June 2013
23

مقال للزميل محمد نهار تحت عنوان "لماذا نقاطع؟ ... وكيف يجب أن نفهم المقاطعة؟"

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

بقلم: محمد نهار*

المقاطعة ليست قراراً ينم على عدم احترام حكم المحكمة الدستورية، فللمحكمة وأحكامها وقراراتها كل الاحترام، ولكن أحكام المحاكم ليست منزّهة عن النقد... والمقاطعة حقّ يملكه أي فرد يود التعبير عن استيائه ورفضه لأي ممارسة كانت، وهي وسيلة مهمة من بين عدّة وسائل، ولكنها تبقى في آخر الأمر وسيلة وليست غاية، ومَنْ يظن أنّ مقاطعة الانتخابات هي "عصى موسى" فهو مخطئ... ومَنْ يظن بأن المطالب الشعبية تأتي فقط بعدم ذهابنا إلى صناديق الاقتراع فهو مخطئ أيضاً...

المقاطعة خطوة مهمة لبلوغ هدف سامٍ، مع التأكيد على أنّ تحقيق أي مطلب شعبي يحتاج إلى عنصرين مهمين وهما: شعب يطالب وسلطة "تسمع"... وكلما قَصُرَ سَمَعْ السُلطة يجب ارتفاع صوت الشعب، فلا يمكن أن تتحقق مكتسباتنا دون دفع الثمن... فقبل أن نقاطع يجب أن نعي لماذا نقاطع؟... نقاطع ليس لأن الأغلبية ارتأت بأنّ المقاطعة هي الحل، بل يجب أن تكون المقاطعة نابعة من قناعة سياسية فردية نابعة من كل شخص يود المقاطعة، لأننا لا نواجه أشخاصاً بل نواجه نهجاً دام لعقود، نواجه نهجاً يملك المال والإعلام ويملك السلطة والنفوذ، يملك الخوف في نفوس الكثير ممَنْ يظنون أنهم "رعيّة" لا مواطنين، لهذا يجب أن تقاطع أموراً أخرى كثيرة لتعرف لماذا تقاطع هذه الانتخابات، وأي انتخابات لن تتم وفق قانون ٤٢\٢٠٠٦؟... فقاطع خوفك أولاً، وقاطع طائفيتك، وقاطع فئويتك، وقاطع قَبلِيّـتك، وقاطع تصديقك لكذبة "السلطة تريد الإصلاح" أو هذه حكومة إصلاحية، وقاطع انتظارك لمنحة أو إسقاط قرض، قاطع انتظارك لفتات المائدة، قاطع جهلك بحقوقك وواجباتك، قاطع انتهازيتك وقاطع فكرة "الفلانيين" كلونا، قاطع كل ما زرعته داخلك السلطة التي لم تؤمن بك يوماً، قاطع إحباطك، قاطع استصغارك لنفسك.

وحتى نقاطع كل ما تم ذكره يجب أن يتوافر لدينا عنصر مهم ألا وهو "الوعي السياسي"، يجب أن نعلم أين الخلل؟ ولماذا "لم" يتم إصلاح هذا الخلل؟... يجب أن نعي ماهي التراكمات التي أوصلتنا لهذا النظام الذي يحمل في طياته الكثير من التناقضات والكثير من المواد التي لم تعد صالحة لزماننا هذا؟... فدستورنا دستور حائر مابين النظام البرلماني والنظام الوراثي، دستور غير مكتمل الملامح... فإن كان قبوله أمراً مُبَرّراً في العام ١٩٦٢ فهو غير مُبَرّر الآن خصوصاً في ظل هذا التطور السريع للعالم وأنظمته من حولنا... إنّ المقاطعة ليست سوى بداية يجب أن تصاحبها "رؤية" واضحة وخطة منظمة تهدف إلى توعية وقود هذا الحراك وقوته الرئيسية "الشعب"، ليعرف ما هي أهدافه بشكل واضح وكيفية تحقيقها وآليتها. إن الحراك يجب أن يخلع عباءة الفردية والارتجالية ويتحول إلى عمل "جماعي" منظم يستوعب كل فئات الشعب بكافة اختلافاته ، يجب أن يكون هناك وعي بأن لا دولة مؤسسات بلا ديمقراطية حقيقية، ولا ديمقراطية حقيقة بلا أحزاب، وبأنّ الكويت ومستقبلها فوق الجميع... يجب أن نعي كل الأكاذيب التي تدار من حولنا بمباركة حكومية لدعوتنا للمشاركة، فلا يوجد نظام في العالم تكون آلية الانتخاب فيه للناخب صوت واحد من بين عشرة ممثلين "أقل \ أكثر" بل هناك صوت واحد فقط "لممثل" واحد فقط أو يمثل قائمة انتخابية على مستوى البلاد، يجب أن نعي بأن تحقيق مطلب الحكومة المنتخبة لن يكون ألا بالتمثيل النسبي وأمّا غير ذلك فهو مجرد هدر للوقت، فإن كان الأوّلون قد أضاعوا خمسة عقود في القبول بدستور الحد الأدنى، فعلى السلطة أن تعي أنّ الوعي الآن ليس محتكراً للنخبة فقط، وبأنّ كل شخص يملك في يده مكتبة تخوله أن يمتلك المعرفة التي تساعده في تطوير ذاته ليكون مواطناً حقيقياً وليس أحد أفراد "الرعية"، وبأننا لا نملك سِعة الصدر هذه لننتظر خمسة عقود أخرى لتهدر.

ختاماً : يجب على الجميع أن لا ينسى أنّ الشعب هو مصدر السلطات جميعاً كما نصت على ذلك المادة السادسة من الدستور... وبالتالي فعِندما نُطالَب باحترام مؤسسات الدولة "كواجب" علينا، فلدينا أيضاً "حقوق" كمواطنين يجب أن تحترم، وتحترم معها أي مطالبات شعبية ما دامت غير طائفية أو فئوية، ومن حقنا ألا نهان ولا أن يتم تخويننا.

-------------

* عضو التيار التقدمي الكويتي.