May 2013
28

عبدالوهاب الناصر: لماذا أرفض الحوار؟

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

لا اشكك بمَنْ يدعو للحوار، ولا أدعي بأني أملك الحقيقه، لكن ما أعرفه أنّ هناك خياران منطقيان ذكرهما الدكتور محمد عابد الجابري للانتقال إلى الديمقراطية...فالخيارالاول هو التدرج والحوار ، وهذا يتطلب فسح المجال - من قبل السلطة - للقوى الديمقراطية في المجتمع لتنمو، وبدمقرطة الدولة بالانتقال بها إلى دولة المؤسسات مع ما يتطلبه ذلك من فصل للسلطات وإطلاق للحريات،وهذا يتطلب وقتا ومراحل وضمان عدم تمييع التدرج وبالتالي تمييع القضيه ذاتها وانقلاب الحوار المؤقت الذي يهدف لاستكمال الديمقراطية الى حوار دائم للتنفيس لا طائل منه.

وتذكر الدكتورة ثناء عبدالله في كتاب (الاستبداد في نظم الحكم العربية المعاصرة )عن حدود الديمقراطية وقالت بأنّ "شواهد الواقع أثبتت أنّ هامش الانفتاح السياسي في الدول العربية لم يكن سوى إدارة لتناقضات المجتمع السياسي، فلم تفقد أي نخبة حاكمة سيطرتها على السلطة حيث أوقفت الديمقراطية عند حدود مشهد فرز الاصوات الانتخابية، لتتحول إلى مجرد تقنية انتهازيه مستوردة لإبقاء الاستبداد وعدم المساس به، أو مجرد التغيير في آلية الفن الاستبداد والانتقال من القهر السلطوي دفعة واحدة إلى القهر على دفعات أو مراحل غير مباشرة".

والواضح أنّ سلطتنا كأي سلطة عربية لا تقبل بالتدرج ولا في المشاركة او الحوار حتى اصبح الخيار الاول مرفوض بالنسبه لي على الاقل لانه السلطة عندنا مازالت ترى نفسها وصية على مجتمع قاصر وعاق لن يستطيع إدارة شؤونه بنفسه، وتؤمن بأنّ الدولة ملك لفئة معينة؛ والشعب أتباع لها. وقد أثبتت الشواهد أنّ هذه السلطة التي لم تحترم مخرجات الشعب الانتخابية في وقتنا الحاضر هي السلطة ذاتها التي زوّرت الانتخابات عام ٦٧ وعلّقت الدستور عام ٧٦ وغيّرت عدد الدوائر عام ٨١ وعطّلت مجلس الأمة وانقلبت على الدستور مرة أخرى في ٨٦ ودعت لانتخابات المجلس الوطني عام ٩٠وحلّت من دون مبرر جدي مجالس ٩٩ و ٢٠٠٦ و ٢٠٠٨ و٢٠٠٩ و٢٠١١، أيعقل أنّ مثل هذه السلطة تؤمن بالحوار؟ او ستتفهم يومًا بأنّ إدارة الدولة هي حق للشعب ؟.. بل أنّ السلطة لم تقف عند هذا الحد إذ تمادت في الاعتماد على الأجهزة الأمنية المسؤولة عن أمن الشعب باستخدامها كأدوات للقمع وملاحقة كل مَنْ هو معارض لها، فكيف يكون الحوار معها ؟

بعد هذه الشواهد هل سيوصلنا الحوار إلى أهدافنا في الحكومة المنتخبة وجعل السلطة الفعلية بيد الشعب؟...وهل هناك فعلاً على أرض الواقع التاريخي سلطة أو (فرد) يملك صلاحيات مطلقة ثم تنازل عنها للشعب بالتراضي والحوار؟

يبقى هناك الخيار الثاني وهو حمل السلطة وإجبارها على التنازل عن طريق ضغط القوى الديمقراطية والشعبية بلا مهادنه او تراجع او حوارات لا هدف منها الا تخدير الشعب.

ما أريد قوله أنّ هناك شعوباً انتزعت حقوقها ولم تحصل عليها كهبة أو منحة!

عبدالوهاب الناصر