تصريح صحافي حول التأمين الصحي للمتقاعدين صادر عن التيار التقدمي الكويتي
في الوقت الذي كان يفترض فيه أن تولي الحكومة اهتمامها نحو تحسين الخدمات الصحية العامة وتطويرها كماً ونوعاً والارتقاء بها لتكون بمستوى لائق، وذلك عبر زيادة عدد المستشفيات؛ ورفع النسبة المتدنية للأسرّة والأطباء والطاقم التمريضي إلى إجمالي عدد السكان؛ فإنّ الحكومة بدلاً من ذلك توجه اهتمامها نحو أمر آخر هو تنفيع بعض شركات التأمين وشركات المستشفيات الخاصة بالإضافة إلى تمهيد الطريق نحو خصخصة الخدمات الصحية وتصفية دور الدولة في هذا المجال الحيوي، وذلك ضمن نهجها الاقتصادي الاجتماعي النيوليبرالي الممالئ لمصالح كبار الرأسماليين.ففي هذا السياق يبدأ هذه الأيام تنفيذ ما يسمى "برنامج عافية" بعد توقيع عقد وثيقة التأمين الصحي للمتقاعدين الكويتيين، الذي تبلغ تكلفته 82 مليون دينار كويتي لمدة عام واحد فقط، حيث تنحصر خدمات هذا البرنامج في تقديم المستشفيات والمراكز الطبية والعيادات والمختبرات والصيدليات الخاصة بعض أنواع من الرعاية الأولية التي لا تختلف عما تقدّمه المستوصفات والمراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة، فيما لا يغطي هذا التأمين الصحي الكثير من الأمراض التي من المحتمل أن تصيب المتقاعدين مثل أمراض السرطان والأورام وغسيل الكلى وفقدان السمع وجراحات القلب والرئة والأعصاب وعلاج الأمراض المصاحبة للشيخوخة والعناية الصحية المنزلية وصعوبات النوم وغيرها من الأمراض المصاحبة للتقدم بالعمر، هذا ناهيك عن أنّ التخوّف المشروع من أن تسيئ بعض المستشفيات والمراكز الطبية والعيادات الخاصة استخدام هذا البرنامج، بعد أن تحوّلت الخدمات الصحية والعلاجية إلى سلعة تجارية تحقق الربح المادي، وذلك من حيث إخضاع المريض لفحوصات وعلاجات لا يحتاجها، أو صرف كميات وأنواع من الأدوية التي قد تكون لها آثار ضارة على صحته، والأسوأ من هذا فإنّه من المعروف أنّ المستشفيات الخاصة عندما حدوث مضاعفات أو تعقيدات في الحالة الصحية لمرضاها فإنها تنقلهم إلى المستشفيات الحكومية.والمؤسف أن يأتي هذا البرنامج التنفيعي تحت ذريعة توفير الخدمات الصحية للمتقاعدين الكويتيين، بينما هو يكرر التجربة الفاشلة منذ الثمانينات لعلاج العاملين بالقطاع النفطي في المستشفيات الخاصة بدلاً من مستشفى الأحمدي التابع لمؤسسة البترول الوطنية، ناهيك عن التجربة الفاشلة الأخرى لما يسمى التأمين الصحي للوافدين، الذي لا يعدو كونه جباية مالية من دون مقابل!وبناءً على ما سبق فإنّ التيار التقدمي الكويتي يبدي تحفظه من حيث المبدأ على هذا البرنامج الهادف إلى تصفية القطاع الصحي العام وتنفيع بعض شركات التأمين والقطاع الصحي الخاص، ويدعو في الوقت ذاته إلى إخضاع تطبيق هذا البرنامج إلى رقابة جدية تمنع إساءة المستشفيات والمراكز الطبية والعيادات الخاصة لاستخدامه، كما يطالب بدراسة جدوى هذا البرنامج وإعادة النظر فيه.الكويت في 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2016