ثوّار المزارع!
بقلم: عبدالهادي الجميل*
ارتقى "ميجور" العجوز أعلى مكان في الحظيرة ثم هتف بسكّان المزرعة مُحرّضا ضد "المستر جونز" مالك المزرعة:
أيها الرفاق.. فلنواجه الحقيقة: حياتنا تعيسة هنا، نكد ونكدح ولا نحصل سوى على ما يبقينا أحياء كي نواصل العمل المضني.
لا أحد حر منّا، لسنا أحرارا، نحن نعيش حياة بائسة!
هل أرضنا فقيرة إلى هذا الحد؟!
كلا أيها الرفاق وألف كلا، إن مزرعتنا غنية وبها ثروات هائلة، وبمقدورها أن توفّر لنا العيش الكريم، فلماذا أصبحنا كالشحّاذين عند باب قصر "المستر جونز"؟! ولماذا أصبحنا رهائن لدى البنوك المملوكة لأصدقاء وأقرباء "المستر جونز"؟!
لماذا نسمح له باختلاس ثروات المزرعة؟!
تعلمون جيدا أن "المستر جونز" لا يصنع ولا يزرع ولا يفعل شيئا نافعا، نحن نقوم بكل ذلك، وفي النهاية يأخذ كل شيء لنفسه!
إنّه سبب الشرور والمآسي التي نعيشها، فلنتخلّص منه كي نصبح أحرارا وأثرياء.
ثوروا عليه دفاعا عن أنفسكم وعائلاتكم.
اندلعت الثورة، ونجح الثوّار في إسقاط "المستر جونز" ونفيه إلى الخارج.
ولأول مرة أدار السكّان شؤون مزرعتهم بأنفسهم، وتولّى السلطة مجموعة من الثوّار بقيادة "سنوبول"، فوضعوا أسس العدالة والمساواة، وصنعوا نشيدا ثوريا يتم ترديده كل صباح لبث الحماس في نفوس السكّان.
انتشرت أخبار الثورة الناجحة في كل الأنحاء حتى أصبحت مثالا جميلا للتحرّر، وأصبح نشيد الثورة يتردّد على شفاه سكّان المزارع المجاورة.
شكا "المستر جونز" المعزول حاله لملّاك المزارع الأخرى، فتعاطفوا معه، خوفا من انتقال الثورة الى مزارعهم، فقرروا العمل الفوري على منع وصول أخبار الثورة الناجحة إلى مزارعهم. وعندما فشلوا في ذلك، أصدروا قرار حازما يقضي بمعاقبة أي فرد يُضبط متلبّسا بترديد نشيد الثورة. ثم قاموا بحملة ظالمة لتشويه صورة الثورة لدى سكّان مزارعهم من أجل تخويفهم منها، فروّجوا أن مزرعة الثوّار أصبحت تعاني من المجاعة الشديدة حتى أكل الثوار بعضهم بعضا، وأشاعوا، بخبث، أن هناك قتالا دمويا شرسا يدور داخل المزرعة التي كانت آمنة وغنية عندما كانت تحت إدارة "المستر جونز". ثم فرضوا حصارا اقتصاديا وسياسيا شاملا وصارما لخنق المزرعة وزعزعة أمنها واستقرارها، تمهيدا لأي تحرّك انقلابي يجهض الثورة الفتيّة.
فشلت كل تلك المحاولات الخارجية في تحقيق أهدافها، بفضل يقظة وحذر "سنوبول". وبعد مضي فترة من الزمن، قاد "نابليون" إنقلابا مضادا، أطاح بـ"سنوبول" الذي فرّ من المزرعة خوفا على حياته.
وما ان تولّى " نابليون" السلطة، حتى تلقّى الدعم والتأييد من ملّاك المزارع الأخرى!
سقطت الثورة عندما أخذ "نابليون" يميل تدريجيا نحو الحكم الديكتاتوري، فأجاع السكّان وأرهبهم، وأوقف العمل بالقوانين الثورية وأحيا جميع القوانين الجائرة التي كانت قائمة خلال حكم "المستر جونز" والتي ثار ضدّها سكّان المزرعة وضحّوا بأرواحهم ودمائهم من أجل التخلّص منها!
- · من رواية" مزرعة الحيوانات"، بتصرّف.
_________________________*عضو في التيار التقدمي الكويتي