بيان التيار التقدمي الكويتي بمناسبة الأول من مايو عيد العمال العالمي
تحتفل الطبقة العاملة اليوم في مختلف بلدان العالم بالأول من مايو عيد العمال العالمي، الذي أصبح يمثّل بحقّ مناسبة تضامنية أممية للتعبير عن وحدة الطبقة العاملة وكفاحها المشترك ضد الاستغلال الرأسمالي ومن أجل العدالة الاجتماعية.
ويحلّ عيد العمال العالمي هذه السنة فيما تتعمّق أكثر فأكثر الأزمة البنيوية للنظام الرأسمالي العالمي بوصفه نظاماً استغلالياً طبقياً ظالماً وآيلاً إلى زوال... وعلى المستوى العربي يأتي الأول من مايو بعد أن شهد العديد من بلدان المنطقة تغييرات هامة، تمثّلت أساساً في إزاحة رموز أنظمة الاستبداد والفساد في تونس ومصر وليبيا واليمن، فيما تواجه شعوب هذه البلدان الآن تحديات تتصل باستكمال التغيير الثوري؛ وبناء أنظمة ديمقراطية حقيقية؛ والتصدي لمؤامرات قوى الثورة المضادة وبقايا الطغم الحاكمة السابقة ومحاولات التدخل الخارجي في شؤونها، بينما تواصل بقية الشعوب العربية نضالها المشروع من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والتغيير الديمقراطي ضمن ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، أبرزها قمع السلطات وتعسفها ورفضها الاستجابة لمطالب الشعوب؛ وتداخل بعض الأجندات؛ واشتداد الانقسام الطائفي.
وفي الكويت، يحلّ عيد العمال العالمي هذا العام بعد أن خاضت الطبقة العاملة بقيادة حركتها النقابية خلال الفترة الممتدة بين الأول من مايو 2011 والأول من مايو هذا العام سلسلة واسعة من التحركات المطلبية والإضرابات العمالية دفاعاً عن حقوقها المشروعة ومن أجل تلبية مطالبها العادلة وإلزام الحكومة بتنفيذ تعهداتها السابقة، وقد واجهت الطبقة العاملة وحركتها النقابية خلال هذا الحراك المطلبي حملة عدائية طبقية شعواء استهدفت تشويه تحركها والحطّ من معنويات المضربين وتصوير لجوء العمال إلى الإضراب عن العمل على أنّه أمر مخالف للقانون وذلك بالتزامن مع إصدار فتاوى دينية تدعو إلى تحريم الإضرابات... كما يأتي الأول من مايو هذا العام فيما تشتد معاناة الفئات الشعبية ومحدودي الدخول من التضخم والارتفاع المطّرد للأسعار خصوصاً بعد الإعلان عن الزيادات الأخيرة على الرواتب في القطاع الحكومي، وتتزايد سنة بعد أخرى أعداد العاطلين عن العمل من الشباب الكويتي بحيث تجاوزت العشرين ألفاً وفقاً للبيانات الرسمية للعام 2011، وفيما تتواصل كذلك المعاناة الإنسانية للكويتيين البدون المحرومين من حقوق عديدة بينها الحقّ في العمل، هذا بالإضافة إلى ما نستشعره من مخاطر جراء تبني الحكومة التوصيات الصادرة قبل أشهر عن اللجنة الاستشارية الاقتصادية التي تدعو إلى تقليص بنود الانفاق الاجتماعي الضرورية؛ وإلغاء الدعم الحكومي عن السلع والخدمات الضرورية؛ وخصخصة قطاعات النفط والتعليم والصحة، فهذه التوصيات في حال إقرارها كسياسة حكومية تمثّل برنامجاً للهجوم الطبقي على الطبقة العاملة والفئات الشعبية ومحدودي الدخول لابد من التحذير منه والتصدي له.
ويأسف "التيار التقدمي الكويتي" أن يأتي احتفال الطبقة العاملة بالأول من مايو، الذي يفترض به أن يكون مناسبة للتضامن والوحدة بين العمال والفئات الشعبية، فيما يشهد المجتمع الكويتي حالة من التأجيج المتعمّد للنعرات الطائفية والفئوية والقبلية التي تحاول تمزيق النسيج الوطني الاجتماعي وتمويه الصراع الحقيقي في المجتمع، وهو الأمر الذي انعكس سلباً على الحركة النقابية العمالية ومؤسسات المجتمع المدني، وفي السياق ذاته يعبّر "التيار التقدمي الكويتي" عن قلقه إزاء نجاح قوى التزمت في إشغال المجتمع بصراعات جانبية تمّ الدفع بها إلى الصدارة بعد تقديم الاقتراح العابث لتنقيح المادة التاسعة والسبعين من الدستور والإعلان عن اقتراحات بقوانين من شأنها المساس بالحرية الشخصية والحياة الخاصة للأفراد وحرية الاعتقاد، وذلك على حساب ما كان متوافقاً عليه شعبيا من دعوات لتحقيق إصلاحات سياسية ديمقراطية.
وإزاء هذا كله، فإنّ "التيار التقدمي الكويتي" يدعو الطبقة العاملة وحركتها النقابية إلى التحلي باليقظة والوعي ونبذ النعرات الطائفية والفئوية والقبلية وعدم الإنجرار خلف مثيريها؛ والحرص على توحيد صفوف الطبقة العاملة والفئات الشعبية للدفاع عن حقوقها الاقتصادية الاجتماعية وعن مستوى المعيشة العام والمكتسبات الشعبية؛ وكذلك التحرك من أجل حلٍّ إنساني عادل ونهائي لقضية الكويتيين البدون وحلّ مشكلات البطالة والتضخم والسكن وفق مصالح الغالبية الساحقة من أبناء الشعب وليس وفق المصالح الطبقية الضيقة للمتنفذين وأصحاب رؤوس الأموال، مع التأكيد على مشاركة الطبقة العاملة والحركة النقابية العمالية في النضال الديمقراطي من أجل الإصلاح السياسي والتصدي لمحاولات العبث بالدستور والمساس بالدولة المدنية والحريات الشخصية.
عاش الأول من مايو عيداً للطبقة العاملة ويوماً للتضامن والوحدة… والتحية لعمال الكويت وعمال العالم أجمع ولسائر العاملين بأجر وشغيلة اليد والفكر وعموم الكادحين في يوم عيدهم المجيد.
1 مايو 2012