February 2018
21

لنطوِ هذه الصفحة

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

صدر قبل أيام قرار محكمة التمييز بوقف تنفيذ حكم محكمة الاستئناف واخلاء سبيل المتهمين في قضية دخول المجلس، بعد أكثر من ثمانين يوماً قضاها الشباب في السجن المركزي، جاء هذا القرار ليعيد الفرحة إلى بيوت هؤلاء الشباب ويعيد البسمة لأهاليهم في وقت تحتفل فيه الكويت بالأعياد الوطنية.لم تكن قضية دخول المجلس قضية عادية، فهي قضية سياسية من الدرجة الأولى، حيث لا يمكن فصل موضوع دخول المجلس عن بقية الأحداث السياسية التي جرت في ذلك الوقت، فهؤلاء الشباب سواء اتفقت أم اختلفت معهم، لا يمكن بأي حال من الأحوال انكار أن دافعيهم الأساسيين كانا حب الوطن ومحاربة الفساد الذي استشرى في البلد، فقد شهدت تلك الفترة حراكاً سياسياً واسعاً بعد انكشاف قضية شيكات رئيس الوزراء المقدمة لنواب في مجلس الأمة، وتبعتها فضيحة الإيداعات والتحويلات المليونية وتضخم حسابات بعض النواب التي كشفتها احدى الصحف وأكدتها النيابة العامة لاحقاً؛ على الرغم من حفظها بسبب قصور في التشريع، بالاضافة لما شهده مجلس الأمة في ذلك الوقت من مظاهر سيئة كشطب الاستجوابات أو جزء منها، فما كان من الشباب في ذلك الوقت سوى النزول للشارع وابداء اعتراضهم على ما يحدث لبلدهم.لقد كان حكم الاستئناف شديداً وقاسياً ومفاجئاً في الوقت نفسه، فهو لا يتسق مع حكم أول درجة الذي أقر ببراءة الشباب، كما أنه جاء في وقت نحن بأمس الحاجة فيه للاستقرار ووحدة الصف وتقوية جبهتنا الداخلية لمواجهة الاخطار والتحديات الاقليمية، فالمنطقة كما يقال "على صفيح ساخن".نأتي اليوم بعد عودة الاستقرار لبيوت أهالي أبنائنا واخواننا المتهمين في قضية دخول المجلس؛ وإن كان مؤقتاً حتى صدور حكم محكمة التمييز، لنتحدث عن المستقبل وعما يمكن فعله لطي صفحة الأزمة السياسية، فقد استنزفت هذه الأزمة قوانا جميعا، فالكويت لم تنعم بالاستقرار السياسي منذ أكثر من سبعة أعوام؛ شهدنا فيها حلاً لمجلسين وإبطالاً لانتخابات مجلسين واستقالة أكثر من حكومة، كما شهدنا تشريعات تضيق الخناق على الحريات بشكل غير مسبوق، حتى أضحت التغريدة في "تويتر" سبباً للسجن مدة تصل لعشر سنوات!لم يعد موضوع طي صفحة الازمة السياسية ترفاً، بل هو حاجة ماسة في ظل الأوضاع الاقليمية المضطربة، كذلك في ظل الوضع الاقتصادي السيئ الذي تمر فيه الكويت، خصوصاً بعد وصولنا لمرحلة العجز في الميزانية، وتلويح البعض "سواء من الحكومة أو النواب" باتخاذ اجراءت من شأنها تضييق العيش على المواطنين، كرفع الدعوم عن السلع الاساسية وضريبة القيمة المضافة سيئة الذكر. لذلك يجب إنهاء هذه الأزمة أو على أقل تقدير تحقيق حالة من الانفراج السياسي كي يتسنى للجميع المشاركة في مواجهة الفساد الذي يبطش في بلدنا منذ أعوام، ذلك أن الفساد وسوء الادارة هما اللذان تسببا في هدر موارد الدولة حتى وصلنا لحالة العجز.ولعل طي صفحة الازمة السياسية وتحقيق حالة الانفراج يبدأ باغلاق ملف قضية دخول المجلس، فهذه القضية ليست الوحيدة، بل أن هناك العديد من قضايا الرأي والتجمعات، لذلك يجب اغلاق كل تلك الملفات، وذلك يأتي من خلال تعاون الحكومة مع مجلس الامة باقرار قانون للعفو الشامل عن جميع قضايا الرأي والتجمعات، والغاء القوانين اللمقيدة للحريات، وبالتأكيد إلغاء عقوبة الحبس في قضايا التعبير عن الرأي والاحتجاج السلمي.نحن نعلم تماماً أن ما نريده هو استكمال مشروع الدولة الحديثة، وتفعيل الديموقراطية الحقيقية عبر النظام البرلماني المتكامل، ولكن تلك الملفات العالقة منذ سنوات أصبحت عائقاً حقيقياً لا يمكن تجاوزه، لذلك يجب حل تلك القضايا واغلاق ملفاتها.ولا يسعني في الختام إلا أن أبارك لأهالي الشباب المتهمين في قضية دخول المجلس خروج أبنائهم واتمنى أن يأتي حكم التمييز مماثلاً لحكم أول درجة لتكتمل فرحتهم، وأتمنى من السلطتين التشريعية والتنفيذية أن تتحليا بالحكمة اللازمة لحل هذه الملفات وطي هذه الصفحة، عبر اقرار قانون للعفو الشامل عن قضايا الرأي والتجمعات والغاء جميع التشريعات المقيدة للحريات.بقلم: د. حمد اسماعيل الأنصاريصحيفة الراي الكويتية ٢٠ فبراير ٢٠١٨