October 2017
30

استجوابات... ثم ماذا؟

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

أليس من مصلحتنا جميعاً نظاماً وشعباً، في ظل الأوضاع العالمية والعربية الحالية، أن نستثمر طاقاتنا البشرية وإمكاناتنا المادية ووقتنا الثمين في العمل الدؤوب على تطوير نظامنا الديمقراطي الذي وضع إطاره الدستور، وذلك من أجل قيام دولة مدنية عصرية تستطيع، بالاستناد إلى الدعم الشعبي القوي، مواجهة التحديات الصعبة داخلياً وخارجياً؟

في النظم الديمقراطية الحقيقية يعتبر الاستجواب أداة مساءلة سياسية راقية يترتب عليها محاسبة وإصلاحات سياسية واقتصادية، أما في وضعنا السياسي غير السليم فالأمر مختلف تماماً، حيث إن الاستجوابات لا تطور العمل البرلماني والسياسي، ولا تؤدي إلى إصلاحات سياسية أو محاسبة حقيقية، وهو ما ينطبق على الاستجواب الحالي الذي كان من المفترض أن يناقش أمس، (لا نعرف نتيجته وقت كتابة هذا المقال)، أو الاستجوابات القادمة التي أعلن أكثر من عضو نيتهم تقديمها لعدد من الوزراء خلال الأسابيع القليلة القادمة.

فالنتيجة لن تخرج عما تعودنا عليه في المرات الماضية، وآخرها استجواب وزير الإعلام والشباب السابق، "بعض الانتقادات" وربما "استقالة الوزير" أو "حلّ للمجلس أو الحكومة"، وهو أقصى ما يمكن أن تصل إليه التطورات السياسية التي تعقب الاستجواب، ثم سرعان ما تعود الأمور إلى سابق عهدها، أي إلى المربع الأول، و"كأنك يا بو زيد ما غزيت".

ومن المستبعد، في الأوضاع السياسية الحالية غير السليمة، أن يترتب على الاستجوابات تغيير في النهج السياسي، أو محاسبة سياسية للوزراء، أو إصلاح سياسي حقيقي، وهو الأمر الذي يعني استمرار استنزاف جهود المجتمع وطاقاته، وأمواله العام، ووقته الثمين في مناورات وصفقات سياسية مُكررة وغير مفيدة للمصلحة العامة وتطور النظام الديمقراطي، لذا ازداد التذمر الشعبي والاستياء العام من أداء السلطتين واللذان من السهولة بمكان ملاحظتهما سواء في الدواوين، أو في المنتديات العامة ووسائل التواصل الاجتماعي، كما تنامي الشعور بعدم الاطمئنان على المستقبل، لا سيما بين الشباب وهم النسبة الغالبة في المجتمع.

والمشكلة هنا ليست في أداة الاستجواب كأداة دستورية راقية، ولكنها في سوء الوضع العام وفساد المنظومة السياسية اللذين أفقداها فاعليتها خصوصاً في المجالس التي أتت بعد انفراد الحكومة بتعديل النظام الانتخابي؛ مما أدى إلى اهتزاز الثقة الشعبية بالمجلس كمؤسسة دستورية فاعلة، وضعف الاهتمام الشعبي بمتابعة أعماله والضغط على أعضائه.

والآن هل من المصلحة الوطنية بقاء الأوضاع السياسية على ما هي عليه، وتهميش دور المؤسسات الدستورية مع ما يسببه ذلك من هدر للطاقات والأموال العامة، هذا ناهيك عن الغضب الشعبي الذي بدأ يأخذ منحىً تصاعدياً في ظل وضع إقليمي غير مستقر وضغوط خارجية هائلة، وموارد مالية بدأت تتناقص؟

السؤال بصيغة أخرى: أليس من مصلحتنا جميعاً نظاماً وشعباً، في ظل الأوضاع العالمية والعربية الحالية، أن نستثمر طاقاتنا البشرية وإمكاناتنا المادية ووقتنا الثمين في العمل الدؤوب على تطوير نظامنا الديمقراطي الذي وضع إطاره الدستور، وذلك من أجل قيام دولة مدنية عصرية تستطيع، بالاستناد إلى الدعم الشعبي القوي، مواجهة التحديات الصعبة داخلياً وخارجياً؟

د.بدر الديحانيجريدة الجريدة25 أكتوبر 2017