June 2018
28

الشيخ الشيوعي

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

وكعادتها تخرج لنا وزارة الإعلام بسقطة وتزوير تاريخي لا مثيل له، وكأن هذه الوزارة "الجبانة" قد وُجِدت للخضوع والخنوع للتيار الديني، ولشرعنة أكاذيبه وتمرير إيدلوجيته أمام الناس بصورة رسمية، خرجت لنا هذه الوزارة ببرنامج يستضيف أحد المشايخ على الهواء للحديث عن حياته وماضيه، وقدمت في بداية البرنامج تقريرًا عن هذا الأخير وتحدثت عن تاريخه وقالت: " البدايات كانت تائهة فكان يتساءل أين الطريق؟ هذا لسان الشيخ فلان الفلاني في شبابه، وفي عام 1969 تخرج من معهد المعلمين واحتواه الحزب الشيوعي بما يمتلكه من قدرات شعريه وخطابية، إلا أن الأمر لم يستمر وعاد فلان إلى فطرته الإسلامية رافضًا الظلمات ودروب التيه، مفضلًا طريق الحق والنور والهداية......." في البداية لا يوجد تنظيم في تاريخ الكويت السياسي يُدعى " بالحزب الشيوعي في الكويت" هذا التنظيم هو تنظيم وهمي لا وجود له وهو مختلق وملفق من قبل هذا المدعي ووزارة الإعلام، ولكن لنقل أن هذا المُدعي المزور قد أسقط سهوًا هذا الاسم ويقصد تنظيمًا باسم آخر، فهذا الأمر لا يمكن كذلك لأن حزب الطبقة العاملة في الكويت ذا التوجه الاشتراكي "حزب اتحاد الشعب" تأسس في مارس1975 أي بعد ست سنوات من تاريخ الانضمام المزعوم لهذا المدعي، ولنفترض أنه قد أخطأ بالتاريخ كذلك، عليه على الأقل أن يبين لنا من هم رفاقه الذين تعامل معهم كي يجمل كذبته ويكحلها! أما في النقطة الثانية، قالت وزارة الإعلام في تقريرها أن هذا المدعي كان شيوعيًا ومن ثم اهتدى وعاد إلى فطرته الإسلامية، وهنا يظهر لنا مدى جهل القائمين على هذا البرنامج بوضع الشيوعية في كفه مواجهه للإسلام وكأنهما نقيضان، وهذا ما لا يمكن أن يمر مرور الكرام، فالشيوعية أيدلوجية ذات بعد سياسي واجتماعي واقتصادي أما الإسلام فدين، ليسا نديين في معركة أو متناقضات يجب اختيار واحد منهما، وكذلك في نفس التقرير وُصِفت الشيوعية بأنها "ظلمات وتيه"، ويأتي السؤال هنا.. هل وُجِدت وزارة الإعلام لتقنع الناس بأيدلوجيات وتنفيرها من أخرى؟ أنا أتفهم أن هذه الوزارة "ملوي ذراعها" من قبل التيار الديني الرجعي ولكن هل أصبحت تستخدم منابرها لخدمته ولخدمة مشروعه وضرب مخالفيه؟ إن الشيوعيين جزء من المجتمع الكويتي شاء من شاء وأبى من أبى، كانوا جزءاً من التاريخ السياسي وناضلوا على المستوى السياسي وعلى مستوى المقاومة فترة الاحتلال، ولا يحق لا لهذه الوزارة أو غيرها أن ترميهم بهذه الأوصاف المشينة وغير الأخلاقية. وليست هذه السقطة الأولى لهذه الوزارة خلال الفترة السابقة، فقد خنعت وزارة الإعلام للتيار الديني بشكل مريب في أكثر من موقف، فقد أوقفت مذيعة بسبب مجاملتها لزميلها، ومن ثم أوقفت مذيعة أخرى لأن لباسها لم يرق لنواب الوصاية في مجلس الأمة، ولذلك تتالى الأسئلة للوزير الجبري... إلى متى هذا الخضوع للقوى الرجعية؟ لماذا تُضرب مطالبات الإصلاح الإعلامي بعرض الحائط لتنصاع الوزارة لكل الأوامر الرجعية؟... ما زلت أستغرب كيف للوزارة أن تنشر معلومات مغلوطة تاريخيًا دون التأكد عن مدى صحتها؟ وكيف لها أن تتمادى في الكذب بشكل بشع وغير مقبول؟ فهي لسان حال الدولة، ولا يجوز للدولة أن تكون شريكة في صنع الكذب. لا يكذب المرء إلا من مهانته،أو عادة السوء أو قلة الأدب.  بقلم: فهد بن ماهر