March 2014
17

رحيل نقابي ومناضل عريق

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

انتقل إلى رحمة الله النقابي البارز عمار حمود العجمي يوم الجمعة 14 مارس الجاري بعد معاناة طويلة مع المرض، وكان طوال وجوده في المستشفى محاطاً بأصدقائه الأوفياء ورفاقه الذين عرفوه وعملوا معه لعقود من الزمن.

كان أبو ناصر رحمه الله رجلاً شجاعاً ومبدئياً في كل مواقفه، مدافعاً عن الحرية والديموقراطية وعن حقوق العمال، كما كان ضد التعصب القبلي فهو أول من هاجم قبيلته لأنها أجرت انتخابات فرعية قبل تجريمها قانونياً من قبل الحكومة، بل كان يؤمن وينادي بالمواطنة الدستورية ويحارب التخلف الاجتماعي والثقافي ويدعو للتقدم والعدالة الاجتماعية.

عاش الفقيد 68 عاماً كانت حافلة بالنضال رغم صعوبات العيش والعمل، فبدأ حياته جندياً في الجيش، ثم انتقل للعمل كعامل في شركة الزيت العربية اليابانية في الخفجي، وساهم بتأسيس النقابة فيها حيث أصبح سكرتيراً للنقابة، وعلى اثر دفاعه عن حقوق العمال تعرض للملاحقة الأمنية والتهديد بفصله من العمل، ثم تنقل للعمل في شركات النفط الكويتية وظل أميناً على مبادئه ودفاعه عن حقوق العمال، حتى اكتسب حب واحترام زملائه وأعدائه من العمال والمنافسين له.

كما كان «رحمه الله» يحمل هم الوطن والأمة العربية، وانتمى لفترة إلى حركة القوميين العرب، ثم أصبح أحد أعضاء الحركة الشعبية في عمان والخليج مناضلاً ضد الاستعمار الغربي الجاثم على أنفاس الشعوب العربية، وفي 14 مارس 1975 بادر مع مجموعة من العمال والمثقفين بتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت، وهو حزب يساري تقدمي يمثل مصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية والمهمشة، وضد الرأسمالية التي تستغل العمال والبسطاء، علماً بأن عمر اليسار الكويتي يعود إلى أكثر من ستين عاماً كما وثقته الاستخبارات البريطانية والأميركية في رسائلها ووثائقها القديمة، حيث سبق تأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت تأسيس «عصبة الديموقراطيين» في بداية خمسينات القرن الماضي التي كانت تصدر نشرة راية الشعب الكويتي.

وعلى اثر انضمام مجموعة من العمال والمثقفين انخرط حزب اتحاد الشعب في الكويت في العمل السياسي والنقابي وأصدر نشرته «الاتحاد» عام 1976، بل حاز الحزب بمبادئه ومواقفه على ثقة العمال النقابيين، فأصبح مؤثراً في النقابات وبالأخص في القطاع النفطي وامتد وجوده ونفوذه إلى عدد كبير من النقابيين، بل إلى قيادة الاتحاد العام لعمال الكويت وعلى رأسها المناضل النقابي الراحل ناصر الفرج، الذي كان الوحيد من بين ممثلي جمعيات النفع العام الذي قال جملته المشهورة معترضاً: «باسم الطبقة العاملة الكويتية نرفض حل مجلس الأمة وتعليق العمل بالدستور»، وكان ذلك عندما استدعاهم وزير الشؤون والعمل المرحوم الشيخ سالم صباح السالم ليعلمهم بنية السلطة عام 1976.

وبعد الانقلاب الأول على الدستور عام 1976 وحل نادي الاستقلال، وقعت جمعيات النفع العام على بيان ضد هذا الإجراء ومن بينها الاتحاد العام لعمال الكويت ما عدا جمعية الإصلاح التي رفضت التوقيع عليه، وقام العمال من رفاق أبي ناصر بتوزيعه فاعتقلتهم الحكومة وسجنوا، وكان أعضاء حزب اتحاد الشعب هم الوحيدون الذين اعتقلوا وسجنوا لجرأتهم ونضالهم من أجل توعية الجماهير بخطورة الإجراءات التي اتخذت.

كان الراحل عمار العجمي واسع الثقافة والاطلاع، وكان محباً للموسيقى الكلاسيكية وللأدب، وهو يُرجع الفضل في حبه للأدب إلى الأديب الكويتي وصديقه القديم الأستاذ سليمان الخليفي، وكان يسعد عند زيارتي له في المستشفى للحديث معه في أدب تولستوي ودستيفسكي وتشيخوف ولير منتوف وجون شتاينبك وهمنجواي وفولكنر، وكان يحض الشباب على قراءة الأدب وتذوق الفن والجمال، وكان دائم الابتسام والطرافة، وفي آخر محادثة هاتفية بيننا قبل أن يدخل العناية المركزة، طلب أن نناقش معاً في زيارتي المقبلة أدباء المهجر مثل جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة، وكان مهتماً بشكل خاص بمي زيادة ودور صالونها الأدبي.

رحم الله عمار حمود العجمي النقابي البارز والمناضل الصلب، الذي توفي في 14 مارس اليوم الذي يصادف الذكرى الـ 39 لتأسيس حزبه اتحاد الشعب في الكويت، مثلما كانت وفاة المفكر والمناضل اللبناني محمد دكروب الذي توفي في ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي اللبناني.

وحضر عزاء أبو ناصر مجموعة من محبيه من دول الخليج مثل السعودية والبحرين.

وبهذه المناسبة لابد من استذكار نقابيين مناضلين رحلا عنا مثل النقابي ناصر الفرج والنقابي صالح الدرباس وغيرهما، اللذين لم يحظيا بتكريم رسمي.

وليد الرجيب

osbohatw@gmail.com

_______________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 16/03/2014 العدد:12677