June 2018
2

حكومة سحق المواطن

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

منذ تسلم سمو رئيس الوزراء منصبه الحالي، وهو يصرح بأن دولة الرفاه قد انتهت، وأن الدولة تعيش فترة حرجة تعاني فيها من عجز حقيقي بالميزانية، وأننا دخلنا في مرحلة التقشف وشد الحزام كما يقولون. وعلى الرغم من هذا العجز المزعوم، إلا أننا نشاهد يومياً المناقصات المليونية التنفيعية داخلياً، والعطايا والمنح والقروض المليارية دولياً، في تصرف لا يتسق مع فكرة وجود عجز في الميزانية، وفي وقت يعاني فيه المواطن البسيط من الارتفاع الفاحش للأسعار الذي يضيق الخناق على الشعب يوماً بعد يوم من دون تحرك حكومي جدي لضبطه.لقد فشلت الحكومات المتعاقبة مراراً وتكراراً في استثمار العوائد والفوائض المالية الكبيرة خلال فترة ارتفاع أسعار النفط – مصدر دخلنا الوحيد – ولم تتمكن خلال كل تلك السنوات من ايجاد مصادر دخل أخرى غير النفط والتحول للاقتصاد المنتج بدلاً من الاقتصاد الريعي، ولهذا السبب وصلنا لمرحلة العجز بعد تدهور أسعار النفط في السنوات الأخيرة، وبدلاً من تحديد أسباب الفشل الحكومي في ايجاد مصادر دخل أخرى ومحاسبة المتسبب في ذلك الفشل، نجد الحكومة تذهب مباشرة للتضييق على معيشة المواطنين من خلال رفع الدعوم عن السلع الاستهلاكية أوالكهرباء والماء والبنزين، أو من خلال مشروع البديل الاستراتيجي «الغامض»، أو من خلال ضريبة القيمة المضافة والسلع الانتقائية؛ وأخيرا ما نشر في جريدة «الراي» قبل يومين حول الضريبة على الأفراد!كل تلك الحلول الترقيعية التي وضعتها الحكومة للخروج من مأزق العجز في الميزانية ستؤدي بالضرورة للتضييق على المواطنين البسطاء في معيشتهم، وستكون النتيجة سحق الطبقة الوسطى وذوي الدخل المحدود في المجتمع، بينما نجد الحكومة لا تزال تعاني من الأسباب نفسها التي أدت للعجز من البداية، فسوء الإدارة والبيروقراطية القاتلة والفساد استشرى في جميع مؤسسات الدولة، وعدم وجود رؤية حقيقية للحكومة مستمر حتى يومنا هذا، إضافة لعدم قدرة مجلس الأمة على مراقبة ومحاسبة الحكومة في ظل المنظومة السياسية الحالية وتجريد المجلس من أدواته الدستورية، لذلك فإن النتيجة الحتمية هي الدخول مرة أخرى في العجز… فالوعاء المثقوب لا يمتلئ أبداً!إن فكرة فرض الضرائب على الشعب يجب أن يقابلها مسؤولية كبيرة من الحكومة ورقابة شعبية صارمة على تلك الأموال، فالضرائب لا تعني أن تذهب أموال المواطن في جيوب كبار التجار والمتنفذين من دون حساب، بل يجب أن تقابلها خدمات على مستوى عالٍ، أما أن تؤخذ أموال المواطنين مقابل خدمات صحية متردية وتعليم سيئ وشوارع تتطاير منها الحصى مع أقل زخة مطر؛ فهذا أمر غير مقبول، لذلك يجب أن يتم تفعيل الأدوات الرقابية وتمكين الشعب منها قبل فرض الضرائب، كما يجب احترام النصوص الدستورية حول الضرائب، فلا ضريبة إلا بقانون، كما يجب أن يعفى أصحاب الدخول الصغيرة من الضرائب، بينما نجد أن ضريبة القيمة المضافة، التي تريد الحكومة إقرارها، ستفرض على جميع المواطنين من دون استثناء وهذا ما يتعارض مع نصوص الدستور.نحن لسنا ضد فكرة الضرائب، فهي أحد مصادر الدخل للدولة، ونعلم بأن واجبنا الوطني يحتم علينا أن نعطي لهذا البلد، فقد ضحى أبناء الكويت بأرواحهم فداء لهذه الأرض أثناء الاحتلال، ولسنا عاجزين عن دفع الضرائب، لكن يجب أن تسبقها إصلاحات كبيرة في المنظومة السياسية، لكي يضمن الشعب حقه في الرقابة وتحديد أوجه صرف تلك الأموال، ولضمان عدم تكرار فشل الحكومة في الإدارة، كما يجب أن تراعى العدالة الاجتماعية عند فرض الضرائب، فالضريبة المنطقية والأكثر عدالة هي الضريبة التصاعدية على الدخل، مع اعفاء ذوي الدخول الصغيرة منها، وليست ضريبة القيمة المضافة.بقلم الدكتور حمد الأنصاريجريدة الراي الكويتية٢٩ مايو ٢٠١٨