April 2014
15

استحقاقات تنتظر «ائتلاف المعارضة» بعد إطلاق مشروعه الإصلاحي

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

بقلم: ناصر المحيسن*

غموض حول «مدنية الدولة وآلية التنفيذ» تفتح باب التساؤلات حول أمكانية تطبيقه

بينما انفرجت الأسارير، وساد التفاؤل الذي عم الشارع مساء أمس الأول، فور إعلان ائتلاف المعارضة عن مشروعه للإصلاح السياسي الوطني، وعقدت الآمال على مشروعه لإنقاذ البلاد من الهاوية، بعد سنوات عصفت بها الأزمات السياسية المتكررة، في ظل انسداد أفق الإصلاح والتغيير، بسبب الخلل في المنظومتان السياسية والدستورية وما تعانيه من نواقص وعيوب، أثرت على العلاقة بين السلطتين.

يأتي الآمل في التغيير من خلال مشروع ائتلاف المعارضة للإصلاح السياسي، بعد أن عانى من مخاض عسير على مدى عام كامل، بين أخذ ورد حول بعض بنوده، حيث يضم الائتلاف لفيفا من نواب أفراد أو ينتمون إلى كتل، وذلك من خلفيات مختلفة، ويحمل بعضهم أجندات متعارضة، كان جليا بتحفظ الحركة الدستورية الإسلامية بسبب عدم الأخذ بمقترحها بتعديل المادة 79 من الدستور بما يقضي بأسلمه القوانين.

وفي المقابل، قد تصطدم آمال الشباب بتحديات من الممكن أن تعوق حراكهم في المستقبل، وتعطل مسيرتهم لتحقيق الإصلاح الديمقراطي المنشود في ظل غموض مشروع الائتلاف حول عدة نقاط، عبر عنها التيار التقدمي في بيانه، إذ يتحفظ التقدمي على «استغلال الدين لأغراض سياسية في خطاب المعارضة، وعدم النص بوضوح في المشروع على الطابع المدني للدولة واحترام الحريات الشخصية، وكثرة المواد المقترح تنقيحها في الدستور، بما في ذلك المتصلة بأمور غير أساسية».

وبعد إعلان الائتلاف عن مشروعه الإصلاحي، «لا تتوهم أن العاصفة مرت أو تكاد، وأنه يكفي إصلاح الزجاج الذي تحطم واستبدال الأشجار التي اقتُلعت، وأن الأسوأ قد عبر»، كما يقول الكاتب غسان شربل، لإنه يقع على عاتق الائتلاف استحقاقان لا مفر منها، إذا ما أراد التقدم أكثر في مسيرة الإصلاح والانجاز، الأول هو تحديد موقفه من مدنية الدولة، وعدم المساس بها لتحقيق التوازن في الدولة، منعا لمزيد من الانتكاسة والتراجع، وحتى لايعرض الائتلاف مكونات المجتمع بمختلف انتماءاتهم الدينية أو الفكرية لانتهازية الأصوليات الدينية التي تغطي مشروعها السياسي بعباءة الدين لاستغلال عواطف الناس.

وتشير المقدمة التي سردها المشروع، ذكر أن «الدين الإسلامي تضمن معاني الحكم الشرعي الذي يربط بين المسؤولية والسلطة لا انفصام بينهما»، ويضيف في نفس السياق، أن «من الإشكالات الفكرية في محيطنا الإسلامي والعربي، النظام السياسي وما يقوم عليه من أحكام وما يترتب عليه من آثار ومدى تحمل السلطة لمسؤولياتها وما تتحمله الأمة لاحقاً من نتائج، ونحن لسنا بمعزل عن هذا الإشكال السياسي وتأثيراته»، فالسؤال، عن أي حكم شرعي يتحدث المشروع؟ رغم رفض الائتلاف لمقترح "حدس" برفض تعديل مادة 79 من الدستور، وتشير المقدمة أيضا، أن «من غير آلية اتخاذ الشعب للقرار وحقه في إدارة شؤون الدولة من خلال حكومة منتخبة تنبثق عنه وتتحمل كامل مسؤولياتها أمامه، سوف تخلق الفوضى فلا نصوص تردع ولا دساتير تمنع»، وهنا يكمن غموض المشروع كما يرى البعض ووجهته نحو الدولة المدنية.

ويأتي الثاني مكملا للأول، وهو آلية العمل على تحقيق المشروع على أرض الواقع، ففي حين لم يشر مشروع الائتلاف من قريب أو بعيد على مسألة المقاطعة أو المشاركة في الانتخابات البرلمانية، وما إذا كانت الآلية تتمثل في ضغط الشارع أم من خلال البرلمان في حال قررت خوض الانتخابات المقبلة.

ونؤكد أن أهميه هذين الاستحقاقين تكمن، في تحديد مسارات العمل نحو تحقيق الهدف من الإصلاح الديمقراطي، وهو إقامة نظام ديمقراطي برلماني كامل، بعيدا عن الفوضوية التي عاشتها المعارضة في الفترات السابقة، بالإضافة إلى كونهما واجب وطني لإيضاح الصورة لرجل الشارع البسيط، وما أسباب اقتراح تعديل 36 مادة من الدستور؟ وما إذا كانت التعديلات ضرورية ومستحقة. فلا يعقل أن يتم طرح «مشروع دولة» دون تحديد مسارات العمل لإنجازه، فالتحدي الأكبر ليس بالاتفاق على المشروع بقدر ماهو كيفية تطبيقه وإقناع رجل الشارع بأهمية تلك التعديلات، وبذلك تكون الاستحقاقين حول «مدنية الدولة وآلية العمل لتنفيذ المشروع يمثلان المعركة الآن».

وإذا كان الائتلاف قد أشار في تعديله للمادة 43 من الدستور، والتي تنص على «حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية وبوسائل سلمية مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، ولا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى جمعية أو نقابة»، بإضافة كلمة «الهيئات السياسية» بداية المادة، فكان الأجدر بالائتلاف انتزاع الحق الديمقراطي في إشهار الأحزاب السياسية عبر قانون ديمقراطي وإقرار نظام انتخابي ديمقراطي عادل قائم على التمثيل النسبي للقوائم الانتخابية، والذي يمكن تحقيقه من دون الحاجة إلى تنقيح الدستور، المستبعد على أرض الواقع، تؤكد أن المعضلة والأهم لرجل الشارع تكمن في آلية التطبيق وليست بعدد التعديلات المقترحة على الدستور.

وتجدر الإشارة إلى أن أي خطوة في علاج مثالب المنظومتان السياسية والدستورية يتفق معها جميع الشعب الكويتي، بحيث يبقى الآن على ائتلاف المعارضة «بحلته الجديدة» توضيح هذين الاستحقاقين، وتنفيذ الوعود التي قطعها على نفسه بالسعي إلى مزيد من الإصلاح ومزيد من الحريات.

_______________________________

*عضو في اتيار التقدمي الكويتي