بيان التيار التقدمي الكويتي حول استحقاقات المرحلة المقبلة
بعيداً عن الخوض في تفاصيل الأحكام الأخيرة التي أصدرتها المحكمة الدستورية، مع احترامنا لها، وما سيترتب عليها من إجراءات وخطوات تنفيذية لسنا معنيين فيها، فإنّ الأهم هو التأكيد على أنّ الأزمة السياسية المحتدمة في البلاد لم تنته ولم تُعالج أو تُحلّ، وأنّ أسبابها العميقة ما تزال قائمة، وهي أسباب أبعد من أن تنحصر في نطاق مرسوم قانون الصوت الواحد وحده، ذلك أنّها تعود بالأساس إلى تكريس نهج الانفراد بالسلطة والقرار، وترجع إلى تقليص حقوق الأمة والتضييق على الحريات العامة للمواطنين، كما تكمن أسباب هذه الأزمة في قصور دستور الحدّ الأدنى من حيث غياب أهم الضمانات الديمقراطية فيه المتمثّلة في وجود أحزاب سياسية ونظام انتخابي عادل يقوم على التمثيل النسبي وآلية التداول الديمقراطي للسلطة التنفيذية، هذا ناهيك عن سطوة قوى الفساد وأصحاب المصالح والنفوذ، واختلال موازين القوى لغير صالح القوى المطالبة بالإصلاح الديمقراطي.
وهذا ما أدى على مرّ السنوات وعبر مختلف التجارب والأحداث خلال السنوات الخمسين الأخيرة إلى تراجع إمكانية تحقيق الإصلاح الديمقراطي عبر العملية الانتخابية المعبوث فيها وبالاعتماد على الآلية النيابية القائمة، إن لم نقل أنّ أفقهما بات مسدوداً.
وبالتالي فإنّ المطلوب من القوى الحيّة في المجتمع الكويتي إعادة النظر في أساليب العمل السياسي المتبعة لإحداث الإصلاح المأمول، بحيث لا تنحصر هذه الأساليب، مثلما كانت ولا تزال، في نطاق النظام الانتخابي المشوّه والآلية النيابية القاصرة، إذ حان الوقت للاتفاق على أجندة سياسية للإصلاح الديمقراطي تهدف بالأساس إلى إطلاق الحريات الديمقراطية، ورفض الانفراد بالسلطة، وقيام حياة حزبية سليمة على أسس ديمقراطية، ووجود نظام انتخابي عادل وديمقراطي قائم على التمثيل النسبي، وصولاً إلى الانتقال نحو النظام البرلماني الكامل، وذلك كله بالاستناد إلى عمل سياسي وشعبي دءوب وطويل النَفَس يعمل على رفع مستوى الوعي السياسي للجماهير وتعبئتها وتنظيم حركتها والاعتماد عليها في تغيير موازين القوى لتحقيق الإصلاح الديمقراطي المنشود والتغيير المأمول.
وغير ذلك سيكون مجرد عبث؛ وإضاعة وقت؛ وتضييع جهد؛ وخداع للنفس، وتضليل للشعب.
الكويت في 16 يونيو 2013