February 2014
19

الاتفاقية الأمنية تُخالف الدستور وتُقيّد الحريات

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

يدَّعي المدافعون بشدة عن الاتفاقية الأمنية سواء الحكومة أو بعض الكتّاب والقانونيين أنها لا تخالف الدستور، ولا تقيّد الحريات العامة وحجتهم الوحيدة هي أن المادة الأولى من الاتفاقية تنص على أن "تتعاون الدول الأطراف في هذه الاتفاقية وفقاً لتشريعاتها الوطنية والتزاماتها الدولية"، وهذا يكفي بحد ذاته لمنع تعارض موادها مع الدستور، فهل هذا صحيح؟كلا بالطبع، فالاتفاقية لم تذكر إطلاقا كلمة الدستور في أي مادة من موادها، هذا أولاً.أما ثانياً، فالمادة الأولى، التي يدَّعون أنها قيدٌ على نفاذ مواد الاتفاقية التي تخالف الدستور، تحدثت فقط عن التشريعات الوطنية، أي القوانين المعمول بها في الدول الأطراف.وحيث إن الاتفاقية ستصبح، عند التصديق عليها من المجلس، قانوناً محلياً نافذاً (قانون خاص يلغي القوانين العامة وواجب التطبيق حالاً) باعتباره واحداً من التشريعات الوطنية التي تشير إليها المادة الأولى، فسيترتب على ذلك إلغاء جميع القوانين المحلية الأخرى الخاصة بالحريات العامة الصادرة قبل هذا القانون، وتقييد أي قانون لاحق يتناقض معه.لهذا، فإن الاستناد إلى المادة الأولى من الاتفاقية لتبرير عدم مخالفتها للدستور استنادٌ غير صحيح ومضلل للرأي العام، أما الحديث عن أن الظروف الإقليمية الحالية الملتهبة تتطلب إقرار الاتفاقية الأمنية الخليجية حتى لو كانت غير دستورية، فهو حديث متهافت وغير مسؤول، فالدستور هو الذي حافظ على نظام الحكم أي الشرعية الدستورية التي ثار حولها جدل دولي أثناء الاحتلال العراقي الغاشم عندما طالب الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران بأن يُترك للشعب الكويتي تقرير مصيره، فانعقد المؤتمر الشعبي في جدة (أكتوبر 1990) ليُنهي الجدل ويُؤكد للعالم أجمع تمسك الشعب الكويتي بشرعيته الدستورية، والدستور هو الذي حافظ على استقرار الوطن أثناء ما سُمي بـ"أزمة الحكم" عام 2006.لذا فمن غير المعقول أن يطالب أي عاقل تهمه مصلحة الوطن واستقراره بنسف الدستور، الذي يحافظ على الدولة والنظام، في ظل هذه الظروف الإقليمية غير المستقرة.من هذا المنطلق، فإن الدفاع عن الدستور والحريات العامة يُحتِّم استمرار الضغط الشعبي الرافض للاتفاقية الأمنية (المكونة من عشرين مادة سهلة القراءة ولا يجوز تعديلها فإما تُرفض أو يُصدّق عليها) حيث يبدو أن تأجيل المصادقة عليها من "مجلس الصوت"، الذي تتحكم فيه الحكومة كيفما تشاء، ليس سوى مناورة سياسية الهدف منها كسب الوقت، على أمل التصديق عليها في وقت لاحق عندما يخف الضغطان الشعبي والسياسي الرافضان لها.

د. بدر الديحاني

----------------------------------------------------------

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 19/02/2014