الحديث حول الفوارق الطبقية لم يأتِ من فراغ.
بقلم: محمد نهار الظفيري*
أحياناً البعض يعتقد بأن الحديث حول الفوارق الطبقية وإنعدام تكافؤ الفرص وغياب العدالة الإجتماعية وسوء توزيع الثروة، أمر مبالغ به معتبرين أن من يتحدث هكذا هو شخص "فاضي" بالأساس كوننا أوفر حظّاً من غيرنا كثيراً وننعم بالوفرة المالية وبأن الشعب يجد ما "يحلّي" فمه به .
لو وقفنا قليلاً ونظرنا من حولنا بشكل واقعي سنجد بأن الكويت دولة غنية جداً ، بالمقابل ماذا يجني المواطن من هذا الثراء "مرتب محترم" ؟ أعتقد بأننا تخطينا فكرة النوم بعد عشاء دسم ، هناك دول أقل ثراء مِنّا تؤمّن لشعبها حياة كريمة أكثر مما نجنيه من سلطتنا ، فدولة تقدر عوائدها بمئات المليارات من الدولارات كارثة إن لم تستطع أن تؤمن لمواطنيها "أبسط" حقوقهم كالمسكن، التعليم، التطبيب، بنية تحتية "متينة"، رياضة، تخطيط متكامل للسنوات القادمة، على النقيض هناك أفراد يتم التسهيل لهم مشاريعهم لزيادة أرصدتهم دون تقديم أي شيء يُذكر للوطن من ضرائب أو توظيف عمالة محلية "تكويت" ، ناهيكم عن الهبات من الإيداعات والمزارع والمساكن والشاليهات والترضيات فقط لأنه محبب لديهم، فتخيلوا معي مواطن مدخوله الشهري الف دينار يقوم بواجباته تجاه البلد من دفع رسوم الكهرباء والماء وإستقطاب العمالة متساوياً مع من يملك مجمعاً تجارياً يدر عليه ٤ ملايين دينار شهرياً ؟!، او انتظار أحدهم لمنزل يأويه لعقدين وهو ينظر لأراضي تُعطى مقابل سعر رمزي او شاليه مقابل "رفعة يد" او رنج مقابل "مقالة" ؟!
أيضاً لا ننسى غياب الرقابة عن ارتفاع الأسعار على كل السلع مع كل "تلويح" او إشاعة بزيادة الرواتب !، نعم نحن لسنا جياع ولكن المنطق يرسم لنا الجوع قادم خلال السنوات القادمة إذا إستمر الحال كما هو عليه، أيضاً غياب دور الإعلام الحقيقي وتفشّي الفساد بكل أشكاله وفقدان الناس الثقة بالجهة القضائية إسوةً بالسلطة التنفيذية والتشريعية، هنا كان الشعب اكثر عدلاً في توزيع مشاعره تجاه مؤسسات الدولة، العدل التي تفتقده السلطة التي تخوّن أفراد شعبها وتصنفهم على حسب الولائات لا للوطن بل للأفراد, فأصبح المواطن الصالح من لا يعارض الشيوخ وحكومتنا الرشيدة، متجاهلين بأن المواطنة وتكريس حب الوطن يأتي بأعطاء الناس حقوقهم و"إرغامهم" على تحمل تقديم واجباتهم بشكل عادل دون أي تمييز، فهل لازال الحديث عن الفوارق الطبقية وإنعدام العدالة الإجتماعية حديث فارغ ؟! .
أخيراً بعد كل هذا السلب لأبسط الحقوق المستحقة للأفراد لم يكتفوا بذلك، بل استحرموا علينا حرية الكلمة والتعبير الذي هو الملاذ الأخير للشعوب، فتم ملاحقة كل صاحب رأي مخالف وإرسال أقذر مجنديهم لشتم الناس وقذفهم والمساس بأعراضهم وتلفيق التهم وزجهّم في السجون جاعلين من رجال الأمن شهّاد زور تتضارب أقوالهم امام النيابة ترضيةً لقياداتهم الشامخة . على الهامش : البوعزيزي لم يحرق نفسك لأنه لم يجد ما يأكله بل حرق نفسه عندما تم حجب صوته ومنعه من قول كلمة "لا" .
__________________________________________
*عضو التيار التقدمي الكويتي