March 2014
31

استغلال المناسبات النبيلة والمأساوية في التربّح

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

يتفتقُ ذهن التاجر الرأسمالي عن أساليب كثيرة للربح، ويستغل الظواهر والأحداث والأفكار السائدة والأمزجة الشبابية وغير الشبابية لصالحه، فقد لاحظتُ بمناسبة عيد الأم الذي وافق 21 مارس، دعايات مكثفة وغير مسبوقة لبضائع وهدايا للأمهات، كما لاحظت خلال السنوات الماضية الدعايات المكثفة لعيد الحب «فالنتين» الذي يوافق 14 فبراير من كل عام كلما اقتربت المناسبة، والتفنن ببيع كل ما لونه أحمر، وهذا يجعل المستهلك وبالأخص فئة الشباب تقبل على هذه الهدايا مهما كانت باهظة الثمن، بل أصبحت مجالاً للمباهاة.وتحولت مناسبة «القرقيعان» التي يحتفل فيها الأطفال في منتصف رمضان، الى مناسبات للتربح من خلال وضع الحلويات والمكسرات في علب أو أكياس فاخرة أو حسب الطلب، فكل أم أو أسرة تود التباهي أو التفاخر أمام الغير بأن «قرقيعان» ابنها أغلى وأكثر ابداعاً في الشكل، بينما لم تكن مثل هذه الظاهرة موجودة أيام زمان حيث البساطة والعفوية في الاحتفال بهذه المناسبة.ونتذكر أنه في أواخر الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، استجدّت محلات لبيع الملابس الاسلامية بعدما سادت موضات كل شيء على الطريقة الاسلامية، مثل الشورت الاسلامي وأنواع الحجاب والعباءات الاسلامية المبتكرة، لجذب المحجبات خاصة أولئك اللواتي اضطررن للتحجب إما بسبب الضغط الاجتماعي أو بسبب النفاق الديني الاجتماعي الذي فرضته سنوات التشدد الديني في الدول العربية، ولم يسلم الأطفال من استغلال التشدد الديني في التربح، اذ طرحت في الأسواق قبل سنوات وخاصة مع انتشار موجة الجهاد في أفغانستان والشيشان لعبة أطفال عبارة عن سلاح أوتوماتيكي بلاستيكي كتب عليه «رشاش اسلامي»، ثم ظهرت الدمية المحجبة بديلاً عن دمية «باربي» التي حُرّمت من بعض رجال الدين لأسباب سخيفة ومضحكة، مثلما حرمت أفلام كارتون «بوكيمون» وغيرها اذا لم تخني الذاكرة، وكل ذلك من أجل الربح.ولم يترك التاجر الرأسمالي فرصة استغلال الثورات العربية وصور شهدائها تفلت من يده، وكلنا نذكر أنه بعد ثورة 25 يناير في مصر بيعت في ميدان التحرير «بطانيات ووسائد الثورة»، كما بيعت قمصان التيشيرتات وعليها شهداء الثورة، كما انتشر بيع كميات من الأقمشة والأشرطة البرتقالية أثناء الحراك في الكويت.وكذلك، نحن نعلم أن الغرب والولايات المتحدة يكرهون الثائر الأرجنتيني «تشي غيفارا» الذي قتلته الدكتاتورية العسكرية في بوليفيا بالتعاون مع الاستخبارات الأميركية سي أي أيه، ومع ذلك تبيع صورته على كل شيء، من قمصان التيشيرت الى الساعات والأكواب والمنفضات والمفارش والبوسترات وغيرها، فقط لأنها موضة شبابية أو يقبل عليها الشباب اعجاباً ببطولة غيفارا.ان جشع التاجر الرأسمالي دفعه لاستغلال المناسبات النبيلة والأحداث المأساوية بشكل مخزٍ، فلنتخيل أن هناك من يربح من وراء آلام الناس ومصائبهم ومناسباتهم الانسانية النبيلة، ومنذ ابتكار الدعاية والتسويق الرأسماليين تم استخدام صور المرأة الجميلة والعارية والأطفال الأبرياء للتربح وجني الأموال، أليست الرأسمالية لا أخلاقية وبشعة في قوانينها الاقتصادية وفكرها سواء كانت اسلامية أم غير اسلامية؟وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

__________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 31/03/2014 العدد:12691