March 2014
20

ليلى خالد لـ«الطليعة»: الأنظمة العربية تخلت عن القضية الفلسطينية وجعلتها في يد الفلسطينيين وحدهم (1-2)

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

حوار بدر النجار:أكدت عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المناضلة، ليلى خالد، أن الأنظمة العربية تخلَّت عن القضية الفلسطينية، وجعلتها في يد الفلسطينيين وحدهم، مشيرة إلى أن هذا الأمر معوق حقيقي لأي تطور يحصل في الوضع الفلسطيني.

وأضافت في حوار مطول مع «الطليعة»، أن اتفاقات أوسلو تعد كارثة حقيقية، موضحة أن هذه الاتفاقات لم تعالج فعلياً جوهر الصراع العربي، ولم تعالج قضية الأرض والسيادة الفلسطينية، وكذلك مسألة عودة اللاجئين، لذلك تبدد كل ما أنجز على طريق الحرية والاستقلال في اتفاقيات عاجزة تماماً عن حل جوهر الصراع.

ولفتت خالد إلى أن حركة القوميين العرب كان برنامجها قائماً على تحرير فلسطين، وأن جميع الأنظمة العربية كان برنامجها هو تحرير فلسطين، لكن لم يستطع أحد أن يحرر أرض فلسطين، بل على العكس، فقد احتلت إسرائيل بقية أرض فلسطين، مؤكدة أن كل الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني هي انحراف كامل عن المشروع الوطني الفلسطيني.

قضايا كثيرة حول القضية الفلسطينية تناولها الحوار، وفي ما يلي التفاصيل:

● أريد أن أتحدث عن الماضي.. لقد قمت بخطف عدة طائرات وأخذت تلك العمليات شهرة واسعة.. هل كانت تلك العمليات ضرورة حتمية بالنسبة للقضية الفلسطينية؟ وما المكاسب التي حققتها لها؟ـ أولاً هذا العمل هو عمل تكتيكي استخدم في مرحلة مبكرة، من أجل دق ناقوس في العالم تحت شعار من هم الفلسطينيون، لأن العالم تعامل مع القضية الفلسطينية بأن هناك مجموعة لاجئين بحاجة لمعونات إنسانية، وبدأ التعامل مع هذه المسألة بنصب خيام للاجئين.. لذلك، كان لابد أن نطرح على العالم هذا السؤال. وكانت قد بدأت الثورة الفلسطينية المسلحة، ووفق هذا الإطار، اختارت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تحت شعار «وراء العدو في كل مكان»، أن تقوم بعمليات محددة، للفت انتباه العالم للمضمون الحقيقي للقضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه من أجل إطلاق صراح المعتقلين في السجون الإسرائيلية.. هذا الأمر وضع المسألة في حالة جدل، حيث إن الغرب، بكل مكوناته ومن تبعه في المنطقة، رأى أن هذا العمل لا يخدم القضية الفلسطينية، وأهم ما في الموضوع، هو أننا لم نتعرَّض لأحد، سواء من طاقم الطائرة أو الركاب، بأي أذى، بناء على تعليمات القيادة، وكنا نتحدَّث لهم عن النكبة الفلسطينية، وقد أطلق سراح بعض المعتقلين.. لذلك، فإن هذه العمليات هدفها تكتيكي ولمدة محددة من الزمن، وقد حققت الهدف المرجو منها، أي أنه أصبح هناك إعلام قوي بالنسبة للقضية الفلسطينية، بغض النظر عن وجهة نظر الإعلام، وكذلك تم إطلاق سراح المعتقلين.

العمق العربي

● كانت تلك الفترة هي فترة صعود الحالة الثورية على مستوى العالم، رغم ذلك لم تستطع الثورة الفلسطينية أن تحقق أهدافها المرجوة منها، ما السبب التاريخي لذلك؟ وما الأخطاء التي وقعت فيها الثورة منذ نكسة 67 إلى حرب اجتياح بيروت في 82؟

ـ لا شك أن فصائل المقاومة هي السبب، أولاً، لقد بدأت الفصائل بتنظيمين، هما حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ثم بعد ذلك أصبحت هناك فصائل أخرى، وكان جزء من تلك الفصائل تابعاً لأنظمة عربية، لكي تكون لها حصة في القضية الفلسطينية، والنقطة الثانية أنه أصبحت هناك انشقاقات، وهذا أمر طبيعي في حالة الثورة، والأهم من ذلك أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الغطاء الذي يجمع كل هذه الفصائل، والقيادة فيها كانت هي القيادة اليمينية، التي بدورها لم تسمح بمشاركة الفصائل الأخرى في اتخاذ القرار، وكانت مؤسسات المنظمة إجمالاً هي مؤسسات تابعة لهذه القيادة أو غالبيتها على الأقل، لذلك منذ اللحظة الأولى التي انطلقت فيها الثورة من الخارج، كان لها دعم من الداخل الفلسطيني، الذي كان على خط المواجهة مع المحتل، ولا ننسى أن هذه المقاومة بدأت من الدول المحيطة بفلسطين تحت شعار أن البعد العربي للقضية الفلسطينية مصان، وفي البداية فشلت هذه الأنظمة في حربها مع إسرائيل، التي قامت باحتلال باقي فلسطين والأرض العربية في سيناء والجولان وجزء من الأردن، وبعد سنتين لم تعد تحتمل هذه الأنظمة أن تقوم ثورة مسلحة تدعو إلى التحرير، وجماهير هذه الدول مع الثورة، فكانت أولى المعارك في الأردن، ثم خرجت المقاومة إلى لبنان، وبطبيعة الحال واجهت أيضا قوى لبنانية مضادة، كما أن إسرائيل كانت دائماً مستعدة لمواجهة المقاومة، وبالتالي كل هذه العوامل مجتمعة لم تؤهل هذه الثورة لتحقق أهدافها، ومن المفترض أن تحققها في الداخل الفلسطيني، وليس في الخارج، لكن كما قلت إن العمق العربي هو من يساعد على تحقيق أي هدف على أرض الواقع، وعندما كنا في لبنان خاضت إسرائيل ثلاث حروب مع المقاومة.. لذلك، كان هناك استنزاف حقيقي لها، لكن في ما بعد جاءت الانتفاضة، التي لم يشهد التاريخ لها مثيلاً كبديل شعبي ينادي بالحرية والاستقلال، إلا أن القيادة الفلسطينية التي كانت متفردة في قرارها لم تستفد منها، وذهبت إلى المفاوضات، في ظل ظروف عربية ودولية مساندة للعدو، لذلك عندما نتحدَّث عن القضية الفلسطينية علينا أن نتحدَّث عن المعسكر المعادي الذي واجهه الشعب الفلسطيني، في حين كانت كل الأمة العربية مؤيدة للثورة الفلسطينية، حتى إن الشباب أتوا من كل الدول العربية للاستشهاد في سبيلها، ومع ذلك ذهبت هذه القيادة إلى اتفاقات في ظل ميزان قوى ليس في صالح الثورة الفلسطينية.. لذلك، فإن اتفاق أوسلو يعد كارثة حقيقية، والآن نرى النتائج التي ترتبت على هذا الاتفاق، الذي لم يعالج فعلياً جوهر الصراع العربي، كذلك أريد أن أشير إلى أن الأنظمة العربية تخلَّت عن القضية الفلسطينية، وجعلتها في يد الفلسطينيين وحدهم، وهذا الأمر معوق حقيقي لأي تطور يحصل في الوضع الفلسطيني، وقد جاءت هذه الاتفاقات التي لم تعالج قضية الأرض والسيادة الفلسطينية، وكذلك مسألة عودة اللاجئين، عدا أن هذه الاتفاقات وقعت برعاية أميركية، منحازة بالكامل للجانب الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته كانت الظروف العربية سيئة جداً، استغلتها الإدارة الأميركية، لكي تطرح رؤية، وتنهي الصراع بالتوافق مع إسرائيل.. لذلك، بددت كل ما أنجز على طريق الحرية والاستقلال في اتفاقيات عاجزة تماماً عن حل جوهر الصراع، وهذا ما أعطى فرصة لدولة مثل الأردن أن توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل، طبعاً بداية المسار في كسر الحاجز الذي يمنع أي علاقة مع إسرائيل من أي طرف عربي هو اتفاقية كامب ديفيد مع مصر، وهذه كانت بداية الهبوط السياسي وإنهاء أي شكل من أشكال المواجهة العربية العسكرية ضد إسرائيل، مع أن سنة 73 أثبت فيها الجندي العربي أنه قادر على هزيمة هذا المحتل، لكن القيادة السياسية في مصر إبان حكم السادات فتحت مجالاً واسعاً في العلاقات مع إسرائيل، ما جعل دور مصر القيادي يضعف، وهذا بطبيعة الحال أثر بشكل مباشر في القضية الفلسطينية، والآن نحن نحصد ثمار اتفاق سيئ لا يعطينا أي حق، بل بالعكس، سلب منا حقوقاً كثيرة.

بين نارين

● بدأ العد التنازلي للثورة الفلسطينية فعلياً، بعد اجتياح لبنان عام 82 وتفرَّقت الفصائل الفلسطينية.. ما السبب في ذلك برأيك؟

ـ كانت هذه هزيمة حقيقية للفصائل الفلسطينية، بكل مكوناتها، وللأسف ما حصل هو أنه لم يكن هناك اتفاق أين سنتواجد في ما بعد؟ على سبيل المثال «فتح» اختارت أن تذهب إلى تونس، وأن توزع المقاتلين على عدة بلدان عربية، منها الجزائر والسودان واليمن، وهذا يضعفها، بسبب تشتتها في أماكن متفرقة جغرافياً، لكن لا يمكن أيضاً أن نتوقع أن هناك بلداً عربياً يقبل بأن يستقبل كل هذا الكم من المقاتلين، وحتى لا أحمل فقط القيادة المسؤولية، فقد بدأت هذه المسألة في ما بعد تعطي تبريرات للقيادة بعدم دعم الحالة الشعبية الثورية التي مثلتها الانتفاضة الأولى.. لذلك، اتجهت إلى الطريق الآخر، وهو طريق المفاوضات، وهذا الأمر أضعف الشعب، بحكم أنهم وضعوه بين نارين.. إما أن تقبل المفاوضات وإما أن تعود للسلاح، وهو ما سبب حالة انقسام شعبي.. لذلك، كان المفترض أن يحشد الشعب بأكمله نحو بوصلة واضحة بالنسبة له، وهو القتال مع العدو، لا التفاوض معه.. لذلك، بدأت الثورة الفلسطينية تضعف بعد الخروج من لبنان سنة 82.

رفض «أوسلو»

● لماذا رفضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اتفاق أوسلو في العام 1993؟

ـ نحن منذ 1990 عندما عرض وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر عقد مؤتمر مدريد، واشترط ألا يكون هناك وفد عربي موحد، وكذلك لا تكون منظمة التحرير الفلسطينية وفداً مستقلاً، عارضنا هذا الموقف، لأننا نعتقد بأن أي مؤتمر دولي بقيادة الأمم المتحدة وليس أميركا، لأنه بقيادة الأمريكان يعني أن يكون هناك انحياز كامل للجانب الإسرائيلي، ومع ذلك لم يقنع هذا القيادة الفلسطينية، وذهبت إلى مدريد، وقد تم تشكيل وفد باسم المنظمة، لكن ليس من القيادات البارزة، وكان يقود الوفد الراحل حيدر عبدالشافي، وكان على جدول الأعمال ما هو مختلف عليه، بمعنى أن الوفد الفلسطيني تحدث عن انسحاب إسرائيلي من الضفة وقطاع غزة، وحقوق الشعب الفلسطيني في الأرض.. الخ، ومع ذلك بعد تسع جولات رفضت إسرائيل جدول الأعمال تماماً، وكان من الواضح أن موازين القوى تميل لصالح العدو بالكامل، وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، والحرب العراقية الأولى، وهذه الظروف كانت مناسبة للإدارة الأميركية كي تطرح هذا المشروع، وفعلياً لم يحقق شيئاً، وكانت هناك قنوات سرية من أجل اتفاقية أوسلو، وها نحن اليوم نحصد النتائج الكارثية لهذا الاتفاق.. هذا الاتفاق لو يقرأه أي شخص يقول إن هؤلاء الذين وافقوا عليه لا يفهمون أي شيء عن الواقع الفلسطيني، وأريد أن أشير إلى أن من عمل هذا الاتفاق هو أحد أهم القانونيين في العالم، وهو يوئيل زنجر، وكان أول سؤال له للقيادة الإسرائيلية: ماذا تريدون من هذا الاتفاق؟ فكان جوابهم أن يكون غامضاً، البند فيه يفسر على أكثر من وجه، ولا يوجد فيه شيء عن الانسحاب من الضفة أو قطاع غزة، وعدم ذكر مسألة الاستيطان، وكذلك عدم ذكر حق عودة اللاجئين الفلسطينيين.. لذلك، عندما سألوا الإسرائيليين عمَّا إذا كان هناك اختلاف على بند معيَّن، كان جوابهم بأن الأقوى ينفذ، وفعلاً هذا الذي حصل، يعني كانت السلطة الفلسطينية ترصد الانتهاكات التي تحصل من قِبل الإسرائيليين، لكن لم تسطع أن تعمل شيئاً للإسرائيليين، هل تذهب وتشتكي للراعي الأميركي؟، لذلك كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين متنبئة بما سيحصل من قراءتها للواقع بشكل ناضج، حيث إن الجبهة كلها، وحتى أصدقاؤها من الفصائل الأخرى، رفضوا هذا الاتفاق، لكن السؤال ماذا فعلنا؟ نحن رفعنا شعار أننا ندين هذا الاتفاق، ونحن ندرك سلفاً أننا سنكون محاصرين على المستوى الداخلي والعربي وحتى الدولي، وقد حصلت الانتفاضة الثانية، وشاهدنا جنين وما حصل فيها من إبادة بشرية، وكان هناك ما هو أسوأ، وهو اتفاق باريس الاقتصادي، حيث ربطوا الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي، يعني هل يمكن لشعب أن ينهض بالاقتصاد في وضع مماثل للوضع الفلسطيني؟ الضرائب تأخذها إسرائيل، وكذلك الحال مع الجمارك، وكلما غضبت القيادة الإسرائيلية أوقفت كل الأموال عن الشعب الفلسطيني، وتستمر المعاناة، هذه الأمور كان من الطبيعي أن تتم رؤيتها والتنبؤ بها، وليست المسألة بأنهم وقعوا اتفاقية ونحن نعارضها من أجل المعارضة، لأن هذا الاتفاق لم يعالج جوهر الصراع، وكي ننهي الصراع يجب أن نعالج الجوهر، والأهم من ذلك رسائل الضمانات التي قدمتها منظمة التحرير وإسرائيل إلى الأمريكان قبل عقد الاتفاق، وكان من تلك الضمانات اعتراف منظمة التحرير بحق وجود دولة إسرائيل، وهو لا يعد اعترافاً دبلوماسياً، بل اعتراف بحق إسرائيل بـ 78 في المائة من أرض فلسطين التي اغتصبت سنة 48، وفعلياً إذا نحن اعترفنا بهذا الأمر، فلماذا نقاتل؟، والدليل على ذلك أن «فتح» عندما قامت قالت سنحرر فلسطين، ولم تتحدث عن الاعتراف بإسرائيل، وهذا الأمر ذكر في برنامج عمل المنظمة، وكذلك حركة القوميين العرب كان برنامجها قائماً على تحرير فلسطين، حتى إن جميع الأنظمة العربية كان برنامجها هو تحرير فلسطين، لكن لم يحرر أحد أرض فلسطين، بل على العكس احتلت إسرائيل بقية أرض فلسطين.. لذلك، هذه الاتفاقيات هي انحراف كامل عن المشروع الوطني الفلسطيني، والدليل على ذلك أن الأرض الفلسطينية الآن نهبها الاستيطان، وكل جولات المفاوضات من أجل إخراج إطلاق سراح المعتقلين قبل سنة 1993.. لذلك، مع الأسف هذه العوامل كلها كانت ضمن رؤية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لهذا الاتفاق، وأنه مضر للمشروع الوطني الفلسطيني.

● الانتفاضتان الأولى والثانية.. هل قامتا بدورهما لإحياء القضية الفلسطينية؟

ـ الانتفاضة الأولى هي انتفاضة الشعب الفلسطيني بأكمله، وأصبحت كلمة الانتفاضة في كل العالم تعني ما حدث في فلسطين سنة 87، وكل شرائح الشعب الفلسطيني اشتغلت فيها، والعالم وقف يحيي الشعب الفلسطيني، وأصبح لنا مناصرون لم نتوقعهم بعد هذه الانتفاضة، التي كشفت الوجه الحقيقي لإسرائيل، وهنا أتحدَّث تحديداً عن الدول الغربية، وكيف تعاطت مع الانتفاضة، أمام هذه المشاهد التي كانت تبثها شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام، بمعنى أن هذا العدو المدجج بالسلاح كيف كان يركض خلف الأطفال والنساء لقتلهم واعتقالهم بشكل بشع.. لذلك، فإن هذه الانتفاضة حققت شيئاً كبيراً جداً على المستوى الفلسطيني، وكذلك العربي، فقد كان هناك خفوت في تأييد القضية الفلسطينية، لكن الأنظمة العربية قامت بالدعوة لمؤتمر قمة عربية، وكان سبب ذلك هو الشعور بالخوف من شعوب تلك الأنظمة التي خرجت إلى الشوارع، وقدَّمت الدعم السياسي والإعلامي والمادي للانتفاضة الأولى.

أما الانتفاضة الثانية، فهي انتفاضة مسلحة، وقد استطاع الشعب الفلسطيني أن يعود للكفاح المسلح بعد نكسة اتفاقية أوسلو، وهذه الانتفاضة لم تأخذ الطابع الشعبي، بل أخذت الطابع المسلح.. بطبيعة الحال، فإن قدرة العدو العسكرية أكبر بكثير مما نملك، لذلك استطاع أن يدمر بشكل كبير، ولكن هذا لا يعني أن الكفاح المسلح خطأ، بل يعني أن القيادة لم تستفد من هذه الانتفاضة لتحولها إلى انتفاضة شعبية ومسلحة في آن واحد، أضف إلى ذلك دخول الإسلام السياسي في هذه المعركة، وأريد أن أذكر بأنه كانت هناك قيادة وطنية موحدة في الانتفاضة، الأولى غير معروفة لأحد، وهي من الفصائل، وكان ذلك كي لا تقوم إسرائيل بملاحقتها، وقد وضعت برنامجاً شعبياً لكي تستجيب له الجماهير، فإذا قالت غداً إضراب أو تظاهرة كانت الجماهير تستجيب.. كان هناك برنامج للحراك الشعبي التي تشارك فيه كل القرى والمدن والمخيمات، وكان محظور استخدام السلاح، لماذا؟ كان السبب هو أن الشارع يموج بالبشر، فأي طلقة رصاص في جهة العدو قد تبرر له القيام القصف بالدبابات، وكان ذلك موقفا حكيما جداً لكي لا نقع في خسائر بشرية كبيرة، لكن الانتفاضة الثانية كان العدو في عهد شارون يحتل الأرض، ومن الطبيعي أن تقاتل بالسلاح، وهذه الانتفاضة لم تأتِ بالكثير، لكن أثبتت أن الشعب الفلسيطيني قادر على مواجهة هذا التحدي في الوقت التي يتعرض فيه لهذا الانتهاك الكبير.

أيقونة المرأة المناضلة

تعد المناضلة ليلى خالد أول امرأة تقوم بخطف طائرة في تاريخ البشرية، كما أنها من أولى الفدائيات اللاتي عملن في المقاومة المسلحة ضد العدو الصهيوني، حتى أصبحت ليلى خالد أيقونة المرأة المناضلة.

ولدت ليلى خالد في مدينة حيفا عام 1944، حيث كانت لا تزال تحت الانتداب البريطاني، وأثناء حرب 48 قام غالبية سكان العرب، بمن فيهم عائلة ليلى، باللجوء إلى مخيمات في لبنان. وفي 15 من عمرها انضمت مع أخيها إلى حركة القوميين العرب المؤسسة من طرف جورج حبش، التي أصبحت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في سنة 1968.وقد اتخذت ليلى خالد الاسم الحركي شادية أبوغزالة، تيمناً بأول مناضلة فلسطينية تسقط شهيدة بعد حرب 1967.

وتعد أول امرأة تقوم بخطف طائرة، في أغسطس 1969، حيث قامت بخطف طائرة شركة العال الإسرائيلية، وتحويل مسارها إلى سوريا، بهدف إطلاق سراح المعتقلين في فلسطين، ولفتت أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية.

وبعد فترة قامت بخطف طائرة TWA الأميركية التي هبطت في لندن، وألقي القبض عليها وأفرج عنها بعد ذلك، وتعيش الآن في الأردن مع زوجها ووولديها.

__________________________________

منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 19/03/2014