وليد الرجيب: النفق أكثر حُلكة.
يبدو أن البلاد قد دخلت حالة قصوى من الاحتقان السياسي المقلق لجميع أبناء الشعب الكويتي، وبدأ يحدث ما كنا نخشاه وحذرنا منه من أعمال عنف أو ردود انفعالية غير مسؤولة من الشباب التي تتحمل السلطة ونهجها المتعسف مسؤوليته الأولى.قلنا وكررنا ان العنف والتعسف الأمني لن يأتي إلا بعنف مضاد، بعدما أصبحت الملاحقة السياسية والحكم بسجن النشطاء وبعض أعضاء مجلس الأمة السابقين والمغردين مع انتهاكات صارخة لنصوص الدستور ومواد القانون سلوكا معتادا ومتكررا، تمارسه السلطة من خلال التعسف الأمني وإقحام القضاء بالصراع السياسي.إن اقتحام ديوان البراك ومنزل شقيقه بقوة مسلحة بالأسلحة الأوتوماتيكية سبقها إطلاق قنابل صوتية وغاز مسّيل للدموع داخل المنزل وتقييد شقيقه وضربه أمام عدد كبير من الشهود وتقييد أبناء شقيقه وحتى العامل في منزلهم، وترويع النساء والأطفال، كلها أمور بات يعرفها القاصي والداني حتى لدى الأوساط الدولية لأنها موثقة بعدد كبير من الصور.وهو مايعد مخالفة للبند (3) من إجراءات تنفيذ الأحكام الجزائية، ومخالفة صريحة لما نصت عليه المادة 38 من الدستور بشأن حرمة المنازل، وهو سابقة خطيرة قد تتحول إلى قانون غير مكتوب أو عرف من أعراف الأمر الواقع.وقد حذرنا مراراً وتكراراً من عواقب الإجراءات التعسفية التي لا يمكن التنبؤ بنتائجها، كما حذرنا الشباب المحتج من الانسياق للدعوات الاستفزازية لارتكاب ما لا تحمد عقباه لإفقاد الحراك شرعيته وسلميته، والتي قد تخطط لها وتمارسها عناصر مندسة ومشبوهة لإثبات أن الحراك من أجل المطالبة بالاصلاح السياسي والتطور الديموقراطي، ما هو إلا عمليات تخريب متعمدة لتقويض الأمن والاستقرار في البلاد ومن ثم الانقلاب على النظام.وبالطبع في لحظات التاريخ الحاسمة، يعمل التاريخ كـ«منخل» يغربل المواقف ويفضح التهافت، ويبرز نزعات العصبية بأنواعها وهو ما يسمى بالفرز التاريخي، حيث يبرّئ عدد من الأشخاص والقوى السياسية السلطة ويصبون جام غضبهم على فئة من فئات المجتمع، أو يصورون أن الاحتجاجات الواسعة سببها فرد أو مؤامرة من الخارج لقلب نظام الحكم، وينسون المطالب الوطنية بالاصلاح السياسي والتطور الديموقراطي الطبيعي، ويؤيدون بذلك انتهاك الدستور وقوانين البلاد والانفراد بالقرار من أجل القضاء على الشغب وتخريب المنشآت العامة.والأمر الأكثر غرابة هو موقف أعضاء مجلس الأمة الذين يجب أن يمثلوا الشعب بجميع شرائحه وفئاته لا شريحة أو فئة أو مكون اجتماعي واحد، فهناك من طالب بسحب جنسية من يشارك بالحركة الاحتجاجية، والبعض هدد «بقبرهم في مكانهم»، ليصبح مجلس «الصوت الواحد» شريكاً ومحرّضاً للسلطة التنفيذية في قمع الحراك الشعبي واستخدام التعسف الأمني معهم.وإذ نحمل السلطة المسؤولية الأولى من خلال التعامل الأمني العنيف مع الحراك الشعبي، فإننا نحذر الشباب من الانجرار والانسياق وراء دعوات العنف المضاد التي قد تبادر العناصر المشبوهة به، فالأزمة السياسية تحل بالطرق السياسية في إطار الدستور والقانون، وبالعمل الجماهيري السلمي وبنزع الفتيل الذي أشعلها.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 20/04/2013 العدد:12346