January 2014
23

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي حول التوجه الحكومي لخفض بنود الإنفاق الاجتماعي وتحميل الفئات الشعبية أعباء معيشية.

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

في الوقت الذي تكرر فيه خلال الأيام الأخيرة النشر المكثّف للتسريبات الإعلامية حول بيانات مالية منسوبة إلى مصادر رسمية إلى جانب ما يجري إطلاقه من تصريحات لمسؤولين حكوميين تدعو إلى خفض بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية ومن بين ذلك خفض الدعم المقدم للمواد الاستهلاكية الضرورية وأسعار الكهرباء والوقود، هاهو مجلس الوزراء يعلن في بيانه الرسمي بعد اجتماعه الأخير المنعقد يوم الاثنين الماضي أنّه "حثّ جميع الجهات الحكومية المختلفة على اتخاذ الإجراءات الجادة لترشيد الإنفاق وتحديد أوجه الصرف التي يمكن الاستغناء عنها"، ما يعني أنّ الأمر تعدى مرحلة التسريبات الإعلامية والتصريحات الصحافية وأصبح في دائرة القرارات.

إننا في التيار التقدمي الكويتي في الوقت الذي ندرك فيه ما يعانيه الاقتصاد الكويتي من اختلالات بنيوية جراء طابعه الريعي المعتمد على مورد وحيد ومتذبذب الأسعار بالإضافة إلى النهج الاقتصادي الاستحواذي غير التنموي الذي تقوده السلطة وقوى الحلف الطبقي المسيطر وما تتعرض له موارد الدولة من نهب وتبديد على أيدي كبار المنتفعين وقوى الفساد، وما تتطلبه هذه الاختلالات من معالجات جدية إلى جانب ضرورة تغيير النهج الاقتصادي المتبع واتخاذ تدابير ملموسة لمكافحة الفساد، فإننا نرفض بوضوح التوجّه الحكومي الداعي إلى المساس بمستوى المعيشة العام وتحميل الفئات الشعبية أعباء إضافية وتجاهل ما تعانيه من مصاعب حياتية جراء الغلاء والارتفاع الفاحش لإيجارات السكن وتدني الخدمات العامة وسوء حالة البنية التحتية، ناهيك عن التفاوت الطبقي الحاد وانعدام العدالة في توزيع الدخل.

إنّ الحكومة في الوقت الذي تحذر فيه من عجز محتمل في الميزانية قد يحدث بعد سنوات، وفيما هي تتجه نحو تحميل الفئات الشعبية مسؤولية الهدر في الميزانية وارتفاع مخصصات الباب الأول من الميزانية المتصل بالرواتب والأجور، فإنّ الحكومة، بسبب طبيعة القوى الطبقية المسيطرة، تتجاهل عن عمد أنّ الطريق المتبع في مختلف بلدان العالم لتمويل الميزانية العامة للدولة إنما يتحقق عبر فرض الضرائب التصاعدية على الدخول الكبيرة، التي يدفعها الأثرياء والشركات الكبرى والبنوك، كما تتجاهل الحكومة عن عمد أنّ القطاع الخاص في هذه الدول ملزم بأن يوفر معظم فرص العمل للمواطنين، على خلاف ما هو متبع في بلادنا، حيث لا يدفع الرأسماليون للدولة أي ضرائب على دخولهم ويرفضون بشدة تشغيل العمالة الكويتية، ويتحايلون بمختلف الأساليب على تطبيق قانون دعم العمالة الوطنية.

هذا بالإضافة إلى التجاهل الحكومي لحقيقة أنّ الفساد المستشري في الدولة هو الثغرة الكبيرة لتبديد المال العام، وأصبحت الفضائح تزكم الأنوف ولعل آخرها ما يجري تداوله عن فضائح فساد تقدّر بالمليارات وليس بالملايين طالت حسابات الودائع المصرفية التابعة لصندوق احتياطي الأجيال القادمة وأخرى تُقدّر بعشرات الملايين تتصل بعمولات طلبتها بعض الأطراف لتمرير الغرامات التي تتحملها الدولة جراء إلغاء بعض الصفقات والعقود.

ومن هنا فإننا في التيار التقدمي الكويتي نحمّل السلطة وحلفها الطبقي المسيطر المسؤولية عن استمرار النهج الاقتصادي الاستحواذي غير التنموي وتنفيع قلة من كبار أصحاب النفوذ والمصالح، والمسؤولية عن إعفاء القطاع الخاص من القيام بمسؤولياته الاجتماعية من حيث تمويل الميزانية العامة للدولة بالضرائب وتوفير فرص العمل للعمالة الوطنية، ومسؤولية التغاضي عن قوى الفساد والتمادي في تبديد الأموال العامة للدولة، وغير ذلك من أسباب حقيقية للاختلالات الاقتصادية ولما تتعرض له موارد الدولة من هدر... كما نعلن معارضتنا لأي توجّه من شأنه تحميل الفئات الشعبية المزيد من الأعباء أو المساس بمستوى المعيشة العام وتجاهل ما تعانيه من مشكلات ومصاعب في الحياة.

الخميس 23 يناير 2014