March 2018
20

برنامج عمل الحكومة… المستاءة!

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

قرأت برنامج عمل الحكومة، الذي أدرج على جدول أعمال مجلس الأمة قبل ما يقارب الأسبوع وتم نشره بتاريخ 17 مارس؛ أي بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على تشكيل الحكومة الحالية، على الرغم من أن الدستور ينص بشكل واضح في المادة 98 على أن تتقدم كل وزارة «فور تشكيلها» ببرنامجها إلى مجلس الأمة… لكننا تعودنا على هذا الوضع من حكوماتنا المتعاقبة، فالحكومة في الكويت لا تشكل حسب برنامج أو خطة عمل.

لقد جاء برنامج عمل الحكومة متضمناً ثمانية محاور أو أولويات كما سمتها الحكومة، تبدأ بتطوير الادارة الحكومية، مروراً بتطوير الاقتصاد المعرفي واصلاح الهيكل الاقتصادي وتطوير رأس المال البشري والبنية التحتية… وتنتهي عند تطوير نظم الرعاية السكنية؛ وهي محاور مهمة وتحتاج إلى قراءة دقيقة.ولست هنا بصدد شرح كل المحاور التي جاءت في البرنامج في هذا المقال، لكن باعتقادي من المناسب التطرق للمحور الأول وهو تطوير أداء الحكومة، خصوصاً وأن هذا البرنامج جاء بالتزامن مع تصريح رئيس مجلس الوزراء بأن الحكومة مستاءة مما نشر حول تراجع الكويت في مؤشر مدركات الفساد. فبعد صمت طويل من سمو الرئيس – المقل في ظهوره الاعلامي – جاء ذلك التصريح الغريب… فخلال السنوات السابقة تراجعت الكويت أكثر من 30 مرتبة، من دون أن تحرك الحكومات المتعاقبة ساكناً، بل الأكثر غرابة أن يكون رد فعل الحكومة على هذا التراجع هو «الاستياء» وتشكيل لجنة للتحقق من تلك المؤشرات لانها تسيء لسمعة الكويت… فقط!نعود للمهم وهو برنامج عمل الحكومة، وأولى الأولويات الثماني كما جاء فيه، وهي تطوير الادارة الحكومية… فقد تضمن هذا المحور عدة نقاط صاغتها الحكومة باسلوب انشائي عائم يثير العديد من التساؤلات، فجاء البند الاول حول إصلاح وتطوير الجهاز الاداري بالدولة ليكون أكثر كفاءة وانتاجية في تقديم الخدمات، من دون أن تبين لنا الحكومة ما هي الخطوات التي ستتخذها لاصلاح وتطوير الجهاز الاداري.ثم جاءت ببندي إعادة الهيكلة الادارية للدولة وترشيد حجم الادارة الحكومية، من دون أن تتطرق للآلية التي ستتبناها لاعادة الهيكلة وترشيد حجم الادارة وما هو مصير الموظفين في الادارة الحالية في حال تم الترشيد المذكور، وهو ما جاء بشكل مبهم في البند التالي وهو التعامل مع حجم العمالة في القطاع الحكومي بصورة فعالة تأخذ بعين الاعتبار الجوانب المادية والاجتماعية، ما يثير التساؤل: هل الحكومة بصدد تقليل عدد الموظفين الحكوميين؟ أم أنها بصدد تقليل المرتبات؟ وكيف سيتم ذلك؟ثم يأتي بند تنفيذ استراتيجية وطنية شاملة للنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، وهو البند الذي ادخلني في حالة الشك، فعندما تقول الحكومة «تنفيذ» فهذا يعني بأنها تمتلك تلك الاستراتيجية للنزاهة ومكافحة الفساد ولم يتبق سوى تنفيذها، ولكن حسب ما نعرفه جميعا؛ الحكومة لم تقر تلك الاستراتيجية لتتحدث عن تنفيذها!ما ذكرته هو بعض البنود – وليست جميعها – في المحور الأول من ثمانية محاور تضمنها برنامج عمل الحكومة، ولو كنت سأتحدث عن البرنامج الحكومي بالكامل فلن يكفيني مقالا واحدا، فذلك البرنامج كما قلت جاء بمجمله باسلوب انشائي حالم، من دون تفاصيل لكيفية التطبيق أو جدول زمني يحدد لنا متى نستطيع أن نحكم على جدية الحكومة في تطبيقه. فالبرنامج بالرغم من احتوائه بعض النقاط الجيدة كتوظيف الطاقة المتجددة وتحسين البيئة، إلا أنه لا يليق بحكومة تطالب برصد ما يقارب الـ 400 مليار دولار من أجل مشروع تطوير الجزر، بل ربما يصلح كدرس في كتاب الاجتماعيات للمرحلة المتوسطة أو الثانوية.في الختام، لم تختلف هذه الحكومة عن الحكومات التي سبقتها، ما دام التشكيل الحكومي يلتئم قبل وجود برنامج، وما دام الوزراء يوزرون حسب معايير المحاصصة والمجاملة السياسية وليس معيار الكفاءة والقناعة بالبرنامج الحكومي… وفي المقابل، لست واثقاً من أن أعضاء مجلس الأمة سيفرضون على الحكومة تقديم تفاصيل تنفيذ هذا البرنامج قبل اقراره، وما لم يفعلوا، وهذا هو المتوقع، فستكون النتيجة كالعادة… الحكومة مستاءة.

بقلم الدكتور حمد اسماعيل الأنصاري

٢٠ مارس ٢٠١٨

جريدة الراي الكويتية