May 2018
16

الانقسام البلدي

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

انتهت قبل أيام انتخابات المجلس البلدي، التي شهدت تغييراً بنسبة 90 في المئة عن المجلس السابق، وقد كان لافتاً نجاح غالبية شبابية في الانتخابات، وهو الأمر الذي بدأ في الانتخابات البرلمانية السابقة حيث نجح الشباب بحصد العديد من المقاعد البرلمانية في الدوائر المختلفة. وعلى الرغم من نسبة التغيير الكبيرة، ودخول وجوه شابة جديدة قد تكون من أصحاب الكفاءات للمجلس البلدي، إلا أن تلك الانتخابات شابها التعصب القبلي والطائفي وطغيان المصالح الضيقة على المصلحة العامة... فما أن تم الاعلان عن موعد الانتخابات، حتى بدأت الانتخابات الفرعية أو التشاورية ليتم انتخاب مرشح القبيلة أو العائلة. كذلك كان الاصطفاف الطائفي المقيت واضحاً في بعض الدوائر، فالأهم هو وجود مقعد للقبيلة أو العائلة أو حتى الطائفة، وكأن الحصى الذي حطّم زجاج سياراتنا بعد الامطار استثنى ابناء القبيلة الفلانية أو الطائفة العلانية، أو أن المطاعم التي تبيع الأغذية الفاسدة تستثني أبناء تلك العائلة أو تلك الطائفة! لقد أنشئ المجلس البلدي لرسم سياسات وخطط المشروعات المتعلقة بنشاط البلدية العمراني والبيئي والصحي، فمن مهامه مراقبة تنفيذ القوانين المتعلقة بالصحة العامة، وتقرير المشاريع المتعلقة بشؤون العمران وتجميل المدن، وغيرها من تنظيم لرخص البناء وتسمية الشوارع والتشجير...الخ، إلا أن الناس بدأت تفقد ثقتها بهذا المجلس تدريجياً، بل لعل الغالبية العظمى من المقترعين لا يعرفون ما هو دور المجلس البلدي، وهو ما انعكس على نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية الاخيرة، حيث كانت نسبة الاقتراع 25 في المئة فقط. وفي ظني أنه يجب انهاء العمل بالمجلس البلدي في شكله الحالي، وتقسيمه لمجالس بلدية عدة حسب المحافظات، بحيث يتم انتخاب أعضاء المجالس من خلال القوائم والتمثيل النسبي، فيكون لتلك المجالس دورا واضحا وملحوظا في نطاق المحافظة الواحدة، كما يجب إعطاء تلك المجالس صلاحيات أكبر لتقوم بدور المحافظ الذي يقتصر دوره حالياً على الاستقبالات والظهور الاعلامي. أما ما يحدث اليوم فهو أن أغلب المرشحين يتعاملون مع انتخابات المجلس البلدي كخطوة مبدئية لخوض الانتخابات البرلمانية، بل إن بعض أعضاء المجلس البلدي السابقين لم يكملوا دورتهم الكاملة وتقدموا بالاستقالة بمجرد حل مجلس الأمة، بالتالي انعكست الممارسات السيئة في الانتخابات البرلمانية على انتخابات المجلس البلدي، فما أن ظهرت نتائج الانتخابات حتى بدت معها مظاهر التفاخر بالانتماء الاجتماعي بدلاً من التفاخر بالكفاءة والانجاز، وكأن الفوز بالانتخابات فوز بمعركة ضد بقية مكونات المجتمع وليس تكليفاً من الشعب لخدمة الجميع من دون استثناء. لم تكن انتخابات المجلس البلدي هي الاستثناء لما حدث، فالاصطفاف حسب المكون الاجتماعي انتشر منذ مدة في الانتخابات البرلمانية، لنراه طاغياً اليوم في انتخابات الجمعيات التعاونية والانتخابات الطلابية وغيرها، وهو مؤشر خطير للانقسام الكبير في المجتمع. واعتقد أن السبب في ذلك هو عدم شعور المواطن بالعدالة، وعدم ثقته بالحصول على حقوقه الدستورية من دون «واسطة»، مما تسبب بالابتعاد عن مفهوم المواطنة الدستورية التي تساوي بين جميع أفراد المجتمع الواحد، والرجوع للمكون الاجتماعي الذي يعطيه الأمان والثقة، لذلك يجب إعادة الثقة بالمواطنة الدستورية والقضاء على التعصب الفئوي، وهذه المهمة تقع على عاتقنا جميعاً؛ حكومةً وشعباً، فعلى الرغم من أن المسؤولية الاكبر تتحملها الحكومة كسلطة تملك القرار، إلا أننا أيضاً نتحمل تلك المسؤولية كشعب، سواء كنواب أو ناشطين أو من خلال القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، حيث يجب علينا نشر الوعي ورفض كل ما من شأنه تمزيق هذا المجتمع.بقلم: د. حمد اسماعيل الأنصاريجريدة الراي الكويتية١٥ مايو ٢٠١٨