشكلت «اللجنة الاستشارية الاقتصادية العليا» لتدخل من باب خلفي مفاده ضرورة فرض ضرائب ورفع رسوم الخدمات، ورفع الدعم الاجتماعي عن المواطنين واستثناء الشركات من ذلك، ولكنها لم تستطع تحقيق هذا الأمر بسبب عدم واقعيته في دولة مثل الكويت وخاصة بعد دخول البلد في أزمات سياسية عميقة.وها هي المحاولة الثالثة تأتي على يد فريق متطوع لمبادرة تحت تسمية وأسلوب آخرين وتحمل اسماً براقاً هو «الكويت عاصمة النفط في العالم»، أطلقت على يد قيادي سابق في القطاع النفطي، وشغل لفترة رئيس مجلس إدارة وعضو منتدب لشركة نفط الكويت وغيرها من الشركات النفطية.وسريعاً ما انكشفت هذه الحيلة المراوغة وفُضحت نواياها، وهي منح القطاع الخاص المحلي والعالمي دوراً أكبر في الحياة الاقتصادية في الكويت، يصل إلى تصفية كل القطاع العام من دون استثناء وخصخصته من خلال شركات يملك فيها القطاع الخاص 80 في المئة من رأس المال وتصل نسبة الشريك الأجنبي إلى 14.5 في المئة من حصة القطاع الخاص ولا تحتفظ الحكومة سوى بنسبة 20 في المئة من ملكية هذه الشركات.وهو ما سيتمخض عن كوارث اقتصادية أولها تسريح قطاعات كبيرة من العاملين بالنفط وغيرهم، وتعريض قطاعات أوسع للبطالة والفقر، وارتهان مصير الشعب الكويتي ومصدر دخله الأساسي للقطاع الخاص المحلي والأجنبي، لنعود إلى ما قبل فترة تأميم شركات النفط في العام 1975م الذي قادته القوى الوطنية في مجلس الأمة، ولنعود مرة أخرى تحت رحمة الأجنبي الذي كان يستحوذ على ثروتنا ومقدراتنا.وفي الوقت الذي تقوم به حكومات وشعوب القارة الأميركية الجنوبية بتأميم شركات النفط، وتخرج شعوب أوروبا والعالم في حركات احتجاجية مليونية ضد إجراءات صندوق النقد الدولي وسياسات الخصخصة، يبدأ الشعب الكويتي مع هذه المبادرة بنزف عرقه وماله في جيوب حفنة من المتنفذين الفاسدين وزيادة ثراء الشركات الأجنبية، على حساب مستوياته المعيشية ومستقبل أبنائه.فلينتبه الشعب الكويتي وقواه السياسية إلى ما يحاك ضدهم من أجل نهب ثروتهم الوحيدة، فلا نريد لهذا القطاع الخاص الريعي والطفيلي والتابع للرأسمالية العالمية أن يستولي على مستقبلنا، ولانريد أن يشاركنا الأجنبي في ثروتنا، فالنفط الكويتي للكويتيين فقط وأجيالهم القادمة.
وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 17/06/2013 العدد: 12404

مقال للزميل د.فواز فرحان تحت عنوان "هل تقبلون أن تكونوا (أدوات) بيد السلطة؟"
بقلم: د. فواز فرحان*
لظروف تاريخية (محلية وإقليمية) انتقلت الكويت في عام ١٩٦١م من نظام المشيخة القديم ذي الطابع القروسطي إلى نظام المشيخة الجديد الذي يتأرجح بين النظامين الرئاسي والبرلماني، لقد أصبح عندنا دستور ولكنه (دستور حد أدنى) يحدد ملامحاً شبه ديمقراطية لشكل الدولة الجديد، وأصبح عندنا نظام انتخابي ولكنه نظام مشوّه يفتقد لأهم ركيزة من ركائز الانتخابات المتمثلة في أحزاب منظمة واضحة المعالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث يعتمد النظام الانتخابي على شخصيات المرشحين ومؤهلاتهم الفئوية والطائفية والقبلية ومدى قربهم أو بعدهم عن السلطة والتي تمثل كل شيء (تقريباً) في نظامنا السياسي، ناهيك عن نتيجة هذه الانتخابات التي ستؤدي إلى برلمان ثلثه معيّن على هيئة وزراء وثلثاه الآخران تمزقهما المنطلقات والمباديء والأهداف والمشاريع المختلفة لكل عضو من النواب الخمسين الذين يشكلونهما، واستخدمت السلطة هذا الوضع المشوّه والأعرج للمضي في مشروعها الدائم والساعي إلى إعادة الكويت إلى نظام المشيخة القديم بكل ما أوتيت من وسائل.
ورأينا في كل الأحداث التاريخية التي مرت بها الكويت كيف أن انحصار النضال في سبيل التطور الديمقراطي في إطار العمل البرلماني كان دائماً ما يؤدي بنا إلى طريق مسدود، ما يضطرنا للعودة مجدداً لندور في فلك السلطة على حسب القواعد والشروط التي وضعتها لنا.
بيد أن الحراك الشعبي الذي تصاعد في السنوات الأخيرة ساهم في تنامي الوعي السياسي، وبدأنا نسمع نبرة عالية من التذمر والانتقاد لهذا الوضع الذي لا يبدو أن له نهاية في ظل تخلُّف نظامنا الدستوري عن غيره من الأنظمة الدستورية العالمية في أغلب دول العالم وفي كل الدول الديمقراطية، ولقد وصلت الطليعة الواعية في المشهد السياسي إلى قناعة تامة بأن الاستمرار في (لعبة) الانتخابات بات نوعاً من العبث وتمضية الوقت على حساب مستقبل بلدنا وشعبنا، بل زيادة على ذلك أصبحت هذه (اللعبة) مصنعاً لتحويل الناشطين السياسيين إلى أدوات بيد السلطة تساهم معها في خدمة مشروعها الهادف إلى تقويض الهامش الديمقراطي.
لن أتطرق لمن يشارك في هذه (اللعبة) الانتخابية لأهداف شخصية محضة لأنه سيشارك حتى لو تحول مجلس الأمة إلى مسرح للعرائس، ولن أتطرق لمن يشاركون بها لأهداف طائفية أو قبلية أو لقمع المخالفين لهم لأن آخر أهدافهم هي المصلحة العامة إن كانت من ضمن الأهداف أصلاً، ولن أتطرق لمن سيشارك بها لأن أحدهم ربط بعض المناقصات والاستثمارات والمناصب بحبل الاستدراج وبات يسحبها خلفه ليجعله يزحف نحوها حتى يسقطه هو وإياها في قاع قاعة البرلمان، ولكنني سأتطرق لمن يشاركون بالانتخابات إيماناً منهم بأن هذه المشاركة ستساهم بدفع البلد إلى الأمام نحو استكمال الديمقراطية، رسالتي لهؤلاء المشاركين بحسن نية هي: هل تعتقد بأن النظام الانتخابي الحالي سيساهم في تشكيل كتلة أغلبية تستطيع تشريع ما تطمح له أنت من قوانين تساهم في تطوير البلد؟ وإن ساهم بذلك فأين ستذهبون والسلطة ينطلق صفرها من (الثلث) وتسيطر على ثلث آخر من خلال الواسطة والمحسوبية والتحكم بمخرجات الانتخابات بسبب نظامها المشوه؟ وسأذهب معكم إلى أبعد مدى وأفترض حصولكم على ٥٠ عضواً في البرلمان والسلطة لها ١٦ عضواً فقط على هيئة وزراء، هل تعلمون مصير القوانين الذي لا تسير و هوى السلطة؟ بل هل تعلمون مصير المجالس التي لا تسير و هوى السلطة؟ أمامكم مجلسان سابقان (مُبطلان) في سابقة تاريخية عندنا، وربما يصبح هناك مجلسان (مدفونان) أو ربما (متبخرّان)، وكل هذا ليس في مصلحة شعبنا وبلدنا بل في مصلحة شيء واحد فقط وهو مشروع السلطة، وأنا لا أعتقد بأنكم تقبلون أن تكونوا أدوات بيد السلطة.
___________
* عضو التيار التقدمي الكويتي.

بيان التيار التقدمي الكويتي حول استحقاقات المرحلة المقبلة
بعيداً عن الخوض في تفاصيل الأحكام الأخيرة التي أصدرتها المحكمة الدستورية، مع احترامنا لها، وما سيترتب عليها من إجراءات وخطوات تنفيذية لسنا معنيين فيها، فإنّ الأهم هو التأكيد على أنّ الأزمة السياسية المحتدمة في البلاد لم تنته ولم تُعالج أو تُحلّ، وأنّ أسبابها العميقة ما تزال قائمة، وهي أسباب أبعد من أن تنحصر في نطاق مرسوم قانون الصوت الواحد وحده، ذلك أنّها تعود بالأساس إلى تكريس نهج الانفراد بالسلطة والقرار، وترجع إلى تقليص حقوق الأمة والتضييق على الحريات العامة للمواطنين، كما تكمن أسباب هذه الأزمة في قصور دستور الحدّ الأدنى من حيث غياب أهم الضمانات الديمقراطية فيه المتمثّلة في وجود أحزاب سياسية ونظام انتخابي عادل يقوم على التمثيل النسبي وآلية التداول الديمقراطي للسلطة التنفيذية، هذا ناهيك عن سطوة قوى الفساد وأصحاب المصالح والنفوذ، واختلال موازين القوى لغير صالح القوى المطالبة بالإصلاح الديمقراطي.
وهذا ما أدى على مرّ السنوات وعبر مختلف التجارب والأحداث خلال السنوات الخمسين الأخيرة إلى تراجع إمكانية تحقيق الإصلاح الديمقراطي عبر العملية الانتخابية المعبوث فيها وبالاعتماد على الآلية النيابية القائمة، إن لم نقل أنّ أفقهما بات مسدوداً.
وبالتالي فإنّ المطلوب من القوى الحيّة في المجتمع الكويتي إعادة النظر في أساليب العمل السياسي المتبعة لإحداث الإصلاح المأمول، بحيث لا تنحصر هذه الأساليب، مثلما كانت ولا تزال، في نطاق النظام الانتخابي المشوّه والآلية النيابية القاصرة، إذ حان الوقت للاتفاق على أجندة سياسية للإصلاح الديمقراطي تهدف بالأساس إلى إطلاق الحريات الديمقراطية، ورفض الانفراد بالسلطة، وقيام حياة حزبية سليمة على أسس ديمقراطية، ووجود نظام انتخابي عادل وديمقراطي قائم على التمثيل النسبي، وصولاً إلى الانتقال نحو النظام البرلماني الكامل، وذلك كله بالاستناد إلى عمل سياسي وشعبي دءوب وطويل النَفَس يعمل على رفع مستوى الوعي السياسي للجماهير وتعبئتها وتنظيم حركتها والاعتماد عليها في تغيير موازين القوى لتحقيق الإصلاح الديمقراطي المنشود والتغيير المأمول.
وغير ذلك سيكون مجرد عبث؛ وإضاعة وقت؛ وتضييع جهد؛ وخداع للنفس، وتضليل للشعب.
الكويت في 16 يونيو 2013
الفتنة الطائفية مثل النار التي لا تنطفئ، فما أن تشتعل شرارتها حتى يرتفع لهيبها وتزداد أواراً، لا لتنير لنا درب التقدم والإنسانية ولكن لتحرق كل ما يصادفها، وتستمر عقوداً وعقوداً طويلة، لتغيّر من الطبيعة الإنسانية وتودي بها إلى مهاوي الكراهية والتعصب والعداء الذي يصعب إلغاؤه.لقد دُمرت شعوب وبلدان وحضارات جراء الفتن وكراهية الغير، والطائفية لا تشتعل من طرف واحد وإنما تحتاج لطرفين لكي تكبر وتعلو ألهبتها لتحرق ليس الحجارة والبشر فقط، بل تئد الروح البشرية وتحول الإنسان إلى وحش تحركه قناعاته المريضة والمظلمة.وفي ظننا أن الطائفية ليست نتاجاً للتاريخ الموغل بالقدم، بل هي انحراف فهمنا للدين وتشويه صورة أُسسه الأخلاقية التي بُنيت عليها ونزلت بسببها هذه الأديان، فالأديان السماوية بدأت بقيم وانتهت إلى قيم نقيضة بيد البشر، واستغلتها وأججتها جهات ودول وأنظمة استعمارية وغير استعمارية، وتلقفها الجهل والتخلف والتعصب الأعمى الذي نزلت الأديان لمحاربته، فكل الأديان السماوية دعت أول ما دعت إليه هو المحبة والتسامح، الذي يعطي للإنسان قيمه الأخلاقية النبيلة في العيش المشترك واحترام الاختلاف الذي يشكل تنوعاً في الوحدة.عقد يوم 8 يونيو الجاري في العراق المؤتمر الثاني للقوى المدنية الديموقراطية العراقية، وبحضور أكثر من خمسمئة شخصية من رؤساء وممثلي الأحزاب والقوى السياسية واتحادات ونقابات مهنية ومنظمات مجتمع مدني، وشخصيات أكاديمية وثقافية وناشطين مدنيين ووجهاء اجتماعيين، وأعلن المؤتمر بعد مناقشات مستفيضة لتردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية عن إطلاق «الحملة الوطنية لمناهضة الطائفية».كما أصدرت مجموعة سعودية واسعة من الأصدقاء الشيعة والسنة الذين جمعتهم ظروف الدراسة الجامعية، رسالة رأت فيها هذه المجموعة أن العالم الإسلامي طغت عليه لغة طائفية ساعدت في نشرها وسائل التواصل الاجتماعي وصور الفيديو ورجال الدين الجدد الذين عملوا على تنامي الطائفية والاستقطاب المذهبي، وقررت أن تنأى بنفسها عن هذه «الجاهلية الطائفية» لأنها ستدمر الجميع، ولذا كتبوا رسالة إخاء يدعون فيها كل المذاهب للاحتذاء بها، وتقول الرسالة «نحن لم نقرر اشعالها ولا حيلة لنا فيها وهي سياسية أكثر منها طائفية، فلندع الحكومات تنشغل بها أما نحن الشعوب فليس من الخير ولا الحكمة أن ننساق خلفها، ولن نستطيع اخماد الفتن إلا بالامتناع عن نفخها، وننادي بالحوار والتواصل والمدنية وإعمار المجتمعات».ورغم أن هذه المجموعة ليست مسيسة، إلا أنها أدركت على الفور بأن التأجيج الطائفي هو سياسي أكثر من كونه دينياً أو طائفياً، لأنهم مجموعة متعلمة ومستنيرة يجمعهم الحرص على المحبة والمواطنة المشتركة وبناء مجتمعهم.بيد أننا في الكويت اعتدنا الانسياق وراء التأجيج الطائفي ودعوات الكراهية بين البشر، ونرى الاختلاف والتنوع خطيئة لا تغتفر، فلا تمر فترة زمنية حتى نجد جهلة ومتخلفين بينهم متعلمون ومثقفون يدعون إلى تدمير الآخر، وينسون في خضم ذلك قضايا وطنهم المشتركة التي تحتاج إلى وحدتهم وتآلفهم كضرورة موضوعية وليست عاطفية رومانسية.أما الأنظمة المستبدة فهي لا تكتفي بغض النظر عن هذا الخطر المحدق، وتجاهل ما يحدث في الساحات العربية والإسلامية، بل تعمل على تأجيجها وتجييرها لأغراضها السياسية محافظة على كراسي زائلة، غير مكترثة بلعنات التاريخ ولا دماء الأبرياء، تحرك غرائزها العدوانية شهوة السلطة، ويتساوى في ذلك السلطات والمعارضة والسنة والشيعة.أدعو كل طوائف ومكونات أبناء شعبي الذي أحبه، بأن تحارب في أقسى معركة قد تواجهها وهي الفتنة الطائفية، فالوعي وثقافة التحضر والتلاحم وليس القوانين هي ما يجنبهم هذا الخطر، وأن يلتفتوا إلى قضايا وطنهم ومستقبله في المواطنة والتطور الديموقراطي وسيادة السلام المجتمعي.
وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 12/06/2013 العدد:12402
فــــ بـــــلادي مـافــي حــريّــة ..مات الماضي و شمسي الحيّة ..و آمــال الـــشــعــب المنــسـيّـه ..ديــمــو .. ديــمـو .. إخـراطيّـة ..! يــا عــالــم اصـحـوا يــا عـالـم ..فــي الــدولـة مـن بــقــى سالم ..؟شــبّــانــا راحــوا مــن ظــالــم ..و تــهــمـتــهـم تـهــمـه كــيـديّــة ..يــا بلادي ضــعـتـي يــا بلادي ..مـــل الــمـظـلــوم و هــو يـنادي ..حــاجــاتـي مــــاهــي بــ زادي ..انـــــا مـــــحــــتــاج لـحـــريّــــة ..صــمــتـــك الــيـوم يسند طاغي ..و مــطــالــبــك تــبغـيلها بـاغــي ..مــالــك فيها ثــاغـــي و راغـــي ..!!خـــــلّــــي مـــطــالــبــك جـهريّة ..فهد الزعبيعضو في التيار التقدمي الكويتي

تصريح صحافي صادر عن المنسق العام للتيار التقدمي الكويتي الزميل ضاري الرجيب بشأن التعسف في الحملة الأمنية لإبعاد الوافدين.
تابعنا في الأيام الماضية الحملة التي تنفذها وزارة الداخلية بغرض معاقبة الوافدين مرتكبي المخالفات والتجاوزات القانونية الجسيمة، وإننا إذ نؤيد مبدأ سيادة القانون وتطبيقه على الجميع بعدالة وإنصاف، سواء من المواطنين أو غير المواطنين، فإننا نرفض التعسف في استخدام السلطة الأمنية، ونعارض استغلال ضعف الحماية القانونية للوافدين من أجل إنزال العقاب عليهم دون إتاحة الفرصة للمتهمين للدفاع عن أنفسهم، هذا العقاب الذي يبلغ حد الإبعاد النهائي عن الكويت خلال ساعات من التوقيف. حيث شهدنا مؤخراً امتداد التعسف الأمني إلى حد تشويه سمعة الوافدين الموقوفين عبر تلبيسهم جرائم دون اعتبار لحقوقهم في محاكمة عادلة.ونشدد على أن للوافدين حقوقاً إنسانية لا يجوز التغاضي عنها، إضافة لحقوقهم العمالية التي يجب أن تكفل لهم الحياة الكريمة والمستقرة في مناطق عملهم. وإن دفاعنا عن الوافدين يمثل جزءاً من سعينا من أجل بناء وطن ديمقراطي عادل يسود فيه حكم القانون على الجميع، دون تعسف ولا استغلال.
14 يونيو 2013
تحية طيبة وبعد،
في غضون أيام معدودة ستشهد الكويت حُكم سَيسجل في صدر التاريخ الكويتي الحديث، وسيكون بداية منعطف جديد وعهد له ما له وعليه ما عليه، أكان الحكم لصالح الديموقراطية أو لصالح دولة المشيخة على حدٍ سواء، فكل خيار من هذه الخيارات سيكون له توابع سَتترتب عليه ولن يكون الحال بنفسه..
إن مجتمعنا يحمل تَرِكة تاريخية ثقيلة من الخضوع لنهج المشيَخه، وبعض أفرادِه غُرس في عُقولهم على امتداد عُقود التبعية العمياء غرساً، لكنهُ استفاق ووعى وأصبح يطالب بحقوقه المشروعة علانية، وأقول الأنهار لا تعود لمنابعها، ولن يرجع الحال لما كان عليه، فالمستقبل مُشرق فقط بمثابرتِكم وتواصلكم للمطالبةِ بحقوقِكم..
إن مرسوم الصوت الواحد وضِع لحل مشاكل كثيرة، منها حفظ للوحدة الوطنية، وبداية عجلة التنمية، وتأكيد حقوق الأقليات.. لم نر سوى تمزيقاً أكثر للوحدة الوطنية، الطائفية منها والقبلية، وتراجع التنمية أكثر مما كانت عليه، وسحقاً مُتعمداً للأقليات المجتمعية، فأين الفائدة غير أن حُقوق الشعب في الأختيار قد انتُهكت!؟
إنني في هذه الأثناء أقول لمعاليكم إن النضال في سبيل الديموقراطية الحقيقية والحرية غير المشروطة وحق الشُعوب لن يأتي على طبق من ذهب، لأنه وكما علمنا التاريخ فإن الحقوق تؤخذ ولا تُعطى، فلا تنتظروها بل اسعوا لنيلها، لا يُرعبكم تهديدٌ ولا وعيد فالتاريخ يزخر بأجمل قصص النضال في سبيل الحُلم الأكيد..
إن أشكال الاعتراض على عدم الرضى من الوضع الراهن كثيرة، وقد أخترتُ هُنا قلمي، ولو أن للقلم هيبة في بلدي ورُعبٌ لِيعاقب القلم بأطول المُدد بين الأغلال، فأكتُبها ليُسطرها الورق: إن أي حُكمٌ سياسي لا يَحترم عقلي قبل دُستوري لن أكون مُجبراً للخضوع له، وسأسعى لتغيير الواقع للأجمل، والتغيير لا يأتي مُنفرداً..
إن إرجاع الحق لأهله ليس به أي أنتقاصٍ أو خُضوع، بل هو أعدل العدل وأساس التقدم، فنحن، يا حضرة سيدي صاحب السمو الشعب الكويتي الكريم، لم نَبرح مكاننا بل تراجعنا إلى الوراء سياسياً واقتصادياً والأهم من ذلك اجتماعياً، فالحال لا يسُر والبلد تزحفُ للهاوية، فهل أنت راضٍ؟ لننتظر جميعنا الحل #١٦/٦
ناصر خالد الجميع
هناك أيام تاريخية يكون لها مدلولات رمزية معينة في تاريخ الشعوب لاسيما تلك التي تمثل منعطفات تاريخية ومفصلية في تطور بلدانهم. في عالمنا العربي، على سبيل المثال، فإن تاريخي 5 يونيو حزيران (يوم النكسة) و6 أكتوبر (بداية حرب أكتوبر 1973) يعتبران نقطتي تحول مهمتين في مسيرة الدول العربية.أما على المستوى المحلي فيمثل يوم إصدار الدستور الموافق 11 نوفمبر يوماً تاريخياً بالنسبة إلى الكويتيين مثلما هي الحال بالنسبة إلى يومي الاستقلال والتحرير بتاريخ 25 و26 فبراير اللذين نحتفل بهما سنوياً، بينما يمثل تاريخ 2 أغسطس يوم شؤم وحزن للشعب الكويتي لأنه يذكرنا بيوم الغزو العراقي والاحتلال البغيض.ومما لا شك فيه أن يوم 16 يونيو الجاري، وهو يوم حكم المحكمة الدستورية في طعون انتخابية عدة من ضمنها مرسوم قانون "الصوت الواحد"، سيمثل منعطفاً تاريخياً في غاية الأهمية بالنسبة إلى الكويت، لكن السؤال هو في أي اتجاه سيكون يا ترى؟ هل سيتم استذكاره مستقبلاً باعتباره يوم الانتصار للدستور والإرادة الشعبية أم العكس؟ الجواب سيتضح يوم الأحد القادم.وحيث إن الشيء بالشيء يذكر فإن المحكمة الدستورية، كما هو معروف، ليست محكمة قانونية خالصة بل محكمة لها طبيعة خاصة سواء من حيث التشكيل أو من حيث طبيعة المهام الوطنية العظيمة التي تتصدى لها، حيث إنها تأخذ في الاعتبار، بجانب النواحي الدستورية بالطبع، الأوضاع العامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.لهذا فقد أشارت المذكرة التفسيرية للدستور عند تفسيرها للمادة (173) إلى أنه "... يترك للقانون الخاص بتلك المحكمة الدستورية مجال إشراك مجلس الأمة والحكومة في تشكيلها إلى جانب رجال القضاء العالي في الدولة، وهم الأصل في القيام على وضع التفسير القضائي الصحيح لأحكام القوانين وفي مقدمتها الدستور، قانون القوانين".صحيح أن تشكيل المحكمة الدستورية الحالي مقتصر على السادة المستشارين الأفاضل رجال القضاء العالي في الدولة، لكن هذا لا ينفي الطبيعة الخاصة للمحكمة.وكما قال وزير العدل السابق المحامي جمال شهاب أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقده بالاشتراك مع وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، ووزير الدولة لشؤون البلدية الحالي بعد إبطال المحكمة الدستورية لمجلس 2012... "إن حكم المحكمة الدستورية يختلف باختلاف الظروف والمقاصد والأهداف السياسية".الخلاصة أن يوم 16 يونيو 2013 سيمثل منعطفاً تاريخياً على درجة عالية من الأهمية بالنسبة إلى نظامنا الدستوري من ناحية، وبالنسبة إلى طبيعة الصراع السياسي والأشكال التي سيأخذها في المستقبل من ناحية أخرى، وكلنا أمل أن يكون هذا اليوم هو يوم ترسيخ أسس نظام الحكم الديمقراطي وتخفيف حدة الصراع السياسي.
د. بدر الديحانيمنقول عن جريدة الجريدة تاريخ 12/06/2013

بيان التيار التقدمي الكويتي حول الاتفاقية الأمنية الخليجية.
تسعى السلطة هذه الأيام إلى الإسراع في القيام بإجراءات التصديق على الاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال مجلس مرسوم قانون الصوت الواحد المطعون في عدم دستوريته، لمباشرة البدء في تطبيقها، وذلك على الرغم من كونها اتفاقية تنتقص من السيادة الوطنية للكويت وتنال من الضمانات الدستورية للمواطنين.
فهذه الاتفاقية الأمنية تفتح الأبواب على مصاريعها لتدخّل الأجهزة الأمنية الخليجية في الشؤون الداخلية للبلدان الأعضاء في مجلس التعاون، وفقاً لما جاء في المادة العاشرة منها، وذلك تحت ذرائع "التعاون الميداني"؛ و"تقديم الدعم والمساندة"؛ و"مواجهة الاضطرابات الأمنية".
كما أنّ هذه الاتفاقية لا تتضمن ضوابط واضحة ومعايير محددة لاجتياز دوريات المطاردة البرية والبحرية للحدود الدولية للبلاد، وذلك وفقاً لما هو وارد في المادة الرابعة عشرة من الاتفاقية.
بالإضافة إلى خلو المادة السادسة عشرة من هذه الاتفاقية من أي ضمانات جدّيّة تكفل حقوق المواطنين الذين تطلب الدول الأخرى تسليمهم إليها للتحقيق والمحاكمة.
هذا ناهيك عن التوسع الملحوظ في مجال تبادل الأجهزة الأمنية للمعلومات والبيانات الشخصية المتعلقة بالمواطنين وتسليمها إلى الأجهزة الأمنية في الدول الأخرى، مثلما هو وارد في المادتين الرابعة والثامنة من الاتفاقية الأمنية.
واستناداً إلى ما سبق فإننا في "التيار التقدمي الكويتي" نرى أنّ الاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إنما تنطوي على مساس صارخ بالسيادة الوطنية للكويت وأنها تنتقص انتقاصاً واضحاً من الضمانات الدستورية المكفولة للمواطنين وحقوقهم وحرياتهم، ما يقتضي الانسحاب منها ورفض التصديق عليها، وبناء عليه فإنّ "التيار التقدمي الكويتي" يدعو مختلف القوى السياسية والشعبية إلى العمل المشترك للتصدي لمحاولات السلطة تمرير هذه الاتفاقية المناقضة لروح الدستور والمتعارضة مع نصوصه والمنتقصة من سيادة الكويت وحقوق شعبها.
الكويت في 12 يونيو 2013
بعدما اعترفت الادارة الأميركية باستخدامها برنامج سري للغاية لوكالة الاستخبارات اسمه الرمزي «بريزم» أو prism لجمع بيانات الناس على نطاق واسع عبر الانترنت، أثار هذا الخبر قلقاً عالمياً بالغاً على انتهاك خصوصيات وحريات جميع سكان الأرض.وكشفت الوكالات بأن وكالة الأمن القومي الأميركي ومكتب التحقيقات الفيديرالي اخترقا وعلى مدى السنوات السبع الماضية خوادم تسع شركات من عمالقة الانترنت في اطار برنامجها السري، ما دعا شركة «غوغل» الأكثر شهرة الى القول: «بأن سرية الاجراءات القانونية الحالية تضر بالحريات».كما أبدى الاتحاد الأوروبي قلقه بالنسبة لخصوصيات بيانات مواطني الاتحاد، بعدما كشفت صحيفتا «الواشنطن بوست» الأميركية و«الغارديان» البريطانية هذا البرنامج، علماً بأن الرئيس الأميركي أوباما دافع عن قانونية برنامج المراقبة، مؤكداً أنه محصور بالاتصالات عبر الانترنت التي يجريها الأجانب وليس الأميركيين، ولكن هذا التبرير لم يقنع أحداً من الأميركيين أو الأوروبيين، خاصة بعد اتضاح أن وكالة الأمن القومي متورطة مباشرة في جمع تريليونات من الاتصالات الهاتفية واتصالات البريد الالكتروني، شمل تفتيش السجلات الهاتفية لصحافيي وكالة «الأسوشييتدبرس» ومراسلي «فوكس نيوز»، ما يعني أن لا أحد من سكان الكرة الأرضية بمنأى عن اختراق خصوصياته والتجسس على كل أنواع استخداماته الهاتفية ولوسائل الانترنت، وندد الناشط الأميركي «جميل جافر» في مجالات حقوق الانسان قائلاً: ان هذا أمر يتخطى ما تحدث عنه «جورج أورويل» في روايته الشهيرة «1984م»، والحجة الأميركية التي أصبحت ممجوجة وكاريكاتيرية «أن هذا البرنامج موجه للارهاب ولحماية الشعب الأميركي» لم تعد تقنع أحداً بسبب انفضاح هذه المزاعم التي أدت الى احتلال دول وقتل شعوبها ونهب ثرواتها.وكشف التقني السابق لدى جهازي الاستخبارات الـ«سي أي أيه» و«ان اس آي» «ادوارد سنودين» للصحافيين عن تفاصيل مثيرة عن الفضيحة المتمثلة في مشروع «بريزم» للتجسس، الذي يراقب كل من يستخدم الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في أميركا وحول العالم، ويؤكد سنودين: «أنه يكفي أن تقعوا تحت دائرة الشبهات فيقوم أي محلل يتمتع بالصلاحيات الكافية بالغوص في بياناتكم وكل محادثاتكم مع الأصدقاء والأهل، والبحث فيها عن أي مواد يمكن استخدامها ضدكم لاحقاً» مستطرداً: «ان المشروع خطر على الحريات الأساسية للناس في جميع أنحاء العالم، وأن الولايات المتحدة تتجسس على جميع الأميركيين والبشرية».ونحن على يقين بأن الأنظمة الاستبدادية العربية التي تكره الحرية ستسعد لمثل هذا المشروع، وستتلقفه بلهفة لأنه سيسهل عليها مراقبة معارضيها، وهي على استعداد لأن تدفع مقابله المليارات من أموال شعوبها لأنه سيتيح لها مراقبة شعوبها ومواطنيها، وتجميع معلومات تتيح لها استخدامها ضد أي كان في أي وقت تشاء.وهمسة في أذن الذين يرون في الولايات المتحدة «قِبلة للحرية» ومنارة للتنوير والديموقراطية، ويشكرون النظام الرأسمالي ليلاً ونهاراً لأنه اكتشف واخترع وأتاح لهم الأجهزة التكنولوجية الدقيقة مثل الكمبيوتر والهواتف الذكية، أن الرأسمالية دائماً وأبداً تهدف من وراء أي تطور تكنولوجي الى أمرين جوهريين، هما الربح ومضاعفته بأي وسيلة، واستخدام هذه الأجهزة من أجل انتهاك حرياتكم وخصوصياتكم وملاحقتكم، فكل جهاز متطور هو جهاز متابعة وملاحقة لا ضد الارهاب فقط كما تدعي ولكن من أجل وأد كل انتفاضة أو ثورة قد تقوض نظامها الذي تسعى لاطالة عمره وجعله «نهاية التاريخ»، فهي لم تكن مطلقاً في يوم من الأيام ولن تكون أبداً أخلاقية.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 12/06/2013 العدد:12399

د. بدر الديحاني:الاستقرار والتنمية لا يتحققان بالاتفاقيات الأمنية.
في الوقت الذي ينتظر فيه المواطنون نتائج ما سُمّي "خطة التنمية" التي صُرف عليها مليارات الدنانير و"بشرتنا" بها الحكومة مراراً وتكراراً على أساس أنها هي التي ستحل مشاكلنا العامة كافة، في هذا الوقت تهلّ علينا الاتفاقيات الأمنية من كل حدب وصوب، حيث لا يقتصر الأمر على الاتفاقية الأمنية الخليجية المخالفة للدستور، فهناك اتفاقية أمنية مع بريطانيا وأخرى مع الأردن (أشار إليها من دون تفاصيل رئيس مجلس الأمة السابق السيد أحمد السعدون في لقاء تلفزيوني)، وربما يكون هناك اتفاقيات أمنية أخرى لا أحد، سوى الحكومة، يعرف عنها شيئاً، فهل هذه هي نتائج ما سُمي "خطة التنمية"؟!والأمر المثير للاستغراب هنا هو إحاطة هذه الاتفاقيات الأمنية بالسرية التامة، باستثناء الخليجية التي أُعلنت بنودها بعد أشهر من توقيعها، بالرغم من أنه من حق المواطنين دستورياً معرفة تفاصيلها، وبالرغم أيضا من عدم حاجة الكويت لاتفاقيات أمنية طابعها بوليسي.صحيح أن قضية الأمن تعتبر أولوية وطنية لكن أي أمن يُقصد هنا؟ هل هو أمن الشعوب أم أمن الأنظمة القائمة؟ أمن الشعوب يعني المزيد من الحريات والعدالة الاجتماعية والمساواة والمشاركة الفعلية بالسلطة والثروة؛ لذلك تقاتل الشعوب الحرة الكريمة من أجل المحافظة على أمنها.أما أمن الأنظمة فيركّز على الإبقاء على الوضع القائم وملاحقة النشطاء السياسيين ومراقبة تصرفاتهم وقمع الحركات الشعبية الاحتجاجية، وتقييد الحريات من أجل إجهاض أي محاولة للإصلاح السياسي، هدفها مشاركة الشعب مشاركة حقيقية في إدارة شؤونه العامة، وفي الثروة الوطنية أيضا مع المحافظة على النظام السياسي مثلما هو مطروح حالياً في دول التعاون الخليجي.وكما هو معروف فإن الاتفاقيات الأمنية والقبضة البوليسية لم تستطع على مر التاريخ حماية الأنظمة الاستبدادية التي تتساقط بسرعة البرق عندما تقرر الشعوب ذلك، وخير شاهد هنا هو ما جرى ويجري منذ ثلاثة أعوام تقريبا في منطقتنا العربية.في الكويت وبخلاف بعض الدول العربية والخليجية فإنه لا وجود إطلاقاً لأي صراع سياسي على الحكم الذي حصنته المادة الرابعة من الدستور، بل أثبت الشعب الكويتي مراراً وتكراراً، وبشكل عملي ملموس، تمسكه بالأسرة الحاكمة كما حصل، على سبيل المثال، في مؤتمر جدة أثناء الاحتلال العراقي سيئ الذكر.كل ما هناك هو مطالبة شعبية مستمرة للتمسك بالدستور، باعتباره العقد الاجتماعي المتوافق عليه وطنياً، وتطبيقه كاملاً ثم القيام بإصلاحات سياسية وديمقراطية تحمي أول ما تحمي نظام الحكم الذي أجمع وما زال يجمع عليه الكويتيون كافة.إن رفض السلطة للإصلاحات السياسية المستحقة والمحاولات الدؤوبة لتجاوز الدستور من جهة، وتشديد القبضة البوليسية من خلال الاتفاقيات الأمنية سواء السرية أو العلنية من جهة أخرى، لن يؤدي ذلك كله إلى الاستقرار السياسي، ولن يحقق التنمية المستدامة، بل على العكس من ذلك تماماً فإنه سيؤدي إلى احتدام الصراع السياسي حول النظام الدستوري ذاته مما يحوله إلى صراع مباشر بين السلطة والشعب، وهو ما لا يتمناه أي حريص على استقرار وطننا وتقدمه.
د. بدر الديحاني
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 10/06/2013
كل الكويتيين يترقبون حكم المحكمة الدستورية في شأن قانون مرسوم الصوت الواحد، سواء من المؤيدين أو المعترضين عليه، والذي أدى لمقاطعة الانتخابات الماضية من قبل قطاع واسع من القوى والتيارات السياسية والناشطين والمهتمين من المواطنين في الشأن الديموقراطي للبلد.ووصفت القوى السياسية الوطنية الحكم المفترض صدوره يوم 16 يونيو الجاري بأنه سيكون حكماً تاريخياً قد تتجاوز الكويت من بعده حالة الاحتقان السياسي التي تفاقمت بعد إصدار المرسوم، وإجراء الانتخابات بناء عليه .إن الحديث عن هذا الحكم وتداعياته سواء من خلال البيانات السياسية أو من خلال الكتاب في الصحافة المحلية، لا يعد ضغطاً وتدخلاً في الشأن القضائي المستقل الذي لا سلطان عليه كما هو معروف في القضايا الجنائية، إن لهذه المحكمة طبيعة خاصة، حيث تترك آثار حكمها على مجمل المجتمع الكويتي ومستقبله الدستوري والانتخابي وبالنهاية على شكل النظام الديموقراطي في المستقبل.إذ إن مواد الدستور في شأن هذه المحكمة الخاصة، وبالتحديد المذكرة التفسيرية للمادة (173) تدعو لإشراك ممثلين عن مجلس الأمة وممثلين عن الحكومة في تشكيلها، على خلاف المحاكم الأخرى التي يجب أن يتولاها قضاة فقط أي من السلطة القضائية، كما أنها لا تنطلق في أحكامها من القوانين فقط بل تأخذ في عين الاعتبار وجهات النظر المختلفة والاعتبارات، لأن حكمها لا يتناول قضايا جزئية مثل الجنايات بل يمس مستقبل الأمة بأكملها.وفي فترة الانتظار والقلق المرير ترتفع بورصة التوقعات، فهناك من يرى أن المحكمة ستحكم بعدم اختصاصها بالمراسيم لأنها من أعمال السياسة الخاصة بصاحب السمو الأمير ومجلس الأمة، وهناك من يرى أنه سبق لهذه المحكمة الجليلة أن أصدرت في مرة حكماً في الشروط الموجبة للضرورة، ولذا أبطلت مراسيم سابقة وفي مرة أخرى أصدرت حكماً بعدم الاختصاص، مع هذه الحالة لا يمكن التنبؤ بالحكم المقبل يوم 16 يونيو والذي ينتظره الشعب على أحر من الجمر، فيوم صدوره سيكون يوماً تاريخياً مفصلياً سيترك أثره على حاضر ومستقبل الكويت كما ذكر بيان القوى الوطنية.وهناك آراء ترجح أن الكويت تقتدي بالأردن، وخاصة أن الصحافة المحلية نشرت خبراً مفاده توقيع اتفاق أو تفاهم بين القضائين الكويتي والأردني بغية الاستفادة من الخبرات القضائية الأردنية، والأردن كما نعلم أقرأخيراً قانون «الصوتين» بدلاً من «الصوت الواحد»، لكن القوى السياسية في الأردن رأت أن عملية المساومة على صوتين لن تغير كثيراً من نتائج الانتخابات النيابية في الأردن، رغم أن الأمر يبدو عادلاً أو كأنه استجابة لمطالب الجماهير الأردنية وقواها السياسية الواعية لهدف هذه المساومة التي ترمي لتخفيف الاحتقان وتحقيق أهداف السلطة في تفتيت المعارضة وتشتيتها وخلق مجلس نيابي مطيع ومؤيد لكل إجراءات الحكومة، وتذهب بعض التخمينات إلى أن المحكمة قد تبطل إنشاء الهيئة العليا للانتخابات وستُبقي على مرسوم الصوت الواحد يحدد مصيره مجلس يسهل التلاعب بقراراته من قبل الحكومة.ونرى أن الأهم ليس حكم المحكمة الدستورية في شأن الصوت الواحد، فتلك جزئية لا تغير من نهج السلطة العام، فرغم أن بعض القوى السياسية والنيابية والشخصيات بدأ يسيل لعابها منذ هذه اللحظة على كرسي البرلمان أياً كان الحكم المرتقب، وهو عيب سيلازم غالبية القوى السياسية الكويتية التي لا تعرف سوى النضال البرلماني، وهو ما اعتادت عليه لنصف قرن.إن القضية لا تنحصر في مرسوم الصوت الواحد، فحتى وإن جاء الحكم بالطعن بعدم دستورية هذا المرسوم، والعودة لتحديد الدوائر الخمس بأربعة أصوات، تبقى القضية الأهم هي التطور الديموقراطي باتجاه النظام البرلماني الكامل واشهار الأحزاب، وهذا ما يدفع الكويت والمجتمع الكويتي خطوة إلى الأمام في طريق التطور.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول جريدة الراي تاريخ 10/06/2013 العدد:12397

رشيد غويلب:حركة احتجاجية في سبيل دولة مدنية ديمقراطية / تركيا... تفجر الغضب الشعبي المكبوت يرعب اردوغان
منذ الحادي والثلاثين من ايار الفائت تجتاح اغلب المدن التركية حركة احتجاجية جماهيرية واسعة يشارك فيها مئات الآلاف من الشبيبة والناشطين الاجتماعين، مدعومة من اكبر الاتحادات النقابية العمالية في البلاد ، اتحاد نقابات العاملين في القطاع العام، وتشارك فيها ايضا الاحزاب السياسية المعارضة للحكومة، اليمينية و اليسارية على حد سواء.وكانت خطط الحكومة الاسلامية المحافظة لتدمير الطابع الحضاري والتاريخي لمدينة اسطنبول، وهدم عدد من احياء المدينة الفقيرة لصالح مشاريع سكنية وبناء جسور واسواق تلبي نهم الليبراليين الجدد لتحقيق الارباح وتكديس الاموال قد فجرت الحركة الاحتجاجية، وخصوصا توجه الحكومة لازالة حديقة «غازي» القريبة من ساحة «تقسيم» الرئيسية في اسطنبول، ولكن طابع الحركة واتساعها واستمرارها يعكسان الاسباب الحقيقية التي ادت الى اندلاعها والتي لايمكن حصرها في السعي لازالة حديقة عامة.ويرى محللون يساريون اتراك ان ما يجري اليوم في بلادهم يمكن مقارنته بالانتفاضة العمالية التي شهدتها تركيا يومي 15 و 16 حزيران 1970، وان الناس يعيشون حاليا تجربة تاريخية مؤثرة، سوف لن تكون تركيا بعدها كما كانت من قبل.ان الطابع العفوي للحركة الاحتجاجية يعبر عن غضب جماهيري مكبوت، ويعلن عن «ربيع تركي» متأخر نمت بذوره ببطء، ومنذ وقت طويل. لقد جاء حزب العدالة والتنمية الاسلامي الى السلطة بعد الازمة الاقتصادية المدمرة في عام 2001. واستطاع الحزب من خلال تبنيه سياسة الليبرالية الجديدة الصارمة معتمدا على تدفق الاموال الاجنبية المستمر، وخصوصا من السعودية وقطر، في كسب دعم جماعات رأسمالية محلية مختلفة. واستطاع اردوغان وحزبه الحفاظ على الاكثرية البرلمانية للمرة الثالثة، من خلال اطلاق وعود سياسية لحل القضية الكردية حلا سلميا، والتصعيد في مواجهة الجنرالات الكماليين في المؤسسة العسكرية.ولكن في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد الاستفتاء على الدستور عام 2010، أصبح الوجه القمعي لهيمنة اسلاميي الليبرالية الجديدة واضحا على نحو متزايد، والى جانب الخصخصة للاقتصاد، واسلمة نظام التعليم، والحرب اليومية في المناطق الكردية، والاعتقالات ومحكمات المئات من ممثلي الشعب المنتخبين باتهامات باطلة، تكررت حملات المداهمة والاعتقال ضد النقابيين، وناشطي مختلف المنظمات السياسية والاجتماعية ذات التوجهات اليسارية، واحتواء السلطة القضائية ووسائل الاعلام، وكان هذا كله مصحوبا بقضم تدريجي للحريات الشخصية وملامح الدولة المدنية ضمن خطة تهدف لأسلمة الدولة، بما في ذلك العمل الجاد لتغيير الدستور بما يتلاءم مع محاولات اردوغان وحزبه احكام قبضته على جميع مناحي الحياة في تركيا. وكان العنف الذي استخدمته الشرطة ضد المحتفلين في الاول من ايار، ومنع النقابات العمالية من تنظيم تجمعاتها في ساحة «تقسيم» التي تمثل مكانا ذا رمزية بالنسبة للحركة النقابية، الحدث الذي مهد الطريق لاندلاع الانتفاضة الحالية.يضاف الى ذلك سياسة خارجية اقليمية مدمرة مبنية على دعم الجماعات الاسلامية المتطرفة، والتدخل باشكال مختلفة في الشؤون الداخلية لبلدان الجوار سواء كان ذلك في العراق، او في الصراع المحتدم في سوريا، ومحاولة تحويل تركيا الى شرطي لمراكز القرار الرأسمالية في المنطقة.واليوم يستمر مئات الآلاف بالاحتجاج ضد سياسة الحكومة الاستبدادية و من اجل السلام والحريات والحقوق المدنية. ويحاول الحزب الجمهوري اليميني المعارض احتواء الاحتجاجات وهو امر صعب التحقيق اذا ما تعزز التعاون بين جموع الشبيبة المحتجة، والحركة النقابية، والقوى اليسارية، وحركة الشعب الكردي التحررية، وجميع الساعين حقا الى السلام والديمقراطية، لتنظيم مقاومة مجتمعية تفوت الفرصة على اليمين المعارض، والحكومة الاسلامية، والسير بالحركة الاحتجاجية الى اهدافها المرجوة.
موقف حكومي متغطرس
وعلى الرغم من تصاعد الحركة الاحتجاجية واتساعها تصر حكومة رجب طيب اردوغان على التمسك بخططها التي فجرت الازمة، وتقوم قوات الشرطة بمواجهة المحتجين بالغازات المسيلة للدموع، والرصاص المطاطي، كما استخدمت الشرطة في بعض المدن الاسلحة الجارحة، وتشير وسائل الاعلام، حتى اعداد هذا التقرير الى استشهاد ثلاثة محتجين، واعتقال المئات، وجرح ما لا يقل عن 5 آلاف محتج، واعتقال العديد من متصفحي التويتر والفيسبوك عقابا على حملة التعبئة السريعة التي مارستها الشبيبة عبر منتديات التواصل الاجتماعي، كما جرى اعتقال العشرات من الاجانب، بما في ذلك طلبة البعثات القادمين من دول الاتحاد الأوروبي.من جانبه شن رئيس الوزراء التركي، العائد من زيارة لبلدان شمال افريقيا، شن في كلمة له امام تجمع لانصاره في مطار «اتاتورك»، هجوما هستيريا ضد المحتجين متهما اياهم بفقدان المصداقية، وانهم حولوا الديمقراطية الى تخريب. وكالعادة اتهم اردوغان قوى اليسار التي وصفها بالمتطرفة بالوقوف وراء الانتفاضة، واصفا المحتجين بالإرهابيين.
حركة تضامن واسعة
وانطلقت في العديد من بلدان العالم حركة تضامن واسعة وباشكال مختلفة مثل تنظيم التجمعات والتظاهرات التضامنية في العديد من البلدان الأوروبية، بمشاركة واسعة للمواطنين الأتراك المقيمين في هذه البلدان، بغض النظر عن هويتهم القومية والدينية. وأصدرت العديد من شخصيات وقوى اليسار في العالم تصريحات ونداءات تضامن مع المدافعين عن قيم السلام والتقدم والحياة المدنية في اكثر من 67 مدينة تركية.
منقول عن موقع الحوار المتمدن تاريخ 09/06/2013
مرت يوم الأربعاء الماضي 5 يونيو/حزيران ذكرى هزيمة الجيوش العربية أمام الطيران والجيوش الإسرائيلية، وهذه الحرب في عام 1967م استغرقت ستة أيام فقط، لتعكس هشاشة الجيوش العربية وبالأخص في مصر وسورية اللتين تعتبران من أكبر الدول العربية وصاحبة أكبر وأقوى الجيوش العربية في ذلك الوقت. ولم يقتصر الأمر على ضعف أداء الجيوش العربية، ولكن الهزيمة أبرزت التفوق الإسرائيلي هذه الدولة العدوانية الصغيرة على كل الأوهام والادعاءات القومية بالتفوق والقدرة على «رمي إسرائيل في البحر»، وأحبطت الشعوب العربية بل أشعرتها بالإذلال وبمدى خدعة أنظمتها لها وادعاءاتها بالاستعداد ليس لمقاومة أي اعتداء إسرائيلي على أراضيها بل حتى القدرة على تحرير فلسطين من أيدي غاصبيها الصهاينة، إضافة إلى احتلال إسرائيل لأراضٍ عربية جديدة أضافت توسعاً أكبر في السيطرة على الأراضي العربية كخطوة لتحقيق الحلم الصهيوني بإنشاء دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل.ونعلم أن هناك ملابسات أبعد من ضعف استعداد الجيوش العربية، نعلم أنه كان هناك فساد كبير بين الضباط العرب وضعف في بناء هياكل الدول العربية وإعلامها الذي كرّس نفسه لتمجيد رؤساء هذه الدول وإنجازاتهم المزعومة، وعملت على إضعاف المواطن العربي ومحاصرته أمنياً وملاحقته سياسياً مع ضعف التوجهات الديموقراطية الحقيقية وتقييد حرياته.هذه الأنظمة المهزومة بشكل يخجل منه العدو قبل الصديق، جاءت ضمن حركة التحرر الوطني العربية من خلال الإطاحة بالملكيات والنظام الاقطاعي المدعوم من الاستعمار، ولكن لأنها لم تكن ثورات شعبية من أجل التغيير الجذري في بنية هذه الأنظمة والمجتمعات العربية، بل كانت انقلابات عسكرية جاءت بحكم العسكر، كثيري الوعود الزائفة وبائعي الأحلام لشعوبنا المتخلفة والمخدوعة والمتطلعة إلى التغيير الاجتماعي الديموقراطي، ومرت عقود على حكم العسكر ولم يتحقق على أرض الواقع سوى القمع وتكميم الأفواه ونشوء فئة فاسدة من وضعها المميز، وصبرت الجماهير تحت دعوات أن كل شيء للمجهود الحربي ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة ودعوات الممانعة والمقاومة، ولكن على أرض الواقع لم تستطع الأنظمة القومية تحقيق أدنى تقدم ديموقراطي سياسي واجتماعي، ولم يستطع المثقف العربي بكل أسف قراءة الواقع وطبيعة الأنظمة القومية العسكرية، بل هادنت النخب المثقفة هذه الأنظمة على اعتبار أنها أنظمة وطنية، فتراجع نضالها الاجتماعي والسياسي من أجل بناء مجتمعات متقدمة ديموقراطياً واجتماعياً بمن فيها المثقف التقدمي واليساري الذي سقط بالتحليل واكتفى بما حققته حركة التحرر الوطني العربية.هذه الهزيمة النكراء غيرت من الذهنية العروبية المعتدة والواثقة بأنظمتها، إلى ذهنية مهزومة وشخصية منكسرة، وبدأت تتأسس مرحلة جديدة من ارتباك القيم القومية، وكأن الهزيمة كانت صفعة مفاجئة لتصحو القوى الوطنية والديموقراطية والتقدمية من وهمها، ليأتي غزو صدام حسين للكويت ويقضي على ما تبقى من الحلم العربي ومبدأ التضامن والوحدة العربية غير الواقعية في ظل اختلاف الأنظمة السياسية واختلاف الظروف الاجتماعية والثقافية بين الشعوب العربية، فمنها من كان رجعياً متخلفاً ومنها من كان يسعى لبناء ديموقراطية الحد الأدنى.وها هي الأنظمة تثبت يوماً بعد يوم خيانتها لشعوبها وعمالتها لأميركا والغرب وإسرائيل، مجهضة أحلام التحرر والديموقراطية والتقدم، وليس في المنظور القريب أن تتحقق هذه الأحلام في ظل ديكتاتوريات مستبدة، تحرم شعوبها من أبسط مبادئ الحرية والكرامة الإنسانية، وتزج بالمعارضين السياسيين بالسجون بادعاء الحفاظ على الاستقرار ودرء المخاطر الخارجية، والأمل بالثورات العربية الماضية في تجذير ثوراتها.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 08/06/2013 العدد:12395
إذا كان ﻣﻘﺪراً ﻟﻠﻘﺎرئ أن ﻳﺨﺮج ﺑﻤﻌﻠﻮﻣﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ هذه اﻟﻔﻘﺮة ﻓﻠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﺒﺎب ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو ﻧﺤﻮ 24.4%، أي إن ﻧﺤﻮ واﺣﺪ ﻣﻦ الأرﺑﻌﺔ ﺷﺒﺎب، ﻓﻲ اﻟﻔﺌﺔ اﻟﻌﻤﺮﻳﺔ 24-15، ﻣﺘﻌﻄﻞ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ، ﺑﺈﺟﻤﺎﻟﻲ ﻗﺪرﻩ ﻧﺤﻮ 3.6 ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺷﺎب وﺷﺎﺑﺔ ﻣﺘﻌﻄﻠﻴﻦ، ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻤﻌﺪل 15.5% ﻋﺎم 2007، ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ، وذﻟﻚ ﺣﺴﺐ ﺁﺧﺮ أرﻗﺎم ﻣﻜﺘﺐ اﻹﺣﺼﺎء اﻟﺮﺳﻤﻲ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻼﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ "ﻳﻮروﺳﺘﺎت" واﻟﺘﻲ ﺗﻐﻄﻲ أﺑﺮﻳﻞ 2013.
وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ دول ﻣﺤﺪدة ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو، اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ 17 دوﻟﺔ، ﻓﺈن اﻟﻴﻮﻧﺎن ﺗﺒﺪو اﻷﺳﻮأ ﺣﺎﻻً ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺑﻄﺎﻟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺸﺒﺎب ﺗﺒﻠﻎ ﻧﺤﻮ 62.5%، أي إن ﻧﺤﻮ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ الخمسة ﺷﺒﺎب ﻳﻮﻧﺎﻧﻴﻴﻦ ﻣﺘﻌﻄﻠﻮن، وأﻋﻠﻰ، كثيراً، ﺑﻨﺤﻮ 39.6 ﻧﻘﻄﺔ ﻣﺌﻮﻳﺔ ﻋﻦ ﻣﻌﺪل ﻋﺎم 2007 اﻟﺒﺎﻟﻎﻧﺤﻮ 22.9%. أﻣﺎ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ، اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺧﺎﻣﺲ أكبر اﻗﺘﺼﺎد أوروﺑﻲ، ﻓﺘﺄﺗﻲ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺳﻮء ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﺒﺎب ﺑﻨﺤﻮ 56.4%، ﺑﺎرﺗﻔﺎع، أكثر ﻣﻦ اﻟﻀﻌﻔﻴﻦ، ﻋﻦ ﻣﻌﺪل ﻋﺎم 2007 اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻧﺤﻮ 18.2%. وﻃﺒﻌﺎً، ﺟﻤﻴﻊ هذه اﻟﻨﺴﺐ هي اﻷﻋﻠﻰ ﻣﻨﺬ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو ﻋﺎم 1999، ﻓﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻷهمية اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻠﻔﺘﺮة اﻟﺮاهنة، وﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻋﻦ ﺑﻴﺎﻧﺎت ﺷﻬﺮ ﻣﺎرس، وﻋﻦ اﻟﻔﺘﺮة ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻌﺎم 2012، ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﺗﺠﺎﻩ ﺑﻄﺎﻟﺔ اﻟﺸﺒﺎب ﻻ ﻳﺰال ﻧﺤﻮ اﻻرﺗﻔﺎع.
هذه اﻷرﻗﺎم ﺧﻄﻴﺮة ﻟﺪرﺟﺔ ﺣﺪَت ﺑﻮزﻳﺮ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻷﻟﻤﺎﻧﻲ "وﻟﻔﻐﺎﻧﻎ ﺷﻮﺑﻞ" ﻟﻠﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ "آﺎرﺛﺔ"، ﻗﺪ ﺗﺆدي ﻟﺨﺴﺎرة اﻟمعركة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺣﺪة اﻷوروﺑﻴﺔ، ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﺑﺮدﱢ ﻓﻌﻞ ﺷﺒﺎب أوروﺑﻲ ﻣﺘﻌﻠﻢ ﺗﺴﻮء أﺣﻮاﻟﻪ ﻟﺨﻤﺴﺔ أﻋﻮام ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ، ﻣﺬ ﺑﺪأت اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻋﺎم 2008، وﺁﻣﺎﻟﻪ ﺑﺘﺤﺴﻦ اﻷوﺿﺎع ﺗﺨﻔِﺖ ﻣﻊ الإعلان ﺟﺪﻳﺪ ﻋﻦ أرﻗﺎم اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ.
آﻤﺎ إن ﻧﺴﺐ ﺑﻄﺎﻟﺔ اﻟﺸﺒﺎب هذه أﻋﻠﻰ، كثيراً، ﻣﻦ ﻧﺴﺐ ﺑﻄﺎﻟﺔ اﻟﺸﺒﺎب ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ، واﻟﻤﻘﺪرة ﺑﻨﺤﻮ 12.6% ﻋﺎم 2013، وذﻟﻚ ﺣﺴﺐ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﻬﻢ ﺑﻌﻨﻮان "اتجاهات اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻟﻠﺸﺒﺎب ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ 2013: ﺟﻴﻞ ﻓﻲ ﺧﻄـﺮ"، اﻟﺼﺎدر ﻋﻦ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻸﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ 8 ﻣﺎﻳﻮ 2013، ﺑﻞ إن ﻧﺴﺐ ﺑﻄﺎﻟﺔ اﻟﺸﺒﺎب ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو أﻗﺮب ﻟﻨﺴﺐ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ، ﺣﻴﺚ ﻳﻘﺪر اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ، ﻧﻔﺴﻪ، ﺑﻄﺎﻟﺔ اﻟﺸﺒﺎب ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﺑﻨﺤﻮ 28.3%، وﻧﺤﻮ 23.7% ﻟﺸﻤﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ، وهما اﻟﻨﺴﺒﺘﺎن اﻷﻋﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ.
وﻓﻲ اﻟﻜﻮﻳﺖ، ﻳﺠﺐ أﻻ ﻧﺘﺼﻮر أﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﻌﻴﺪﻳﻦ ﻋﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺑﻄﺎﻟﺔ اﻟﺸﺒﺎب، ﻓﻮﻓﻘﺎً ﻷرﻗﺎم اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ، ﻳﺒﻠﻎ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺰﻳﺎدة ﻓﻲ ﻋﺪد اﻟﻘﺎدﻣﻴﻦ اﻟﺠﺪد ﻟﻘﻮة اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ﻣﺎ ﻧﺴﺒﺘﻪ 4.3%، ﻟﻸﻋﻮام اﻟﺨﻤﺴﺔ اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ، ﻓﺈذا كان ﻣﻄﻠﻮﺑﺎً، ﻓﻌﻠﻴﺎً، ﺗﻮﻇﻴﻒ 9,599 ﺷﺎﺑﺎً وﺷﺎﺑﺔاﻧﻀﻤﻮا ﻟﻘﻮة اﻟﻌﻤﻞ ﻋﺎم 2012، ﻓﺈن هذا اﻟﻌﺪد ﻗﺪ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﺎ ﻣﻌﺪﻟﻪ 18.5 أﻟﻔﺎً ﺳﻨﻮﻳﺎً، ﺣﺘﻰ ﻋﺎم 2017، ﺑﺈﺟﻤﺎﻟﻲ ﻗﺪرﻩ 92.5 أﻟﻔﺎً ﻓﻲ ﻏﻀﻮن ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات، ﻓﻘﻂ، وﻟﻠﻤﻘﺎرﻧﺔ؛ ﻓﺈن ﻋﺪد اﻟﻘﺎدﻣﻴﻦ إﻟﻰ ﻗﻮة اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ واﺣﺪة ﻳﻘﺎرب ﻣﺠﻤﻮع ﻋﺪد ﻣﻮﻇﻔﻲ وزارﺗﻲ اﻹﻋﻼم واﻟﺸﺆون اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﻴﻦ، ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻋﺎم 2011، وﻳﻤﺜﻞ أكثر ﻣﻦ ﺿﻌﻔﻲ ﻣﻮﻇﻔﻲ أكبر ﺑﻨﻮك اﻟﻜﻮﻳﺖ، ﺑﻨﻚ اﻟﻜﻮﻳﺖ اﻟﻮﻃﻨﻲ، اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﻴﻦ وﻏﻴﺮ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﻴﻦ.
وﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ أكثر اﻟﻤﺆﺷﺮات ﻋﻠﻰ أداء أي اﻗﺘﺼﺎد أهمية، وﻋﺎدة ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺧﻔﺾ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺗﺨﻄﻴﻄﺎً ﻃﻮﻳﻞ اﻷﻣﺪ وإﺻﻼﺣﺎت ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﻀﻤﺎن ﺧﻠﻖ اﻟﻌﺪد اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻣﻦ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ وﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻻت اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ، ﻓﺎﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﺤﻞ ﺑﻘﺮار إداري ﻓﻘﻂ، ﻣﺜﻞ اﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ، إﻧﻤﺎ ﺑﺮؤﻳﺔ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺗﻤﺘﺪ ﻷﻋﻮام. أﻣﺎ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺑﻴﻦ ﻓﺌﺔ اﻟﺸﺒﺎب، ﺗﺤﺪﻳﺪاً، ﻓﻠﻬﺎ ﺑﻌﺪ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻣﺘﻔﺠﺮ، كون اﻟﺸﺒﺎب هم الأكثر ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻄﺎء، وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، اﻷﻗﻞ ﻗﺒﻮﻻً ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻓﻲ ﺧﻠﻖ وﻇﺎﺋﻒ، وهو اﻟﻔﺸﻞ اﻟﺬي أدى إﻟﻰ ﺛﻮرات اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ، وﺟﺬورﻩ راﺳﺨﺔ ﻓﻲ دول اﻟﺒﺘﺮول اﻟﻌﺮﺑﻲ، اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﺮي ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ﺑﺎﻟﻤﺎل، وﻋﺎﻣﻞ اﻟﺰﻣﻦ ﺣﺎﺳﻢ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻪ أو اﻟﺴﻘﻮط ﺑﺘﺒﻌﺎﺗﻪ.
منقول عن تقرير الشال الصادر 09 يونيو 2013

مقال للزميل أنور الفكر تحت عنوان "خبزة الدستورية.. وإسقاط النظام!!"
بقلم: أنور الفكر*
"الكويتي إذا ما قربت صوب معاشه كل شيء عنده يهون"... عبارة تتردد في ظل تراجع الزخم الشعبي للمعارضة لأسباب ليس هذا هو المجال للخوض فيها، ولعلّ السمة الأخرى التي يتصف بها الشارع الكويتي هو ارتباطه الواضح وتأثره الملحوظ بالمحيط العربي منذ المدّ الناصري إلى مشروع تكوين ملامح الربيع العربي وما يترتب على هذا الارتباط والتأثر من إيجاب أو سلب على الحالة الكويتية... ولازلت أذكر كيف كنا نعيش الأجواء الحالية ذاتها مع ما فيها من تشرذم وإحباط ويأس بعد التجمع الشهير الذي سمي بـ 8 مارس 2011 وكان بمثابة شهادة وفاة للحراك، إلى أن تداعت الجموع الشبابية مساء 20 مايو 2011 بعد شطب استجواب النائبين أحمد السعدون وعبدالرحمن العنجري في "جمعة الدستور"، حيث كان الشعار يحاكي تأثرنا بالمحيط العربي، الأمر الذي حقق ارتفاعاً في منسوب الزخم الشعبي للحراك؛ فتوالت التجمعات إلى أن وصلنا إلى بداية الصيف فعلَّق الحراك نشاطه ليتراجع الزخم ويحل محله اليأس والإحباط مجدداً... ثم انفجرت فضيحة الإيداعات المليونية التي أعقبها تجمع 16 سبتمبر 2011، الذي لم يكن في حدّ ذاته يمثل نواة تبعث التفاؤل، لكن الأحداث تسارعت بفضل الأخطاء المعتادة للسلطة وتناقضاتها لتتعزز على أرض الواقع مقولة أنّ الحراك يمرض ولا يموت، ما أدى إلى إسقاط أول رئيس وزراء، وهو التطور الذي يعد بمثابة إبرام دستور جديد في العلاقة بين الشيوخ والكويتيين... وبالطبع، مازال الأمل قائماً بأن يتكرر الإنجاز.وبالمناسبة، فقبل أن أطلّق مهنة الصحافة فقد كانت لدي فكرة إجراء تحقيق صحافي حول الأعداد الهائلة من الطلبة الذين يتلقون تعليمهم في التطبيقي (44 ألفاً) وفي الجامعة (32 ألفاً) وفي الجامعات الخاصة (11 ألفاً) وخارج الكويت (15 ألفاً) هذا غير حملة شهادات الثانوية والمعاهد والدبلومات...الخ، وربط هذه الأعداد بالدفعات الخجولة غير المنتجة التي يعلن عنها ديوان الخدمة للتوظيف، فكنت أتساءل "هالطلبة وين يروحون باجر؟!".وسرعان ما كان الجواب حاضراً عندما شاهدت مقابلة استوقفتني كثيراً تحدث فيها النائب السابق خالد السلطان وطرح معادلة بسيطة في الشكل وعميقة في المضمون... معادلة يجب أن نتوقف أمامها جميعاً، بمَنْ فينا قضاة الدستورية الذين سيحسمون صحة هذه الإجابة ودستوريتها الطبيعية... فقد قال السلطان: "بعد 13 سنة سيكون هناك ما لا يقل عن 700 إلف كويتي سيتجهون إلى سوق العمل والحكومة الآن توظف 87 % من الكويتيين، وإذا استمرينا في هذه النسبة نحتاج ميزانية 63 مليار دينار بينما دخلنا اليوم 27 مليار... من أين نأتي بالباقي؟...فالحكومات والمجالس بهذا الشكل عاجزة عن إيجاد حل، وبالنهاية سيكون لدينا 400 إلف عاطل عن العمل، هؤلاء سيخرجون للشارع يطالبون باسقاط النظام".إذن نحن أمام أزمة عميقة جداً لا تنحصر في النظام الانتخابي وحده، ولا تمتد فقط إلى إفرازاته من مجلس امة تختلف مدخلاته بين الحين والآخر، وإنما هي أزمة عميقة في النهج المتبع لإدارة البلد... ولا شك في أنّ شرعنة هذا النهج المأزوم من شأنها أن تفقد الحكم شعبيته التي نادى بها دستور 1962 كضمانة للعلاقة بين الحاكم والمواطن، وستدفع هذه الشرعنة الأزمة نحو الاشتعال... والأكيد أنّ اشتعال نيران مثل هذه الأزمة لا يعرف طائفة ولا هوية، و"لا زوير ولا عوير"، و"لا شيخ حبوب ولا شيخ عنيد"، فهي ستحرق الكل؛ وستطال الجميع، مما يجعل الهموم مشتركة والمصير واحداً، فاللهب يحرق مَنْ أضرم النار ومَنْ شاهد مَنْ يضرمها."خبزة" قضاة الدستورية طال الزمن أو قصر سيأكل منها عيالكم بشكل أو بآخر، ومن هنا فأنا لا أستجديكم وانتم الضمان بعد الله وليس الملاذ، وعليكم وأنتم تسهبون في التفكير بالقواعد القانونية أن تتحدثوا إلى أنفسكم بضعة دقائق: "ليش الشيوخ ما يعلقون الحياة البرلمانية بالكامل ويرفعون عنكم الحرج؟!... وين راحت 190 مليار دينار منذ أول حكومة شكلها ناصر المحمد لغاية الحكومة الحالية؟!... منو اللي منع النظام أن يبني لنا استاد رياضي أو جامعه أو على الأقل مستشفى؟!... ليش ما نروح صوب الاقتصاد ونشوف شلون كان خبر منحة الألف دينار والتموين سنة مجاني كصاعقة على الكويتيين وبالذات المعارضة، بقيمتها كان سوينا الكثير ولكنها أتت لهدف سياسي كان الرد غير متوقع بعودة الحراك مرة أخرى وتحقيق هدفه؟!... استخدموا الحل المالي مانفع معاهم؛ واتجهوا إلى الحل الامني وأيضا ما نفع، والآن يتجهون لاستخدام الورقة الاجتماعية، ومن ثم الورقة الدستورية وأيضاً لن ينفع هذا كله... أذن وين المشكلة؟... المشكلة كلنا نشوفها، ونشعر فيها، ونأكلها، ونشربها ونملك الحجة عليها وهي في نهج إدارة البلد"... إذن لا سلطان عليكم وأنتم الأعلون في الحجة والبرهان، ولا حصانة لكم ألا بالحقيقة الذي يكون الشعب عنوانها.ومن الدلالات على تشرّب الكويتيين الحياة الديمقراطية هو ما يعيشه الشيوخ الآن من عجز واضح للاتجاه نحو تكرار الانقلاب التقليدي على الدستور بتعليق أعمال المجلس، وذلك على الرغم من الحالات التي حدثت في السابق إلا أنّ محدودية عدد السكان؛ وبساطة الحياة وأدواتها آنذاك؛ وعمق العلاقة بين الأسرة والشعب؛ جعلت الأزمات الدستورية تمر برداً وسلاماً على مزاج الرأي العام، باستثناء بعض الاعتراضات، لكن الأزمة الدستورية إن أقبلت اليوم فأنها ستأتي بعد احتقان استمر لسنوات بين الأسرة والشعب، وهنا يمكن أن نفسر السبب وراء "الغديات" و"العشيات"... ولكن لنتساءل بكل تجرد ومنطقية لماذا مع كل حجم المحبة التي كان يضمرها الكويتيون لجابر الأحمد وسعد العبدالله وسالم الصباح، فأنهم مع ذلك لم يستطيعوا مواجهة الشعب، وأعادوا العمل بالنظام الدستوري... "فمَنْ عندكم اليوم عشان يجابل المعارضة"؟!قبل أن أختم المقالة لاقت لي عبارة وجدتها في مقالة للكاتب المفكر محمد عبدالقادر الجاسم نشرت بتاريخ 22 يونيو 2006 ونصها: "مشكلة شيوخنا أنهم (ضامنين) ولاءنا لهم، وهم يدركون أننا مهما اختلفنا معهم فلن نقبل غيرهم، لذلك هم لا يشعرون بالخطر، ولكن..."ومن هنا فعلى الشيوخ ألا يفترضوا أنّه بمجرد الانتهاء من ظاهرة مسلم البراك "ستزين لهم الأمور"... إذ عليكم فهم الواقع، واستيعاب أنكم تعيشون الأيام الأخيرة من العهد القديم؟... فبعد 13 سنة سيكون شباب الحراك الحالي الذي ذاق مر تعسفكم (السجون) وأكل خبزة الدستورية (اللادولة) وسمع جرس السلطان (إلا معاشي) أمام الصف الثامن أو التاسع من ابنائكم الشيوخ!!
*عضو في التيار التقدمي الكويتي

تصريح صادر عن المنسق العام للتيار التقدمي الكويتي ضاري الرجيب حول اعتقال الشباب الثلاثة
هاهي السلطة تواصل نهجها في ملاحقة شباب المعارضة، حيث تعتقل منذ فجر اليوم الخميس ٦ يونيو ٢٠١٣ ثلاثة من الشباب هم: عبدالعزيز خالد المطر، محمد عادل العجيل، ويوسف كلندر.ونحن في "التيار التقدمي الكويتي" إذ نستنكر نهج الملاحقات البوليسية والاعتقالات، فإننا نطالب بسرعة الإفراج عن الشباب المعتقلين.وفي الوقت نفسه نهيب بمختلف القوى السياسية والمجاميع الشبابية إلى التضامن مع الشباب المعتقلين وشجب نهج السلطة وملاحقاتها، وندعو إلى تنظيم تحرك جماعي، ونقترح التنادي إلى توسيع نطاق الاعتصام التضامني في حديقة البلدية أمام قصر العدل بدءاً من مساء غد.٦ يونيو ٢٠١٣

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي والمنبر الديمقراطي الكويتي حول الحكم المرتقب للمحكمة الدستورية في الطعن بمرسوم قانون الصوت الواحد.
تترقب الكويت بأمل يوم السادس عشر من شهر يونيو الجاري، اليوم الذي سيتم فيه إصدار حكم المحكمة الدستورية في الطعن بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 بتعديل القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة الشهير بمرسوم قانون الصوت الواحد.
ونحن مع تأكيدنا على ما قررته المادة الثانية والستون بعد المائة من الدستور من أنّ "شرف القضاء، ونزاهة القضاة وعدلهم، أساس الملك وضمان للحقوق والحريات"، ومع التزامنا بما قضت به المادة الثالثة والستون بعد المائة من الدستور من أنّه "لا سلطان لأي جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة..."، فإننا في الوقت ذاته ندرك أنّ هذا لا يتعارض مع المبدأ المعترف به في البلدان الديمقراطية لرقابة الرأي العام على مختلف السلطات، وذلك انسجاماً مع ما قررته المادة السادسة من الدستور من أنّ نظام الحكم في الكويت ديمقراطي السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً، بالإضافة إلى الطبيعة الخاصة للقضاء الدستوري، التي شرحتها المذكرة التفسيرية للدستور في معرض تفسيرها للمادة الثالثة والسبعين بعد المائة عندما قررت أنّ الدستور قد آثر "أن يعهد بمراقبة دستورية القوانين (واللوائح) إلى محكمة خاصة يراعى في تشكيلها وإجراءاتها طبيعة هذه المهمة الكبيرة ، بدلا من أن يترك ذلك لاجتهاد كل محكمة على حدة، مما قد تتعارض معه الآراء في تفسير النصوص الدستورية أو يعرض القوانين (واللوائح) للشجب دون دراسة لمختلف وجهات النظر والاعتبارات، فوفقاً لهذه المادة يترك للقانون الخاص بتلك المحكمة الدستورية مجال إشراك مجلس الأمة بل والحكومة في تشكيلها إلى جانب رجال القضاء العالي في الدولة، وهم الأصل في القيام على وضع التفسير القضائي الصحيح لأحكام القوانين ، وفي مقدمتها الدستور، قانون القوانين"... ما يعني أنّ الطبيعة الخاصة للقضاء الدستوري تقتضي بالضرورة أن تأتي أحكامه مبنية على دراسة مختلف وجهات النظر والاعتبارات.
وانطلاقاً من ذلك كله، فإنّنا ندرك جسامة المسؤولية الواقعة على المحكمة الدستورية وهي تتصدى للطعن بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 بتعديل القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة الشهير بمرسوم قانون الصوت الواحد، ولا نبالغ عندما نقول إنّ الحكم المرتقب للمحكمة الدستورية سيكون حكماً مفصلياً ليس في تاريخ القضاء الدستوري وحده، وإنما في تاريخ الكويت، بل سيترك أثره البالغ على حاضرها ومستقبلها.
ومن هنا فإننا نتطلع، مثلما يتطلع الكويتيون جميعاً، بأمل كبير إلى أن يأتي حكم المحكمة الدستورية المرتقب منسجماً مع مبادئ النظام الديمقراطي وقاطعاً بضرورة مراعاة ما قضت به المادة الحادية والسبعون من الدستور من شروط ومتطلبات في شأن إصدار المراسيم بقوانين، بحيث يفتح هذا الحكم التاريخي المجال أمام الكويت لتجاوز حالة الاحتقان السياسي التي تفاقمت بعد إصدار المرسوم بقانون المطعون بعدم دستوريته.
التيار التقدمي الكويتي المنبر الديمقراطي الكويتي
الكويت في 6 يونيو 2013
من المضحك عند بعضنا والمبكي والمؤسف أن أكتب عن النكبة أي حرب ١٩٤٨م في ذكراها الخامسة والستين ونحن نعيش نكبتنا في انزلاقنا وإنشغالنا بصراعات أهلية طاحنة لا تصب إلا في مصلحة أعدائنا يكيفك أن تجلس أمام نشرات الأخبار العربية لبضعة دقائق فقط حتى تصاب بالاشمئزاز والألم من رؤية دماء الأبرياء وأشلائهم المتطايرة بسبب أحقادنا الدينية والمذهبية التي تؤجهها دعوات "الجهاد والنفير العام " التي لا تعرف طريقها لفسلطين المحتلة فمرة توجه لأفغانستان لمحاربة الخطر الأحمر الشيوعي المتمثل بالاتحاد السوفيتي سابقاً وأخرى للعراق لمواجهة الخطر الأخضر الصفوي ، واليوم صارت سورية و القصير هي معركة الأمة بنظر بعض الكتّاب ولا أحد يسأل عن تمدد إسرائيل في بناء المستوطنات في القدس الشرقية وحفرياتها المتواصلة تحت المسجدالأقصى بحثاً عن هيكل سليمان المزعوم وازدياد غطرستها ونفوذها في المنطقة هذا خطر لا يعني شيئاً عند حزب" الليكود العربي" ! بينما يتصدى للصهاينة المجرمين كتاب يهود شرفاء من أمثال : نعوم تشومسكي وإسرائيل شاحاك ونورمان فنكلستين و... ومع هذا ينعتهم مشايخنا - سامحهم الله - بأحفاد القردة والخنازير !!
ومع كل هذه المفخخات والانفجارات التي تحصد الأبرياء من العرب والمسلمين لا نجد لها استنكارا من مشايخ الإسلام بينما يقتل سفير أمريكي في ليبيا ( مع رفضي لقتل أي إنسان بريء) يهرول وعاظ السلاطين إلى الراعي الأمريكي مستنكرين قتل المعاهد !! فلقد استبشرنا خيراً بقدوم الربيع العربي وصحوة الجماهير العربية لكن الفرحة ما تمت فسرعان ما سيرت قوى "التسلط والتبعية" للأجنبي قطار " الثورة المضادة " فدعمت الفوضى ورموز الفساد والطائفيون والظلاميون لسد الفراغ وقطع الطريق على الثوار الحقيقيين الراغبين في بناء أوطان حرة تكفل لهم العيش الكريم .من ثمار الربيع العربي المزيف أن يكتب رئيس عربي منتخب رسالة لشمعون بيريز يبدؤها ب « صديقي الحميم » أو ما أثير مؤخرا حول افتتاح قنصلية إسرائيلية في ليبيا ، أو أن ترى الداعية الإسلاموي الثوري وجدي غنيم الذي كان يطل علينا في عهد مبارك من قناة الجزيرة مطالباً بفتح الحدود لمقاتلة العدو الإسرائيلي صار اليوم يا حرام مشغولاً ومنهمكاً بإعداد الأسئلة العقائدية المحرجة لشركائه في الوطن والعروبة والإنسانية من النصارى الأقباط !إن فكرة إحتلال فلسطين أعني "الصهيونية" واعتبارها وطناً قومياً للشعب اليهودي وحقاً من الله يجب تحقيقه قبل ظهور المسيح ومجيء الارادة الإلهية لم تأت من فراغ بل بعمل وتخطيط وتعاون وإعداد وتآمر ومؤتمرات استمرت سنوات عديدة ، فكذلك تحرير فلسطين يتطلب نفس الخطوات .
احمد الشمري
عضو في التيار التقدمي الكويتي
صدر قبل أيام التقرير السنوي عن البطالة في الكويت عن «الإدارة المركزية للإحصاء بدولة الكويت والذي يحمل عنوان «البطالة في الكويت أرقام وحقائق» وذلك عن الفترة ما بين 20 إبريل 2012م و20 إبريل 2013م، وهو التقرير العاشر من السلسلة التي بدأ إصدارها عام 2004م.ويقدم التقرير تحليلاً لمعدل البطالة بدولة الكويت، وهو عبارة عن النسبة المئوية للأفراد المتعطلين البالغين من العمر من 15 إلى 64 عاماً إلى إجمالي قوة العمل بهذه الفئة العمرية.ويشير التقرير أن عدد المتعطلين من الكويتيين وفقاً لبيانات ديوان الخدمة المدنية عن الحالة 20 إبريل 2013م بلغ 19218 متعطلاً، وبمقارنة هذا التقرير مع حالة عن 20 إبريل 2012م، يتضح أن الحجم الإجمالي للبطالة قد ارتفع من 19061 متعطلاً عام 2012م إلى 19218 متعطلاً عام 2013م، وبنسبة ارتفاع بلغت حوالي 0.8 في المئة، كما أن جملة أعداد المتعطلين خلال الفترة من 2008م إلى 2013م سجلت اتجاهاً نحو الارتفاع.وتشير بيانات التقرير إلى الملاحظات الرئيسية حول عام 2013م مقارنة بعام 2012م، إلى ارتفاع نسبة البطالة من الشباب عما كانت عليه في العام 2012م، حيث كانت هذه النسبة 52.2 في المئة في الفئة العمرية (15-29)، 70.1 في المئة في الفئة العمرية (15-39)، ويلاحظ من بيانات هذا التقرير أيضاً ارتفاع نسبة العاطلين المتزوجين، حيث تبلغ نسبتهم 56.0 في المئة.هذه الأرقام والنسب التي تشير إلى ارتفاع نسبة البطالة بشكل سنوي منذ العام 2008م إلى الشهر الماضي من عام 2013م، قد تؤدي إلى خطر يتهدد معيشة عدد كبير من المواطنين وبالأخص من فئة الشباب إضافة إلى الخطر الذي تتعرض له فئة المتزوجين الذين عليهم إعالة أسرهم وحمايتها من شظف العيش المتمثل بغلاء أسعار المواد الغذائية والضرورية وارتفاع إيجارات السكن بشكل جنوني ودون ضوابط.ونتساءل كيف يمكن أن يحدث في دولة نفطية غنية هذه النسبة من البطالة التي تعتبر مرتفعة بين مواطنين تبلغ أعدادهم (حسب تقرير الشال نهاية عام 2012م) 1.213 مليون مواطن من أجمالي السكان الذي يبلغ 3.824 مليون نسمة، علماً بأن الكويت قد استفادت في تجميع فائض يبلغ المليارات من العوائد النفطية.لماذا تشير الأرقام والإحصاءات والحقائق أن هناك مشكلات خطيرة مثل البطالة في دولة من المفترض أن يسود بها الرخاء، ويلجأ إليها وافدون تفوق أعدادهم عدد المواطنين الكويتيين فيها؟إن ازدياد نسبة البطالة سنوياً بين الكويتيين لا يتناسب مع دخلها المرتفع، وهو مؤشر غير معزول عن مؤشرات أخرى تشير إلى خلل في كل نواحي الحياة للشعب الكويتي، ونقصاً بل تدهوراً مطرداً في بنيتها التحتية ومرافقها وخدماتها، هذا ناهيك أنه توجد ما يقارب المئة ألف أسرة شابة تنتظر دورها لسنوات طويلة للحصول على حقها بالرعاية السكنية.لا تفسير لذلك سوى أن الأموال الهائلة والفوائض التي دخلت الخزينة الكويتية جراء ارتفاع سعر برميل النفط في السنوات الماضية، هُدرت بشكل غير مسؤول لتصب في جيوب المتنفذين الفاسدين، والتجار العقاريين والمستثمرين والمضاربين بالبورصة وأصحاب الوكالات التجارية وغيرهم من الفاسدين.وفي سبيل ذلك تعرقل السلطة التطور الديموقراطي وتعبث بمواد الدستور وبالنظام الانتخابي، حتى لا يتمكن الشعب من مراقبة أمواله ومحاسبة الفاسدين والدفع بعمليات التنمية المستحقة باتجاه تقدم الإنسان الكويتي ورخائه.إن البطالة قنبلة موقوته وخاصة إن كانت بين الشباب، وهي عامل من عوامل الاستياء الشعبي من نهج الانفراد بالسلطة والقرار، وهي سبب رئيس لعدم الأمان الاجتماعي وعدم استقرار المجتمع.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 05/06/2013 العدد:12392
ما زال الصراع مستمراً بين الشكل التقليدي "للدولة"، أو ما قبل الدولة بشكل أدق، والدولة الحديثة التي وضع أسسها العامة دستور 1962، إذ لم يحسم الصراع لمصلحة أي منهما بعد.وحيث إنه من الصعوبة بمكان استمرار النقيضين معاً (التقليدي والحديث) لمدة طويلة تتعدى المرحلة الانتقالية التي حددها الدستور بخمس سنوات، فقد ترتب على المحاولة القسرية لإبقاء الشكل التقليدي بعد "تزيينه" ببعض المظاهر الصورية للدولة الحديثة مشاكل كثيرة لا نزال نعانيها حتى يومنا هذا.إنه صراع مسافات طويلة يحتاج إلى فهم دقيق لماهيته وطبيعة القوى الاقتصادية والاجتماعية ذات المصلحة في كل جانب من جوانبه، كما يحتاج إلى أن نفرّق بين الاستراتيجية بما تتطلبه من صبر طويل وعمل حقيقي مستمر والتكتيك الذي يتطلب اصطفافاً سياسياً مرحلياً وشعارات مؤقتة.في الشكل التقليدي "للدولة" يطغى مشروع الحكم باعتباره أولوية تدور حولها ومن خلالها الصراعات الداخلية على حساب مشروع الدولة العصرية الذي يتجاوز الأشخاص، فيصبح مشروع وطن ونقطة ارتكاز رئيسة لأي مشاريع أخرى سواء اقتصادية أو إدارية أو ثقافية أو غيرها، ومحور رئيس للصراع الصحي داخل المجتمع.وغني عن البيان أن الصراع المستمر بين الشكل العشائري التقليدي "للدولة" كما هي الحال في دول مجلس التعاون الخليجي والشكل الدستوري للدولة العصرية الذي يفترض أنه بدأ مع دستور 1962 قد اتخذ أشكالاً عدة على مرحلتين رئيستين، تميزت المرحلة الأولى بمحاولات الخروج السافر على العقد الاجتماعي (الدستور)، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً نتيجة للرفض الشعبي من جهة والتغير في الظروف الإقليمية والدولية من جهة أخرى. بينما تميزت المرحلة الثانية التي نمر بها الآن بمحاولات الإبقاء على الدستور كشكل "ديكوري" فقط مع إفراغه من محتواه الداخلي بحيث يضفي "شرعية" زائفة على الشكل التقليدي "للدولة".وكما نرى فإن هذه المحاولات تواجه الآن معارضة شعبية وسياسية واسعة، الأمر الذي سيؤدي إلى فشلها لا محالة، لكن الشيء المؤسف أنها تستنزف الجهود والأموال العامة وتضيّع على وطننا وقتاً ثميناً وفرصاً تاريخية لن تتكرر.لهذا فمن المتوقع أن يكون الحكم المنتظر للمحكمة الدستورية لمصلحة الاستقرار السياسي وترسيخ نظام الحكم الديمقراطي الذي وضع أسسه دستور 1962، وليس العكس والتي من ضمنها، أي الأسس، ما ورد في المادة (50) التي تنص على أن "يقوم نظام الحكم على أساس الفصل بين السلطات مع تعاونها وفقاً لأحكام الدستور ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصاتها المنصوص عليها في هذا الدستور".ومع هذا، فمن الضرورة بمكان الأخذ بعين الاعتبار من أن حكم "الدستورية" لن يحسم نهائياً الصراع المستمر منذ بداية العهد الدستوري لكنه حتماً سيساهم إما في تخفيف حدته وإما في تفاقمه.
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 03/06/2013
واجهت الشرطة التركية ومكافحة الشغب يومي 31 مايو الماضي و1 يونيو الجاري الجماهير المتظاهرة والمحتجة سلمياً، والتي تتزايد أعدادها في ساحة «تقسيم» الرئيسية بالعنف المفرط والمفاجئ من خلال استخدام الهراوات وخراطيم المياه والقنابل الغازية، ما أدى إلى جرح ألف متظاهر وفقد ستة أشخاص لأبصارهم حسب «اتحاد الأطباء التركي»، وتم اعتقال مئات الأشخاص، وتقول منظمات حقوقية أن في تركيا الآن صحافيين مسجونين أكثر من أي دولة أخرى في العالم، إضافة إلى عشرات المحامين والمشرّعين الموقوفين بتهمة التآمر ضد الحكومة، وقد شاركت في هذه التظاهرات ونظمتها مجموعات اشتراكية وأحزاب تركية من بينها الحزب الشيوعي التركي وأنصار الجبهة الشعبية الثورية للتحرير.وقد اندلعت شرارة الاحتجاج يوم الأربعاء 29 مايو الماضي على اثر قيام جرافات بإزالة حديقة قديمة واقتلعت أشجاراً «بحديقة جزي» في ساحة تقسيم الشهيرة من أجل بناء مجمع تجاري سياحي كبير، علماً بأن هذه الحديقة هي المساحة الخضراء الوحيدة التي تبقّت بين المباني التجارية في اسطنبول.ويحمل ميدان تقسيم أهمية تاريخية ورمزية كبيرة في الاحتفالات بعيد العمال، حيث شهد الأول من مايو عام 1977م مقتل 36 عاملاً بعد إطلاق النار على حشود شعبية محتفلة بالمناسبة، وكانت الحكومة التركية ترفض السماح للعمال الأتراك بتنظيم احتفالات بمناسبة عيد العمال باستخدام ساحة أو ميدان تقسيم، وهدد أردوغان في ذلك الوقت باستخدام تدابير مشددة بحق المحتفلين، هذا قبل أن تقر تركيا الاحتفال بعيد العمال لاحقاً.وفي أول تعليق لأردوغان على التحركات حسب نيويورك تايمز 1 يونيو الجاري، قال: «ان الشرطة كانت هنا بالأمس وستبقى هنا اليوم وغداً أيضا في ساحة تقسيم» وفي تحد ينم عن فقدانه لأعصابه وبعيداً عن اللياقة السياسية قال مخاطباً المحتجين: «إذا كنتم تستطيعون تجميع مئة ألف أستطيع تجميع مليون شخص مؤيد، وحزبه سيتصدى للعبث والتطرف» وأضاف أن حزبه دان المتظاهرين الذين يهدفون إلى ضرب حزب العدالة والتنمية الإسلامي، ولكنهم سيظلون أقوياء.ويذكر أن المحتجين يتزايدون مع استخدام القمع، فلم تقتصر الاحتجاجات على اسطنبول ولكن دخلت مدن أخرى ضمن الغضب الجماهيري مثل أنقرة العاصمة وأزمير، بل خرجت تظاهرات تضامنية في مدن أوروبية وكذلك في نيويورك.وقد وجهت الخارجيتان الأميركية والبريطانية توبيخاً لأردوغان الذي يدّعي أن بلاده تمثل نموذجاً ديموقراطياً بين الدول العربية والشرق الأوسط وتقدّم إسلاماً معتدلاً ووسطياً، ولكنه عند أول احتجاج سلمي ضد سياسته وسياسة حزبه منذ 11 سنة كشّر عن أنيابه وفقد توازنه وكشف عن ديكتاتورية لا تختلف عن ديكتاتورية الحكام العرب المستبدين، بل ان أحد المتظاهرين قال عن أردوغان: «انه ينتقد الأسد ولكنه لا يختلف عنه».وللشعب التركي قائمة طويلة من المطالب والانتقادات على أردوغان وحزب العدالة والتنمية، بسبب زحف الأسلمة والارتماء في أحضان الامبريالية الأميركية والأوروبية وإسرائيل، والسير في طريق النيوليبرالية المنحازة لكبار الرأسماليين والمتنفذين الفاسدين على حساب الطبقة العاملة والفئات الشعبية التي تتجه للفقر شيئاً فشيئاً جراء هذه السياسة، كما ينتقده الشعب بشدة لأنه مشارك رئيسي في مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، الذي يهدف بالنهاية إلى إضعاف الدول العربية لصالح التفوق الإسرائيلي ولتبقى تركيا شرطي المنطقة.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 03/06/2013 العدد:12390

مقال للزميل د.فواز فرحان تحت عنوان "الدجاجة تموت وعينها في السبوس!"
بقلم: د. فواز فرحان*
تعيش البلاد في هذه الأيام حالة من الترقب لحكم المحكمة الدستورية الذي سيصدر في يوم ١٦ حزيران/ يونيو الجاري بخصوص الفصل في دستورية مرسوم قانون (الصوت الواحد) من عدمه، الذي سيحدد بعد ذلك مسار الأحداث السياسية في الفترة القادمة.. فالسيناريوهات المنتظرة من هذا الحكم قد نحصرها في: إبطال مرسوم الصوت الواحد (لتجري الانتخابات وفق القانون السابق أو ربما ليعود مجلس ٢٠٠٩ ذو السبع أرواح)، أو تثبيت المرسوم بقانون ليظل الوضع على ما هو عليه، أو تثبيت المرسوم بقانون مع إبطال انتخابات المجلس الحالي بسبب خلل إجرائي ما، لتنفتح سيناريوهات عديدة عن مراسيم ضرورة بقوانين أخرى لتعديل قانون الانتخابات بما يتناسب ومشروع السلطة.. فبين منتظرٍ لنسف هذا المرسوم بقانون وبين آملٍ بتثبيته تكاد تكون كل مشاكل بلدنا انحصرت بين أروقة المحكمة الدستورية وكأنها ستنتهي بمجرد صدور حكمها، أو هذا ما يتوهمه كثيرون!
لكي نضع النقاط على الحروف لابد لنا من تشخيص مشكلتنا الرئيسية في الكويت وبالتالي سنستطيع قراءة الواقع بشكل أفضل وربما أسلم لنا ولمستقبلنا، مشكلتنا الرئيسية هي وجود سلطة لا تؤمن بالديمقراطية وتسعى بكل ما تملك من وسائل وأساليب لعرقلة التطور الديمقراطي في البلد؛ بل تسعى لتقويض الهامش الديمقراطي المتاح في نطاق (دستور الحد الأدنى)، هذا هو مشروع السلطة وهذه هي المشكلة، وكل ما نراه من تفاصيل سياسية واقتصادية واجتماعية أخرى سواء كانت كبيرة أو صغيرة فهي ليست إلا مظاهر وأعراضاً لهذه المشكلة تحديداً، فمرسوم تغيير قانون الانتخابات لخفض حق الناخب باختيار مرشح واحد فقط ليس إلا أحد وسائل وأساليب السلطة لخدمة مشروعها سالف الذكر، وصدور حكم المحكمة الدستورية بدستوريته أو عدمها ليس إلا تعاملاً مع أحد وسائل وأساليب السلطة لنسف الديمقراطية ولن يكون حلاً جذرياً لنهج السلطة المتسبب بمشكلتنا الرئيسية، وبالتالي فإنه من السذاجة والسطحية الشديدتين اختزال كل أزمتنا بمعركة قضائية قصيرة في أحد أروقة المحكمة الدستورية!
هذا في الكويت، أما إذا أردنا بأن نتحدث بشكل أشمل فإننا من المفترض أن نعرف بأنّ المعارك السياسية -عالمياً- لا يتم خوضها في ساحات المحاكم وأروقة الإدارات القانونية ولا بشروط القوانين المحددة والصارمة والدقيقة والتي وُضعت أصلاً في ظل ظروف تاريخية معينة وتوازن قوى محدد ولخدمة طبقة مسيطرة معروفة، فالسياسي الذي يستسلم لشروط الطبقة والقوى المسيطرة وقواعدها في إدارة اللعبة سيتحول تدريجياً من غير أن يعلم (أو ربما يعلم) إلى أحد وسائل هذه الطبقة أو القوى في إحكام السيطرة على المجتمع، فهو سيثبّت مصالح هذه الطبقة أو القوى من خلال تأكيده على شروطها والتزامه بقواعدها ليتحول بعد ذلك إلى مجرد نسخة مرقمّة من ضمن جحافل النسخ السياسية التي تأتي وتذهب من غير إحداث أي تغيير يذكر في مصلحة بلدانها وشعوبها.
ولا أغالي عندما أقول إنّ أشدّ المهتمين بحكم المحكمة الدستورية هم أكثرهم اختزالاً للحياة السياسية في صندوق الاقتراع، ولنكن كذلك واضحين -وربما قاسين- مع هؤلاء لنعترف لهم بأننا نعلم بأنهم لا يملكون تصوراً لأي مشروع نهضوي شامل للبلد لأن منطلقهم في تشخيص الوضع غير واضح وغير دقيق، وبالتالي ربما يشخّصون مشكلتنا في الكويت بشيء لا علاقة له لا بمكاننا ولا بزماننا، حيث تحوّل هؤلاء -ونخص منهم من لامس جسده الكرسي الأخضر سابقاً- إلى مجرد مكائن انتخابية انحصر اهتمامها بتجميع جداول الناخبين وتوزيع هذه الأسماء على المندوبين والسكرتارية ليتحركوا عليهم بكل الوسائل الحالية المشوّهة (الطائفية والقبلية والمناطقية والفئوية) وليتم بعد ذلك خوض غمار معركة ساحة المدرسة في يوم الاقتراع! غير آبهين لا بمستقبل بلد ولا بواقع يتفسّخ يومياً بسبب ثقل حمل الفساد على ظهره، السلطة تعمل يومياً بكل ما تملك لتقويض الهامش الديمقراطي الذي يمارس بسببه هؤلاء هوايتهم الانتخابية، أي أنها تقوم يومياً بتعجيل هدم دولة المؤسسات المنتظر اكتمالها لتقوم على أنقاضها الدولة العشائرية التي ستبتلعهم هم وصناديق الاقتراع التي يعشقونها، لا يهتمون لمستقبل قد يكون حالكاً كلون البشوت السوداء لينطبق عليهم المثل الكويتي القديم: (الدجاجة تموت وعينها في السّبوس)!
________________
*عضو التيار التقدمي الكويتي.
تجري في مصر الآن عملية ممنهجة لأخونة مفاصل الدولة وجميع مؤسساتها، هذه العملية لم تأت بالتدرّج الطبيعي بحيث لا يتم ملاحظتها أو حتى التقليل من شأنها، ولكنها جرت باستعجال يعكس عدم قراءة واقعية للمجتمع المصري ولمزاج الشعب ووعيه السياسي الذي تغير منذ 25 يناير 2011م، كما يعكس انعدام البرنامج السياسي والاجتماعي لدى جماعة الإخوان المسلمين كبرنامج حزبي ومشروع حكم، على اعتبار أنهم يحظون بدعم شعبي بعد نجاح محمد مرسي من خلال انتخابات مشكوك بنزاهتها.وفي أنباء مقلقة قد تعجّل بتراجع مصداقية وشعبية جماعة الأخوان، وضمن مخطط وأجندة الأخونة جرت قبل أيام الاطاحة بقيادات وزارة الثقافة ورموزها في مصر واستبدالها بمنتمين لجماعة الإخوان من عديمي الكفاءة بأمر من وزير الثقافة الجديد د. علاء عبدالعزيز الذي ينتمي لنفس الجماعة، وكانت آخر قراراته اقالة مديرة الأوبرا عازفة الفلوت العالمية «د. ايناس عبد الدايم»، وتبعاً لذلك قدمت قامات ثقافية مثل الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي رئيس تحرير مجلة «ابداع»، كما قدم الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة سعيد توفيق وآخرون استقالاتهم، مشيرين الى المحاولات المحمومة للاساءة للثقافة والغاء جوائز الدولة معتبرين ما يحدث جريمة لا يمكنهم المشاركة بها.وتاريخياً هناك عداء مستحكم بين جماعة الإخوان المسلمين والثقافة، ناهيك عن الجماعات السلفية المتشددة التي تحارب الثقافة وأنواع الفنون باستخدام العنف في كثير من الأحيان، فالإخوان تاريخياً لا يعترفون ولا يحترمون الفنون سواء الموسيقية أو التشكيلية أو غيرها من أنواع الفنون، فلم ينتجوا لنا عبر تاريخهم الطويل نسبياً أسماء معروفة في الأدب والنقد أو التأليف المسرحي أو حتى الشعر، وهنا أنا أتحدث عن جماعة الإخوان تحديداً، بينما عبر التاريخ الاسلامي كان هناك الكثير من رجال الدين المستنيرين الذين كتبوا أجمل الأشعار وأروع القطع الأدبية بما فيها شعر الغزل، ومنهم رجال دين كويتيون كثيرون أذكر منهم على سبيل المثال الشيخ يوسف بن عيسى القناعي والشيخ عبدالعزيز الرشيد والشيخ عبدالله خلف الدحيان والقاضي وشيخ الدين خالد العدساني الذي عاش في القرن التاسع عشر والشيخ داوود الجراح وغيرهم الكثير، كما كانوا غالباً ما يستخدمون الشعر ويستشهدون به في خطبهم بالمساجد، هذا اذا استثنينا كل رجال الدين والفقهاء في التاريخ العربي الاسلامي، فكل الاتجاهات الفكرية العربية والمحلية لها نتاجات أدبية رائعة ما عدا الجماعات الاسلامية السياسية.لكن هذا التراث الثقافي الجميل لرجال الدين شوهه الإخوان المسلمين بعدائهم للشعر ولكل أنواع الأدب والفنون والثقافة بشكل عام، فهم يرون فيه مفسدة وانحلالاً أخلاقياً منافياً للدين الاسلامي.وأتذكر في بداية الثمانينات من القرن الماضي أننا بدأنا نشهد مظاهر غريبة ومقلقة في المجتمع الكويتي، فكنا نستيقظ لنرى أن اعلانات المسرحيات محطمة في الشوارع، وتنامى تغوّل وعداء القوى الاسلامية للثقافة، حتى إنهم رفعوا قضايا ضد الأدباء والمفكرين الكويتيين بل وسجن بعضهم، وهم جاءوا بتشجيع ودعم من السلطة غير المهتمة بالثقافة أصلاً، فوجدت الثقافة نفسها تقاتل وحدها من أجل البقاء.والإخوان عندما يسيطرون على الثقافة في المؤسسات الرسمية والأهلية، يهدفون بالأساس الى محاربة التنوير والتقدم، ونشر ثقافة الجهل والتخلف ومحاربة التراث الانساني العربي والاسلامي المستنير، وتخريب العقول وقمع حريات التعبير بالارهاب الفكري وبمباركة أو تغاضِ حكومي.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 01/06/2013 العدد:12388
بين الحين والآخر يجري استذكار الحملة التي قادها السيناتور الجمهوري المحافظ جوزيف مكارثي، وعرفت بالمكارثية نسبة إليه، والتي انطلقت في الولايات المتحدة الأمريكية عام ،1950 واستمرت لعدة سنوات، واستهدفت أبرز رموز الثقافة والفن، وكان من أبرز ضحاياها عملاق السينما الأمريكية، لا بل والعالمية، شارلي شابلن الذي اضطر لمغادرة أمريكا إلى أوروبا تحت تأثير الضغوط التي مورست ضده .ثمة شخصية لا تقل أهمية عن شابلن كانت ضحية نموذجية للمكارثية هي الكاتب المسرحي آرثر ميللر، للدرجة التي اضطر فيها لعرض مسرحيته “البوتقة” في بلجيكا عام ،1953 قبل أن تعرض في الولايات المتحدة، وقد رفضت سلطات الأمن في حينه سفره إلى بلجيكا لحضور العرض المسرحي المأخوذ عن نصه، الذي قالت هذه السلطات إنه ينتقد الحملة ضد المثقفين الأمريكيين .عندما كان آرثر ميللر في السادسة والثمانين من عمره، فاجأ أمريكا والعالم بنص مسرحي مفعم بالرؤية النقدية التي تليق باسمه وبتاريخه وإبداعه للسياسة الأمريكية . عنوان المسرحية هو: “بعث الأحزان”، ورغم أن الكاتب بدأ في كتابتها قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول وتداعياتها، حيث الاندفاع المجنون من قبل الساسة الأمريكان نحو إخضاع العالم بإكراه لسلطتهم، لكنه قال “إن أصداء سبتمبر/ أيلول تتقافز في بعض مشاهدها”، مشيراً إلى ان إحدى شخصيات المسرحية تشير في حوارها إلى أن التورط الأمريكي في الحرب على فيتنام قد بدأ بناء على تقارير تقول إن الفيتناميين هاجموا مدمرة أمريكية وأغرقوها، ولكن الوقائع أثبتت فيما بعد أن المدمرة لم تغرق .تدور أحداث المسرحية في إحدى جمهوريات الموز في أمريكا الجنوبية، حيث تصف وقوع أحد المتمردين النبلاء في قبضة الحاكم الذي يقرر إعدامه، وعندئذ تهرع وكالة إعلان أمريكية شهيرة للحصول على حق تصوير مشهد الإعدام مقابل 25 مليون دولار، واعتبر ميللر في حينه عمله هذا شهادة ضد حالة الجشع المادي والفقر الروحي التي تهيمن على العالم في ظلال السيطرة الأمريكية .لقد مات جوزيف مكارثي، لكن المكارثية لم تمت، ورغم أنه لم يعد هناك اتحاد سوفييتي حتى يرمى من يعارض أمريكا، داخل أمريكا، بأنه عميل له، فإن مكارثية القرن الحادي والعشرين تخلق تهماً جديدة تلائم واقع اليوم، حتى يظل الحس النقدي في الثقافة الأمريكية الديمقراطية محاصراً .
د. حسن مدن - الأمين العام السابق للمنبر الديمقراطي التقدمي (البحرين)
منقول عن موقع المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
عملت قوى الفساد والقوى المعادية للدستور والتطور الديمقراطي وما زالت تعمل على عزل مكونات مجتمعنا عن بعضها بعضاً، حيث تتعمد وسائل إعلامها الإشارة إلى المواطنين ليس بصفتهم مواطنين، بل بانتماءاتهم الفئوية أو الطائفية، بحيث يتم ترسيخ هذه الانقسامات الثانوية في أذهانهم، فيظنون خلافاً للحقيقة أن الصراع الدائر في المجتمع هو صراع فئوي أو طائفي وليس صراعاً قائماً بالأساس على مصالح اقتصادية تتجاوز الفئة والطائفة.فجميع المنتمين إلى الطبقتين الوسطى والفقيرة بغض النظر عن أصولهم وطوائفهم ومذاهبهم ومناطق سكنهم يعانون المشاكل ذاتها في التوظيف والصحة والتعليم والإسكان وغلاء المعيشة.وقد ساهم الوضع العام المزري وعدم تنظيم العمل السياسي على أسس وبرامج وطنية من جهة، وضعف مؤسسات الدولة وانحيازها من الجهة الأخرى في ترسيخ هذا الانقسام غير الصحي، حيث سيطرت "مجموعات" فئوية وقبلية وطائفية على بعض النقابات العمالية والاتحادات والروابط الطلابية ومنظمات المجتمع المدني، وهو ما أضعف دورها في توحيد النسيج الوطني وجعلها مترددة وضعيفة في مواجهة السياسات الحكومية السيئة التي ساهمت في تقسيم المجتمع وترسيخ "ثقافة الانعزال الاجتماعي"، وتكوّنت انطباعات سلبية وخاطئة لدى كل طرف تجاه الآخر "المختلف" مثل السياسة الإسكانية، وسياسة توزيع الدوائر الانتخابية، أو سياسة التمييز الوظيفي ضد فئات اجتماعية بعينها، خاصة في بعض المؤسسات والشركات العامة وأغلبية المناصب القيادية في الدولة.لذلك فقد كان من ضمن إيجابيات الحراك الشعبي مساهمته الملموسة في إقامة "جسور وطنية" بين المكونات الاجتماعية والسياسية لمجتمعنا.فنظرة سريعة على أسماء الشباب والسياسيين الملاحقين سياسيا تدل على الطابع الوطني للحراك بالرغم من بعض السلبيات التي يمكن تسجيلها هنا أو هناك؛ مثل بعض التصريحات أو العبارات ذات النبرة الفئوية أو الطائفية أو المناطقية المرفوضة التي تصدر أحياناً من بعض الأطراف المحسوبة على الحراك الشعبي.تفتيت النسيج الوطني لا يخدم سوى قوى الفساد والقوى المعادية للدستور وللتطور الديمقراطي، والحديث الدائم عن الهويات الثانوية يرسخها في أذهان الناس على حساب الهوية الوطنية الجامعة. لهذا فإنه يجب التركيز دائما على المواطنة الدستورية باعتبارها الوعاء الشامل الذي تنصهر في داخله كل المكونات الاجتماعية، وهو الأمر الذي يتطلب ألا يكتفي الشباب المهتمون بالعمل السياسي والعام بانتقاد الواقع المزري، فذلك لن يغيّر في الأمر شيئاً.كما أن عليهم أن يتجاوزا العمل الارتجالي والانكفاء الذاتي والتقوقع الفئوي والقبلي والطائفي والمناطقي، وذلك بقيامهم إما بتكوين تنظيمات سياسية على أسس وبرامج وطنية جامعة تتجاوز الهويات الثانوية بكافة أشكالها، وإما الانضمام إلى القائم منها، فلا ديمقراطية من دون عمل سياسي منظّم والهموم الحياتية والمشاكل اليومية للأغلبية العظمي من شعبنا هي هموم ومشاكل مشتركة.
د. بدر الديحاني
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 29/05/2013
بينما ترتفع أصوات المطالبة الوقحة بوقف مقاطعة العدو الإسرائيلي في لبنان، تحت عنوان «الحريّات»، من أوساط قوى تتدثّر بعباءة أنظمة من مخلّفات القرون الوسطى، وفي الوقت الذي يطالب فيه الفنّان الحسّاس زياد دويري الحكومة الفرنسية بالضغط على لبنان من أجل فرض منع مقاطعة العدوّ الإسرائيلي في لبنان باسم الحرية للصهيونية الفنية، وبينما تحوّل فريق 14 آذار إلى «لوبي» وقح وعريق للعدوّ الإسرائيلي في قلب الجسم السياسي اللبناني، وتعتنق أجهزة إعلام لبنانية بصفاقة لافتة العقيدة الصهيونية بكل عناصرها، تتكثّف في الدول الغربية وتتعاظم حركات مقاطعة العدوّ تحت اسم «بي.دي.إس.» _ في ترميز إلى حركة مقاطعة العدوّ وسحب الاستثمارات منه وفرض العقوبات عليه.
أي أن حركات سياسية غربية، انضم إليها أخيراً العالم البريطاني، ستيفن هوكنز، تنشط وتتعاظم ضد المقاطعة، فيما يفرض النظام العربي الرسمي (نظام تحالف قوى النفط والغاز) مصالحة شاملة مع العدوّ الإسرائيلي مع وعد وزير الخارجية القطري بتقديم المزيد من الأراضي الفلسطينية لإسرائيل كي تحتفظ بها كجائزة مكافأة لها على وداعتها. وفي لبنان، كالعادة، تبرز قوى تحاول أن تدفن إلى غير رجعة منطق المقاومة والمقاطعة أو حتى تقطيب الحواجب ضد إسرائيل. لهؤلاء، أجندة لم تختف في لبنان منذ عام 1948: هي عقيدة فؤاد شهاب الدفاعيّة التي تتحالف مع إسرائيل بالسرّ، وتخون عهد الدعم العربي للمقاومة (كان ذلك في سنوات الناصرية وليس اليوم طبعاً) في كل مفصل.وحركة المقاطعة في الغرب تعتمد على تغييرات دراماتيكية في وجهات الرأي العام الغربي نحو الصراع العربي _ الإسرائيلي عبر العقود. فقد استفاق الرأي العام الغربي بصورة خاصّة من هول صدمة الحرب العالمية الثانية، والتي أهّلت واحتضنت دعاية صهيونية فظّة استغلّت فيها هول المحرقة الفظيعة لأسباب سياسية، كما شرح بيتر نوفيك في كتابه، وكما شرح بعده نورمان فنكلستين _ الذي خرج عن حركة المقاطعة رسمياً _ في كتابه. إن نسب تأييد العدوّ الإسرائيلي في الصراع العربي _ الإسرائيلي في دول أوروبا الغربية قد تغيّرت بصورة جذرية على مرّ العقود، إلى درجة أن فلسطين تحوز تعاطفاً أكثر من إسرائيل في الصراع، حسب استطلاعات رأي منشورة (باستثناء روسيا والتي يعبّر فيها الرأي العام _ والحكومة _ عن تعاطف مع إسرائيل، لكن إعلام الممانعة يعامل روسيا، حكومة وشعباً، على أنها نصير جورج حبش ووديع حدّاد). وحتى في ألمانيا، التي كانت نصيرة أساسية للعدوّ في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، والتي أغدقت المليارات على إسرائيل وكأن في ذلك تعويضاً عن المحرقة، فإن التعاطف مع العدوّ يتناقص باستمرار لحساب دعم قضية فلسطين. لكن المفارقة الفظيعة _ وهذه معضلة (لا) ديموقراطية في النظم الغربية: إن الحكومات الغربية مُرتهنة في سياساتها الخارجية بالكامل للولايات المتحدة في مواضيع الشرق الأوسط بصورة خاصّة ولا تعبّر عن أهواء جماهيرها. وقد كرّرت القول للجمهور الألماني إنهم وهم يحتفون بما يسمّونه «الربيع العربي» يحتاجون إلى إطلاق «ربيع أوروبي» لتحسين شروط الديموقراطيّة هناك. (طبعاً، في أميركا الأمر مختلف، لأن سياسة الحكومة الصهيونية تتماشى مع صهيونية الرأي العالم الأميركي _ الذي على الأرجح لا يعرف إلى اليوم معنى الصهيونية ولا يستطيع تبيان موقع الشرق الأوسط على الخريطة).تعرّفت في ألمانيا (خلال المؤتمر الذي أعدّه الرفيق عطيّة رجب وزوجته فيرينا) على سيّدة ألمانية يهودية ثرية تكرّس حياتها وأموالها لصدّ الدعاية الصهيونية في أوروبا ولدعم مقاطعة العدوّ. وقد قصّت السيّدة، إيفلين هيكت _ غالنسكي، علينا في حفل عشاء قصّتها. سألتُها ما الذي دفعها إلى مناصرة القضية الفلسطينية بهذه الحدّة لأن الأمر غير مألوف. روت أنها نشأت في كنف عائلة ميسورة، وكان والدها زعيماً للجالية اليهودية في ألمانيا بعد الحرب، وكان صهيونياً عنيداً وصديقاً للإعلامي الألماني الصهيوني، سبرنجر. قالت إن الأمر كان بسيطاً ومنطقياً بالنسبة إليها. نفرت باكراً من الديانة التي نشأت عليها ومن الجو الصهيوني الذي أحاط بها. سألتها: هل كان هناك حدث ما أثّر عليكِ في هذا الصدد؟ قالت: لا. تحوّلت يساريّةً في سنوات الدراسة، وكان من الطبيعي أن أنحو ضد إسرائيل. بالنسبة إليها، إن الغرابة هي الجمع بين الصهيونيّة واليسارية، لكن الياس عطا الله جمع بين الحريرية ونسق طائفي غريب من اليسارية، فلمَ العجب؟ لكن إيفلين مجهولة في العالم العربي ربما، لأن الإعلام العربي مشغول هذه الأيام ب... أنجلينا جولي، واللذين نالا من التغطية أكثر مما ناله الشعب السوري في معاناته. إيفلين هيكت _ غالنسكي لا تحظى باهتمام السفارات العربية في برلين، لأنها مشغولة _ أي السفارات _ بالتملّق للصهاينة ولأميركا. لكن قصّة إيفلين ضرورية كي يتعرّف العرب على بعض الغربيّين لأن التعميم النمطي ضد الغربيّن وحتى ضد اليهود منهم يتجاهل حقيقة الواقع الغربي بصرف النظر عن المعايير الأخلاقية (ومن الصدف أن المعتوه الذي طعن أستاذاً جامعياً أميركياً في القاهرة، لم يدرك أن ضحيّته، الرفيق كريس ستون، هو مناصر عنيد للقضيّة الفلسطينيّة في أميركا وناشط ضد الصهيونية). إن إيفلين اليهودية _ على الأقل في المولد _ أكثر نشاطاً ضد العدوّ الإسرائيلي في ألمانيا من سفير السلطة الفلسطينية المتوائم مع إسرائيل بحكم منصبه.والحديث عن المقاطعة حديث طويل ويحتاج إلى نقاشات نظرية وعملية. وقد ألقى الرفيق جوزف مسعد في المؤتمر كلمة عن تاريخ الصهيونية وعن تعاونها مع النازية. نشر جوزف الكلمة على موقع «الجزيرة» الإنكليزية قبل أن تسحب إدارة الموقع المقالة بعد أيّام فقط نتيجة الضغوط الصهيونية التي تعرّضت لها (يزداد تملّق الحكم القطري لإسرائيل ليس فقط بسبب تنسيق السياسات حيال سوريا، بل أيضاً لفتح أبواب أميركا الصهيونيّة أمام شبكة «الجزيرة» الجديدة في أميركا). لكن كلمة جوزف لم تُقابل بالاعتراض في البلد الذي وقعت المحرقة على أرضه، صهاينة أميركا يريدون أن يتستّروا على العلاقة المشينة بين القيادة الصهيونية والدولة النازية. استغلّوا لقاءً أو لقاءين بين الحاج أمين الحسيني وهتلر، ونشروا عدداً من الكتب عن هذا اللقاء وجعلوا من الحاج أمين _ لا بل جعلوا من الشعب الفلسطيني برمّته _ مسؤولاً أخلاقياً وحتى قانونياً عن فعل المحرقة. مسموح لهم ذلك، لكن فضح العلاقة بين الصهاينة والدولة النازية من المحرّمات. وعندما نشر ليني برينر، وهو اليهودي الأميركي، كتابه عن العلاقة بين الطرفيْن، تعرّض لشتى التهم وصُنّف _ كعادة صهاينة الغرب _ كـ«يهودي كاره لذاته». كما أن جوزف تحدّث عن العداء للسامية من قبل المسؤولين الصهاينة في الغرب ليس كأمر عرضي _ مثل حالة اللورد بلفور الذي كان مُجاهراً في 1905 بمعاداته لليهود، فيما أصبح اسمه في ما بعد متلازماً مع صعود الحركة الصهيونيّة _ بل كدافع مهم في تحفيز قادة الدول في الغرب على دعم الحركة الصهيونية، وينطبق هذا على فرانكلين روزفلت وعلى هاري ترومان، والاثنان كانا من كارهي اليهود.لكن حركات مقاطعة العدوّ في أوروبا تختلف من بلد إلى آخر. تنمو باطّراد في بريطانيا: لمست ذلك عن كثب العام الماضي عندما جلتُ في الجامعات البريطانية للمحاضرة ضد وجود إسرائيل بحدّ ذاته. لكن هناك فروقات إقليمية: اسكتلندا، مثلاً، أقرب إلى مثال الدولة التي تُجمع على مقارعة إسرائيل وعلى رفضها بالمطلق. في جامعة أدنبره، علمتُ أن تلميذة زارت إسرائيل لأيّام تعرّضت للتشهير في الجامعة وتعامل معها أترابها بازدراء. وفي إيرلندا، تنشط حركة المُعارضة في الجامعات، ويرى الجمهوريّون توازياً بين نضالهم ونضال الشعب الفلسطيني (زار الرفيق الأسير المُحرّر، جبر وشاح _ وكان معنا في مؤتمر شتوتغارت _ إيرلندا، وهو يفكّر في إقامة صلات قويّة بين الحركة الوطنية الفلسطينية والجمهوريّين الإيرلنديّين). لكن هناك ما لفتني: لماذا تستقطب حركة المقاطعة في بريطانيا الشباب والشابات، فيما كان معظم حضور مؤتمر المقاطعة في شتوتغارت من الشيوخ؟ لكن هناك ما هو مؤلم: لماذا بات الحضور العربي في مؤتمرات مقاطعة العدوّ أو حتى في تظاهرات عن فلسطين هزيلاً أو معدوماً؟ لماذا تركنا القضية الفلسطينية للفلسطينيّين وحدهم وهم عرضة للاحتلال والقمع والشتات؟ لم تعد تجد في المناسبات الفلسطينيّية في الغرب إلا غربيين وغربيات وفلسطينيّين وفلسطينيات، وعدداً قليلاً من اللبنانيّين الشيوعيّين والشيوعيات والقوميّين السوريّين. كم أخجل عندما ألتقي بغربيّين حريصين على قضيّة فلسطين أكثر من الكثير من العرب.لكن الراحل إلياس شوفاني شرح ذلك في سيرته: كيف أن عرفات ومحمود عبّاس في السبعينيات، وتحت شعارات زائفة عن استقلالية القرار الفلسطيني (الذي رهنه عرفات مقابل المال عند آل سعود)، تقصّدا فصل العمل الطلابي العربي عن العمل الطلابي الفلسطيني. كان النشاط العربي في المهجر الغربي حتى السبعينيات ينضوي تحت لواء التنظيمات الطلابية العربية. لكن عرفات عزل الفلسطينيّين، فخسر التضامن العربي الشعبي وما كسب ذرّة من استقلالية القرار الفلسطيني المزعوم. وكان وجود سفير سلطة رام الله في المؤتمر في شتوتغارت مثيراً للاعتراض في المؤتمر، وقد اعترضت أنا والرفيق جوزف عليه. وأنا _ ومن أنا، صراحةً _ أطالب بتطبيق مبدأ المقاطعة على سلطة أوسلو التي ليست أكثر من ذراع ضاربة للاحتلال الإسرائيلي. والعدوّ الإسرائيلي يتدخّل في وساطة مع أميركا دورياً لإنقاذ السلطة من الانهيار عبر حثّ دول النفظ والغاز على تنفيذ مشيئة إسرائيل بتعويم النموذج الفلسطيني عن جيش أنطوان لحد. ما عاد مقبولاً وجود أي ممثّل لسلطة أوسلو، ولو كان ابن حيدر عبد الشافي، في أي تجمّع لمقاطعة العدوّ. ما كان ممكناً أن يدعو تجمع للمقاومة الفرنسيّة ضد الاحتلال النازي ممثّلين عن سلطة بيتان. إن مقاطعة العدوّ تسري على إسرائيل وعلى السلطة التي نصّبتها كذراع لها في الضفة الغربيّة. كما أن سلطة سلام فيّاض تحاول تمييع المقاطعة عبر إدراج مفهوم مشبوه للمقاطعة يفصل بين مقاطعة المستوطنين ومنتجاتهم وبين مقاطعة إسرائيل بحدّ ذاتها.لكن أجندة حركة المقاطعة تحتاج إلى نقاش عاجل: آن الأوان كي يتبلور إجماع حول تحرير كل فلسطين (وهناك موضوع يحتاج الى نقاش منفصل عن الفارق بين شعار تحرير فلسطين وشعار الدولة الواحدة، وأنا أشتبه بالشعار الأخير) كي ينتهي التمييع المقصود في الهدف المنشود وذلك من أجل جذب عدد أكبر من المناصرين والمناصرات. إن الجمع المُنفّر بين جماعة (لا) حلّ الدولتيْن وبين جماعة الدولة الواحدة وبين جماعة تحرير كل فلسطين (أو تحرير كل ميليمتر مربّع من فلسطين، على قول الراحل العظيم جورج حبش) يحمل تناقضات حبلى بالتفجّر في أي وقت. إن تماسك الحركة حول شعارات وأهداف منسجمة مع الميثاق غير المُعدّل لمنظمة التحرير الفلسطينيّة أهم من حجم الحركة، وخصوصاً إذا جذبت إليها أعداء لهدف التحرير.لكن هناك جدليّة معكوسة في العلاقة بين تنامي حركة المعاطعة في المهجر، وازدياد فرض التطبيع في العالم العربي من قبل ليس فقط الحكومات، وإنما من قبل منظمات المجتمع المدني التي تتلقّى التمويل الأوروبي والأميركي. إن كل الدعم المالي الأوروبي والأميركي وذلك الصادر عن الأمم المتحدة له أفق تطبيعي: ليست المطالبات بـ«السلام» وإطلاق أغنيات «السلام» وإقامة ندوات وورش عمل (ما أبشع بعض الترجمات العربيّة عن لغات أجنبيّة مثل «ورش عمل» أو «تطبيقات» على الهاتف (من دون بصل) وكأن اللغة العربيّة فقيرة بالمفردات وتحتاج إلى ترجمات حرفيّة متحجّرة من قبل عاملين وعاملات من أصول عربيّة يعملون في الغرب ويستعينون بالقاموس من أجل وضع مفردات تقنيّة بالعربيّة) عن ثقافة السلام. وهناك ما هو جديد: محاولة تسويق التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي تحت شعارات ليبراليّة عن «قبول الآخر» أو عن حريّة التعبير وكأن حريّة التعبير مكفولة في العالم الغربي ضد أعداء تلك الدول.هذه ليست الأيام الذهبية للحركة الصهيونية. في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، كان نجوم هوليوود يتسابقون لإقامة حفلات جمع تبرّعات لإسرائيل. كان ذلك زمن وهج فيلم «الخروج» المبني على قصّة الصهيوني العنصري، ليون أورس. اليوم، إن معظم دعم إسرائيل في هوليوود هو سرّي أو مبني على بيانات تصدر عن اللوبي الصهويني ويُطلب من الفنانين اليهود التوقيع عليها. لكن لا نذهب بعيداً هنا: لا تزال أميركا، حكومة وشعباً، صهيونية وعنصرية ضد العرب والمسلمين. غير أن تغييراً حقيقياً حدث في الغرب وأثمر تنشيطاً في حركة مقاطعة إسرائيل ومناهضتها.لكن حركة المقاطعة ليست بديلاً _ كما كرّرتُ في ألمانيا _ من مقاومة العدوّ. إنها تترافق معها وتكمّلها ولا تستبدلها. مقاومة العدوّ تتخذ عدداً كبيراً من الأشكال، تحدّث ميثاق منظمة التحرير القديم عن وسائل متعدّدة من النضال لتحرير فلسطين. المعادلة معروفة في كل نماذج مقاومة الاحتلالات الأجنبية. لكن الصهيونية، التي شنّت حملة مقاطعة ضد ألمانيا في الحقبة النازية (وحتى بعدها) تريد اليوم وبأفواه وأقلام عربية أن تجعل من مقاطعة إسرائيل صنو الكراهية ومعاداة اليهود. ولبنان، كعادته، يحتضن حركة صهيونية ناشطة تبدأ من المطالبة بنزع سلاح مقاومة العدوّ ولا تنتهي بطلب إهمال مقاطعة العدوّ في الثقافة والفنّ. غير أن المقاطعة تنمو وعليها أن ترفد المقاومة العسكرية ضد إسرائيل _ هذا إذا عاد المقاومون الفلسطينيّون إليها، وخصوصاً أن حركة «حماس» تستمتع بالسلطة (غير الحرّة والمحاصرة) أكثر مما استمتعت من تجربتها الفاشلة في المقاومة العسكرية.
أسعد أبو خليل
angryarab.blogspot.com
منقول عن صحيفة الأخبار اللبنانية تاريخ 25/05/2013
أرسل لي أحد الأصدقاء المهتمين بالشؤون الاقتصادية والتنموية خبراً مفاده تأسيس مركز الخليج لسياسات التنمية، وهو مركز مستقل غرضه دراسة سياسات ومؤسسات وأداء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بهدف المساهمة في تحقيق تطلعات شعوب المنطقة المتمثلة في الديموقراطية والوحدة والتنمية.وستصدر أولى دراسات المركز الاستراتيجية في 9 يونيو 2013م الذي يحمل عنوان «الخليج 2013 الثابت والمتحول»، هذا المركز الذي بشر به الصديق المهتم بالشأن الاقتصادي أجده مهماً وضرورياً لدراسات التنمية في دول الخليج كون الباحثين فيه من دول الخليج ذاتها، حيث سيساهم في الاصدار الأول عشرون باحثاً من دول الخليج، يرصدون التطورات وتقييمهم لها من منظور متطلبات بناء الدولة الحديثة، عبر تحليل الاختلالات المزمنة في المنطقة مثل الخلل السكاني والاقتصادي والسياسي والأمني على مدى العامين الماضيين.وقال رئيس مجلس أمناء مركز الخليج لسياسات التنمية الدكتور علي الكواري: «تعوق عملية بناء الدولة الحديثة عوامل تتواجد في كل أقطار مجلس التعاون بلا استثناء، فمن غير المعقول استمرار النفط والغاز احتلال ما نسبته 80 في المئة من إيرادات ميزانية هذه الدول بعد أكثر من ثلاثين عاماً على اكتشافهما، كما لا توجد في أي دولة في العالم يشكل فيه الوافدون فيه أكثر من 80 في المئة من مجموع سكانه.كما أكد مدير مركز الخليج لسياسات التنمية الدكتور عمر الشهابي أن الإصدار الأول للمركز يخصص ملفات مطولة تتطرق إلى حالة معينة من الخلل ويركز على تحليله بشكل أكثر عمقاً، وأضاف الشهابي أن هذا الإصدار سيناقش في قسم خاص منه الدساتير في دول مجلس التعاون، وكذلك العمل النقابي والحقوق المدنية وإيرادات النفط وأوجه إنفاقها والمشاريع العقارية وتبعاتها في الجزء المخصص للخلل السكاني، وما تطورات الاحتجاجات السياسية في كل من البحرين والكويت وعمان.وأجد أن هذا المركز في غاية الأهمية، فنحن أحوج ما نكون إلى دراسات علمية موضوعية واستراتيجية على أيدي باحثين من أبناء دول الخليج، فقد اعتدنا سابقاً على تلقي دراسات استراتيجية حول دولنا من مراكز ومؤسسات دولية، حيث يعتبر الباحثون الخليجيون أقرب إلى الواقع الخليجي من الباحث الخارجي مهما حاول أن تكون رؤيته موضوعية مبنية على معلومات يستقيها من الأوراق والمعلومات والإحصائيات من بعيد.ويشي الانطباع الأول عن أن الدراسات التنموية والاستراتيجية التي ستخرج عن مركز الخليج لسياسات التنمية، ستكون موضوعية في مناقشة قضايانا في دول الخليج، ونتمنى ألا يكون هناك تأثير سياسي على اتجاهات أبحاثه ودراساته من حكومات دولنا، فدولنا ومجتمعاتنا تعاني من اختلالات قديمة وجدية في مجالات التنمية تجعلها متأخرة عن الدول والمجتمعات المتقدمة، التي وجدت حلولاً علمية واستراتيجية لمشكلاتها الرئيسية وآفاق التنمية والتطور فيها جعلت الإنسان أكثر سعادة، رغم أن دولنا مجتمعة أو كل واحدة منها على حدة تملك من الإمكانيات والموارد المالية الهائلة، وتملك العقول التي قد تضاهي ما يوجد في الدول الأخرى وستكون مخلصة لقضايا مجتمعاتها، ونتطلع إلى أن هذه الأبحاث والدراسات الجادة، ستسهم في تطور بلداننا ومجتمعاتنا على شرط أن تعتمدها وتستفيد منها حكومات دول الخليج بدلاً من الخطط التنموية ذات الصدى الإعلامي الرنان لكنها غير فاعلة أو مؤثرة على تطور مجتمعاتنا وإنساننا الخليجي.
وليد الرحيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 29/05/2013 العدد:12385
لا اشكك بمَنْ يدعو للحوار، ولا أدعي بأني أملك الحقيقه، لكن ما أعرفه أنّ هناك خياران منطقيان ذكرهما الدكتور محمد عابد الجابري للانتقال إلى الديمقراطية...فالخيارالاول هو التدرج والحوار ، وهذا يتطلب فسح المجال - من قبل السلطة - للقوى الديمقراطية في المجتمع لتنمو، وبدمقرطة الدولة بالانتقال بها إلى دولة المؤسسات مع ما يتطلبه ذلك من فصل للسلطات وإطلاق للحريات،وهذا يتطلب وقتا ومراحل وضمان عدم تمييع التدرج وبالتالي تمييع القضيه ذاتها وانقلاب الحوار المؤقت الذي يهدف لاستكمال الديمقراطية الى حوار دائم للتنفيس لا طائل منه.
وتذكر الدكتورة ثناء عبدالله في كتاب (الاستبداد في نظم الحكم العربية المعاصرة )عن حدود الديمقراطية وقالت بأنّ "شواهد الواقع أثبتت أنّ هامش الانفتاح السياسي في الدول العربية لم يكن سوى إدارة لتناقضات المجتمع السياسي، فلم تفقد أي نخبة حاكمة سيطرتها على السلطة حيث أوقفت الديمقراطية عند حدود مشهد فرز الاصوات الانتخابية، لتتحول إلى مجرد تقنية انتهازيه مستوردة لإبقاء الاستبداد وعدم المساس به، أو مجرد التغيير في آلية الفن الاستبداد والانتقال من القهر السلطوي دفعة واحدة إلى القهر على دفعات أو مراحل غير مباشرة".
والواضح أنّ سلطتنا كأي سلطة عربية لا تقبل بالتدرج ولا في المشاركة او الحوار حتى اصبح الخيار الاول مرفوض بالنسبه لي على الاقل لانه السلطة عندنا مازالت ترى نفسها وصية على مجتمع قاصر وعاق لن يستطيع إدارة شؤونه بنفسه، وتؤمن بأنّ الدولة ملك لفئة معينة؛ والشعب أتباع لها. وقد أثبتت الشواهد أنّ هذه السلطة التي لم تحترم مخرجات الشعب الانتخابية في وقتنا الحاضر هي السلطة ذاتها التي زوّرت الانتخابات عام ٦٧ وعلّقت الدستور عام ٧٦ وغيّرت عدد الدوائر عام ٨١ وعطّلت مجلس الأمة وانقلبت على الدستور مرة أخرى في ٨٦ ودعت لانتخابات المجلس الوطني عام ٩٠وحلّت من دون مبرر جدي مجالس ٩٩ و ٢٠٠٦ و ٢٠٠٨ و٢٠٠٩ و٢٠١١، أيعقل أنّ مثل هذه السلطة تؤمن بالحوار؟ او ستتفهم يومًا بأنّ إدارة الدولة هي حق للشعب ؟.. بل أنّ السلطة لم تقف عند هذا الحد إذ تمادت في الاعتماد على الأجهزة الأمنية المسؤولة عن أمن الشعب باستخدامها كأدوات للقمع وملاحقة كل مَنْ هو معارض لها، فكيف يكون الحوار معها ؟
بعد هذه الشواهد هل سيوصلنا الحوار إلى أهدافنا في الحكومة المنتخبة وجعل السلطة الفعلية بيد الشعب؟...وهل هناك فعلاً على أرض الواقع التاريخي سلطة أو (فرد) يملك صلاحيات مطلقة ثم تنازل عنها للشعب بالتراضي والحوار؟
يبقى هناك الخيار الثاني وهو حمل السلطة وإجبارها على التنازل عن طريق ضغط القوى الديمقراطية والشعبية بلا مهادنه او تراجع او حوارات لا هدف منها الا تخدير الشعب.
ما أريد قوله أنّ هناك شعوباً انتزعت حقوقها ولم تحصل عليها كهبة أو منحة!
عبدالوهاب الناصر
لفتت انتباهي نكتة صديقي التي قالها في لقائنا السابق وكتبتها في مقال الأسبوع الماضي والتي تدل على اختزال التوجه اليساري التقدمي بتجارب تاريخية معينة، وتدل كذلك على ربط هذا التوجه بالطغيان والدكتاتورية والقمع والسجون ، فقررت أن أتحدث معه وأناقشه عن هذه الرؤية من خلال قراءة موضوعية لتاريخ بعض الحركات أو الأحزاب أو الدول ذات الخط اليساري التقدمي.
من خلال حواري معه لاحظت بأنه يتبنى النظرة التي أرادت الإمبريالية الأميركية (بغض النظر عن كون الإدارة جمهورية أو ديمقراطية) أن ينظرها الناس للخط اليساري التقدمي من غير تعمّد منه لأنني أعرف الكثير عن جوانب حياته وبالتالي أعرف مدى عدم حرصه على تبني الأفكار أو الرؤى الصادرة من هذه الإدارة أو من الشركات الكبرى التي تدعمها ، فكانت مهمتي تتلخص في شرح الهدف المركزي لليساريين والتقدميين، وكيفية الوصول إليه وبالتالي تحليل التجارب التي سعت وتسعى إليه.
في بداية حواري معه شدّدت على أهمية معرفة هدف اليسار والتقدميين والذي يتركز في الوصول إلى العدالة الاجتماعية الكاملة وذلك عن طريق تخفيف وتضييق الفوارق الطبقية وصولاً إلى إنهائها تماماً في ظل ملكية اجتماعية لوسائل الانتاج الرئيسية، ومن هذا الهدف نستطيع وضع مشاريع مختلف القوى اليسارية والتقدمية بمختلف أطيافها على هذا الطريق وتصنيفها إلى مشاريع تطالب بالحد الأدنى من العدالة الاجتماعية ومشاريع تطالب بالعدالة الكاملة والإلغاء الفوري للفروقات الطبقية وكذلك مشاريع تتدرّج بين هذين المشروعين، واختلاف المشاريع وتدرّجها يعتمد على الظروف الزمانية والمكانية وكذلك الذاتية، بينما القوى الرأسمالية تسعى إلى اكتناز الأرباح واحتكار إمتلاك وسائل الإنتاج لصالح طبقة معينة غير عابئة بمبدأ العدالة الاجتماعية، والأنظمة السياسية والاقتصادية في العالم تتطور وتتغير إما لصالح العدالة الاجتماعية أو ضدها وذلك بدرجات متفاوتة، بمعنى أن الأنظمة التي تبنت الاشتراكية والأنظمة الرأسمالية لم تطبق الاشتراكية أو الرأسمالية إلا جزئياً والصراع الطبقي في المجتمع يسحب الدولة إما باتجاه الاشتراكية الكاملة أو الرأسمالية.. بتعبير آخر: هناك صراع دائم بين من يسعون إلى العدالة الاجتماعية وبين من لا يهتمون بها (أو ربما يحاربونها) ولا يهتمون إلا بمصالح الطبقة البرجوازية.
وتحديد نجاح أو فشل أي تجربة سياسية أو اقتصادية يعتبر شيئاً نسبياً خصوصاً مع اختلاف المنطلقات في تحديد مقاييس النجاح، فالرأسماليون عموماً يعتبرون الربح هدفهم الأول وهو مقياس النجاح، بينما اليساريون التقدميون يعتبرون درجة العدالة الاجتماعية التي يصل لها المجتمع هي المقياس في ذلك، من وجهة نظر اليساريين التقدميين أن النظام الرأسمالي نظام استغلال طبقي ظالم حيث يرزح ملايين البشر تحت نير الفقر والمرض والاستغلال التي تتسبب به نفس الشركات الكبرى التي تدعي الفضل في وجود التطور التكنولوجي، فقاطعني صديقي قائلاً: وماذا عن الطغيان والقتل والذي ساد في ظل الأنظمة التي تقول أنت عنها بأنها تسعى للعدالة الاجتماعية؟ فكان ردي هو أنه من ضمن الحجج التي يسوّقها الرأسماليون على فشل الأنظمة التي تدعو للعدالة الاجتماعية (كبعض الأنظمة الاشتراكية والشيوعية) هي دكتاتورية هذه الأنظمة والحروب التي خاضتها وتسببت من خلالها في الدمار والخراب كما يقولون، يجب أن نضع بعين الاعتبار أن الدكتاتورية لم تكن حكراً على أنظمة تبنت الخط اليساري أو الاشتراكي خصوصاً؟ فمرورٌ سريع على تواريخ كل الدول كفيل بتبيين الدكتاتورية والطغيان في أجزاء منه، وأن معظم تلك البلدان لم تكن قبل ذلك بلداناً ديمقراطية، ناهيك عن أنه إذا دققنا في تاريخ الأنظمة التي تبنت الرأسمالية واتخذت من الليبرالية (سواء الكلاسيكية أو الاجتماعية) خطاً لها مثل أميركا وبريطانيا وفرنسا وغيرها فسنجد كذلك الطغيان واجتياح الدول واستعمارها واستغلال شعوبها، فلا أحد يستطيع إنكار المجازر التي حدثت في الجزائر وأفريقيا عموماً وفي ڤيتنام والتمييز العنصري ضد السود والتطهير العرقي ضد الهنود الحمر في أميركا، بل لقد بلغت وقاحة أنصار الرأسمالية العالمية -عموماً- والأميركية -خصوصاً- أنهم يعتبرون قتلى الاتحاد السوڤييتي في الحرب العالمية الثانية ضحايا لجرائم ستالين بينما تمر عليهم حادثتي إلقاء القنابل النووية على هيروشيما وناجازاكي من قبل أميركا برئاسة ترومان مرور الكرام، هذا إن لم يعتبرونهما جزءاً من الرسالة الإنسانية لأميركا!! ومن غير الإنصاف التركيز على الجوانب السلبية في بعض التجارب الاشتراكية في العالم وغض الطرف على تطور الخدمات الصحية والتعليم وضمان السكن والعيشة الكريمة فيها! لقد مرت كل الأنظمة (الاشتراكية والرأسمالية) بمراحل طغت بها الدكتاتورية ولكن الثقافة الديمقراطية تطورت والأنظمة كذلك تطورت، اليوم الأحزاب اليسارية والتقدمية والاشتراكية والشيوعية تربط بين هدف العدالة الاجتماعية وهدف الديمقراطية، وهي تعتبر جزءاً مهماً من الحياة الديمقراطية في أغلب الدول وتخوض الانتخابات إما منفردة أو متحالفة ورأينا تنامي أوزانها الانتخابية وتمثيلها النيابي في الكثير من الدول (الديمقراطية) مثل فرنسا وإيطاليا واليونان وقبرص وڤنزويلا والأرجنتين وغيرها.
قبل نهاية حديثي معه سألته سؤالاً: هل تعرف من هي أكثر القوى التي وجهت نقدها لتجربة الاتحاد السوڤيتي؟ فأجابني بسرعة: أكيد القوى الليبرالية والرأسمالية، قلت له: لا، بل القوى اليسارية والتقدمية والاشتراكية والشيوعية في العالم هي من قدّم نقداً موضوعياً لهذه التجربة وشرحها وكان من أبرز الانتقادات: ضعف البنيان الاقتصادي في بداية الثورة البلشفية وضعف الديمقراطية وسيادة البيروقراطية والقفز على المراحل التاريخية والانجرار وراء سباق التسلح الذي قادته لصراع الإمبريالية الأميركية.
عموماً اليسار والتقدمية في العالم لا يجوز نسبهما إلى تجربة معينة في زمان ومكان معين وإلا لنسبنا (كل) التجارب الليبرالية إلى قنابل ترومان ومجازر فرنسا في الجزائر مثلاً.
د.فواز فرحان
عضو الحركة التقدمية الكويتية
في هذه الأيام تعيش القوى السياسية والنيابية، سواء من جانب المعارضين لمرسوم الصوت الواحد أو المؤيدين له، انتظاراً وترقباً لصدور حكم المحكمة الدستورية في بدايات الشهر المقبل.إن حكم المحكمة الدستورية يستحق المتابعة والاهتمام، لأنه سيحدد معالم وتوجهات القوى السياسية وائتلاف المعارضة نتيجة له، كما سيحدد توجهات وسياسات الحكومة في الآتي من الأيام سواء تماديها في نهجها أو تراجعها عن هذا النهج ولكن لفترة موقتة لن يتم خلالها تلبية «مطالب المعارضة» بالاصلاح السياسي والديموقراطي، ولن يغير من نهج التربص بالدستور والحياة الديموقراطية، فهذا النهج لم يكن زلة أو نزوة عابرة بل نهج تؤمن به السلطة منذ زمن يسبق صدور مرسوم الصوت الواحد وسيستمر بعده، خصوصاً أنها وحلفاءها المتنفذين لا يؤمنون حقيقة بالديموقراطية وبالدستور الذي طالما اعتبروه خطأ تاريخياً ما كان له أن يحدث، لذا تعرض هذا الدستور إلى التعطيل والعبث بمواده بل إيقاف العمل به مرتين خلال تجربة الخمسين عاماً الماضية إضافة إلى تزوير الانتخابات أو شراء الأصوات واللعب بنتائج الانتخابات، فحق النواب بالمراقبة والمساءلة يشكل تعطيلاً وتقييداً لمصالح الحلف الطبقي.ولأنه لا توجد معارضة جذرية أو قوى سياسية ذات مصلحة حقيقية في الاصلاح والتغيير، بل ينصب جل اهتمام معظمها على العملية الانتخابية، إضافة إلى التجاذبات والتناقضات داخلها سيجعلها منقسمة تجاه تحصين المحكمة لمرسوم الصوت الواحد وفي أقصى الأحوال قد يساوم البعض منهم على صوتين حتى يتمكن من خوض الانتخابات.لا أحد يخمن ما سيكون عليه حكم المحكمة الدستورية، لأن السوابق في هذا المجال أي مراسيم الضرورة كانت متفاوتة حيث اعتبرته عملاً من أعمال السيادة ليس من اختصاصها مرة، ومرة أخرى أبطلته لأنه لا تتوافر فيه شروط ومتطلبات الضرورة المقررة في المادة 71 من الدستور.كما أن قرار المحكمة إن كان سيؤدي لغير صالح مرسوم الصوت الواحد، فقد يتم إبطال انتخابات ديسمبر 2012م، فإما سيعاد مجلس 2009م وهو المرفوض شعبياً وإما إجراء انتخابات جديدة وفقاً لنظام الدوائر الخمس والأربعة أصوات وهذا سيسهم في تخفيف حالة الاحتقان السياسي.هناك أطراف بالمعارضة ستسلم بقرار تحصين المحكمة لمرسوم الصوت الواحد على خلفية احترامها لحكم المحكمة الدستورية فهي تبحث عن غطاء دستوري وقانوني للمشاركة في الانتخابات، وهناك أطراف سترى أن الحكم بهذا الاتجاه سيلحق الضرر بمصالحها وأوضاعها الانتخابية.القضية بالأساس سياسية وليست تشريعية أو قانونية تنحصر بمرسوم الصوت الواحد، فأياً كان حكم المحكمة الدستورية وتداعياته المختلفة، لا يجب أن تفتت المعارضة نفسها وتوقف زخم الحراك الكبير المطالب بالاصلاح السياسي والتطور الديموقراطي باتجاه النظام البرلماني الكامل، وهو خطوة مهمة لتقدم البلد وتحقيق التنمية المستدامة المستحقة والعودة لمشروع بناء الدولة المدنية الحديثة.وليد الرجيبosbohatw@gmail.comمنقول عن جريدة الراي تاريخ 25/05/2013 العدد:12383
«إنقاذ الأمل، الطريق الطويل الى الربيع العربي»، هو عنوان كتاب جديد لأستاذ علم الاجتماع البحريني د. كاظم نادر، قرأت جزءا لا بأس به أثناء رحلة بالطائرة، وكنت أود الكتابة عنه بعدما أفرغ من قراءته وهذا ما قد أفعله لاحقاً.هذا الكتاب يخرج عن سياق تشاؤم الكثير من المثقفين العرب ويأسهم من التداعيات أو ما آلت اليه الثورات العربية من تدهور عميق للحريات والاقتصاد والأوضاع المعيشية، وكأن هذه الثورات التي أسقطت ديكتاتوريات استبدلتها بديكتاتوريات أسوأ منها، بل أكثر عمالة لاسرائيل والامبريالية المعولمة وسياساتها النيوليبرالية، والأهم من ذلك محاولات أخونة أو أسلمة كل مفاصل البلدان التي قامت بها الثورات وتقويض الدولة المدنية فيها.شكّل قفز الإسلاميين على الحكم ضمن انتخابات تبدو ديموقراطية، شكّل صدمة لبعض المثقفين العرب فكتبوا مرثيات تعكس قناعة بأن الأمل كان وهماً، واضعين اللوم تارة على المؤامرات الاسرائيلية الغربية، وتارة على القوى السياسية التي لم تستطع قيادة هذه الثورات، وتارة على تخلف الشعوب العربية وسماحها بأن تقاد من الاسلاميين، كتبوا مرثيات ونعياً للحلم العربي تعكس عدم قدرتهم على رؤية ذلك النور الذي ينبعث من آخر النفق الطويل جداً.حتى ذهب بعض المثقفين الى رفض الثورات العربية والرّيبة من أي حراك شعبي أو انتفاضات قد تفضي الى ثورات، مؤكدين بذلك الاستعلاء الغربي على العرب والشرق بشكل عام الذين يرون أن العرب بعيدون عن التقدم بل حتى انهم قد لا يتقدمون، وكأن ليس للغرب دور كبير في حالة الوضع العربي الراهن.والكتاب المكتوب بلغة بحثية أكاديمية لا تخلو من نفس أدبي، لا يتحدث فقط عن الحلم العربي بالحرية والتقدم والديموقراطية الذي يراود الانسان العربي منذ عصر التنوير العربي، الذي تبناه رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وشبلي شميل، مروراً بحركة التحرر الوطني والانقلابات العسكرية على الملكيات والاستعمار، حتى لحظة قيام أول ثورات عربية عام 2011م، بل هو يدعو الى «إنقاذ هذا الأمل» الذي راود العقل العربي منذ أواخر القرن التاسع عشر.ما آلت اليه هذه الثورات من تعقيدات وخاصة في تونس ومصر عمقت يأس المثقف العربي منذ «مفيش فايدة، غطيني يا صفية» التي خرجت من فم سعد زغلول، مروراً بهزيمة 1967م ثم الغزو العراقي على الكويت 1990م الى انقضاض القوى الاسلامية على ثورات الشعوب العربية، لتعود بالمثقف العربي الى مربع اليأس الأول.هناك من كان ينتظر من هذه الثورات نهاية سعيدة لم تتحقق، وهناك من يرى ما يحدث على أنه بداية جديدة «على حد غرامشي»، ويؤكد المؤلف «ان ما جرى مع مطلع العام 2011م كان فصلاً مهماً في مسيرة هذه المجتمعات على ذلك الطريق الطويل والشاق وغير المعبد من أجل الديموقراطية، ولا بديل عن الديموقراطية في هذه المنطقة»، والتي ستتحقق في يوم ما بل ان الخطوة الأولى قد بدأت بالفعل على هذا الطريق الطويل، وهذا هو مبعث الأمل.وليد الرجيبosbohatw@gmail.comمنقول عن جريدة الراي تاريخ 25/05/2013 العدد:12381
قصة حقيقية تقريبا، رواها لي صاحبها شخصيا، فاستأذنته بكتابتها والتصرّف ببعض تفاصيلها كما تتطلب الكتابة الساخرة.
يقول:
في ظهيرة أحد أيام الجمعة؛ ذهبت لأصلّي في جامع تم افتتاحه مؤخرا، فوجدت بجواره منزل فخم شارف على الاكتمال. وعندما خرجت من الصلاة شاهدت صاحب المنزل، ولأنني كنت أبني منزلي الجديد، فقد استأذنته في اصطحاب زوجتي لمشاهدة بيته من الداخل، فرحّب كثيرا وقال بأن المنزل بلا أبواب حاليا وليس به أحد وبإمكاننا الحضور متى شئنا.
استغربت من خلو المنزل وعدم وجود الأبواب لحمايته من السرقة، ولم أكتشف السبب إلّا لاحقا!
توجهت وزوجتي، عصرا، إلى المنزل، وما أن ولجنا الصالة الفسيحة حتى انفلت علينا من إحدى الغرف؛ شيء أبيض يُصدر صوتا مزعجا! لم نتبيّن ماهو إلّا عندما قفز، كالنينجا، مستهدفا وجهي، فإذا بديك أبيض ضخم الجثة يبدو أنه نتاج تزاوج نعامة بطائر الرخ الأسطوري، له عُرف أحمر يفوق حجمه حجم كف الرجل البالغ!
ضربته بقبضتي فتفاداها بخفّة يُحسد عليها، ثم لطمني بجناحيه القويين عدة لطمات متتالية قبل أن يغرز إبرته الحادة في كف يدي اليمنى فأصابني بألم شديد، ثم كرّ باتجاه زوجتي التي كانت قد انزوت بعيدا واكتفت بمراقبة المشهد المؤلم الذي يبدو أنه قد راق لها كثيرا!
وعندما اقترب منها قام الديك بقفزته الاستعراضية فأشبع وجهها صفعا وخدّيها لطما وفمها ريشا، بطريقة احترافية محكمة جعلتني أشك بأنه ديك تايلندي، تسلل إلينا حديثا، بعد أن تقاعد من حلبات مصارعة الديكة التي تكتظ بها شوارع بانكوك الخلفية!
هربت زوجتي الى الخارج والديك يجدُ في أثرها كفهد سهول "سيرنغيتي" الإفريقية، حتى لاذت بالجامع، وهي تصرخ" من دخل بيت الله فهو آمن".
انتهزتُ الفرصة فتسللت للنجاة بنفسي، غير أن الديك اللعين فطن لمخططي، فعاد سريعا وقطع الطريق أمامي، فتوقفت مُكرها! نظر إليّ شزرا فحدجته بنظرة تحدّي تُظهر شجاعة لم تعد موجودة فعليا. وجدت كرسيا فحملته وجعلت قوائمه بمواجهته على طريقة أهل السيرك عند ترويض الدببة والأسود.
صرخت بزوجتي: "يا ام فهد تعالي شتتي انتباهه شوي عشان أنحاش"، فردّت بتشفّي: "ما شفتك شتّت انتباهه قبل شوي وهو يكفّخني! أقول دبّر نفسك بس". فعزمت على تطليقها إذا الله أنقذني من هذا الديك.
قررت استخدام الحيلة والمكيدة، فاستدرجت الديك الشرير الى داخل المنزل مجددا، واخترت المطبخ مكانا للمنازلة الفاصلة لأنه المكان الوحيد الذي تخشاه الحيوانات الداجنة رغم إيماني المطلق بأن هذا الديك لم يكن داجنا قط!
أومأت بعقالي باتجاهه كي يبتعد عن باب المطبخ ولكنه ظل متشبثا بمكانه دون أن يرف له جفن أو تهتز له ريشة واحدة، فأيقنت بأنني في ورطة حقيقية.
ازدردت ريقي بصعوبة ونظرت عبر النافذة باحثا عمّن ينجدني، فرأيت زوجتي محتمية بأسوار الجامع، فصرخت بها: "أذّني بميكرفون الجامع واستفزعي بالمسلمين، فهذا والله يوم "دفع الصائل".
قالت: "واذا افزعوا المسلمين زرافات ووحدانا وعلى كل ضامر ومن كل فج عميق، شقول لهم؟ اقول: افزعوا لرجلي بيذبحه الديك؟ ما أرضاها لك يا بوفهد"!
قلت لها: قتلتني قتلك الله.
كفست كمومي وربطت ثوبي حول خصري وغطيت وجهي بغترتي كي أحمي عيني من شر إبرته اللعينة ثم هجمت عليه راجزا: أمّا حياة تسر الصديق وأمّا ممات يغيظ الديوك.
ارتفع الملعون في الجو،كالعادة، وبدأ بتكفيخ وجهي مجددا، جريت نحو سيارتي محاولا فتح بابها، غير مكترث بصفعات ولكمات الديك المتشبث برقبتي من الخلف!
فتحت الباب بصعوبة وارتميت على المقعد كي ألتقط أنفاسي في حين ظل الديك يدور حول السيارة تارة ويقفز فوقها تارة أخرى محاولا اكتشاف ثغرة ينفذ منها إليّ، فقلت: أشكر الله الذي لم يمنح الديوك مخالبا وأنيابا.
وأشرت له نحو زوجتي محاولا تحريضه ضدّها، لكن اللعين لم يستجب!!
أركبت زوجتي السيارة واتجهنا الى مسكننا ولم نتبادل الحديث خلال العودة، فقد نجح الديك في إحداث شرخ عميق في علاقتنا الزوجية.
بعد عدة أيام شاهدت صاحب المنزل فسألني عن رأيي في منزله، فأخبرته بما حدث، فضرب جبهته بكفّه وتأسف لي لأنه نسي أن يخبرني عن الديك!
أخبرني بأنه تفاجأ، قبل شهر مضى، بهذا الديك رابضا تحت حائط منزله، ويبدو أنه كان متربصا بأحد أبناء الجيران ليخطفه. فطرده شر طردة، لكنه عاد فيما بعد واقتحم منزله واستحلّه بوضع الجناح، فقام بسقايته وإطعامه لعدّة أيام، فأصبح حارسا للمنزل، وأظهر مهارة عالية في ذلك، ما جعله يصرف النظر عن استئجار حارس أُنسي لمنزله"!
أشدت بوفاء الديك وشجاعته وحرصه على ممتلكات سيّده، وسألته: هل ممكن أن نستعير ديكك المبجّل في مهمة وطنية ملحّة؟
فسألني عن نوع هذه المهمة؟
فقلت: نريده وزيرا للماليّة.
عبدالهادي الجمّيل
عضو في التيار التقدمي الكويتي
بالفعل صلى العراقيون اليوم الجمعة صلاة الجمعة صلاة موحدة، اجتمع فيها السُنة والشيعة خلف إمام واحد بغية تجاوز الفتنة المذهبية المشتعلة في العراق والمنطقة العربية أعني سورية ولبنان .
حقيقة لا أحمل المسلمين غير المسيسين مسؤولية ما يجري وما يُخطط له من قبل الساسة المرتبطين بالخارج أو المتاجرين والمتكسبين من الفرز الطائفي.
وما قام به المصلون لهو أمر إيجابي يدل على حسن نواياهم وحتى فتوى الشيخ محمود العيساوي التي تُحرم استخدام المتظاهرين للسلاح في صراعهم مع حكومة نوري المالكي السيئة ، لكن مشاعرنا ونوايانا الطيبة لا تكفي لمواجهة نار الفتنة، فاللعبة أكبر وأعظم وأقوى من أسلحتنا البيضاء.
فهناك وهنا صراع سياسي إقليمي ودولي يجري في المنطقة بين جناح إيران العراق سورية من جهة وجناح تركيا قطر السعودية من جهة أخرى، ومن فوقهم جميعاً قوى الامبريالية والصهيونية التي ترقص فرحاً وطرباً كلما تمزقنا وتناحرنا، فيصوّر كل فريق صراعه مع الآخر بثوب ديني ومذهبي وعرقي مع ضخ الفتنة بوسائل الإعلام المشبوهة من قنوات وصحف وأدوات تواصل اجتماعي ومثقفين وكتاب وأشباههم وشيوخ دين دمويين وأموال طائلة تدفع لهذا الفريق وذاك، والمال عصب الحياة كما يقولون حتى تستمر أنظمة الفساد حاكمة ومن بعدها الطوفان.
إنّ وعي الناس ووسائل الإعلام المحترمة في المنطقة لهذه اللعبة القذرة وعدم الانجرار وراء صيحات مهندسيها، كفيل بإسقاط مخططهم وتجنيبنا حرباً لا تبقي ولا تذر ، فلا الشيعة مسؤولون عن جرائم الأسد بحق شعبه أو النظام الإيراني بحق السنة والأحواز ولا السُّنة مسؤولون عن اضطهاد الشيعة في المنطقة الشرقية والبحرين...فليكن نضال شعوبنا موحداً وبوصلتنا موجهة نحو تحقيق دولة القانون والمواطنة والحرية والعدالة الاجتماعية للجميع بلا تميّيز ديني أو عرقي أو مذهبي.
احمد الشمري
عضو في التيار التقدمي الكويتي
امتازت الحركات اليساريّة العربية، في ذروة حضورها الفكريّ والسياسيّ طوال خمسينيّات القرن العشرين وستينيّاته، بأنها حركاتُ مثقفين ومناضلين معًا. لكنّ صورة المثقف عمومًا، وصورةَ المثقف اليساريّ خصوصًا، راحت تتعرّض للانكسار قبيل نهاية القرن العشرين، ففقدتْ، إلى حدّ ما، بريقها وجاذبيّتها وقدرتها على الإقناع؛ ذلك لأنّ الوقائع المفاجئة والتحوّلات الكبرى التي عصفتْ بالعالم العربيّ جرت على خلافِ ما كان يقوله هذا المثقف، أو يبشّر به، أو ينتظر حدوثه. فخابت، بهذا المعنى، أفكارُه وتطلّعاتُه. ومع انحسار الناس عنه صار مثلَ خطيبٍ أعمى يلقي محاضرةً في جمهور من الصُّمّ. فالعصر الجديد، بتحوّلاته المتسارعة التي فرضتْ نفسَها على العالم، وأقصد بذلك العولمة، بات لا يحتاج كثيرًا إلى المثقف ونبوءاته وتوقّعاته؛ فقد حلّت العلومُ الدقيقة وثورةُ المعلومات والاتصالات وعلوم الفضاء وعلم الجينات وتطبيقاته في الطبّ والغذاء محلّ النظريّات النقديّة الكبرى التي حاولتْ أن تقيم عالمًا جميلاً وعادلاً وسعيدًا على الأرض بدلاً من السماء، والتي حمل لواءها مثقفون صاروا اليوم كمن يعطس في سوق النحّاسين، فلا يسمعهم أحد ليقول لهم: يرحمكم الله.إنّ ما يلائم هذا العصرَ، كما يبدو لي، هو الابتكاراتُ العلميّة والأفكارُ الخلاقة في العلوم البصريّة والإلكترونيّة وتطبيقاتها في الصناعة. أما الأفكار والنظريّات الإنسانيّة فلا تلائمه كثيرًا مع الأسف، لأنه عصرُ إبادة الأفكار بسرعة (فلنقارنْ مثلاً كم عاشت أفكارُ الفلاسفة الجدد في فرنسا، بكم عاشت نظريّاتُ فوكوياما وهنتنغتون!).
اليساريون مثقفون على العموم، وهم كثر بلا شك، لكنّ الواحد منهم صار أقرب إلى المثقف الداعية، أي الذي يرِّوج الأفكار بدلاً من ابتداع الأفكار النقديّة المطابقة لوعي ديناميّ يتجاوز الواقع. وبهذا المعنى فإنّ المثقفين اليساريّين التقليديّين، الذي خاب أملُهم بوعود المستقبل، تحوّلوا أحيانًا إلى ممارسة دور السياسيّين ولكنْ بوجهٍ ثقافيّ، تمامًا كما فعل بعضُ السياسيين الفاشلين الذين تحوّلوا إلى مثقفين رديئين؛ فباتت آراؤهم غير قادرة على المواجهة والإقناع، وصار كلامُهم غثّاً وخطابُهم رثّاً.
كانت الماركسيّة هي النظريّة النقديّة الثوريّة الكبرى طوال المئة سنة الأخيرة تقريبًا. والفكر الماركسيّ الكلاسيكيّ تبلور، بالتدريج، في معمعان ثورات القرن التاسع عشر، والسجالِ مع الفلسفة، ونقدِ الطابع التأمّليّ لفلسفة هيغل المثاليّة. وماركس نفسه قام بقطيعةٍ مع ما قبله من أفكار استنادًا إلى كتابين من أهمّ الكتب التي صدرتْ في النصف الأول من القرن التاسع عشر، هما: حياة يسوع (1835) لدايفيد شتراوس، وجوهر المسيحيّة (1841) لفيورباخ. وفي ما بعد، حين تحوّلت الماركسيّة إلى إيديولوجيا في الاتحاد السوفياتيّ وتوابعه، تصدّت مجموعةٌ من المفكّرين الشبّان لإعادة صوغ نظريّة ماركسيّة نقديّة جديدة من شأنها المساهمة في تغيير الواقع الاجتماعيّ؛ وهكذا نشأتْ، على سبيل المثال لا الحصر، مدرسةُ فرانكفورت التي شدّدتْ على نقد المجتمع والفرد معًا، وخصوصًا الفرد في المجتمع الصناعيّ. وهذه المدرسة، التي رفضتْ مركزيّةَ لينين في كتابه ما العمل؟، أسّسها، كما هو معروف، هوركهايمر وتيودور أدورنو، وبرز من أعضائها إريك فروم وهربرت ماركوزه ويورغن هابرماس ووالتر بنيامين؛ وقد تحوّل معظم هؤلاء عن الماركسيّة النصّيّة لاحقًا، وعن فكرة الصراع الطبقيّ بصيغتها الكلاسيكيّة، لكنهم حافظوا على العدالة الاجتماعيّة غايةً، وعلى مفهوم التغيير الاجتماعيّ الذي يبدأ (بحسب هؤلاء) من نقد الثقافة ذاتها أولاً، وجعلوا الملوّنين والمهمَّشين الجدد (كالسود والمهاجرين) بديلاً من البروليتاريا القديمة. أما اليوم، فأين النظريّة الماركسيّة الجديدة التي ظهرتْ خلال المئة سنة الأخيرة؟ وفي هذا السياق لم يتمكّن اليسار العربيّ من ابتداع وعي نقديّ مطابق للمرحلة الجديدة، وعجز مرارًا عن الإجابة عن تحدّيات العولمة.
تحوّلات الرأسماليّة واليسار
واجهت الماركسيّة تحدّياتٍ كبرى لم يتمكّن الماركسيون من التصدّي لها في العمق. فقد واجهوا أزمة الكساد العالميّ (1929 ـ 1933) بُعّدة تحليليّة متقادمة، واستمرّوا يردّدون الكلام على حتميّة الأزمات الماليّة ودوريتها في الرأسماليّة. ثم واجهوا عالمَ ما بعد الحرب العالميّة الثانية، فتركوا هذا الشأن لكينز وصامويلسون ومارشال وغيرهم. وبالتدريج بدأ التصنيعُ، الذي كان مطلبًا من مطالب الشيوعيين في العالم الثالث لتطوير طبقةٍ عاملةٍ حقيقيّة، ينتقل إلى العالم الثالث، ولكنْ على يد المراكز الرأسماليّة لا الأحزاب الشيوعيّة أو الجبهات الوطنيّة المتحدة. ثم ظهرت النمورُ السبعة، وصعدت الصينُ بقوة اقتصاد السوق لا بقدرات الاقتصاد المخطّط. ولم يتمكّن ماركسيو العالم الثالث من أن يقدموا أجوبة شافية عن ذلك كله، والبعضُ منهم لم يتخلَّ عن ترّهاته الفكرية مثل "التطور اللارأسماليّ" ـ هذه الفكرة التي اخترعها منظّرون لأسباب سياسيّة لا علميّة، وبالتحديد لإرضاء قادةٍ كبارٍ من طراز جمال عبد الناصر. ورويدًا رويدًا بات العالم دائخًا في خضمّ العولمة، وتحوّلت الرأسماليّة من رأسماليّة الإنتاج السلعيّ إلى رأسماليّة النقود، فانتصر المالُ على الرأسمال، والعالميُّ على المحلّيّ، والمضاربُ على المدير، والمموِّل على المنتِج، ووقف المفكّرون الماركسيّون أمام هذه التبدّلات عاجزين. ويبدو أنّ القضايا الكبرى حاليّاً تدور في إطار التساؤلات الثلاثة التالية:
1 ـ لماذا ما زالت الرأسماليّة قادرة على تجديد نفسها؟
2 ـ لماذا استطاع النظام الرأسماليّ، كنظام اجتماعيّ، الاستمرار، بينما انهارت رأسماليّةُ الدولة في الاتحاد السوفياتيّ وجواره؟
3 ـ ما هي عناصر القوة التي تتيح للرأسماليّة، كنظام اقتصاديّ واجتماعيّ وسياسيّ، أن تستمرّ؟
لقد تخلخلت أفكار النيوليبراليّة في معمعان الأزمة الماليّة العالميّة التي اندلعتْ في آب 2007، ولم يستطع الماركسيون الجدد التقدّم لعرض أفكار بديلة وعلميّة. وجلّ ما في الأمر أنّ المفكّرين الاقتصاديين بدأوا يعودون إلى نظرية جون ماينارد كينز، ومرّ كارل ماركس كشبح فحسب. وفي بلادنا العربيّة، أحدثتْ تطوّراتُ الخمسين سنة الأخيرة تغيّراتٍ نوعيّةً عميقةَ الأثر في المجتمع العربيّ، وفي بنيته الاقتصاديّة، وفي الأفكار أيضًا. وتاريخ اليسار خلال هذه المرحلة هو تاريخ الأزمات السياسيّة، وعسر التفكير، والسحق: فمن أزمة قرار التقسيم في سنة 1947، إلى أزمة الموقف من جمال عبد الناصر في مصر سنة 1956، إلى أزمة الوحدة مع سوريا في سنة 1958، وكذلك مع عبد الكريم قاسم في العراق، فأزمة الموقف من القوميّة العربيّة ومن الثورة الفلسطينيّة المسلّحة، وصولاً إلى الموقف من البيروسترويكا. وفي خضمّ هذه الأزمات المتلاحقة كانت الانشقاقات سيّدة الحياة الحزبية في الأحزاب الشيوعيّة العربيّة في فلسطين وسورية ومصر والعراق، وسُحق في أثناء ذلك الحزبُ الشيوعيّ العراقيّ سنة 1968، ثم الحزبُ الشيوعيّ الفلسطينيّ جرّاء أحداث أيلول 1970 في الأردن، ثم الحزبُ الشيوعيّ السودانيّ في سنة 1972... وهكذا.
على المستوى الاجتماعيّ تغيّرتْ بنيةُ المجتمع العربيّ نفسه خلال نصف القرن الماضي، ولم تتبدّل مقولاتُ اليسار التقليديّ. ففي سوريا الأربعينيّات مثلاً، كان عدد سكّان الريف فيها نحو 70%، أما اليوم فصار سكّان المدن 70% من دون أن تؤدّي هذه الزيادة في عددهم إلى صهر السكان في عملية تمدينيّة متفاعلة، بل حوّلت محيطَ المدن إلى أحزمة بؤس ريفية، وانحسر التطور الحضريّ في مقابل تقدم ثقافة الضواحي. وثقافة الضواحي هي ثقافة مشتركة جديدة في بيروت والقاهرة وبغداد، لمجموعات من الأفراد ذوي عصبيّات طائفيّة أو مذهبيّة أو مناطقيّة يسكنون في أمكنة متقاربة تتشابك فيها وشائجُ القربى والتضامن المذهبيّ والاقتصاد اليوميّ (دكاكين، ورش صيانة، أسواق لبيع الخضراوات، حرف يدويّة...)، وتغيب عنها القطاعاتُ الإنتاجيّة الأساسيّة. لذا، فإنّ أيّ عمليّة احتجاج على المدينة وسلطات المدينة، أيْ على النظام السياسي القائم، ما عادت تتخذ شكلَ الاحتجاج السياسيّ أو الاجتماعيّ، بل شكل الاحتجاجات المذهبيّة أو الإثنيّة. وعلى هذا المنوال جرى انتقالُ المدينة العربيّة من صراع الطبقات إلى صراع المذاهب والأديان، كما يجري في العراق ولبنان ومصر والسعوديّة والبحرين والسودان وغيرها. فماذا فعل اليساريون في معمعان هذه "البلوى"؟ حرّكوا عضلاتهم الفكريّة قليلاً على طريقة "التحمية" في الرياضة، وكانوا كمن ينتظر الخلاص من غير أن يسعى إليه. وهذا هو التخلّف التاريخيّ تمامًا؛ ففي هذا الميدان تصبح الأفكار الدينيّة أقوى من أفكار اليسار لأنها ترسّخ فكرة الصبر على الحاكم الظالم، والصبر على الابتلاء، والقعود بانتظار المهدي أو المخلّص؛ بينما تحول اليساريون، رويدًا رويدًا، إلى ما يشبه الجرس الذي يدعو الناس إلى الكنيسة لكنه لا يدخلها.
تغيّر مفهوم الطبقة العاملة
لا يحمِّل أحدٌ اليسارَ العربيَّ وحده تبعاتِ هذه المسؤوليّة؛ فالتحوّلات الكبرى جرفتْ معها سدودًا عاصية، وكانت من القوة بحيث صار من الضروري إعادة النظر في كثير من البدهيّات والمسلّمات القديمة. لكنّ بعض المثقفين اليساريين يتحمّل بلا ريب المسؤوليّةَ عن مصائر اليسار على المستويين الفكريّ والسياسيّ. فبعض هؤلاء صار رجعيّاً تمامًا حين راح يدافع عن أفكار بادت، وعن نماذج سياسيّة انهارت وأورثتنا حزنًا مضاعفًا. وإخال أنّ "اليسار" هو من يحمل مشروعًا للتغيير يتضمّن الديمقراطيّة والمساواة والعدالة والحريّات والعَلمانيّة والتحرّر من كافة أشكال القمع، كالتحرّر الطبقيّ والعِرقيّ والجنسيّ، ومعاداة الرأسماليّة والإمبرياليّة.
علاوةً على ذلك، فإنّ مصطلح "الطبقة العاملة،" كما نعرف، يكتسب مكانة خاصة في منظومة الأفكار اليساريّة، وبالتحديد الماركسيّة. فهل وُجدتْ، تاريخيّاً، طبقة عاملة عربيّة بالمعنى السوسيولوجيّ لكلمة "طبقة"؟ وكيف يمكن أن تنشأ طبقة عاملة في بلدان عربيّة قائم معظمُها على وظيفة ريعيّة؟ وهل يمكن أن يظهر يسار ثوريّ عربيّ في بلدان لا طبقة عاملة فيها؟ ثم إنّ هناك عمّالاً هنودًا وباكستانيين وفيلبينيين وبلوشًا في دول الخليج العربيّ، وسوريين ومصريين وسودانيين وسيريلانكيين وهنودًا و... في لبنان؛ لكنّهم عمالة مهاجرة غير مستقرّة إلا لآجالٍ قصيرة، وهي لا تعرف لغة البلد، وذات طابع خدميّ على العموم. فكيف تزدهر "طبقة عاملة" في بلدٍ عمّالُه ليسوا من أبنائه المستقرّين فيه؟
إنّ أيّ يسار لا يستطيع أن ينمو في مجتمع ما قبل حديث. والمجتمع الحديث يفترض وجود دولة ومواطن، أيْ مجتمع مدنيّ بوسائطه السياسيّة كالأحزاب والنقابات المستقلّة والجمعيّات الأهليّة والصحافة... وهذا يعني أنّ المواطن الحرّ، دافعَ الضرائب، هو الذي يموِّل الجزءَ الأكبرَ من إيرادات الدولة. وبهذه الصفة، فهو شريكٌ سياسيّ في مصير الدولة وفي قرارات حكومتها، وله الحقّ في محاسبة الحكومة بجميع أشكال المحاسبة كالتظاهر والإضراب والكتابة، فضلاً عن حقّه في إسقاط ممثّليه أو اختيار من يشاء بالانتخاب، على أن تحمي الدولةُ بمؤسّساتها الدستوريّة وبقوانينها الديمقراطيّة هذا الحقّ.
أما دولنا الريعيّة فإنها هي التي تنفق على رعاياها، بدلاً من أن ينفق المواطنون على مؤسّسات دولتهم. هنا يستطيع المواطن أن يقول "لا" للدولة أو للحكومة، وهناك يطبق المواطن قاعدة "مَن يأكل من خبز السلطان يضرب بسيفه." والدولة الريعيّة العربيّة، بالتعريف، تعتاش على ايرادات بيع مادّة خامّ كالبترول، أو على بيع خدمات استراتيجيّة (قواعد عسكريّة مثلاً كما كانت حال محميّات الخليج العربيّ قبل عصر البترول)؛ أو هي، التي تعتاش على مساعدات الدول الغنيّة وتحويلات أبنائها المغتربين وتبيض الأموال والخدمات السياحيّة بما في ذلك الدعارة والتجارة المشبوهة كالمخدّرات، والفساد الحكوميّ، الخ. والدولة الريعيّة العربيّة مزيجٌ من سلطة قبَليّة وشركة استثماريّة كما هو قائم في دول شبه الجزيرة العربية (لنلاحظْ أنّ اسم العائلة هو جزءٌ من الاسم الرسميّ للدولة كالمملكة العربيّة السعوديّة والمملكة الأردنيّة الهاشميّة)، أو هي سلطةٌ وكيلةٌ تدير مصالحَ متنافرةً لطوائف أو جماعات متناحرة أحيانًا ومتآلفة أحيانًا أخرى كما في لبنان والعراق. لكنْ، مهما يكن أمرُ هذه المجتمعات من حيث التماسك النسبيّ أو التراكم التاريخيّ، فإنّ الدولة الريعيّة العربيّة الحديثة ليست حدثًا عابرًا في تاريخنا المديد: فالدولة العربيّة الأولى، أي الدولة الراشدة (دولة الفتوحات)، وما تبعها من الدول كالأمويّة والعبّاسيّة وغيرها، هي دولة ريعيّة بالتأسيس، وذات وظيفة عسكريّة أيضًا؛ فهي استندتْ إلى خراج الأراضي المفتتَحة، وإلى الجزية في تأمين إيراداتها، ومنعتْ ـ ببداوتها وبعدم احترامها المِلْكيّة الخاصّة ـ تحُّولَ التجّار إلى طبقةٍ رأسماليّة، والحِرَفيين إلى صنّاع.
هل يمكن أن ينبثق يسارٌ ثوريّ في مجتمعات عربيّة تغيّرتْ كثيرًا، لكنّ صفة الريعيّة ما برحتْ جاثمةً عليها؟ كان الشيوعيون يزهون بشعار "سلطة العمّال والفلاحين." لكنْ لنتذكّرْ أنّ العسكريين من أبناء الفلاحين في العالم العربيّ هم الذين هزموا التجربةَ البرلمانيّة التي أسّسها أبناءُ التجّار المتنوّرين في المدن التجاريّة كدمشق والقاهرة وبغداد. وهؤلاء العسكر تمكّنوا من عقد رشوة اجتماعيّة للفلاحين والعمّال معًا: فقدّموا لأبنائهم التعليمَ المجّانيّ، ووزّعوا بعضَ أراضي الإقطاعيين على الفلاحين الأكثر فقرًا لقاءَ الولاء السياسيّ. أما وسيلتهم إلى ذلك فكان التأميم. والتأميم، بالطريقة التي خبرها بعضُ دولنا، عوّق الديمقراطيّة وظهورَ المجتمع المدنيّ الحديث. فكيف سيظهر اليسار في هذه المجتمعات؟ ثم إنّ النُّظُم العسكريّة التي انبثقتْ كلّها تقريبًا بعد النكبة الفلسطينيّة سنة 1948 تمكّنتْ من اختطاف شعارات اليسار نفسه، مثل الاشتراكيّة والحريّة والتحرّر الوطنيّ والعدالة الاجتماعية. مثلاً، كان نشاط اليسار المصريّ بين 1967 و1973 مقتصرًا على المطالبة بالحرب لتحرير سيناء؛ فلما شنّ السادات حرب تشرين 1973، ضاع هذا اليسار (حتى إنّ الماركسيّ إسماعيل صبري عبد الله صار وزيرًا للتخطيط في إحدى الحكومات في عهد السادات). وقد كان اليسارُ الشيوعيّ اللبنانيّ والفلسطينيّ الأنضج، ربّما، بين جماعات اليسار الشيوعيّ العربيّ. لكنّ هذا اليسار أقام علاقاتٍ وثيقةً مع النظام القمعيّ العراقيّ (نظام البكر ـ صدّام) وتلقّى الأموال منه وسكت على جرائمه. وأقام هذا اليسارُ نفسُه علائقَ وُثقى مع النُّظُم الحاكمة في اليمن الجنوبيّ وليبيا والجزائر، وتلقّى منها الأموالَ والسلاحَ والدعمَ السياسيّ بمقادير متفاوتة، وكان مدّاحًا لهذه الأنظمة وغيرها، ولم يتجرّأ ـ إلا في حالات قليلة جدّاً ـ على نقدها.
الشيوعيون والقوميّة العربيّة
في جانب آخر من الصورة، ثمة عطبٌ أساسٌ لدى اليسار العربيّ، وبخاصةٍ في بلاد الشام. فهذا اليسار، ولا سيّما مجموعات الستينيّات والسبعينيّات من القرن العشرين، لم يظهر في سياق تحوّلات اليسار الشيوعيّ الكلاسيكيّ، بل خرج من رحم الحركات القوميّة العربيّة، وبالتحديد من صفوف حركة القوميين العرب وحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ، نتيجةً للهزّة العميقة التي أحدثتها هزيمةُ حزيران 1967. كما أنّ هذا التحوّل جرى ولم يكن للشيوعيين أيُّ تأثير فيه، فتبنّى الماركسيون الجدد ماركسيّة مختلفة، إلى حدّ كبير، عن ماركسية الشيوعيين القدامى. فكانت الماركسيّة، في هذه الحال، ملجأً إيديولوجيّاً بعد أن تخلخلتْ ركائزُ الفكر القوميّ بنسختيه الناصريّة والبعثيّة جراء هزيمة 1967. لنتذكرْ أنّ نايف حواتمة ومحسن إبراهيم ومحمد كشلي كانوا في حركة القوميين العرب في الأساس، وأنّ فوّاز طرابلسي ووضّاح شرارة وغيرهما كانوا في حزب البعث الذي تبنّى فيه جناحُ صلاح جديد ـ نور الدين الأتاسي ماركسيّةً قوميّةً بنكهةٍ شعبويّة. ولعلّ ياسين الحافظ وإلياس مرقص لم يشذّا كثيرًا عن هذا الاستنتاج: فالحافظ تحوّل من الحزب الشيوعيّ إلى البعث وحاول أن يمركس قوميّته، وانتهت به الحالُ إلى تأسيس "حزب العمّال الثوريّ العربيّ" الذي اندثر مبكّرًاً؛ ومرقص أراد أن يعيد الاعتبار إلى الفكرة القوميّة في صفوف الشيوعيين، فاتُّهم بخيانة الشيوعية واعتناق الناصريّة. أما رياض الترك الذي انشقّ عن الحزب الشيوعيّ السوريّ بذريعة الخلاف على مفهومي الأمّة العربيّة والوحدة، فانتهت به الحال إلى التحالف مع الإخوان المسلمين، بذريعةٍ واهيةٍ هي التصدّي للاستبداد.
وفي الجانب الآخر من الصورة، فإنّ المنظور القوميّ تحوّل، مع اليسار الذي تمركس في أحشاء الحركات القوميّة العربيّة، إلى منظور قُطْريّ. وهذا الأمر من أعاجيب هذا اليسار الذي حوّل الإطار القوميّ ذيلاً للإطار القطْري؛ حتى جورج حبش سار، إلى حدٍّ ما، في هذا المسلك بتأكيده "أنّ الحركة [أيْ حركة القوميين العرب] في خدمة الجبهة [الشعبية]، وليست الجبهة في خدمة الحركة." والأحزاب الشيوعيّة العربيّة، بدلاً من أن تؤلِّف حركةً أمميّةً للنضال ضدّ الإمبرياليّة، وخصوصًا في فلسطين، صارت ذيلاً للاتحاد السوفياتيّ، وتحوّل نضالُها إلى مجرّد مناصرة له ولسياسته الخارجيّة.
إنّ المجموعات اليساريّة، ولا سيّما الماركسيّة، لم تَظهر في العالم العربيّ استنادًا إلى تراكم الخبرة النظريّة في ميدان النضال الاجتماعيّ، أو اتّكاءً على ابتداع أفكار جديدة مطابقة لتلك الخبرة، بل نتيجة لصعود الماركسيّة الثوريّة على الصعيد العالميّ، وللولع بتجارب الماركسيين الثوريين في العالم كالفيتكونغ وهوشي منه في فيتنام، والثورة الصينيّة وماوتسي تونغ وحرب الشعب في الصين، وكاسترو وغيفارا والتوباماروس ومارغويلا وحرب غوار المدن ولاهوت التحرير في أميركا اللاتينيّة، علاوةً على اليسار الجديد في أوروبا والولايات المتحدة الأميركيّة، و"الشيوعيّة الأوروبيّة" في بعض الأحيان.
رحلة الانحدار
وصل اليسارُ العربيّ إلى الحضيض مع سقوط الاتحاد السوفياتيّ في مطلع تسعينيّات القرن العشرين، لكنّ رحلة الانحدار كانت قد بدأتْ قبل ذلك بكثير (وربّما كان للصراع الكبير بين تروتسكي وستالين أثر، ولو جزئيّ، في انحسار وهج الشيوعيّة على النطاق العالميّ). أما البداية الفعليّة لانحدار اليسار الشيوعيّ العربيّ فكانت مع الموقف المؤيّد الذي اتخذته الأحزابُ الشيوعيّة العربيّة من قرار تقسيم فلسطين في سنة 1947، واضطهادِ من عارض ذلك القرار (قصة رئيف خوري في لبنان مثلاً). وما إنْ دبّ الشقاقُ في الحركة الشيوعيّة العالميّة غداة المؤتمر العشرين للحزب الشيوعيّ السوفياتيّ عام 1956 حتى انشطر الشيوعيون العرب إلى اتجاه صينيّ واتجاه سوفياتيّ، أُضيفا إلى اتجاه الأمميّة الرابعة (التروتسكيّ). وفوق ذلك، تهتّك المثالُ الاشتراكيّ السوفياتيّ خلال أحداث المجر في 23/10/1956 حين قُضي على حكومة إيمري ناجي في بودابست ثم إعدامه في سنة 1958؛ وكذلك حينما جرى القضاءُ على الحركة الإصلاحيّة في بولونيا في حزيران 1956 وزعيمها فلاديسلاف غومولكا، وغيرها من الأحداث التي وضعت الاتحادَ السوفياتيّ في موضع التساؤل عن مدى ثوريّة اشتراكيّته ونظامه.
ومثلما كان لانهيار المثال القوميّ في هزيمة 1967 (جمال عبد الناصر والبعث) شأنٌ في ظهور المجموعات الماركسيّة النقديّة الجديدة، فقد كان لهذا الانهيار الجديد أيضًا، أيْ بعد سقوط الاتحاد السوفياتيّ، شأنٌ كبيرٌ في نكوص بعض اليساريين إلى الطائفة والمذهب والعشيرة في بعض المجتمعات العربيّة. وظهرتْ في سياق هذا النكوص مشاريعُ لتسويق التخلّف العربيّ؛ مشاريعُ كثيرًا ما اغتذتْ على التديّن الشعبيّ وإيمانِ العجائز وفتاوى الفقهاء وركام التراث الفقهيّ. وتسبّب انهيارُ المثال الشيوعيّ، قبل ذلك، في ظهور مجموعات شيوعيّة صنميّة تُنْكر الواقع، وتتمسّك بالماضي، فصارت رجعيّة تمامًا. وهكذا خضع اليسارُ العربيّ، ولا سيّما الشيوعيّ، لتحوّلات متسارعة: فشرع البعض في تغيير اسمه ("حزب الشعب" بدلاً من الحزب الشيوعيّ في فلسطين مثلاً)؛ واختفت فكرة "الصراع الطبقيّ" إلى حدّ كبير من كتابات الشيوعيين؛ وشاع استخدامُ مصطلحات "المجتمع المدنيّ" و"التعدديّة السياسيّة" و"تداول السلطة"؛ وراج استعمال مصطلح "العدالة الاجتماعيّة" (التي لا ينكرها اليمينُ نفسُه) بدلاً من الاشتراكية. وعلاوةً على ذلك ما عاد العداءُ للإمبرياليّة ضروريّاً لليسار، وهذا هو العجب حقّاً.
فقدان المكانة
أدّى انهيار الاتحاد السوفياتيّ، والخيبات المريرة لليسار الشيوعيّ، إلى ظهور اتجاهين:ـ اتجاه رأى في الحركات الإسلاميّة الصاعدة قوًى مناهضةً للمشروع الأميركيّ في العالم العربيّ، فوقف إلى جانبها بلا تحفّظ، وبالتدريج راح يفقد مكانته الفكريّة والسياسيّة بسبب اندغامه بهذه القوى أو التماهي التامّ معها.
ـ اتجاه آخر وجد نفسه، بسبب عدائه التاريخيّ للتيّارات الإسلاميّة، في خندقٍ واحدٍ إمّا مع الولايات المتحدة، أو مع النيوليبراليين المدافعين عن سياستها، فتحوّل، بسرعة، من الماركسيّة إلى الليبراليّة بصيغتها اللبنانيّة الشوهاء. وفي الحالتين ظل هذا البعض يزعم أنه ماركسيّ، وأنه يستند في مواقفه المتقلّبة إلى الماركسيّة نفسها. وبهذه "الشقلبات،" لا غرابة في أن يصبح بعضُ شظايا اليسار اللبنانيّ ذيلاً لأكثر الفئات الرأسماليّة انحطاطًا، أي الرأسمالية العقاريّة، أو رأسماليّة المقاولات، بذريعة التحالف الموقّت معها في سبيل السيادة والحريّة والاستقلال.
إنّ أحد مآزق اليسار اللبنانيّ على سبيل المثال هو أنه استنكف، في حقبةٍ ما، عن المقاومة، واستنكف، في الوقت نفسه، عن نقد المحتوى الرجعيّ لفكر المقاومة الإسلاميّة الصاعدة (حزب الله)؛ ففقد فاعليّته السياسيّة في البداية، ثم فقد فاعليّته الفكريّة مرةً ثانية، علاوةً على جفاف الأفكار والمخيّلة لدى مثقفيه. ولا يفيد القول إنّ الاستنكاف عن المقاومة لم يكن خيارًا، ولأسبابٍ خارجيّةٍ قاهرة (سوريّةٍ بالتحديد)، فهذه مجرد ذريعة ليس أكثر؛ إذ متى كانت المقاومة تتطلّب إذنًا من أحد؟
اليسار الفلسطينيّ، بدوره، لم يتصدَّ كفايةً لإيديولوجيّة حركة حماس، بل إنه تحالف معها أحيانًا في مواجهة حركة فتح. صحيح أنّ حماس وحزب الله منظّمتان مارستا مهمّاتٍ وطنيّة، لكنْ بإيدلولوجيا تتناقض، بشكلٍ جذريّ أحيانًا، مع ما يمثّله اليسارُ في المجالين الثقافيّ والاجتماعيّ. وفي خضمّ هذه الحال، لم يسهم اليسارُ العربيّ، إجمالاً، في نقد الدين والتديّن نقدًا راديكاليّاً. ولولا بعضُ كتابات صادق جلال العظم والعفيف الأخضر وعصام الدين حفني ناصف، لكانت جعبةُ اليسار العربيّ خاليةً من هذا النقد، مع أنّ المفكرين النقديين في العصور الإسلاميّة (من ابن الراوندي وصالح بن عبد القدوس ومحمد بن زكريا الرازي وابن سبعين حتى قرّة العين) كانوا أكثر جرأةً في هذا الميدان من ماركسيّي القرن العشرين. لذلك لم يكن غريبًا أن تندثر، بسرعةٍ، تجاربُ يساريّةٌ كثيرةٌ في العالم العربيّ، مثل حزب العمل الاشتراكيّ العربيّ وحركة اليسار الديمقراطيّ ومنظمة العمل الشيوعي في لبنان، وحزب العمل الشيوعيّ وحزب العمّال الثوريّ في سورية ولبنان، وحزب العمّال الشيوعيّ الثوريّ في مصر وفلسطين، والحزب الشيوعيّ العراقيّ ـ القيادة المركزيّة، بينما ظلّ بعضُ الأحزاب الشيوعيّة العربيّة على وئام تامّ مع النظام العراقيّ الذي سحق "القيادة المركزية" عام 1969ـ 1970!
امّحاء التخوم بين الماركسيّ والليبراليّ
في القرن العشرين كانت المفردات الشائعة في الكتابات الفكريّة والسياسيّة العربيّة هي: النهضة، التقدّم، الحريّة، الديمقراطيّة، الدستور، حكم القانون، العلم، الوحدة، الاستقلال، التنمية، العدالة الاجتماعيّة، حريّة المرأة، بناء الدولة الحديثة، حقوق العمّال، حقّ التظاهر، حقّ الإضراب، حقّ الاعتقاد، حريّة التعبير، الخ. ومع أنّ كثيرًا من ذلك لم يتحقّق، وما زال تحقيقه مهمّةً حيويّةً وراهنة، إلا أنّ الأمور انقلبتْ في نهايات القرن العشرين على يد الجماعات الإسلاميّة، فصارت المفردات التي نقرؤها في كلّ يوم هي: الحاكميّة، الجهاد، الحلال، الحرام، دار الكفر، دار الإسلام، أهل الذمّة، الردّة، الجزية، قتال اليهود والنصارى، الحجاب، البرقع، الخ. وبينما كان العالم العربيّ يقرأ طه حسين وسلامة موسى وشبلي الشميِّل وعلي عبد الرازق وعبد الله العلايلي وقسطنطين زريق وخليل السكاكيني ورفاعة الطهطهاوي وأحمد أمين وقاسم أمين وعبد الرحمنالكواكبي وفرنسيس المرّاش وحتى محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، صار لا يقرأ إلا أبا الأعلى المودودي وأبا الحسن الندوي وعبد العزيز بن باز ومحمد متولّي شعراوي ويوسف القرضاوي ومحمد سعيد رمضان البوطي وراشد الغنوشي وحسن التُّرابي وأتباعهم. وهكذا انتصر يوسف البدري على نصر حامد أبو زيد، مثلما انتصر في الماضي الغزالي على ابن رشد. وكان من نتائج هذه الانتصار انصرافُ الناس عن الكتابات النقديّة إلى قراءة التنجيم وتفسير الأحلام والفتن والملاحم وأهوال القيامة وعذاب القبر وخروج الدجّال وظهور المهدي وإخراج العفاريت من جسم الإنسان بالكباريت وياجوج وماجوج والحور العين وغيرها.
ماذا فعل اليسار في معمعان هذه التحوّلات؟ غاب ونام مثل أهل الكهف. ولولا بعضُ الاختلاجات، هنا وهناك، لحسبنا اليسارَ قد مات حقّاً. وفي أيّ حال، لم يكن اليسار هو الغائب الوحيد؛ فالديمقراطيون العلمانيون والليبراليون التقدّميون والقوميون اليساريون غابوا بدورهم. وبالتدريج، راح اليسارُ العربيّ يفقد هويّته الفكريّة بسبب امّحاء الحدود بين اليسار والديمقراطيين والليبراليين. وهويّة اليسار اليوم (الأصحّ أن نقول المجموعات اليساريّة العربيّة، لأنّ اليسار لا يشكّل تيّارًا سياسيّاً متضافرًا، بل مجموعات متناثرة ومتنافرة أحيانًا) باتت لا تتحدّد، إيجابًا، على أساس مشروعه السياسيّ (الذاتيّ)، بل تتحدّد، سلبًا، بحسب عوامل خارجيّة (موضوعيّة) مثل وقوفه ضدّ المشروع الأميركيّ في العراق مثلاً، أو ضدّ العولمة، أو ضدّ النيوليبرالية، أو ضدّ النهب الرأسماليّ والفساد الحكوميّ، الخ.
نعم. لقد غابت الحدودُ الفكريّة والسياسيّة أحيانًا بين الماركسيّ والليبراليّ: فالليبراليّ يدافع عن الحريّات وعن الديمقراطيّة وينتقد نقدًا راديكاليّاً مَن يتعرّض لها، وهكذا يفعل اليساريون، فما الفارق؟ الفارق هو أن على اليساريين أن تكون لهم رؤية اجتماعيّة ــ وهذه الرؤية ما عادت موجودةً إلا كشعارات لهذه المجموعة أو تلك. وفي أيّ حال، فاليسار إمّا ان يكون مستقلاً تمامًا عن الأنظمة العربيّة أو لا يكون يسارًا حقيقيّاً. واليسار الذي ينضوي تحت عباءة هذه النُّظُم القمعيّة، أو يعقد تفاهمًا مع أيّ دولة غير ديمقراطيّة، ليس يسارًا جديرًا بهذا الاسم. واليسار الذي يختار أن يصبح ذيلاً للتيّارات الإسلاميّة، أو مغنّيًا في أعراسها (اقرأ: مهرجاناتها) ليس يسارًا. واليسار الذي يستنكف عن إدانة قمع الحريّات في العالم العربيّ، ويمتنع عن نقد الثقافة الخرافيّة للجماعات الإسلاميّة ليس يسارًا.
كانت روح التنوير تعني أنّ المعرفة صارت تستند إلى العلم والتجربة العلميّة، وما عاد اللاهوتُ هو المصدر الرئيس لها، فتحرّرتْ من سلطة رجال الدين والغيبيّات والخرافات. أَليس هذا الأمر هو غاية التنوير في بلادنا اليوم، أيْ تحرير الانسان من سلطة رجال الدين، وتحرير المعرفة من غيبيّاتهم، ومن خرافات الكتب القديمة الجاثمة فوق رؤوسهم؟ وما دور اليساريين العرب في هذا الميدان؟
إنه دور سديميّ، بلا قوام متماسك. كأنّ هؤلاء خضعوا لقانون التلاشي على غرار علم الفيزياء ومصطلح التآكل، والبيولوجيا ومصطلح الشيخوخة، والكيمياء ومصطلح التحلّل، وعلم الاجتماع ومصطلح الفساد، والتاريخ ومصطلح الانحطاط، والسياسة ومصطلح الاندثار. هل هذا ما يحدث لليسار واليساريين حقّاً؟
لعلّ اليسار المتشظّي اليوم في هذا السديم العربيّ يحتاج، أكثر ما يحتاج، إلى "كفرة وملحدين وزنادقة" وعقلانيين. غير أنّ العلة التي تعوِّق تأسيس هذا اليسار كتيار سياسيّ وفكريّ واضح المعالم تكمن، علاوة على العوامل الذاتية، في الدولة الريعيّة نفسها، وفي المجتمع الرثّ أيضًا. لقد صار المجتمع أكثر رجعيّة، أحيانًا، من السلطة. ولعلّنا ما عدنا نطمح إلى ثورة، بل إنّ منتهى طموحنا هو الإصلاح الذي ربّما يفضي إلى إعادة تأسيس الدولة والمجتمع على أسس مدنيّة عصريّة. وهذا الأمر هو الثورة بعينها، وهذا هو ميدانُ اليسار الثوريّ الذي ما انفكّ غائبًا منذ زمن طويل، مع أنّ تجربة الانتفاضة التونسيّة والثورة المصريّة تقدّم له أفضل حقل لاختبار فاعليّته وأفكاره النقديّة الجديدة والمتجدّدة.
صخر أبو فخر
نقلاً عن مجلة "الآداب" البيروتية.
عندما أكتب في موضوع اقتصادي أشعر بأني أسير في حقل ألغام، بسبب قلة درايتي في القضايا الاقتصادية وتحليلها بدقة علمية، يمتاز بها المتخصصون بعلم الاقتصاد السياسي، إلا أن هناك أبجديات يستطيع المتابع العادي فهمها وإدراكها دون حاجة للتخصص الأكاديمي مثل قضية «الداو» وصفقتها التي أثارت الكثير من الضجة أخيراً بسبب الغرامة الباهظة أو سقف التقاضي حسب تعبير وزير النفط الأسبق محمد العليم، التي ستدفعها الكويت جراء إلغاء العقد مع شركة «داو كيميكال» والبالغة 2.2 مليار دولار تتكبدها خزينة الدولة أو المال العام وهو ملك الشعب الكويتي.
وهذه الصفقة يشوبها الكثير من التساؤلات بسبب غموض المعلومات حولها، خاصة بتوقيت إبرامها في ديسمبر عام 2008م، أي في الوقت الذي تعرّض فيه النظام الرأسمالي إلى زلزال تَمثّل بأسوأ أزمة اقتصادية بنيوية في تاريخه.وبرغم أن بعض الآراء في ذلك الوقت دعت إلى رفض الصفقة حيث ترى أن شركة داو كيميكال هي الطرف المستفيد، أما زعم الساعين لإبرام الصفقة أنها توفر فرص عمل وتدريب للمواطنين وجلب تقنيات حديثة فهو زعم غير دقيق، فالشركة أساساً متعثرة وهذا يعني أن الكويت تشتري جزءاً من شركة خاسرة بمبلغ باهظ يبلغ سبعة مليارات.هناك من يدين مشاركة الكويت في هذه الشركة، وهناك من يدين إلغاء الصفقة، لكن في كلتا الحالتين هناك مسؤولية سياسية يتحملها المسؤولون السياسيون في ذلك الوقت، وهذا الجدل سيظل قائماً في ظل غياب المعلومات والشفافية حول هذه القضية.وهناك سوابق في سرقات المال العام ضمن صفقات مشبوهة أو عمليات فساد مباشرة، مثل قضية سنتافي وقضية الناقلات وغيرهما اللتين أدتا إلى نهب مقدرات الشعب الكويتي، ولم تتم محاسبة المسؤولين عنهما، والخاسر الوحيد في هذا الفساد الكبير هو الشعب الكويتي.وبعض المختصين يرى أن صفقة الكويت مع الداو تختلف عن صفقة السعودية معها، حيث ان السعودية تملك أسهماً أو ملكية، بينما الكويت غير شريكة في الشركة الأم مثل السعودية، بل حاولت الكويت المشاركة في الشركات الصغيرة للداو التي هي أشبه الفروع التي لم تحقق ربحاً، كما أن الداو أرادت إدخال الكويت في هذه الشراكة على ادعاء أن رأسمال الشركة يبلغ 30 ملياراً وأن نصيب الكويت هو الربع، ولكن اتضح أن رأسمالها لا يتجاوز 17 ملياراً، بينما اشترطت السعودية على داو الشراكة بملكية الشركة الأم، وهذا رأي بعض المختصين.إن إحالة الحكومة قضية الداو إلى النيابة والاستغناء عن بعض قيادات القطاع النفطي يحتمل أحد تفسيرين، إما أن الحكومة اكتشفت شبهة وفساداً في هذه الصفقة، وإما أنها تريد ذر الرماد في العيون وتقديم كبش فداء وتسكت المواطنين الغاضبين من تبديد أموالهم، ليصار بعدها إلى حفظ القضية كما حدث في قضايا سرقات المال العام التي سبقت هذه القضية.
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 22/05/2013 العدد:12378
فخر الكويت – الشهيد فيليب
في مثل هذا اليوم ٢٢ أيّار/مايو من العام ١٩٦٥ ولد بطلنا وفخر وطننا الشهيد فوزي المجادي، لذا جاءت فكرة استحضار ذكرى استشهاده والكتابة عمّا يمكن أن يكون جزءاً صغير جداً من بطولته وفخرنا الذي قدمه لنا .. لذكراه الخلود..
فخر الكويت الشهيد البطل المناضل الرفيق فوزي المجادي أو "فيليب" وهو الاسم الذي اتخذه حركياً له، كما هو المعتاد بين غالبية المناضلين في الفصائل المسلحة بدافع السرية.
وكما قال والده "أشعر بالفخر لاستشهاد ابني في مواجهة مع قوات العدو الصهيوني، وحمداً لله لأنه اختار هذا الطريق، وأنا على استعداد لتقديم إخوان الشهيد الخمسة فداء للكويت والأمة العربية والإسلامية"، فلا غرابة أن يولد مناضلأ من هكذا والد على استعداد أن يقدم جميع أبناءه في سبيل قضية إنسانية كالقضية الفلسطينية
رحلة المجد..
في العام 1988 اختار الشاب فوزي طريق المجد والكرامة، و رحل إلى فلسطين حيث انضم إلى المقاومة، وكما يبدو فإنه اختار الفصيل المقارب لتوجهاته الفكرية أو الإيديولوجية حيث انضم إلى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وهي الفصيل الماركسي اليساري المسلح وثاني أكبر الفصائل في منظمة التحرير الفلسطينية بعد حركة فتح، وبعد فترة قصيرة، قرابة الثلاثة أشهر، عاد إلى الكويت تحت الضغط الكبير الذي واجهه من والدته التي لم تحتمل غيابه.. و من خلال مسيرته اللاحقة يتضح إنه لم يتخل عن فكرة النضال "المقدسة" حيث كرر شدّ الرحال إلى فلسطين "مدينة الصلاة" و أرض الشهادة وانضم ثانيةً إلى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
يروي بعض رفاقه مشاهدات و حكايات عن بداية التحاقه في صفوف الفلسطينية، ومما يروى أنه كان مثيراً للدهشة والغرابة والفضول بسبب تطوعه وهو شاب بمثل هذا العمر للقتال في فلسطين، فعندنا تطوع في الفصيل المسلح للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، كانت هناك أسئلة كثيرة تترد باستغراب شديد على مسامعه، فكيف لشاب أتى من دولة غنية وشعب مترف – نسبياً – أن يترك كل هذا الهناء والهدوء والرفاه للالتحاق في صفوف مقاتلين لا تربطه معهم إلا العروبة أو الإنسانية عموماً، ومما يحكى من انطباعات رفاقه أنه لم يكن يتقبل تلك الأسئلة بأريحية حيث كانت ردوده تتسم بالحدة والحزم و قليل من الغضب، مشدداً على أن الكويت بلد عربي وأن شعبها ذو قومية خالصة يعيش هم الأمة وأنه جاء من بيئة شعب ملتصق بقضية فلسطين حيث لا قضية أكبر منها في الكويت، وبسبب هذه الردود الحازمة فقد تم قبوله للانضمام في صفوف المقاومة بسرعة، كما أن هناك تفاصيل كثيرة تروى بهذا الخصوص.
وبطبيعة الحال كان بطلنا يتواصل مع أهله وكانت هناك رسالة معبرة جدا, مليئة بالاعتذار لوالديه، مفعمة بروح النضال والإنسانيك وحب الأرض والشعب:
(( بسم الله الرحمن الرحيم
والداي أبو بدر وأم بدر العزيزان تحية بارة من عند ابنكم بونواف وبعد:
أبعث هذه الرسالة وكلي أمل بأن تصلكم وأنتم بأتم الصحة والعافية حيث انني لا ينقصني شيء سوى رؤياكم الغالية جداً عليّ حيث انني آسف... آسف جداً على ما حصل مني بعدم الاحساس بأخطائي ولا أرغب سوى ان تسامحوني على ما بدر مني من خطأ حيث أعلم والعلم عند الله بأنكم تحملون في طياتكم قلب ابوين يحنون على ابن لا يقر لكم الا كل ود واحترام وتقدير هذا وأنا التحقت بالجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، علماً بأني احبكم وأحب بلدي وأميري وولي عهدي وكل الشعب لهذا قمت بهذا العمل الوطني لكي أرفع من شأن بلدي ضد العدو الاسرائيلي المحتل لأرض القدس لذلك لن ارضى إلا بالشهادة أو النصر وأرجو من الله أن تدعو لي بالنصر.. عاشت الانتفاضة.. عاشت فلسطين وعاشت م.ت.ف كما أهنيء الشيخ جابر الأحمد والشيخ سعد العبدالله على كل ما بذلاه من جهد في سبيل دعم الانتفاضة وبذل الغالي والنفيس من أجل مساندة الشعب الفلسطيني لكامل حقوقه على ترابه الوطني المستقل وأشكركم على حسن تربيتكم لي بالشكل الذي يرفع رأسكم والله يخليكم..
إبنكم بو نواف))
وكما يبدو أن بطلنا لم يدر في عقله غير الشهادة أو النصر، ولا غرابة على من يبدأ حديثه بوصف نفسه بـ"المقاتل", فعقيدة المقاتلين الأبطال إما الشهادة أو النصر ..
"الفيديو"
المجد والشهادة:
في يوم ٤ حزيران/يونيو ١٩٨٩ كانت العملية "الحلم" الذي تحقق بالنسبة للرفيق فوزي المجادي عملية "شهداء نابلس"، حيث أنه وبعد عناء وتمارين عسكرية قاسية أبدى بها شجاعة وقوة كبيرتين، وعلى إثر ذلك تم ترشيحه للمشاركة في عملية عسكرية ضد العدو الصهيوني برفقة اثنان من المقاتلين، و قد تم تحديد الهدف من العملية وهو موقع عسكري للعدو الصهيوني في مستعمرة "مسكاف"، بدأت العملية و قد كانت معركة واضحة الشراسة أظهر فيها المناضلون الرفاق الثلاثة شجاعة وقوة لا مثيل لهما، حيث استخدموا القنابل اليديوية والصواريخ والبنادق الآلية، وبسحب التقارير الاستخباراتية في حينها، فقد حقق المقاتلون الأبطال أهدافهم في اختراق تحصينات العدو وتقهقر القوة الصهيونية وتراجعها، وسقط أفراد القوة الصهيونية ما بين قتلى وجرحى، حتى أنهم أسروا اثنان من الجنود الصهاينة بعد أن قتلوا وجرحوا عدداً كبيراً منهم، وبعد تطويق المنطقة بعدة مروحيات -تقريباً أربع- وعدد كبير من الجنود بعد إرسال الدعم الكبير من الجيش الصهيوني، حاول المناضلون التفاوض حول الخروج من المعركة سالمين في مقابل فك أسر الجنديين الذين معهم، ولكن العدو الصهيوني رفض ودارت معركة جديدة، فقتل المناضلون الأسرى الصهاينة وسقطوا بعدها شهداء واحداً تلو الآخر، وكانوا ثلاثة شهداء، وهم:
الشهيد حسين أحمد حسن من فلسطين
الشهيد رياض عبدالعزيز السبروجي من فلسطين
بطلنا الشهيد فوزي المجادي.
رحلة العودة مكللاً بالمجد:
وبعد أن فقد أهل الشهيد الأمل بعودة إبنهم لأرض الوطن حتى وإن كان رفاتاً، جاءت حرب تموز الصهيونية على لبنان في العام 2006 والتي انهزم فيها الجيش الصهيوني وأرغموا على " فخرها وسعادتها بأن تكون رفات شقيقها ضمن رفات الشهداء، وقالت إن الفرح والحزن معاً
لذكراك السؤدد يا فوزي في سجلّ الخالدين..
بقلم: أحمد الراشد
ahmad_alrashed@

مقال للزميل د. فواز فرحان تحت عنوان “اليسار الكويتي... هل هو ترف فكري ووجود غير مبرر؟!”
عندما سمع مني كلمات مثل (يسار) و(تقدميّة) انطلقت من عينيه نظرات الاستغراب المختلطة بالاستهجان وساهم وجهه بإضافة مسحة (الاستكثار) على مثل هذه المصطلحات التي عفا عليها الزمن -كما يعتقد- ولم يعد لها وجود وخصوصاً في بلد مثل الكويت حيث تكفل الدولة الإنسان منذ صرخته الأولى وحتى صرخة من هو عزيز عليهم بل حتى بعد ذلك أيضاً في توفير مرقد أخير له! في الحقيقة صمتُّ في أول ثوانٍ بعد تعليقه هذا لأنني ترددت بين شرح منطلقاتي وما يحيط بها من تراكمات تاريخية وظروف حالية وبين إكمال فنجان قهوتي على الحديث عن آخر صرعات التكنولوجيا أو ربما نكتة لطيفة تنسينا -مؤقتاً- أخبار المحاكمات اليومية لشباب الحراك!
قررت أن -أغسل مخه- كما يحب أعداء الإيديولوجيات تسمية الحديث عن الفكر بمختلف جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية فبدأت بتعريف بسيط لليسار على أنه النزعة نحو تغيير الوضع الراهن إلى أفضل منه لصالح الغالبية الساحقة من الناس، وذلك بالسعي نحو أهداف تتقدّم بالمجتمع إلى الأمام في كل جوانب الحياة، وذكرت له بأن حجر الأساس الذي ينطلق منه (اليسار) وتسعى لتثبيته (التقدمية) يتمثل بالعدالة الاجتماعية، وهذه الأخيرة تتلخص بـ: إزالة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية والاستغلال الطبقي عن طريق نظام يسود فيه القانون الذي يساوي بين جميع الناس وتتكافأ فيه الفرص ويُحجَّم به استغلال الموظفين والعاملين بأجر من قبل الطبقة العليا المسيطرة على المجتمع، وصولاً إلى انهائه.
قاطعني قائلاً: ممتاز! وكلام جميل! ولكنني لا أعتقد بأنه قابل للتطبيق.. فقلت له: إن كان ممتازاً وكلاماً جميلاً فلماذا هو غير قابل للتطبيق؟ ألا تعتقد بأن فكرة عدم قابليته للتطبيق يروّجها المستفيدون من الوضع الراهن غير العادل أو مَنْ تدنّت همتهم لدرجة أنهم باتوا يرضون بالفتات الذي يُرمى لهم كجزء لا يُذكر مما أنتجته قواهم العضلية أو الذهنية؟ لو آمن الناس بأن دعوات التغيير مجرد أفكار عادلة وجميلة ولكنها غير قابلة للتطبيق لظل الناس في عهد المشاعية البدائية، ولما انتقلوا إلى عصر الزراعة والاستقرار عند المدن، ولظّل العبيد يرزحون تحت قيودهم في عصر الرق ولما تحرروا وأصبحوا فلاحين أو صنّاعاً، ولقبلت البرجوازية -عندما كانت تقدمية- بظلم وجور الإقطاع وسطوة الكنيسة في أوروبا! إنّ تبني أفكار كما تسميها جميلة وكما أسميها تقدمية وتسعى لتطبيق العدالة الاجتماعية كانت تنطلق دائماً من واقع غير عادل وبه ظلم واستغلال من قبل طبقة مسيطرة تستحوذ على خيرات المجتمع، وهذه الأفكار هي انعكاس للصراع الطبقي الذي يعتبر هو الصراع الحقيقي في كل المجتمعات، وعموماً هذا الصراع مع الطبقات المسيطرة والمُستغِلة للطبقات التي تحتها كان ومايزال هو المحرّك للتطور التاريخي الذي مرّ و يمر على المعمورة.
أشار إلى تأييده لكثير من هذه الصراعات في الكثير من الدول لكنه استبعد وجود مثل هذا الصراع في الكويت مدلّلاً على نظرته بأن أغلب الكويتيين يعيشون في المستوى الاجتماعي نفسه تقريباً... فكان أوّل استفسار منّي له لدحض هذه النظرة هو: هل أنت وجاسم الخرافي أو محمد الصقر مثلاً تنتمون إلى الطبقة الاجتماعية ذاتها رغم التشابه الكبير في مظاهر رغد العيش التي تبدو عليكم جميعاً؟ بل ربما قد يكون (هاتفك) أو (دشداشتك) أغلى ثمناً مما عند جاسم أو محمد؟ استوعب فجأة أنّ هذا الشكل الخارجي لا يحدد الانتماء إلى طبقة معينة فتساءل: وما هو سبب عدم وضوح هذا الفرق الطبقي في الكويت؟ فكان تلخيصي لأسباب ذلك في الآتي: طبيعة اقتصاد الدولة المعتمد على بيع النفط وقدرة الدولة مالياً على (الصرف) على الشعب من غير أن تطلب منهم أن يكونوا منتجين فعليين شوّهت الطبقة البرجوازية وجعلتها متطفلة ومعتاشة على ما تقدمه الدولة من مناقصات واستثمارات وكذلك شوّهت الطبقة العاملة وجعلتها في معظمها غير منتجة واستهلاكية في الوقت نفسه، فاختفت (ظاهرياً) الفروقات الطبقية ولكنها (فعلياً) موجودة إذا ما قارنّا بين ما تمتلكه الطبقتان من مال وعقار وحجم ما تحصلان عليه من مداخيل، ولنضع في الحسبان سعي البرجوازية الدائم لتشويه الفروقات الطبقية لكي يتشوه الصراع الحقيقي ومن ضمن أساليبها لهذا التشويه هو إيحائها للطبقات التي تحتها بأنها (شبه) متساوية معها عن طريق أمور تافهة وشكلية كنوعية المأكل والملبس بينما في الحقيقة ينام البرجوازي وحسابه ممتليء بالمليارات وينام العامل أو الموظف وليس لديه إلا ما يستطيع أن يأكل أو يلبس به حتى آخر الشهر و ربما أقل من ذلك.
كان آخر استفسار منه: وهل نحن مضطرون الآن إلى تصعيد هذا الصراع مع الطبقة المسيطرة (السلطة مع البرجوازية) ونحن في عيش رغيد واستقرار؟ فكان ردي البديهي: نحن لا نفتعل الصراع الطبقي ولا نختلقه من عدم، فهو موجود موضوعياً وقائم واقعياً بين مَنْ يملكون البنوك والشركات والمجمّعات العقارية والمصانع والمتاجر الكبرى وبين مَنْ لا يملكون غير قوى عملهم الذهنية والعضلية ويحصلون منها على رواتبهم وأجورهم، ويدور حول حجم ما تحصل عليه كل طبقة من الدخل والثروة، كما يدور الصراع حول سعي أصحاب رؤوس الأموال للاستحواذ على النصيب الأكبر من خيرات المجتمع ومقدرات الاقتصاد وتقليص ما تحصل عليه غالبية الشعب، وكذلك يدور هذا الصراع حول طبيعة النظام الاقتصادي، وحول الأجور والرواتب، وحول الايجارات بين الملّاكين والمستأجرين، وحول أسعار السلع بين التجار الكبار والمستهلكين، وحول الخصخصة وتصفية القطاع العام والقطاع التعاوني مع مَنْ يسعون للحفاظ على الملكية العامة، وحول البطالة وتوفير فرص العمل، وحول الإنفاق الحكومي ولمَنْ يُوجّه... لذلك فإنّ تبني الأفكار اليسارية والتقدمية ليس ترفاً فكرياً ولا تنظيراً ولكنه ينطلق من واقع ملموس بحاجة إلى التغيير لمصلحة الغالبية من الشعب، وهذا ما تحاول أن تقوم به القوى والعناصر اليسارية والتقدمية الكويتية.
وحتى بعد هذا الحوار ظلت رغبتي بارتشاف بقية فنجان القهوة على صدى نكتة لطيفة قائماً، فكانت نكتته:
اجتمع مسؤولو المخابرات في الأمم المتحدة وقرروا انتقاء فردين من المخابرات من كل دولة ليمثلاها، فذهبوا الى أمريكا وأحضروا اثنين من السي آي أي، وذهبوا إلى انكلترا وأحضروا اثنين من مقر السكوتلاند يارد، وعندما ذهبوا إلى إحدى الدول الشيوعية قيل لهم لستم بحاجة للبحث عن مقر مخابراتها فعندما تنزلون مطار هذه الدولة أحضروا أول شخصين تروهم فبالتأكيد هما من المخابرات!!
فقررت أن تكون جلستي الثانية معه عن التجارب اليسارية والاشتراكية في العالم و دورنا في الاستفادة منها وتطويرها.
د.فواز فرحان
عضو في التيار التقدمي الكويتي
عاد موضوع صفقة "الداو" الفاشلة من جديد ليحتل صدارة الأحداث المحلية بعد أن دفعت الكويت البند الجزائي البالغ 2.16 مليار دولار نتيجة لتوقيع أوَلي مثير للجدل وعلامات الاستفهام على "مذكرة التفاهم" الخاصة بالصفقة التي ألغتها الحكومة لاحقاً لحماية رئيس الوزراء السابق من الاستجواب الذي كان عدد من النواب يهددون بتقديمه؛ بالرغم من أن الحكومة آنذاك كان لديها أغلبية مريحة في مجلس الأمة.
وكما ذكرنا غير مرة في هذه الزاوية فإن صفقة "الداو" تتحمل الحكومة آنذاك متضامنة مسؤوليتها بالكامل، فهي دستورياً من يرسم السياسة العامة وينفذها، وهي من وقّع العقد الذي تضمن بنداً جزائياً مبالغاً فيه، وهي ذاتها من قرر إلغاءه لاحقاً بالرغم من أن موضوع الصفقة لم يكن يحتاج إلى قرار من مجلس الأمة، وكان يفترض بالحكومة أن تقف وتدافع عن قراراتها، إن كانت متأكدة من صحتها.إذ إننا لو سلمنا بأنه يجب على الحكومة أن تتراجع سريعاً عن قراراتها بمجرد إبداء نواب أو بعض وسائل إعلام ملاحظات أو تحفظات لما اتخذت أي حكومة في العالم أي قرار له معنى، فمن المسلّم به أنه من حق النواب ومنظمات المجتمع المدني وقوى الضغط ووسائل الإعلام أن يتخذوا الموقف الذي يناسبهم ويتماشى مع مصالحهم تجاه أي قضية، ولكن على الحكومة في الطرف الآخر مسؤولية اتخاذ القرار الذي يحقق المصلحة العامة والدفاع عنه دون هوادة أو تحمل مسؤولية التراجع عن قراراتها حتى لو أدى الأمر إلى الاستقالة.أضف إلى ذلك أن الحديث عن تحميل مسؤولية تراجع الحكومة عن قراراتها لأطراف أخرى من خلال القول إن "الكل مسؤول" سيؤدي إلى "شيوع المسؤولية" وحماية من له سلطة اتخاذ القرار، وهو الحكومة؛ لأنها المهيمنة على مصالح الدولة (الدستور مادة 123) ومن المعروف أن المسؤولية بقدر السلطة.هذا فيما يتعلق بالشق السياسي أما بالنسبة إلى الشق الجنائي فإنه من الأهمية بمكان فتح تحقيق موسع ومحايد مع ضرورة الانتباه إلى أن الإحالة إلى النيابة العامة قد تكون وسيلة سهلة لتبرئة المتهمين، خصوصاً إذا كانت غير مكتملة الأركان القانونية، ولم ترفق معها مستندات وافية ودقيقة بتهم محددة لأشخاص معينين، فكم من قضية معروفة مثل الإيداعات والتحويلات والإعلانات الانتخابية والناقلات والاستثمارت الخارجية انتهت جميعها للحفظ لعدم كفاية الأدلة أو عدم جدية البلاغ!وما يزيد الطين بلة أن حكم محكمة الوزراء يعتبر حكماً نهائياً، فإذا ما حفظ البلاغ لعدم جديته أو حفظت القضية لعدم كفاية الأدلة فإنه لا يمكن بأي حالة من الأحوال إعادة محاسبة الوزير جنائياً لأن الحكم في هذه الحالة يعتبر حكماً نهائياً غير قابل للنقض!
د. بدر الديحانيمنقول عن جريدة الجريدة تاريخ 20/05/2013
شركة خدمات القطاع النفطي شركة تابعة لمؤسسة البترول الكويتية أنشئت في عام ٢٠٠٥ ومن أبرز مهامها تقديم خدمات الأمن و الإطفاء لجميع شركات القطاع النفطي حيث أغلب العاملين فيها من رجال الأمن والإطفاء. وبعد إنشائها تم نقل جميع رجال الأمن والإطفاء القائمين على رأس عملهم في الشركات النفطية المختلفة إليها، ثم قامت الشركة في السنوات الأخيرة بتوظيف المئات من الشباب الكويتي في مجال الأمن والإطفاء بعد تجاوزهم دورات خاصة تؤهلهم للعمل في القطاع النفطي في هذين المجالين ليتم توزيعهم على الشركات النفطية للإشراف على البوابات في المباني والمنشآت النفطية ومراكز الإطفاء. ويبلغ عدد العاملين في شركة خدمات القطاع النفطي حوالي ١٧٠٠ عاملاً نسبة الكويتيين منهم ٩٨٪. وهي من أعلى نسب العمالة الكويتية في شركات القطاع النفطي. وقد أعلنت نقابة شركة خدمات القطاع النفطي إضراباً شاملاً اليوم الأحد الموافق ١٩/٥/٢٠١٣، وجاء الإعلان عن هذا الإضراب بعد الجمعية العمومية غير العادية التي انعقدت في ١١/٥/٢٠١٣ وكانت قد شهدت حضوراً عمالياً حاشداً. وسبق الإعلان عن الإضراب سلسلة من الاعتصامات خلال شهري ابريل ومايو كما قدمت النقابة المطالبات إلى الإدارة العليا للشركة ولكنها قوبلت بالرفض وعدم المبالاة ، ومن أبرز مطالب العمال:-١- تصنيف وظائف الأمن والإطفاء من ضمن الأعمال الشاقة. ٢- إتباع اللوائح والنظم في سد الشواغر الوظيفية التي تعطي الأولوية لموظفي الشركة. ٣- الشفافية في التقييم السنوي للعاملين. ٤- صرف بدل الساعات الإضافية كاملاً دون نقصان.ويُعدّ هذا الإضراب أول تحدٍ لمجلس الإدارة الجديد لمؤسسة البترول الكويتية بعد تشكيله قبل أيام. لكونه يشمل جميع مرافق القطاع النفطي من حيث البوابات التي يشرف عليها عمال شركة خدمات القطاع النفطي ومراكز الإطفاء.فهل ستنتصر إرادة العمال كما هي العادة ؟!
في الآونة الأخيرة بدأت أشعر بأن الواقع الكويتي في مجمله يمر بمنعطف لم يخطر على بالي، بسبب جملة أمور تراكمت جميعها خلال فترة زمنية قصيرة، وربما كانت تخضع لقانون الصدفة والضرورة، ولكني خشيت بسببها مما ينتظر وطني في المستقبل.
كان حبي لكل شيء يمتّ للكويت بصلة، سواء تاريخها الناصع ثقافياً أو تميزها بالحريات وبحبوحة العيش النسبية واعتداد الانسان الكويتي بنفسه وشخصيته التي لم تكن معتادة على الذل والخنوع، بل كانت تتميز بالانفتاح وكره الانغلاق والتخلف، التي قال عنها أحد الرحالة الانكليز حول التاريخ الكويتي عن أحد الكويتيين أن سلوكه يضاهي سلوك أي جنتلمان انكليزي، هذا الحب الذي أكنه لكل شيء يمتّ للكويت وأهلها كان يقترب كثيراً من المثالية والرومانسية.
لكن تراكم الأخبار والأحداث في الفترة الأخيرة جعلني في حاله صدمة بكل ما تعنيه معاجم علم النفس، أي ببساطة هي أمور لا يصدقها عقلي وربما عمل على نكرانها لفترة ليست قصيرة.فكيف نصدق أنه في يوم واحد فقط هو الأربعاء 15 مايو الجاري جرى تقديم عشرات الملاحقين سياسياً الى المحاكمة على خلفيات التغريد في تويتر أو المشاركة في مظاهرة سلمية، واضافة تُهم أخرى لهم ملفقة مثل مقاومة رجال الأمن وبعضها تهم أمن دولة، يحدث هذا في الكويت التي كنا نفاخر بأنه لا يوجد سجين سياسي واحد فيها، بل ان بعض الشباب محكومون بالسجن لسنوات على خلفية تغريدة فقط، وهؤلاء الملاحقون سياسياً يعبرون عن طيف واسع من الكويتيين وعن جميع مكونات المجتمع بمن فيهم نواب سابقون.يحدث ذلك في الوقت الذي نرى فيه سرّاق الملايين والمليارات من المال العام، وتنفّذ الفاسدين، وأصحاب الصفقات والمناقصات المشبوهة، يعيشون بأمان تحت حماية القانون ويعيثون في البلد فساداً وتخريباً، بينما نظل نردد المقولة الكويتية «الله لا يغير علينا»، ونتساءل باستغراب كبير: ألم يغيّر علينا؟كيف تحول رجل الأمن الذي كان يمثل لنا ببزته العسكرية مصدر أمن وأمان، الى شخص يثير الرعب في قلوبنا بتعسفه وظلمه للمواطن؟ بل أصبح يعتمد على زيه العسكري ووظيفته لارتكاب مخالفات واعتداءات وتزوير وتعاطي مخدرات، كل ذلك باعتراف معالي وزير الداخلية.كيف تدهور النظام التعليمي والعملية التربوية الى درك لم نكن نتوقعه في يوم من الأيام؟ كيف يحرم مثلاً طفل في السابعة من عمره من التعليم الذي كفلته الدولة والدستور له بحجج سخيفة؟ وأنا أتحدث عن طفل في السابعة من عمره، وتدني التربية والتعليم باعتراف كل من معالي وزير التربية ومدير جامعة الكويت، بعد ان كنا نصدر هذه الخدمات الى دول الجوار، ناهيك عن تدهور الخدمات الصحية بل جميع الخدمات، ومع ذلك تريد الحكومة رفع رسوم الخدمات وفرض ضرائب على الشعب.ربما فتح الجيل الجديد عينيه على هذا التدهور، لكن جيلنا الذي عاش في العصر الذهبي للكويت يجد أن هذا التدهور كبير وسريع مقارنة بالكويت التي نعرفها، كل شيء انحط في سرعة البرق حتى ثقافة المجتمع وأخلاقياته، والمسؤولية لا تُلقى على الانسان القابل للتغير والتحضر والانضباط.أما صدمتي الكبيرة فهي قرار عدد من الشباب والشابات والعائلات الشابة الهجرة من الكويت والعمل في دول أخرى، بسبب صعوبات العيش وتلاشي العدالة وتكافؤ الفرص والبطالة واجراءات التسريح المتعسف في القطاع الخاص، ولدي مئات الأمثلة على تدهور أحوال البلد في فترة قياسية لا يتسع المقال لذكرها.
وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 18/05/2013 العدد:12374
في المجالس السابقة كانت الحكومة ومعها أعضاء مجلس الصوت يدّعون باستمرار أن الاستجوابات تعطل التنمية وتؤزم الحياة السياسية، ولو بحثنا سريعاً في أرشيف الصحف لوجدنا تصريحات نارية كثيرة حول هذا الموضوع.كما أن الحملة الإعلامية الضخمة التي رافقت انتخابات مجلس الصوت كانت تركز على أنه سيكون مجلس "إنجاز وتنمية ونقاشات سياسية راقية"، وفي الوقت ذاته فإنه سيكون، كما يقول أعضاؤه "مجلس السمع والطاعة" في سابقة تاريخية وغير دستورية لم تصدر عن أي برلمان حقيقي في العالم!
ومنذ بداية عمل مجلس الصوت وتصريحات أعضائه تتوالى تباعاً بأنه "في جيب الحكومة" توجهه كيفما تشاء؛ إلى درجة شكوى أعضائه الدائمة من أن الوزراء لا يعيرونهم أدنى اهتمام، وهي تصريحات تعكس حقيقة هذا المجلس الصوري الفاقد للشرعية السياسية والشعبية.وجميعاً نتذكر أنه قبل نحو شهرين قرر مجلس الصوت تأجيل الاستجوابات للفصل التشريعي القادم في سابقة تشريعية تدل على أنه تحت طلب الحكومة، ثم توالت التصريحات بعد ذلك سواء من قبل رئيسه أو بعض الأعضاء التي تؤكد هذا الأمر.فما الذي دعا أعضاءه وبشكل مفاجئ ومن دون أي مقدمات إلى تقديم عدة استجوابات دفعة واحدة رافقتها تصريحات نارية ضد الحكومة؟ وكيف يخرج "مجلس السمع والطاعة" عن "السمع والطاعة"؟ هل يمكن لمجلس فصلته الحكومة ووضعته في جيبها أن يخرج من "جيبها" بهذه السهولة؟لا بد أن في الأمر أمراً ستوضح تفاصيله الأيام القليلة القادمة، خصوصاً أن الاستجوابات تزامنت مع دفع غرامة "الداو" والمطالبة الشعبية بمحاسبة المسؤولين، فهل هو صراع داخلي بين أقطاب متنافسة على مشروع الحكم المقصود منه "تكسير عظم" وحل الحكومة، ثم إيجاد كبش فداء للتغطية على فضيحة "الداو" حتى لو أدى الأمر إلى حل المجلس الشكلي؟! أم هي محاولة "استباقية" لخلط الأوراق، خصوصاً أن الاستجوابات المفاجئة من قبل مجلس الصوت الذي "لا يهش ولا ينش" تأتي قبيل صدور حكم المحكمة الدستورية المرتقب وبعد تصريحات رئيسه وبعض أعضائه حول حكمها المرتقب؟ أم أن الأمر لا يعدو عن كونه محاولة يائسة لتلميع صورة بعض أعضائه استعداداً لأي انتخابات عامة قادمة؟!على أي حال فإن إطالة فصول هذه المسرحية السمجة سيكون ثمنه باهظاً للغاية على المستوى الوطني، فالانقسامات السياسية والاجتماعية الحادة بلغت حداً غير مسبوق بات يهدد استقرار وطننا. لهذا فالمطلوب الآن هو وقف عرض هذه المسرحية السمجة حالاً، والتي ثبت بالدليل القاطع أن الشعب الكويتي لم ولن يتقبلها، وطرح مشروع دولة دستورية ديمقراطية تكون بدايته مصالحة وطنية بوقف الملاحقات السياسية والعفو العام عن السجناء السياسيين، ثم العودة إلى قانون الانتخاب الشرعي (42/ 2006) كي تختار الأمة من تراه جديراً بتمثيلها على أن تشكل بعد ذلك حكومة "وحدة وطنية" تكون قادرة على رأب التصدعات السياسية والاجتماعية، والمضي بالكويت نحو المستقبل بدلا من المحاولات الحالية البائسة للعودة بها عقوداً للوراء!
د. بدر الديحانيمنقول عن جريدة الجريدة تاريخ 16/05/2013

هيومان رايتس ووتش | الكويت - مشروع قانون الصحافة يهدد حرية التعبير
قال هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات الكويتية تعديل قانون مشروع جديد للصحافة، من شأنه أن يزيد من سيطرة الدولة على وسائل الإعلام ومن القيود على الحق في حرية التعبير. قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي إعادة النظر في مشروع القانون، بحيث يحمي حرية التعبير؛ بما يتفق مع المتطلبات التي ينص عليها القانون الدولي لا أن يحاصر القانون حرية التعبير ويحجّمها.
طرحت الحكومة مشروع قانون الإعلام الموحد في 8 أبريل/نيسان 2013، ومن المقرر أن يكون بديلا لكل من قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2006، وقانون الإعلام المرئي والمسموع لعام 2007. وبعد اعتماده من قِبل الحكومة، كان من المقرر أن ينظر البرلمان الكويتي في التشريع الجديد في مايو/أيار، لكن بعد اعتراضات من وسائل الإعلام والمجتمع المدني، قال رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك في 24 أبريل/نيسان إن الحكومة سوف تسمح بمزيد من الوقت للتشاور مع الصحفيين ورؤساء التحرير.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يستحق رئيس الوزراء الإشادة على تعطيله مشروع القانون المعيب هذا، في الوقت الراهن على الأقل. من شأن هذا القانون على صياغته الحالية أن يخلق خطوطا حمراء جديدة لوسائل الإعلام وأن يغلق مساحة النقاش العام، ويؤدي لانتكاسة عن التوجه نحو مزيد من الانفتاح الذي جعل الكويت مناط إشادة".
قالت هيومن رايتس ووتش إن مشروع القانون ينتهك المعايير الدولية التي تحمي حرية التعبير، فمن شأنه أن يمنح وزارة الإعلام الكويتية صلاحيات واسعة تسمح لها بالحدّ من حرية التعبير، ويسمح بقيود تتجاوز التعبير عن الرأي الذي يحرض على العنف بشكل مباشر أو أي جرائم أخرى، إلى غير ذلك من محتوى.
كما يبدو أنه يكرّس لما يرقى لكونه استحداث تراخيص حكومية لكافة وسائل الإعلام، بما في ذلك وسائل الإعلام الالكترونية، ما يسمح للحكومة برفض الطلبات المقدمة من المؤسسات الإعلامية الجديدة دون إبداء أسباب. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي ألا يكون هناك أي تراخيص إعلامية تمنحها الدولة إلا ما يتعلق بتخصيص ترددات للبث.
تنتهك بعض المواد القانون الدولي من خلال تجريم التعليق السياسي؛ بما يتيح للسلطات مقاضاة الأشخاص بتهم مثل "إهانة" موظفين عموميين، أو "الإضرار بالعلاقات" بين الكويت ودول أخرى، أو "تحقير" الدستور، أو "التعرض لشخص... الأمير". وينص مشروع القانون على عقوبات لهذه المخالفات تتمثل في غرامات تصل إلى 300 ألف دينار كويتي (مليون دولار أمريكي)، وستصل عقوبة إبداء الآراء أو الكتابة التي تعتبر مسيئة إلى الذات الإلهية والقرآن والدين الإسلامي إلى السجن 10 أعوام.
تزامن تقديم الحكومة لمشروع القانون مع حملة قمعية استهدفت حرية التعبير. إذ لاحقت الحكومة على مدار الشهور الأخيرة عددا من السياسيين المعارضين، ونشطاء على الإنترنت، وصحفيين، بتهم مثل "التطاول على الأمير".
تصاعدت حدة التوتر بين الحكومة والمعارضة منذ يونيو/حزيران 2012، حينما قام أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح بتعليق عمل البرلمان لمدة شهر، وبعدها أمرت المحكمة الدستورية بحله. في أكتوبر/تشرين الأول، عدل الأمير قانون الانتخابات الكويتي في مواجهة الانتقادات الموجهة من تيارات سياسية، الذين قالوا إن أي تغييرات في القانون يجب أن يجريها البرلمان الجديد.
ودعا الأمير إلى انتخابات عامة جديدة في الأول من ديسمبر/كانون الأول، والتي أجريت رغم مقاطعة المعارضة. وخلال الفترة السابقة على الانتخابات ،استخدمت قوات الأمنقنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق متظاهري المعارضة، وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول حظرت الحكومة لفترة وجيزة جميع المظاهرات.
يعترف القانون الدولي بحرية التعبير كحق أساسي من حقوق الإنسان، وهو أمر أساسي للأداء الفعال للمجتمع الديمقراطي ولكرامة الإنسان الفردية. إن المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهي اتفاقية خاصة بحقوق الإنسان، صدقت عليها الكويت عام 1996، تضمن "الحرية في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها".
أعلنت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وهي الهيئة المنوط بها تقديم التفسير المُلزم للعهد أن "جميع الشخصيات العامة، بما في ذلك أولئك الذين يمارسون أعلى سلطة سياسية مثل رؤساء الدول والحكومات، هي وبشكل مشروع قابلة للخضوع للانتقاد والمعارضة السياسية"، مضيفة أنه ينبغي أن يكون "التعبير غير ممنوع" في النقاشات العامة حول مثل تلك الشخصيات.
قالت سارة ليا ويتسن: "ينبغي لأي قانون للصحافة أن يعزز حرية التعبير، والتدفق الحر للمعلومات الضروري للغاية لأي مجتمع ديمقراطي، لا أن يخنق الكتابة الصحفية والنقاش مثلما هو الحال في مشروع القانون هذا". وأضافت: "ينبغي أن تستغل الحكومة فترة التشاور التي أعلنها رئيس الوزراء لإعادة النظر جذريا في المسودة وتحويلها إلى قانون يحمي حرية التعبير ويدعمها".
للاطلاع على تقييم مفصل والتوصيات بشأن مشروع قانون الصحافة، تابع القراءة أدناه.
بواعث القلق والتوصيات الرئيسية:
التسجيل
- من شأن المواد 6 و10 و57 من مشروع القانون أن تفرض عملية تسجيل مبهمة وفضفاضة، فهي تلزم أولئك الذين يسعون لتأسيس منافذ إعلامية جديدة، بما في ذلك الصحف، بأن يكون لديهم إثبات بوجود أصول مالية ضخمة – ما يصل إلى مليون دينار كويتي (3.5 مليون دولار أمريكي)، حسب نوع المنفذ الإعلامي، مع دفع "كفالة مالية" باهظة يمكن أن تصل إلى 300 ألف دينار كويتي.
المعايير الدولية، بما في ذلك تلك الواردة من لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تنصح بشدة بالامتناع عن عملية الترخيص العام من قبل الدولة لوسائل الإعلام أو للصحفيين الأفراد. ورغم أن الحكومة ستحتاج لتخصيص نطاق بث وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، فإنه ينبغي أن يتم ذلك بطريقة شفافة وبسيطة وبدون تمييز.
قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه المواد أيضا سوف تؤثر بالسلب على وسائل الإعلام الصغيرة، وتمنع تعدد وسائل الإعلام وتنوعها.
ينبغي تعديل هذه المواد بغية إلغاء أي شرط لتسجيل أي وسيلة إعلامية وحصولها على موافقة سلطات الدولة، باستثناء حاجة وسائل البث المرئي والمسموع إلى التسجيل من أجل تخصيص ترددات البث لها. وينبغي أيضا تعديل هذه المواد لتوفير عملية تسجيل واضحة وشفافة وقابلة للمحاسبة، لتخصيص الترددات وإزالة المتطلبات المالية والكفالات المالية المرهقة للغاية.
- بموجب المادتين 7 و55، يمكن لوزارة الإعلام رفض إعطاء التصريح لإنشاء صحيفة مطبوعة أو على الإنترنت، أو محطة إذاعية، أو محطة تليفزيونيةدون إبداء أية أسباب . وعلاوة على ذلك سيتم اعتبار الطلب مرفوضا إذا لم ترد الوزارة في غضون 90 يوما من تقديم الطلب.
ينبغي إزالة تلك المواد جنبا إلى جنب مع أية متطلبات لتسجيل وسائل الإعلام، وينبغي أيضا أن تعدل المادة بأن يطلب من وزارة الإعلام تقديم بيان مفصل مكتوب عن الأسباب في أية حالة ترفض فيها تخصيص عرض نطاق ترددي، ويسمح لمقدم الطلب بفرصة لتصحيح أية عيوب في طلبه، والطعن في أي رفض من قبل الوزارة أمام المحكمة.
الإشراف
- بموجب المواد 14 و25 و35، فإن وزارة الإعلام ستقوم بتعيين مراقبين لتدقيق الحسابات من أجل فحص السجلات المالية للصحف ومنافذ الإذاعة والتلفزيون، وفق اللائحة التنفيذية التي يتم إصدار قرار بها من قبل وزير الإعلام.
من شأن هذه المواد أن تمنح الحكومة صلاحيات واسعة النطاق وغير متناسبة على الشؤون المالية لوسائل الإعلام، خاصة على وسائل الإعلام المملوكة للقطاع الخاص. ينبغي أن يتم تعديل هذه المواد بحيث تنص على أن مراقبي الحسابات التابعين للوزارة لا يمكنهم فحص السجلات المالية، إلا تلك الخاصة بوسائل الإعلام التي تتلقى تمويلا حكوميا.
كما ينبغي أن تطلب المراسيم التنفيذية التي تصدر عن الوزارة في المستقبل من مراقبي الحسابات التابعين للوزارة أن يزوروا مكاتب الصحف والقنوات فقط في حال كانت هناك أسباب مبررة وخلال ساعات العمل العادية، ويتم تقديم إشعار مسبق للحيلولة دون استغلال مثل تلك الزيارات في التعرض لمكاتب الصحف والقنوات بالمضايقات.
- تعد البنود 1 و5 و9 و10 من المادة 33، والبند 1 من المادة 41فضفاضة وتنطوي على تدخل زائد عن الحد ويُحتمل معها حدوث انتهاكات حكومية. على سبيل المثال، بموجب البند 1 في كلتا المادتين، فإنه سوف يطلب من الهيئات الإعلامية والأفراد أن يحترموا "النظام العام والآداب العامة"، لكن هذه المصطلحات الفضفاضة لم يتم تعريفها بشكل محكم بما يوفر إرشادات بشأن تفسيراتها في الممارسة العملية.
من شأن البند 5 من المادة 33، أن يمنع بث اي من المصنفات المرئية و المسموعة الا اذا كان صادرا لها اجازة مسبقة من الوزارة. وبموجب البنود 9 و10 سيطلب من محطات التلفزيون الاحتفاظ بسجل مفصل يتضمن جميع البرامج التي تم بثها على مدار العام، والاحتفاظ بتسجيلات للبرامج التي تم بثها خلال ثلاثة أشهر والسماح لمسؤولي الوزارة بالاطلاع على التسجيلات.
ينبغي تعديل البند 1 في المادتين 33 و41 بحيث تكون عبارات مثل "النظام العام والآداب العامة" معرفة بوضوح وبشكل مُحكم وفقا للقانون الدولي. ينبغي تعديل البنود 5 و9 و10 من المادة 33 لإلغاء شرط الحصول على إذن مسبق لبث المواد السمعية والبصرية، وينبغي أيضا أن يتم تعديل هذه المادة بحيث لا يُسمح للمسؤولين التابعين للوزارة بزيارة مكاتب الصحف وقنوات الإذاعة والتليفزيون للاطلاع على التسجيلات إلا عندما يكون بإمكانهم تقديم أسباب قابلة للتبرير وخلال ساعات العمل العادية، وأن يقدم إشعار مسبق للحيلولة دون الاستخدام غير المناسب لمثل تلك الزيارات لمضايقة الهيئات الإعلامية.
- تخول المادة 93 لوزير الإعلام أن يقوم بتعيين موظفين يملكون صلاحية "الدخول لكل المحال والمنشآت الخاضعة لأحكام هذا القانون (قانون الصحافة) للتدقيق في المستندات والموجودات والتحفظ على أي منها".
ينبغي تعديل هذه المادة بحيث تنص على أن يسمح للموظفين التابعين للوزارة الزيارة فقط للتدقيق في المستندات والأصول الخاصة بالمؤسسات الإعلامية، التي تتلقى تمويلات حكومية، ووفق شروط حددها القانون. ينبغي أن يكون لدى الموظفين التابعين للوزارة أسبابا مبررة لمثل تلك الزيارات، وأن يقوموا بها خلال ساعات العمل العادية، وأن يوفروا إشعارا مسبقا للحيلولة دون الاستخدام غير المناسب لمثل تلك الزيارات في مضايقة المؤسسات. ينبغي ألا يسمح بفحص المواد أو مصادرة الممتلكات إلا بأمر من المحكمة.
المحظورات
- تحظر المادة 66 أي تغطية إعلامية يمكن أن "تضر" بمرشحين للانتخابات،أو "آخرين بشكل مباشر أو غير مباشر".
ينبغي حذف هذه المادة، فتحصين الشخصيات العامة من الانتقاد ينتهك المبادئ الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان التي ينبغي وفقا لها أن تكون حرية الصحافة أوسع لا أن يتم التضييق عليها، يما يخص الخطاب المتعلق بالسياسيين والشخصيات العامة، الذين اختاروا العمل بمجال هو مناط اهتمام الجمهور والرأي العام.
- تحظر البنود 1 و2 و3 و4 و6 من المادة 82 نشر أو بث أي إعلانات تجارية أو غيرها في المطبوعات أو الصحف أو وسائل الاعلام المرئية والمسموعة، التي تتضمن "الشعارات التي تمجد بعض الدول ضد دول أخرى، والشعارات والصور التي تمجد بعض الشخصيات السياسية أو الدينية غير الكويتية، والشعارات والصور التي تمجد أو تؤيد بعض الاحزاب الدينية أو السياسية داخل أو خارج دولة الكويت"، والإعلانات التجارية التي يمكن أن "تؤثر سلبا على الوحدة الوطنية، والقيم الإسلامية وبمكانة الرموز الدينية"، والمواد التي لها "طبيعة أمنية".
تفتح هذه البنود الفضفاضة الباب أمام المزيد من التعديات الحكومية. المعايير الدولية المصدق عليها – الواردة في المادة 19 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية – تنص على أنه: يجوز إخضاع وسائل الإعلام لبعض القيود، ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية مثل: الخطاب الذي يهدد "الأمن القومي"، و"السلامة العامة"، في الحالات التي تنطوي فعلاَ تهديدا مباشراً وعنيفاً للأمة.
يجب أن تكون القيود في مثل هذه الظروف واضحة التعريف، ومحددة، وضرورية، ومتناسبة مع المصلحة الجاري حمايتها. ينبغي أن يتم تعديل المادة 82 بحيث تتم معالجة هذه المشكلات ولكي تصبح متسقة مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. في الوقت الذي سمح فيه القانون الدولي بوضع قيود على الإعلانات السياسية المدفوعة لها، على أساس غير تمييزي، وضرورة وضع حد لكمية الأموال المنفقة على الانتخابات من قبل الأحزاب والمرشحين ، فلم يتم تصميم هذه المادة لمعالجة هذه المسألة تحديداً.
- تتضمن المادة 84 "المسائل المحظورة والعقوبات" 14 بندا مبهما لمخالفات، من شأنها أن تحد بشدة من الحق في حرية التعبير، ومن بين المخالفات المحظورة: المساس بـ "الله، والملائكة، والقرآن والأنبياء والرسل، والنبي محمد وزوجاته وصحابته، وآل البيت"، وانتقاد "الأمير وولي العهد"، وتحقير وازدراء أو إهانة دستور الدولة أو علمها أو أي علم من أعلام دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وإفشاء الأنباء عن الاتصالات السرية الرسمية أو الاتفاقيات والمعاهدات التي تعقدها حكومة الكويت قبل نشرها في الجريدة الرسمية إلا بإذن خاص من الوزارة المعنية، والإضرار بالعلاقات بين دولة الكويت وغيرها من الدول.
سبق وأعلنت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن "جميع الشخصيات العامة، بما في ذلك أولئك الذين يمارسون أعلى سلطة سياسية مثل رؤساء الدول والحكومات، يمكن أن يخضعوا بشكل مشروع للنقد والمعارضة السياسية"، ولذلك فلابد من توفر معايير محكمة للغاية لـ "التعبير غير اللائق" فيما يخص النقاشات العامة المتعلقة بالشخصيات العامة، وقد أعلنت لجنة حقوق الإنسان أيضا أن "أي حظر لمظهر من مظاهر عدم الاحترام للدين أو غيرها من نظم المعتقدات، بما في ذلك قوانين التجديف، تتنافى مع العهد"، إلا في ظروف محدودة جدا.
تسمح المعايير الدولية ذات الصلة بالقيود القائمة على المحتوى فقط في ظروف ضيقة للغاية، مثل حالات التشهير أو القذف ضد أفراد، أو خطاب يهدد الأمن القومي. يجب أن تكون القيود واضحة التعريف ومحددة وضرورية ومتناسبة مع المصلحة الخاضعة للحماية. على سبيل المثال، قال مانفريد نواك، الخبير المعترف به دوليا في تعليقه على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، في الوقت الذي تحظر فيه الحكومة تشريعيا نشر الأخبار العسكرية، ينبغي أن يكون أي فرض لقيود على حرية التعبير من أجل حماية الأمن القومي "فقط في حالات التهديد السياسي أو العسكري الخطير للأمة بأكملها".
ينبغي تعديل هذه المادة من أجل علاج هذه المشكلات.
- تفرض المواد 85 و86 غرامات تتراوح من 10 آلاف إلى 200 ألف دينار كويتي (من 35 ألف إلى 700 ألف دولار أمريكي) لكل من يعمل دون الحصول على ترخيص أو يمارس أو يزاول اي من الانشطة الواردة في البنود من (1 الى 10) من المادة (4)، أو يمارس اعمال البث او اعادة البث او اصدار صحف او خدمات فنية للبث او اي من الاعمال الواردة في البند (أ) من المادة (86)، بما في ذلك وكالات الأخبار على الإنترنت والصحف الالكترونية.
ينبغي أن يتم تعديل المواد 85 و86، بحيث لا يصبح مطلوباً أن تصدر الدولة تراخيص لوسائل إعلام غير تلك التي تخصص لها ترددات للبث.
- تفرض المادة 87 غرامات تتراوح ما بين 100 ألف و200 ألف دينار كويتي (من 350 ألف إلى 700 ألف دولار أمريكي) إذا تمت مخالفة المواد 25 و35، والتي تتعلق بالتدقيق الحكومي في التدابير المالية الخاصة بوسائل الإعلام.
ينبغي أن تعدل المادة 87 بحيث تسري فقط على وسائل الإعلام التي تتلقى أموالاً من الحكومة، وضمان أن تكون الغرامات متناسبة، وتُفرض في حال وقوع مخالفات جسيمة، ولا يتم فرضها إلا بعد توفير فرصة معقولة لتصحيح المخالفة والطعن على الغرامة.
- بموجب المادة 88 فإن العاملين في مجال الإعلام بما في ذلك "الكتاب، والمؤلفين، والمحررين، والناشرين، والموزعين، وأخصائي الطباعة، ورئيس التحرير، ونائب رئيس التحرير، ومدير المحطة التليفزيونية، والمنتج، والمقدم، والمصدر" من الممكن أن يواجهوا عقوبة السجن لما يصل إلى 10 أعوام حال مخالفة البند 1 في المادة 84، التي تحظر نشر أو إذاعة أو بث أي مواد تمس "الله، والملائكة، والقرآن الكريم، والأنبياء، والنبي محمد، وزوجاته، وأصحابه، وآل البيت".
بموجب المادة 29 من قانون العقوبات لعام 1970، فإن العاملين في مجال الإعلام يمكن أن يواجهوا السجن لما يصل إلى 10 أعوام، إذا خالفوا البند الثاني في المادة 88، الذي يحظر "التحريض على قلب نظام الحكم"، أو "التشجيع على التغيير في المنطقة بالقوة أو بوسائل غير مشروعة"، أو "الدعوة لاستخدام القوة لتغيير النظام الاجتماعي والنظام الاقتصادي للبلد"، أو "التشجيع على احتضان طائفة تهدف لتدمير أسس النظام في الكويت بطرق غير مشروعة".
ويفرض البندالثالثغرامات تتراوح من 50 ألف إلى 300 ألف دينار كويتي (من 175 ألف إلى مليون دولار أمريكي" على "الإساءة إلى الأمير"، بينما يفرض البند 4 غرامة تتراوح بين 10 آلاف إلى 200 ألف دينار كويتي (من 35 ألف إلى 700 ألف دولار أمريكي" لـ "الإساءة إلى ولي العهد"، وكافة الفئات الأخرى المنصوص عليها في المادة 84.
ذكرت لجنة حقوق الإنسان أن "الحظر لمظهر من مظاهر عدم احترام الدين أو نظم المعتقدات، بما في ذلك قوانين التجديف، أو أمر يتنافى مع العهد"، إلا في ظروف محدودة جدا، مثل التحريض المباشر على العنف. إن حرية انتقاد السياسات أو الحكومات القائمة، إلى الدعوة إلى إجراء تغييرات في السياسات والحكومات والتعبير عن الدعم لأفكار سياسية أو دينية أو اجتماعية لا تحظى بشعبية، لهي جميعاً أمور تدخل في صميم حرية التعبير. ينبغي تعديل هذه المادة بحيث يتم إلغاء جميع العقوبات الجنائية المفروضة على الخطاب السلمي.
الوقف
بموجب المادة 89، فإن بناء على طلب من النيابة العامة، يصبح مدير الدائرة الجنائية، أو "قاضي الأمور المستعجلة" قادرا على وقف أي صحيفة أو قناة، أو إعادة بث لمحتوى، لمدة تصل إلى أسبوعين قابلة للتجديد، على ذمة التحقيق أو المحاكمة، دون إبداء أي سبب. وستمنح المادة وزارة الإعلام سلطة "منع أي محتوى، أو عرض أو مواد إعلامية" لفترة غير محددة من الوقت ولأي سبب من الأسباب.
ذكرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن فرض الحظر العام على المطبوعات لا يجوز في أي ظرف من الظروف، بصرف النظر عن الظروف المحددة التي يحوز فيها تقييد المحتوى بموجب المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي يكون فيها هذا المحتوى غير منفصل عن بقية الوارد في المطبوعة.
تسمح المادة 89 للانتهاكات الفردية أن تسفر عن معاقبة المؤسسة الإعلامية بكاملها ووضعها تحت التحقيق أو المحاكمة. تمنح هذه السلطة الممنوحة للسلطات تجديد قرارات وقف المؤسسات الإعلامية إلى أجل غير مسمى. تمثل السلطة الممنوحة لوزير الإعلام من "منع أي محتوى أو عرض أو مواد إعلامية" إشكالية على وجه الخصوص في غياب أي عملية قضائية.
ينبغي تعديل المادة 89 لمعالجة هذه المشكلات بحيث يتم إلغاء صلاحيات الوقف المؤقت الممنوحة لهذه السلطات تجاه وسائل الإعلام، وضمان ألا يحدث الوقف المؤقت إلا بموجب أمر قضائي وردا على انتهاكات جسيمة للقانون.
- بموجب المادة 91، فإن وزارة الإعلام لديها السلطة لوقف 10 أنواع من الخدمات الإعلامية، بما في ذلك دور الطباعة، وخدمات الرسائل النصية الخبرية، وشركات توزيع الصحف، وهذا لمدة تصل إلى 90 يوما إذا كانت "تنتهك أيا من أحكام (قانون الصحافة) أو اللائحة التنفيذية أو أي من القرارات الأخرى (المتصلة بقانون الصحافة)". تنص المادة أيضا على أن الوزارة قد تسبق الوقف بتحذير.
إن سلطة وزارة الإعلام الخاصة بوقف الخدمات الإعلامية، خاصة في غياب أي إجراءات قضائية، هي سلطة لا تستقيم مع معايير الإعلام الحر، وهي تفسح المجال أمام الانتهاكات الحكومية. ينبغي تعديل هذه المادة لإلغاء صلاحيات الوزارة الخاصة بالوقف المؤقت لعشر فئات من الخدمات الإعلامية، وضمان ألا يحدث الوقف المؤقت إلا بأمر قضائي ورداً على انتهاكات جسيمة للقانون.منقول عن موقع المنبر الديمقراطي التقدمي – البحرين
“الميديا” المعاصرة لا تقول لنا، وهي تخاطبنا ليلاً ونهاراً، كيف يجب أن نفكر، وإنما تقول لنا تحديداً بماذا يجب علينا أن نفكر . هي تخترع لنا الموضوعات والاهتمامات، وهي قادرة بحكم ما لديها من سطوة على أفكارنا ومجمل نمط حياتنا أن تجعل هذه الموضوعات والاهتمامات شغلنا الشاغل، ليس بوسعنا أن نفرض نحن الحدث على هذه “الميديا”، بل بالعكس هي التي “تصنع” الحدث، ثم تجعله مقرراً علينا ولا فكاك لنا منه، لأننا حتى لو كنا في أبراج مشيدة فإن هذه الميديا قادرة على ملاحقتنا ونحن في غرف نومنا .
و”الميديا” لا تصنع ذلك لأنها تريده بالضبط، وإنما لأنها تشكل جزءاً من منظومة اختارت لها هذه المهمة، الإعلام حسب عالم الاجتماع الفرنسي بورديار، أصبح ضحية للنظام الإعلامي، فليس بوسع أداة إعلامية إذا أرادت أن تكون مغايرة أن تصبح كذلك بالسهولة التي يتوخاها القائمون عليها، لأنها لا يمكن أن تعمل خارج ال”سيستم” القائم الذي لايطيق أن يخرج أحد عن إجماعه .مهمة هذا ال”سيستم” هو خلق الإجماع بين الأفراد والمؤسسات المنضوية تحته ثم فرض الإجماع على مجمل الفضاء العام الذي يغطي مساحة شاسعة هي مساحة المجتمع، أو مساحة ما يعرف بالرأي العام، لأن بوسع النظام الإعلامي أن يكيف هذا الرأي العام وفق ما يشتهي .في مجتمعات هشّة مثل مجتمعنا العربي، تبدو فيها فكرة الرأي العام فكرة هلامية، رجراجة، على قدر كبير من السيولة والزئبقية، حيث لا يحتكم الرأي العام إلى مؤسسات حزبية حديثة، ولا إلى مؤسسات راسخة للمجتمع المدني قادرة على التأثير الذي يُعول عليه، يصبح هذا الرأي العام أسيراً للمتلاعبين به، خاصة مع هذا الالتباس الشديد في الولاءات التي ماتزال، في جوهرها، ولاءات تقليدية، تٌغلّب الانتساب إلى الطائفة والمذهب والعشيرة وسواها من “تنظيمات”، على أشكال التضامن الحديثة من نقابات وجمعيات وأحزاب وسواها .لهذا السبب يبدو كثير من المفاهيم المتداولة كالمجتمع المدني مثلاً أو الرأي العام أو سواها في ظروفنا الملموسة مفاهيم مخاتلة، أو ملتبسة، أو فلنقل إنها لاتحمل المعنى نفسه الذي يمكن أن تعبر عنه عندما تستخدم في مجتمعات أخرى بلغت مدى أبعد وأعمق من الفرز السياسي والتبلور الاجتماعي، ومن شأن هذا أن يجعلنا، في تفكيرنا، رهناً للقوة السحرية ل”الميديا” التي تفكر بالنيابة عنا .
د. حسن مدن
الأمين العام السابق للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
منقول عن موقع المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
كنت أنوي الاستمرار في الكتابة حول تدهور النظام التعليمي بعد تصريحي معالي وزير التربية الدكتور نايف الحجرف والسيد مدير جامعة الكويت الدكتور عبداللطيف البدر عن تدني مخرجات التعليم، وأخيراً دعوة سمو أمير البلاد لتحديث مناهج وطرق التعليم كي تواكب تطور العصر، فالتعليم قضية مفصلية في بناء الإنسان الكويتي وبناء الدولة الحديثة التي نتطلع لها.لكن طرأت في الأجواء إشارات تفيد بتقديم بعض الوزراء استقالاتهم ورفع سمو رئيس الوزراء كتاب «عدم تعاون» إلى سمو الأمير، ما يعني حل مجلس الأمة أو تغييرا أو تعديلا وزاريا.فهل كان الخبر مفاجئاً للكثيرين منا؟ كان هذا السيناريو متوقعاً إن صحت الأنباء عن ذلك ليس فقط لعدم كفاءة «مجلس الصوت الواحد»، لكن أيضاً كوسيلة استباقية لحكم المحكمة الدستورية ببطلان مرسوم الضرورة في ما يخص الصوت الواحد.ولا نعرف مدى صحة الأخبار التي تسربت سريعاً حول إعادة الانتخابات بنظام صوت أو صوتين، وهو من شأنه تشتيت المعارضة وإضعاف تعهداتها بمقاطعة الانتخابات في حال تحصين مرسوم الصوت الواحد، مع يقيننا أن المعولين على جزئيتي العمل السياسي القانوني والنضال البرلماني، سواء كانت أحزابا دينية أم ليبرالية أم شعبوية ستجد الذريعة لخوض الانتخابات على أرضية احترام حكم المحكمة الدستورية.وجميعنا نعرف أن القوى السياسية والكتل البرلمانية في الكويت، تضع النضال البرلماني في صدارة عملها السياسي من أجل الإصلاح والتغيير، ولا تؤمن كثيراً بالعمل الجماهيري، مثلما تركز على الحركات الاحتجاجية وردود الأفعال أكثر مما تركز على العمل المطلبي الدؤوب للإصلاح السياسي والتطور الديموقراطي باتجاه النظام البرلماني الكامل، وعلى رأسها سن قانون لإشهار الأحزاب السياسية على أسس وطنية أي مبنية على برامج سياسية وطنية وليس على أسس دينية أو طائفية أو قبلية أو فئوية.من يعمل بالسياسة يجب أن يستشرف المستقبل استناداً على ما يحدث على أرض الواقع وتحليله فكرياً، ولا يجب أن يكون عمله مجرد ردة فعل للسياسة الآنية، أي يجب فهم نهج السلطة وإلى أين يؤدي، ولذا لا يجب الارتكان على العمل البرلماني وحده.القوى السياسية يجب أن تملك بعد النظر وتعمل على أسس التكتيك والاستراتيجية في عملها السياسي، وأن تضع في اعتبارها مصلحة الوطن والشعب بشمولية لا تقتصر على التركيز على الحرية وفصلها عن العدالة الاجتماعية.فالكويت تمر حالياً بأسوأ أزمة سياسية، لا تتعلق فقط بالنهج البوليسي وتكميم الأفواه وتقييد الحريات، ولكنها تتعلق بنهج يقود البلاد إلى التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي فلا يجب التركيز على الجزئيات ونسيان الحلول الشاملة، فمهما كان الإصلاح مهماً فالتغيير هو الأهم، فالإصلاح الترقيعي لا يقود إلى تطور الأمم والبشر.وفي هذا الصدد ندعو المخلصين من المعارضة إلى النظر للصورة الكبيرة، وإلى التحليل المعمق وليس الاعتماد على جزئية القانون والبرلمان أو حتى البيئة، وأن يحافظوا على وحدة الصف والتسامي على الخلافات الجانبية والانتباه إلى المحاولات المشبوهة لشق صفوف المعارضة وتغيير موازين القوى لغير صالحها، والاعتماد على النضال الجماهيري بالدرجة الأولى.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 15/05/2013 العدد:12371
حكم المحكمة الدستورية الذي سيصدر في السادس عشر من الشهر القادم سيكون منعطفاً تاريخياً سيتحدد بناء عليه شكل الصراع السياسي في المرحلة القادمة من أجل استكمال بناء الدولة الدستورية الديمقراطية، ومع أن المادة الدستورية (71) التي استندت إليها الحكومة في إصدار المرسوم بقانون "الصوت الواحد" واضحة وضوحاً لا لبس فيه.فهي تشير إلى حدوث أمور "استثنائية" بين أدوار الانعقاد أو أثناء حل المجلس توجب الإسراع في اتخاذ إجراءات استثنائية، أي "تدابير لا تحتمل التأخير" وهو الأمر الذي لا ينطبق على تعديل النظام الانتخابي، فالاستثناء يبقى استثناءً من غير الجائز التوسع فيه، و"نظرية الضرورة" في القانون لها شروط ومحددات وضوابط لا تنطبق على هذه ظروف إصدار المرسوم.ومع كل ذلك إلا أنه من الصعوبة بمكان التكهن بحكم المحكمة الدستورية التي تعتبر محكمة سياسية وليست قانونية فقط، وكما قال ذات يوم وزير العدل السابق السيد جمال الشهاب "إن حكم المحكمة الدستورية يختلف باختلاف الظروف والمقاصد والأهداف السياسية".وعلى أي حال، وبصرف النظر عن الحكم المنتظر للمحكمة الدستورية فإن القضية التي اعترض عليها قطاع واسع من الشعب، فقاطعوا الانتخابات وخرجوا للساحات العامة والشوارع تتعلق بمبدأ ديمقراطي راسخ وواضح لا لبس فيه، وهو مبدأ فصل السلطات، حيث إن إعطاء الحكومة حق تعديل قانون الانتخاب يتعارض مع هذا المبدأ.فالحكومة في كل دول العالم الديمقراطي لا يجوز أن تنفرد بإقرار قانون الانتخابات الذي إما أن يُقر عن طريق البرلمان وإما عن طريق جمعية تأسيسية منتخبة في حالة عدم وجود برلمان، حيث إن انفراد الحكومة بإقراره أو إدخال تعديلات عليه معناه أنه سيكون باستطاعتها التحكم بتركيبة البرلمان متى ما شاءت. وفي هذه الحالة سيتحول البرلمان من مؤسسة دستورية تشريعية تمثل الأمة وتراقب أعمال الحكومة وسياساتها إلى مجرد جهاز تابع للحكومة، وهو الأمر الذي ينسف مبدأ فصل السلطات (مادة 50) الذي يقوم عليه نظام الحكم الديمقراطي الذي نصت عليه المادة السادسة من الدستور.وبالطبع فإن الحديث عن مبدأ ديمقراطي راسخ لا يعني عدم الحاجة إلى إصلاح قانون 42/ 2006 من خلال مجلس أمة منتخب انتخاباً شرعياً، وفي السياق ذاته فإنه لا صحة إطلاقاً للقول إن الخلاف السياسي كان حول عدد الأصوات، أو إن التعديل قد التزم بالقاعدة الديمقراطية (صوت لكل ناخب).الخلاف كان ولا يزال حول مبدأ التعديل، أما قاعدة (صوت لكل ناخب) فتطبّق عندما يمثل الدائرة الانتخابية نائبٌ واحدٌ لا عشرة نواب كما هي الحال هنا!
د. بدر الديحاني
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 13/05/2013
لا شك أن اعتراف معالي وزير التربية الدكتور نايف الحجرف بضعف النظام التعليمي في الكويت محل تقدير من أولياء الأمور والمهتمين بالشأن التربوي والتعليمي وينم عن شجاعة مسؤولة.وبالمناسبة فإن وزير التربية الحالي لم يكن أول وزير يعترف بخلل النظام والعملية التعليمية، فقد سبقه وزراء أكفاء ومخلصون، مثل المرحوم الدكتور أحمد الربعي صاحب مقولة الهرم المقلوب.ورغم أن تشخيص الوزير الحجرف كان صحيحاً للخلل الذي يتعلق بالمناهج، فالمنهج الدراسي ركن أساسي في تنمية عقول الطلبة بما يواكب العصر، وقد لاحظنا مبكراً حجم تدخلات قوى الإسلام السياسي في تخريب عقول أبنائنا عندما سيطروا على وزارة التربية منذ ثمانينات القرن الماضي بدعم واضح من السلطة آنذاك، هذا ناهيك عن فقدان مجتمعنا لمواهب موسيقية رائعة بسبب تلقين العقول الصغيرة أن الموسيقى حرام، وأنا شخصياً كنت أعرف أطفالاً يعزفون السيمفونيات العالمية ويؤلفون مقطوعات موسيقية في سن مبكرة، ولكنهم عزفوا عن الموسيقى وتخلوا عن موهبتهم الفذة لهذا السبب، بينما كانت تصفهم وسائل الإعلام بـ «الطفل المعجزة».كما انحرفت العملية التعليمية عن رسالتها، عندما بدأ المعلمون المتشددون دينياً تعليم التلاميذ الصغار وإرهابهم بعذاب القبر، مما سبب لهم مشكلات نفسية ظلوا يعانون منها طويلاً.ولفت نظري تقرير خبير بريطاني نشر في الصحافة المحلية قبل أيام، قال فيه ان المعلمات في مرحلة رياض الأطفال يثرثرن 80 في المئة والأطفال لا يدرسون ولا يتعلمون، وأكد الخبير «مارتن باكستر» الذي استدعته وزارة التربية أن هناك خللاً في آلية تدريس منهج رياض الأطفال وهي مرحلة تأسيسية، حيث لا يمنح للطفل فرصة للتعبير عن نفسه سوى بنسبة 20 في المئة.وبالطبع لم يلاحظ هذا الخبير تقاليد المعلمين والمعلمات والموظفين في القطاع الحكومي بشكل عام في إقامة مآدب الإفطار، مقتطعين أوقاتاً ثمينة من ساعات الإنتاج، ولم يلاحظ التعامل اللا تربوي مع أطفال المرحلة الابتدائية وحرمان بعض من يعتبرونهم مشاغبين من دخول الحصص وحرمانهم من حقهم في التعليم الذي كفلته الدولة ومواد الدستور رغم أنهم في سن الطفولة، ولم يلاحظ الفساد وانتشار الواسطة والمحسوبية والخلل في القاعدة التربوية وهي التعاون بين المدرسة والبيت، وكذلك إرهاق الأسر بمصاريف لا دخل لها بالعملية التربوية، ولم يلاحظ انتشار ثقافة الكراهية والتمييز القبلي والطائفي بين المعلمين والطلبة.نحن بكل تأكيد نشكر النوايا الطيبة لمعالي الوزير والوزراء الذين سبقوه، لكن ما الذي تحقق على أرض الواقع؟ لا شيء سوى المزيد من التدهور والانحطاط في النظام التعليمي والعملية التربوية.هؤلاء المعلمون والمعلمات الذين نُجلّ في بعضهم الكثير من التفاني والإخلاص، هم نتاج هذا النظام التعليمي ذاته، وهم يعيدون إنتاج مستواهم المتدني وثقافتهم الضحلة، وهكذا تسير العملية التعليمية في حلقة مفرغة.ونظن أن الخدمات التعليمية بل وكل الخدمات في الكويت تحتاج إلى إعادة بناء وليس عمليات ترقيع باسم الإصلاح، فهناك انهيار عام في الدولة والقطاعات الحكومية ينعكس على ثقافة المجتمع وقيم العمل ومستوى الإنتاجية والشعور بالمسؤولية، وبالنهاية تكوين الإنسان الكويتي وشخصيته التي كانت محبة للعلم والثقافة.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 13/05/2013 العدد:12369