مجلس الأمة... واقع وطموح
«سوف يتم حل المجلس»...«هذا المجلس لن يكمل مدته»...«سيتم ابطال المجلس بسبب خطأ اجرائي»... «الانتخابات القادمة في الصيف المقبل»...«الانتخابات القادمة يناير 2018».هذه ليست أخباراً أو معلومات حقيقية، هي بكل بساطة أحاديث الدواوين في الأيام القليلة الماضية بعد ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية وقبل انعقاد اولى جلسات مجلس الأمة!لقد شهدت نتائج الانتخابات تغييراً كبيراً وصل الى نسبة 60 في المئة، كما شهدت وصول عدد لا بأس به من النواب الذين اعلنوا مواقفهم مسبقاً من نهج الحكومة، رافضين التعدي على المكتسبات الشعبية عبر وثيقة الاصلاح الاقتصادي التي حمّلت المواطن ما لا يحتمل، معلنين عن نيتهم تغيير النظام الانتخابي الحالي الذي جاءت به الحكومة لتضمن عدم تشكيل اغلبية برلمانية قد تزعجها في المستقبل.ورغم حالة التفاؤل التي يعيشها العديد من ابناء الشعب بسبب هذا التغيير، الا أن هناك حالة من التخوف بأن الحكومة لن تسمح باستمرار هذا المجلس حتى وان كانت نسبة المعارضين فيه لا تصل لأغلبية مؤثرة، فقد أثبتت السلطة في الفترة السابقة بأنها صاحبة النفس الأطول وصاحبة اليد الأعلى، وقد تجلى ذلك في «معركة الصوت الواحد» التي كسبتها الحكومة بجدارة بعد عودة العديد من رموز المعارضة ممن قاطعوا انتخابات الصوت الواحد للمشاركة رغم استمرار النظام الانتخابي ذاته.اليوم نحن أمام هذا الواقع، فكفة ميزان القوى تميل ناحية الحكومة، أما مجلس الأمة فمهما كانت تركيبته فإنه لا يملك تلك القوة التي تسمح له بتقديم الإصلاح المنشود، لذلك علينا في الفترة المقبلة أن نتعامل مع هذا الواقع وألا نعيش بالأوهام، فالسياسة هي فن الممكن، والسياسي الواعي هو من يستطيع أن يخرج بأقل الخسائر وأكثر المكاسب في أسوأ الظروف.لذلك علينا بدءاً أن نكون واقعيين في تفاؤلنا وأن تكون مطالبنا متناسبة مع قوتنا، فبالتأكيد إن الفترة المقبلة لن تشهد تحقيق التحول الديموقراطي الكامل والانتقال للنظام البرلماني مكتمل الاركان ولكن ربما من المعقول أن تكون مطالبنا تحقيق الانفراج السياسي المطلوب ليكون هناك توازن في ميزان القوى، فالمطالبة بقانون للعفو عن سجناء الرأي والملاحقين سياسياً، وعودة الجناسي لمن سحبت أو اسقطت عنهم بسبب آراء سياسية ووضع قوانين تحصن وتصون المواطنة، من شأنها ان تحقق هذه الحالة من الانفراج، وبالتأكيد فإن تغيير النظام الانتخابي الحالي لا يقل أهمية عن هذه المطالب.في الختام، بالرغم من أننا نتمنى أن يتصدى هذا المجلس للهجمة الشرسة على مستوى معيشة المواطنين وأن يوقف الهدر في موارد الدولة من دون أن يمس جيب المواطن البسيط، وبالرغم من أننا نتمنى أن نشاهد عجلة التنمية وهي تدور للمرة الأولى منذ ان توقفت قبل عقود من الزمن، وأن نرى الكويت في مصافي الدول المتقدمة دولة بنظام ديموقراطي حقيقي، إلا أن هذه الطموحات في مثل هذا التوقيت وهذه الأوضاع قد تؤدي بنا لليأس ما لم تتحقق، لذا علينا أن نكون واقعيين في طموحاتنا وآمالنا.
عضو التيار التقدمي الكويتي د.حمد اسماعيل الأنصاري
جريدة الراي