March 2014
4

المعارضة والكويتيون البدون

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

بقلم: د. فواز فرحان*

يوماً بعد يوم تزداد قضية الكويتيين البدون تعقيداً ومأساوية بسبب تعامل السلطة معها بلامسؤولية واستهانةٍ بالغتين، وتمر السنوات على هؤلاء المحرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية كالقرون بينما تمر على اللامبالين بها وأخص منهم مكونات الحلف الطبقي المسيطر كالثواني، فبعد فقدانهم لحق المواطنة تحولوا بعد عام ١٩٨٧إلى مفتقدين لأبسط الحقوق الإنسانية مثل حق السكن والتطبيب والتعليم والعمل والتنقل والسفر بحرية، وزادت مأساتهم مأساة عندما أضيف إلى ذلك ملاحقتهم أمنياً وضرب معتصميهم السلميين في الشوارع والساحات واعتقالهم وجرجرتهم في متاهات الممرات في قصر العدل، والاعتقال اليوم لم يعد مقتصراً على الشباب فقط بل وصل الأمر بالسلطة أن تعتقل الأطفال ومنهم أيقونة نضال الكويتيين البدون علي الحبيب ذو الأربعة عشر خريفاً شاحباً والذين زادتها شحوباً السلطة وممارساتها القمعية اللاإنسانية.

خطابي لن أوجهه للحلف الطبقي المسيطر الذي يتكون من الشيوخ والتجار لأن هذه القضية ليست من ضمن اهتماماتهم في تجميع الثروة وفرض السطوة؛ ولن أوجهه لمن انطلت عليهم دعاية هذا الحلف ووسائله الإعلامية وباتوا يجترّون الخطاب العنصري البغيض ضد الكويتيين البدون في مجالسهم الخاصة والعامة؛ ولن أوجهه لمن أضاع بوصلة النضال واتجّه للنضال من أجل شوارع نظيفة ومن أجل أسواق الكب كيك والأزياء... خطابي سأوجهه للمعارضة الكويتية التي عوّلنا على ارتفاع وعيها من خلال تجربتها الغنية في فترة الحراك الشعبي الاحتجاجي ضد الفساد والإفساد السلطوي.

استبشرنا خيراً من تغيير مواقف الكثيرين في صفوف المعارضة من الحراك البحريني بعد استيعابهم لطبيعة الصراع في دول النفط والغاز الخليجية؛ وكان لنا هذا مؤشراً على ارتفاع الوعي الطبقي في صفوف المعارضة مقابل انحسار النّفَس الفئوي الذي يعمي البصر والبصيرة، وبالفعل كانت مواقف الكثيرين في المعارضة من قضية الكويتيين البدون إيجابية وبات خطاب الكثير من رموزها مختلفاً تماماً عنه في فترات سابقة، ولكن حتى هذه اللحظة لا توجد نظرة شاملة عند المعارضة لحل هذه القضية حلاً جذرياً ننقذ به وطننا وشعبنا من ويلات مستقبل مظلم.

أتفهم جداً وجود تناقضاتٍ كثيرة في صفوف المعارضة واختلالٍ في ترتيب الأولويات خصوصاً بعد نجاح السلطة في معركة (قانون الانتخابات ذي الصوت الواحد المجزوء)، وأعرف تماماً مقدار توَهان البعض في ظل انحسار دوره من خلال البرلمان أو ربما نهايته في ظل عدم وضعه للنضال البرلماني في موقعه الصحيح خصوصاً مع عدم اكتمال النظام الديمقراطي وانغلاق أفق الإصلاح من خلال البرلمان، وأعيش مع رفاقي مرحلة المعوقات والصعوبات أمام التوحد خلف مشروع سياسي إصلاحي نهضوي لأسباب كثيرة يصعب سردها في هذا المقال، ولكن ما لا أفهمه ولا أعرفه ولا أستطيع التعايش معه هو عدم وضوح الرؤية تجاه وضع نهاية لمعاناة جزءٍ كبير من شعبنا قد تصل نسبته إلى ١٥٪ منه، قد تكون قضيتنا الرئيسية في البلد هي النضال من أجل اكتمال النظام الديمقراطي البرلماني مع وجود الأحزاب ونظام انتخابي عادل قائم على القوائم المغلقة؛ ولكن هذا لا يلغي وجود قضايا مهمة تستفحل يومياً و وصلت إلى مرحلة لا تطاق ومن أهمها قضية الكويتيين البدون.

على القوى السياسية المعارضة والتجمعات والحركات السياسية والمنظمات الحقوقية أن تركز جهودها مرحلياً على وضع حدٍّ لمآسي الكويتيين البدون من خلال الاجتماع لوضع خارطة طريق واقعية لحل هذه القضية؛ ولا يمنع تقاطع هذه القضية جزئياً أو كلياً مع قضية الإصلاح السياسي الرئيسية. و وسائل تطبيق هذه الخارطة -بعد الاتفاق عليها وإقرارها- هي كوسائل أي نضال آخر.

إنّ النضال من أجل حلّ هذه القضية ذات البعدين السياسي والإنساني يكسبنا شيئين: ضمائرنا ومستقبلنا.

------------------------------------------

*عضو التيار التقدمي الكويتي.