January 2014
22

وطن برسم البيع

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

عندما استعرض مجلس الوزراء الوضع المالي للدولة في اجتماعه الأسبوعي، حول مستقبل الكويت المالي المرعب، حيث حذر وزير التجارة من إن معدلات الإنفاق أعلى من معدلات نمو الناتج المحلي، فهو لم يكن بالخبر المفاجئ لنا، فقبل ذلك وصف تقرير الشال الاقتصادي: «بأن الاقتصاد الكويتي تابع ومتخلف وشبيه بجمهوريات الموز»، حيث يعتمد هذ الاقتصاد بشكل أساسي على النفط، ولم تسع الدولة بجدية إلى تنويع مصادر الدخل، فالنفط سلعة معرضة لانخفاض سعرها، ومعرضة بشكل حتمي للنضوب في السنوات المقبلة.كما كشف تقرير مركز دراسات الوحدة العربية الأخير، أن الكويت تراجعت في الترتيب العام لمؤشر التنمية البشرية من المركز 33 في العام 2010 إلى المركز 47 في العام 2011، كما أن هناك حرمانا نسبيا ناتج عن التفاوت الاقتصادي والاجتماعي، وباستخدام مقياس ما يسمى نصف الوسيط لكل فئة من الأسر كحد أدنى توضح أن 10.5 في المئة من الأسر الكويتية تقع تحت الحد الأدنى للدخل الملائم، فالنتائج توضح أن متوسط دخل الأسر التي تقع تحت الحد الأدنى للدخل يبلغ نحو 1055 دينارا في الشهر.ولنا أن نتساءل كم عدد الأسر التي يبلغ مدخولها الشهري أقل من ألف دينار؟ فهذا التفاوت في توزيع الدخل يوسع سنة بعد الأخرى من الهوة الطبقية، بينما يحتكر قلة من المتنفذين الفاسدين هذا الدخل بطرق عدة مثل المناقصات والعمولات والتنفيع، ناهيك عن الفساد والإفساد وسرقة المال العام، مع تدهور مستمر للبنية التحتية والخدمات، بعدما تخلت الدولة عن واجباتها في الدعم الاجتماعي للإنسان الكويتي وتسليم ثروات الشعب إلى القطاع الخاص التابع والطفيلي والضعيف تحت مسمى «التنمية» التي ما زالت حبراً على ورق.من المسؤول إذاً عن رسم هذا المستقبل الاقتصادي ومؤشراته المخيفة؟ ومن المسؤول عن الإنفاق غير المسؤول بل الهدر للمليارات التي هي من حق الشعب؟ ومن المسؤول عن الترشيد في الإنفاق وتنويع مصادر الدخل؟ هل هي الأسر التي تعيش تحد الأدنى للأجر الشهري؟ أم الطبقة التي تستحوذ على كل شيء وبمساعدة السلطة؟ سواء بالتغاضي عن فسادها أم بتنفيعها على حساب معيشة الشعب ومستقبل أبنائه.إن رائحة الرشاوى التي تبلغ الملايين والتي سميت بـ«الإيداعات المليونية» والتحويلات ما زالت تزكم الأنوف، هذه الجريمة التي شارك فيها ممثلون عن الشعب، فبدلاً من أن يدافعوا عن حقوق الشعب ساهموا في سرقته، ولن يجرؤ أحد على محاسبتهم، والشهية ما زالت مفتوحة لنهب ماتبقى من ثروات الشعب والوطن.فبالأمس القريب كشفت فضيحة ملف تجارة الإقامات في إدارة الهجرة، حيث تم منح إقامات «مضروبة» لعشرات الآلاف من الوافدين لقاء مبالغ مالية، وكان أبطال هذه الفضيحة عصابة من المتنفذين الفاسدين الكبار، فهل سيطبق القانون على هؤلاء؟ الجواب الأكيد هو لا، فلم يطبق القانون قبل ذلك على تجار الأغذية الفاسدة، ولا على كل من غرف من المال العام من دون وجه حق، ولا على كل من قبض عمولات من الصفقات الكبيرة، وها هي فضيحة «الداو» ما زالت ماثلة أمامنا، وستكشف الأيام أسراراً خافية علينا كشعب غافل يلهث وراء لقمة عيشه.فمنذ بدء بيع النفط بكميات تجارية وهناك فساد وواسطة ومحسوبية، لكن بعد التحرير تعامل الفاسدون مع الكويت على أنها بلد موقت آيل إلى الزوال، فتوقف البناء وتوقفت التنمية وتعطل الدستور والنظام الديموقراطي، ولعبت عصابات كبار المتنفذين الفاسدين الذين لا يملكون أدنى وطنية الدور الأكبر في النهب والسرقة وهدر المال العام بحيل وطرق شتى.فكل شيء قابل للبيع والمساومة والتنفيع، من التجنيس العشوائي إلى التوظيف في المناصب العليا لغير الكفاءات، فمن يشد الحزام ومن يرشد الإنفاق؟ إن الوضع في البلد لا يدعو للتفاؤل، فنحن كشعب نشعر أننا نعيش في وطن برسم البيع.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

___________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 22/1/2014 العدد:12633