وليد الرجيب: الواجب الوطني.
يبدو أن مفهوم «الواجب الوطني» أو مصلحة الوطن، يختلف في معناه من شخص لآخر، ويعتمد ذلك على مصلحة الشخص ووعيه السياسي بل نواياه وغاياته في الدعوة لهذا الواجب، فهو لا يعني شيئاً واحداً أو اتجاهاً واحدا أو فعلا أو سلوكا واحدا لكل الأشخاص.هناك من ينظر للتظاهرات والتحركات الشعبية والاضراب عن العمل ومعارضة السياسات السلطوية على أنها ضد مصلحة الوطن، وهناك من يراها واجبا وطنيا، وهذا ينطبق على المشاركة أو المقاطعة للانتخابات، بل يصل الأمر عند السلطات المستبدة إلى تخوين من يطالب بحقه أو يعبر عن احتجاجه بطرق سلمية مشروعة.وأحياناً نندهش من عدم قدرة السلطات على الإبداع في وصف معارضيهم، فهم لدى جميع الأنظمة المستبدة «غوغائيون، قلة منحرفة، حفنة مشاغبة، مخربون، بلطجية، ينفذون أجندات خارجية... الخ» من المصطلحات المستنسخة، لا أحد في هذه السلطات أو الحكومات فكر واستخدم مصطلحات جديدة أكثر إبداعاً، من تونس لمصر لليمن لسورية لتركيا لدول الخليج.نعيش في الكويت أزمة سياسية عميقة منذ سنوات، والقراءة الأولية تقول ان هذه الأزمة ستستمر لسنوات، ودرب حلها طويل وشاق ويحتاج إلى وعي سياسي تفتقر له معظم الأطراف، وخاصة بعض أطراف المعارضة وقواها السياسية التي تركز على الجزئيات وتغفل عن الأساسي، وترى النتائج وتحتج عليها ولا ترى الأسباب.والوعي السياسي لا يولد مع الإنسان ولا يشبه الفطرة، ولكنه يحتاج إلى فهم واستيعاب وقدرة على التحليل يستقيها الإنسان من ثقافته ومنهجه الحياتي والفكري، وتحتاج إلى تنظيم سياسي يمتلك الرؤية السياسية والفكرية، وينطلق من برامج وأهداف واضحة، كما تحتاج إلى مران وممارسة وعقل جمعي وبلورة رأي موحد، ولا تحتاج إلى أفراد يملكون قدرات خارقة أو كاريزما، فمن يفكر ويعمل لوحده لا بد له من التوهان السياسي والقصور الفكري مهما بلغ من ثقافة وحنكة سياسيتين.نحن أمام استحقاقات انتخابية ضمن شروط وأطر وقوانين معينة، البعض يرى المشاركة فيها واجبا وطنيا وعملية انتشال للبلد من أزمته، بينما يرى الآخر أن المقاطعة واجب وطني فلا يمكنه الموافقة على خوض انتخابات بهذه الشروط والقوانين، وبرأينا هذا أمر يتعلق بوعي الإنسان ورؤيته لمصلحة الوطن.أنا شخصياً أرى أن من واجبي الوطني ألا أشارك في انتخابات تهين كرامتي ومواطنتي وحقي الذي كفله لي الدستور، فمثلي مثل كثير من المواطنين الذين امتلكوا في يوم من الأيام إرث ومكتسب الحرية والعزة والكرامة التي أعطاني إياها وطني قبل خمسين سنة ووعد بإعطائي المزيد، حسب مواد الدستور وما جاء فيه ووضحته مذكرته التفسيرية، فالحكم لي ولجميع أبناء شعبي وأنا وهم مصدر السلطات جميعاً، هذا ما رسمه لنا وأكده الدستور، فهل نتنازل طواعية عن هذا الحق الذي ناضل أجدادنا وآباؤنا من أجل تحقيقه؟ هل هذا هو التاريخ الذي نريد توريثه لأحفادنا؟أعلم علم اليقين أن الحل ليس غداً، ولن يأتيني على طبق من فضة، لكني لست أقل من أجدادي الذين صارعوا أهوال البحار، والذين بنوا السور بسواعدهم ودافعوا ببسالة عن وطنهم وأرضهم، فأنا من صلبهم وورثت العزة والكرامة منهم ولم أتعلمها في الكتب أو من الغرب، ولذا سأشارك بالانتخابات بشروطي وأحاور بشروطي وأعيش بشروطي فقط كمواطن كويتي.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 29\06\2013 العدد:12316