كلمة احتفالية الذكرى الخامسة لانطلاقة التيار التقدمي الكويتي
في مثل هذا اليوم السابع من فبراير في العام 2011، أي قبل خمس سنوات بالتحديد، جرى الإعلان عن انطلاقة تيارنا التقدمي الكويتي... ويحقّ لنا نحن اليساريين والتقدميين الكويتيين أن نحتفل بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا ، وأن نستذكر فيها مسيرتنا خلال الأعوام الماضية، وأن نجدد التزامنا بمنطلقاتنا وخطنا السياسي. إنّ تأسيس التيار التقدمي لم يكن نتيجة رغبة ذاتية لشخص، كما أن انطلاقته لم تأت من فراغ، وإنما كان تأسيس تيارنا التقدمي وانطلاقته يمثلان تلبية لحاجة موضوعية للطبقة العاملة وللفئات الشعبية متدنية الدخل من العمال وصغار الموظفين والمتقاعدين والكويتيين البدون والمهمشين لوجود تيار سياسي يدافع عن حقوقهم ويعبّر عن مصالحهم ويمثّل تطلعاتهم في العدالة الاجتماعية.وفي الوقت ذاته فقد جاءت انطلاقة التيار التقدمي الكويتي لتمثّل نقلة نوعية في تطور الحركة الوطنية والديمقراطية والعمل السياسي الشعبي، من حيث كونه إطاراً يضم في صفوفه العناصر الداعية إلى التقدم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. ومظلةً تعمل تحتها القوى التقدمية.ونحن في التيار التقدمي الكويتي نسعى لأن نكون تيار الإنسان الكويتي البسيط وليس تيار النخبة... وأن نكون التيار الذي يعبّر عن هموم الناس، خصوصاً المهمشين منهم، وأن نمثّل تطلعات الشباب الكويتي نحو غدٍ أفضل ومشاركة أكبر، وأن نكون التيار المعني بالدفاع عن حقوق المرأة، والتيار المنادي بالعدالة الاجتماعية وبالديمقراطية وبالدولة المدنية، وأن نكون بحق التيار العابر للطوائف والقبائل والمناطق.إنّ احتفالنا هذه السنة بالذكرى الخامسة لانطلاقة التيار التقدمي الكويتي يتم في وقت تواجه فيه بلادنا الكويت خطر استهدافها بموجة العنف والإرهاب والصراعات الطائفية المدمرة التي تجتاح المنطقة، إلى جانب ما تتعرض له الكويت من ضغوط خارجية ليست بالهينة، والأسوأ أنّ هذا يتم في الوقت الذي يتكرّس فيه نهج الإنفراد بالسلطة على نحو غير مسبوق، وتشتد معه الهجمة التي تستهدف التضييق على الحريات، وبالأساس منها حرية التعبير، فيما تترافق هذه الهجمة على الحريات مع هجمة أخرى تشنها السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي تستهدف تصفية المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية الشعبية وتمس مستوى المعيشة العام عبر تبني سياسات رأسمالية "نيوليبرالية" والاتجاه لاتخاذ قرارات منحازة طبقياً لمصلحة الأغنياء وموجهةً ضد مصلحة الجموع الشعبية الواسعة لتقليص بنود الإنفاق الاجتماعي وخفض الدعوم والتوجه نحو تصفية دور الدولة في الاقتصاد وخصخصة القطاع العام والقطاع التعاوني، بما في ذلك الإعلان عن استهداف خصخصة التعليم والصحة والإنتاج النفطي.ومن هنا فإننا عندما نحتفل بالذكرى الخامسة لانطلاقة تيارنا التقدمي الكويتي نجد أنّه من الضروري أن نجدد التزامنا الثابت بمبادئ التقدم والديمقراطية العدالة الاجتماعية، وأن نؤكد عزمنا على مواصلة دورنا في خدمة الشعب الكويتي والذود عن مصالحه؛ والدفاع عن سيادة الكويت واستقلالها الوطني وتجنيبها الوقوع في دوامة العنف والإرهاب أو الانجرار إلى وحل الصراعات الطائفية المحمومة التي تعصف بالمنطقة، مع التزامنا العمل كذلك على تعزيز مَنَعة الكويت في وجه الضغوط الخارجية التي تتعرض لها مع ما يقتضيه الحال من قيام جبهة داخلية متماسكة على أسس المشاركة الشعبية والمواطنة الدستورية المتساوية في إطار الدولة الوطنية الديمقراطية المدنية، ومواصلة تصدينا للهجمة على الحريات العامة والهجمة الطبقية الرأسمالية النيوليبرالية على المكتسبات الاجتماعية الشعبية... وفي هذا السياق فإننا نجدد دعوتنا إلى ضرورة الإسراع في تحقيق انفراج سياسي في البلاد عبر إطلاق الحريات العامة للشعب وإلغاء القوانين المقيدة لها؛ وإطلاق سراح المحكومين في قضايا الرأي والتجمعات؛ وفي مقدمتهم أمين عام حركة العمل الشعبي الأخ مسلم البراك وبقية الشباب المحكومين، وندعو إلى وقف الملاحقات السياسية تحت غطاء قانوني، وإلغاء القرارات الجائرة بإسقاط الجنسية الكويتية وسحبها وفَقْدها من عدد من المواطنين لأسباب سياسية.ومن جانب آخر فإننا في التيار التقدمي الكويتي ندرك جيداً ما تواجهه الحركة الشعبية من صعوبات وتحديات وما تعانيه من تشرذم وشلل وخلل، ولكننا ندرك في الوقت ذاته أنّ نهج السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي المسيطر يتناقض تماماً مع مصالح الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الكويتي، وأنّه لا مستقبل لمثل هذا النهج غير الديمقراطي والمعادي لمصالح الجماهير الشعبية، ولهذا فمن واجبنا الآن أكثر من أي وقت مضى أن نواصل عملنا المنظم المثابر وطويل النَفَس من أجل رفع مستوى الوعي السياسي للجماهير وتعبئتها وتنظيم صفوفها واستنهاض حركتها.وفي هذا المجال فإننا نرحب بالتطورات الإيجابية التي شهدتها الحركة النقابية العمالية، التي من شأنها تصحيح مسارها وتمكينها من القيام بدورها في الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية والتصدي للنهج الاقتصادي الاجتماعي المنحاز لمصالح كبار الرأسماليين.وختاماً، فنحن أيها الزملاء والزميلات سنحرص على أن نبقى معاً متماسكين يداً بيد ونحن نناضل من أجل دولة ديمقراطية مدنية يكون فيها الكويتيون جميعاً بغض النظر عن طوائفهم وقبائلهم ومناطقهم مواطنين أحراراً متساوين في ظل وطن كويتي حرّ تسوده العدالة الاجتماعية؛ وتتحقق فيه المساواة وتكافؤ الفرص؛ ويحكمه الدستور والقانون ولا تتحكم به مصالح القلّة... وهذا ما نجمله في شعارنا الأثير:وطنٌ كويتيٌ حر... وشعبٌ سعيد.7 فبراير 2016