February 2018
6

تحليل الحركة التقدمية الكويتية للأزمة الاقتصادية التي يواجهها النظام الرأسمالي العالمي

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

كشفت الأزمة، التي انطلقت من الولايات المتحدة في خريف العام 2008 وامتدت إلى أوروبا وبقية دول العالم وكانت الأزمة الأشمل للنظام الرأسمالي منذ الأزمة الكبرى في العام 1929، مدى زيف الأوهام الرائجة حول أبدية الرأسمالية ووجّهت ضربة شديدة للفكر النيوليبرالي الداعي إلى تحرير الأسواق والاعتماد المطلق على آلية السوق العمياء بإعادة التوازن، بما في ذلك أثناء الأزمات؛ وإنهاء تدخل الدولة في الاقتصاد؛ والتخلي عن برامج الرعاية الاجتماعية، إلا أنّ الأزمة الأخيرة فرضت على الأنظمة الحاكمة في البلدان الرأسمالية ضرورة إدارة الدولة وتدخلها لحلّ الأزمة. إنّ الرأسمالية العالمية تعاني الآن أزمة عامة، وليس مجرد أزمة دورية عابرة، كما أنّ الرأسمالية العالمية على الرغم من محاولاتها إطالة عمرها وتجديد نفسها، إلا أنّ أزمتها العامة يمكن أن تتحول إلى أزمة نهائية عندما يتوافر العامل الذاتي للتعامل مع الظرف الموضوعي الآخذ في النضوج باتجاه انهيار النظام الرأسمالي. ذلك أنّ الرأسمالية لا تستطيع الخروج من أزمتها الحالية بالطريقة ذاتها التي خرجت فيها من أزماتها السابقة في القرن العشرين من خلال تصدير الأزمة إلى الخارج بالقوة والاستيلاء على مناطق نفوذ جديدة وإعادة تقاسمها فيما بينها، ذلك أنّ هذا لم يعد قائماً أو متاحاً فقد انتهى التوسع الرأسمالي جغرافياً بعد استيلاء الرأسمالية على مختلف أرجاء الأرض عقب إسقاط الاتحاد السوفياتي، وبلغ الاستغلال الرأسمالي للشعوب مستوى بات يهدد إعادة إنتاج الجنس البشري (الجوع، المناخ، المياه، الطاقة)، وتحولت أزمة فيض الانتاج إلى أزمة فيض إنتاج المال والسلاح، حيث لا يمكن التخلص منهما بالسهولة ذاتها التي تم فيها التخلص من فيض البضائع، ما يعني أنّ تناقضات الرأسمالية تفاقمت بحيث يصعب عليها تجاوز أزمتها.كما تجلت التناقضات البنيوية الصارخة للرأسمالية في طغيان قطاع المال وفقاعاته، وقطاعات الاقتصاد غير الفعلي على قطاعات الاقتصادات الفعلية، وتعاظم الدَين واستمرار تقلّص الفواصل الزمنية بين دورات الأزمات العامة، ما يعبّر عن تفاقم التناقض الرئيسي بين العمل ورأس المال، وبين الطابع الاجتماعي المتزايد للعمل وطبيعة الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، ويكشف حقيقة أنّ الرأسمالية آيلة إلى زوال بوصفها نظاماً قائماً على الاستغلال الطبقي والظلم الاجتماعي وإخضاع الشعوب وإفقارها ونهب ثرواتها وتدمير البيئة وخلق التوترات وتأجيج الصراعات وافتعال الحروب لهثاً وراء تعظيم الأرباح وتكوين الثروات وتراكمها وتمركز رأس المال... فالرأسمالية نظام اجتماعي استغلالي يتفسخ،  وذلك على الرغم من محاولاتها للمراوغة التاريخية وتأجيل نهايتها المحتومة.