January 2014
19

جورج عبدالله.. سجين في عاصمة الحرية.

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

بقلم: محمد الشحري* يخطئ من يظن أن الدول الغربية تطبق كل القيم الإنسانية التي تدعيها، أو تحاول تصديرها إلى العالم، فعلى سبيل الذكر تسجن باريس، عاصمة النور والحرية، مواطنا لبنانيا منذ ثلاثين سنة، رغم انقضاء مدة محكوميته، إذ لايزال المناضل جورج إبراهيم عبدالله قابعا في سجون فرنسا، موطن فيكتور هوغو وفولتير وجان جاك روسو ورولان بارت.. فرنسا التي حملت التنوير إلى أوروبا، ثم إلى العالم، تسجن مواطنا حاول مقاومة الاحتلال لبلده في جنوب لبنان.تُعد قضية السجين جورج إبراهيم عبدالله، واحدة من القضايا السياسية التي يكتنفها الغموض ويحيطها الابتزاز، منذ أن ألقت السلطات الفرنسية القبض عليه في مدينة ليون في 1984-10-24 بمساعدة من الموساد الذي يتهم الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية التي أسسها جورج عبدالله باغتيال الدبلوماسي الإسرائيلي ياكوفبار سيمونتوف، والدبلوماسي الأميركي تشارلز روبرت في باريس سنة 1982، وتعد بعض المنظمات الثورية العربية الدبلوماسي الإسرائيلي ياكوفبار مسؤولا عن الموساد في باريس، والذي ينفذ عمليات اغتيال للنشطاء الفلسطينيين والعرب في أوروبا، وكان الادعاء الفرنسي قد اعتقل جورج عبدالله تحت مبرر عدم حمله لأوراق ثبوتية، مع أنه كان يحمل جوازا صادرا من الجمهورية الجزائرية، وطالبت الجزائر بإطلاق سراحه، ثم حُكم عليه في 1986 بالسجن أربع سنوات، على أساس حيازته أسلحة ومتفجرات بطريقة غير مشروعة، وهو وقتها في السجن، ثم تعهدت فرنسا بالإفراج عنه في حال إطلاق سراح جيلسيد نيبيرول مديرالمركز الثقافي الفرنسي بمدينة طرابلس اللبنانية المختطف في لبنان، ثم تراجعت باريس عن قرار الإفراج لاحقا.ما يثير التساؤلات الآن، هي التناقضات في السياسة الفرنسية التي تطالب بالتدخل الدولي لحماية المدنيين في سوريا، وتتدخل عسكريا في أفريقيا لحماية الديمقراطية، لكنها تسجن مواطنا لبنانيا منذ ثلاثين سنة، وعلى الرغم من أن القضاء الفرنسي برأه، فإن اللوبي الصهيوني في فرنسا حال دون الإفراج عنه.شهد العام الماضي بعض الانفراج في قضية جورج عبدالله، حيث وافق القضاء الفرنسي على العفو عنه وترحيله إلى لبنان، لكن وزارة الداخلية الفرنسية رفضت التوقيع على أمر الترحيل، وهو ما أحدث ضجة وحملات احتجاج واسعة أمام السفارات الفرنسية في بعض الدول العربية، وقد أرجع المتابعون امتناع الداخلية الفرنسية عن التوقيع على الحكم القضائي، إلى الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على باريس لإبقاء جورج عبدالله رهن الاعتقال، وهذا ما يدعو إلى الدهشة، حيت تتضح الهيمنة الأميركية على الدول الأوروبية، حتى وإن كانت من صنف الدول القوية كفرنسا وغيرها، التي تجد نفسها تابعة للقرار الأميركي.إن قضية المواطن العربي جورج إبراهيم عبدالله، ستظل واحدة من القضايا التي يندى لها جبين الإنسانية، ومنظمات حقوق الإنسان، التي وقفت عاجزة عن الضغط على باريس للإفراج عن السجين السياسي، الذي يحاكم في قضية واهية.  ____________________________________*كاتب عُماني و ناشط في مجال حقوق الإنسان.منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 15/1/2014