December 2013
25

أي تغيير والبلد على فوهة بركان؟

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

لم تعد عملية حل الحكومة أو حل المجلس تثير تساؤلات وتحليلات وترقباً لدى أبناء الشعب الكويتي، ولم يعد المواطن الكويتي معنياً بعمليات تغيير الوجوه والأسماء، ولا يعنيه دخول أسماء وخروج أخرى من مجلس الأمة فالأمر سيان بالنسبة له.حكومات متعاقبة لا تضيف شيئاً بل هي أشبه بحافلة نقل مهترئة تسير إلى الهاوية، يترجل منها ركاب ويصعد آخرون والدرب هو الدرب، حتى لم نعد نتذكر أسماء الوزراء المتعاقبين، ونقلب صفحات الجرائد من دون التوقف عند تصريحاتهم المكررة والممجوجة على نحو يثير الشفقة على مستقبل الوطن المكلوم ومستقبل أجيالنا القادمة.أما مجلس الأمة الذي فقد هيبته وثقة الشعب به، فأصبح يعيد المسرحيات نفسها من دون أثر يذكر على أرض الواقع، الأحاديث والحوارات والتمثيليات نفسها حول التعاون والإنجاز والتنمية التي أصبحت مفهوماً غامضاً لا أحد يعرف معناه، كالتهويمات النظرية في الفضاء.وزراء موظفون ونواب بصّامون، وعجلة البلد صدئة وتروس الإنتاج بمعناه الواسع مثلومة، لا شيء سوى نفط يباع لتدخل عوائده في جيوب البعض، وما الوزراء والنواب سوى أدوات تستخدم لاستمرار السرقة والفساد والإفساد سواء بإرادتهم أم من دونها.ولو افترضنا جدلاً أنه ليس لدينا مجلس وزراء ولا مجلس أمة فهل سيغيّر ذلك من الواقع شيئاً؟ سيستمر التدهور والانحطاط ذاته في كل مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بالكويت، ولن يتوقف تدهور الخدمات التعليمية والصحية وستتفاقم الأزمات والمشكلات الاسكانية والمرورية والعمالة المتفجرة ذات الأثر الاجتماعي المدمر، وسترتفع مستويات البطالة خصوصاً بين فئة الشباب المتعلم، وستنتفخ الجيوب والكروش جراء رعاية الفساد أو التغاضي عنه، سواء كان الاتجار بالبشر أو الأغذية الفاسدة أو غيرهما من أشكال الفساد، وسيستمر إعطاء الضوء الأخضر للبرجوازية العقارية لاحتكار الأراضي ومباني السكن والمضاربة بهما، وارتفاع أسعار السلع والخدمات وانتشار الرشوة على جميع المستويات.يتحول البلد شيئاً فشيئاً إلى إقطاعية لحفنة من المتنفذين الفاسدين، وتتسع الهوة الطبقية بحيث تلاشت تقريباً ما تسمى بالطبقة الوسطى، كل ذلك يحدث ولمّا تُطبّق أوامر صندوق النقد الدولي سيئ الصيت بعد، لخصخصة القطاعات العامة بما فيها المربحة وفرض ضريبة القيمة المضافة على المواطنين، ورفع قيمة السلع والخدمات وانهاء رعاية الدولة الاجتماعية ودورها تجاه الشعب، وتفكيكها كـ «خُردة» تُباع إلى قطاع خاص طفيلي عاجز وغير منتج، وقد تدخل الشركات الأجنبية شريكاً في نهب ثروتنا الوحيدة.الحل ليس بتغيير الوجوه وإبدال حطب «الدامة»، فلن يتغير شيء إلا إلى الأسوأ مادام نهج السلطة ذاته لم يتغير، فالانفراد بالسلطة والقرار وعدم الاعتماد على الشعب مصدر السلطات جميعاً، وما دام هناك استمرار للملاحقات السياسية والنهج البوليسي القمعي واستخدام الغطاء القانوني لها، وما دام الشعب الذي أثبت ولاءه لأرضه ولشرعية الحكم ظل مهمشاً، فالوضع في الكويت آيل إلى انفجار وانهيار قد يحرق الأخضر واليابس ويقضي على مشروع بناء الدولة الحديثة نهائياً، وعندها لن ينفع الندم ولا التغيير الشكلي للوجوه، لن ينفع أي ترقيع أو إجراء مهما كان مادامت الكويت على فوهة بركان.سواء ذهبت وزارة وأتت أخرى، سواء ذهب هذا المجلس المسخ أو بقي، فلن يعني ذلك للشعب شيئاً وسيبقى مهموماً مشغولاً بلقمة عيشه، والحل الذي يحتاج إلى صحوة وشجاعة يبدأ بالاصلاح السياسي وتطوير النظامين الديموقراطي والانتخابي، وإشراك الشعب الوفي والأبي بالحكم والقرار.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

_______________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 25/12/2013 العدد:12595