September 2018
19

مهرجان كيسنجر لمزاين الإبل

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

مع دخول شهر أكتوبر واقتراب موسم الأمطار وفرحة أهل الخليج بقرب افتتاح مهرجانات" مزاين الإبل".. تذكّرت الزعيم الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ.قاد ماو جيش التحرير الشعبي، في حرب طويلة ومريرة، ضد قوات الحكومة الوطنية بقيادة الرئيس الصيني تشانغ كاي شيك، انتهت الحرب بانتصار ماو وفرار كاي شيك وتأسيس جمهورية الصين الشعبية في 1 أكتوبر 1949م.كان ذلك الانتصار الشيوعي هزيمة مؤلمة لأمريكا وللمعسكر الرأسمالي الذي كان يدعم الرئيس كاي شيك. بعد اسبوعين من الانتصار، أعلن ماو اختيار لعبة تنس الطاولة كلعبة الشعب الأولى في الصين. كان هذا القرار منطقيا لعدة أسباب؛ أن لعبة التنس مناسبة للشعب الصيني الفقير لأنها غير مكلفة. كما أنها لا تحتاج إلى مساحات كبيرة. بالإضافة إلى أن ماو كان يبحث عن أداة أو وسيلة يستغلها كـ بروباغندا حمراء يغزو بها العالم، فلم يجد أفضل من لعبة تنس الطاولة.

نجحت تلك الخطة وسيطر الصينيون على البطولات العالمية للتنس منذ ذلك الحين وحتى اليوم.في أبريل 1971م كان الفريق الأمريكي لتنس الطاولة يخوض بطولة العالم في مدينة ناغويا اليابانية عندما تلقّى دعوة استثنائية لزيارة الصين للعب عدة مباريات فيها.كانت علاقة الصين بأمريكا مقطوعة بالكامل منذ 22 عام، كما كانت الدولتان قد خاضتا الحرب الكورية(1953-1950م) وحرب فييتنام(1975-1955م)، بالإضافة إلى صراعهما الساخن في الحرب الباردة.

كانت الدعوة الصينية غير متوقعة وتأتي عكس اتجاه الأحداث والتوقعات، لكن الداهية هنري كيسنجر، وكان حينها مستشار الرئيس نيكسون للأمن القومي، انتهز الفرصة التاريخية النادرة، وأقنع الرئيس بقبول الدعوة فورا. فأرسلت أمريكا فريقها إلى الجمهورية الصينية.ثم قام كيسنجر بعدة ترتيبات سرية مع الصينيين، انتهت بزيارة الرئيس الأمريكي للصين في فبراير 1972م. تلا ذلك، إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين للمرة الأولى منذ انتصار الشيوعيين في الصين.كل ذلك حدث بفضل ما أصبح يُعرف عالميا بـ "دبلوماسية البينغ بونغ".

نجحت كرة التنس التي لا يتجاوز وزنها 2.5جرام في القضاء على تاريخ طويل من العداء والصدام الثقافي والفكري والحروب والدماء، فلماذا لا تنجح مهرجانات مزاين الإبل الخليجية في طي صفحة الخلاف الخليجي السخيف؟!هل السبب يعود لعدم وجود شخص خليجي كـ هنري كيسنجر أو لأن قلوبنا أصبحت غليظة كقلوب الإبل المشهورة بأنها لا تنسى ولا تغفر؟بقلم: عبدالهادي الجميل