الدعاية ليست حلاً
رغم «البروبغاندا» الحكومية في إقامة مؤتمر الكويت للإسكان وكأنه الحل لمشكلات أكثر من 110 آلاف أسرة تنتظر دورها للحصول على حقها السكني، إلا أن هذه الدعاية والبهرجة لم تقنع الشعب بخطبها الرنانة ووعودها بوجود حل قريب لمشكلة الإسكان.فلم تعد الوعود كافية لتحقيق أبسط متطلبات بناء الدولة الحديثة، أو إعادة بناء بنيتها التحتية المهترئة، ولا لتطوير الخدمات التعليمية والصحية وغيرها، بل إن وعود التنمية وتخصيص أكثر من 30 ملياراً لها هي مثال واضح أمام أبناء الشعب الكويتي على عدم جدية الإدارة السياسية، فقد انتهت أو قاربت السنوات التي حددت لخطة التنمية التي تنتهي في العام الحالي، ولم نر مثالاً ملموساً لهذه الوعود، مثل بناء المستشفيات والجامعات وتطوير أداء الإدارات الحكومية وتحسين الخدمات، وتحويل الكويت لمركز مالي وتجاري، كلها ذهبت أدراج الرياح مع المليارات التي خصصت للخطط التنموية، ولا أحد منا يعلم كيف تم التصرف بهذه المليارات.
لقد فقدت السلطة شعبيتها جراء الوعود المتكررة وتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وازداد الاستياء الشعبي من عدم إيجاد حلول لمشكلات المرور والإسكان ونقص الأسرة في المستشفيات الحكومية والبطالة وأزمة نقص المقاعد الدراسية في الجامعة الحكومية الوحيدة وتردي الخدمات الصحية والتعليمية وغلاء الأسعار وتدني مستويات معيشة المواطن واستشراء الفساد في الدوائر الحكومية، حتى أصبح البلد في أزمة عامة رغم الفوائض المليارية من عوائد النفط.ألا يعكس ذلك فشل السلطتين التنفيذية والتشريعية في إدارة الدولة؟ وألا يعكس ذلك نفاد مبرراتهما لعدم العمل بجدية لإيجاد حلول لتلك المشكلات التي تتفاقم بسرعة مع مرور السنوات؟ وعدم الجدية في التعامل مع حاجات الناس المعيشية؟ حتى بات مستقبل البلد وأجيالنا القادمة على كف عفريت.وفي المقابل يستحوذ المتنفذون الفاسدون على المال العام بطرق شتى مع انحياز تام لهم من جانب الحكومة على حساب الحياة المعيشية للمواطن وبالأخص محدودو الدخل والفئات الشعبية المهمشة.فإن كان المقصود بهذا العجز والإهمال هو إقناع الناس بأن الحل بالخصخصة وبالاعتماد على القطاع الخاص، فقد أثبتت التجارب في الكويت وفي البلدان التي طبقت بها سياسة الخصخصة، أن ذلك لا يؤدي إلا إلى تحميل الناس عبء هذه الأزمات والسياسات التي أفقرت شعوباً كثيرة، فخرجت باحتجاجات شعبية واسعة شملت أوروبا والولايات المتحدة والدول العربية جراء الإفقار والبطالة واتساع الهوة الطبقية في هذه المجتمعات، ناهيك عن طفيلية وضعف القطاع الخاص لدينا.أما سياسة مكافحة الفساد المزعومة فلم يتأت عنها مثال واحد عن محاسبة الفاسدين والمفسدين وسرّاق المال العام، بل تمت مكافأتهم بعدم استعادة المال المسروق وبمزيد من المناقصات التي تصب في جيوبهم، ولكل ذلك انعكاساته السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي لن يدفع فاتورتها سوى الوطن وأبنائه.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_______________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 21/03/2014 العدد:12683