وليد الرجيب: الخصخصة تربة خصبة للفساد.
تنشر وسائل الاعلام العالمية وبشكل مستمر مصائب سياسة الخصخصة على الشعوب وبالأخص تلك الشعوب الفقيرة التي ترزح تحت عبء الديون والتي تسدد الطبقة العاملة والفئات المهمشة من الشعب فاتورتها، فخلال العام الماضي على سبيل المثال قامت بعض الحكومات في دول أميركا اللاتينية بتأميم القطاعات التي تم بيعها للشركات بعدما عانت شعوبها من شظف العيش نتيجة لرفع أسعار السلع والخدمات المخصخصة التي استخدمت عمالة رخيصة، اضافة الى عدم كفاءة القطاع الخاص في ادارة قطاعات ضخمة وحيوية مثل البترول والكهرباء والصحة وغيرها، بل طال هذا الغضب الشعبي دول أوروبا الشرقية التي كانت اشتراكية في يوم من الأيام ثم نكصت عن توجهها، ففي بلغاريا مثلاً خرجت مسيرات ضخمة تطالب بتأميم شركات الكهرباء التي امتصت عرق وجيوب البسطاء من السكان، في اشارة الى الحنين للنظام الاشتراكي السابق الذي وفر كل الخدمات مجاناً، وانتهج نهجاً منحازاً الى شعوبه وحقق باجراءاته الاجتماعية قضاء تاماً على الجهل والأمية وطور التعليم ووسائل البحث العلمي ووفر السكن لكل أسرة وقضى على البطالة.وتأتي معاناة الشعب اليوناني نموذجاً للاجراءات الحكومية في التقشف وخصخصة مشاريع القطاع العام ورفع الدعم الاجتماعي وخفض الضمان الاجتماعي وتسريح العمالة التي طالت بشكل كبير دول جنوب أوروبا، وقد فاقمت الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية من معاناة اليونان وتدهور اقتصادها وخاصة بعد اندماجها في الاتحاد الأوروبي، حيث تعتبر الحلقة الأضعف في منطقة اليورو عبر استمرار أزمتها العميقة وتراجع انتاجها الصناعي وارتفاع دينها العام.ورضخت الأحزاب «الاشتراكية الديموقراطية» الحاكمة في اليونان لأوامر صندوق النقد الدولي، وهي أحزاب برجوازية لا تؤمن بالعدالة الاجتماعية ولا تطبقها الا على الورق ومن خلال تصريحاتها المثالية الطنانة، بينما في واقع الأمر لا يوجد شيء اسمه «الرأسمالية أو الليبرالية العادلة» كما تروج لها هذه الأحزاب التي غرقت بالفساد والتبعية للامبريالية المعولمة، اذ لم تسلم من الفساد مشروعات الخصخصة التي تدعي أهميتها في تحسين المستوى المعيشي للمواطن اليوناني، ورفع المستوى الاقتصادي للبلاد.وقد نشرت «البي بي سي» العربية على موقعها الالكتروني يوم السبت 9 مارس الجاري أن رئيس برنامج الخصخصة في اليونان «تاكيس اثاناسوبوس» وآخرين في وزارة المالية قدموا استقالتهم، ما اعتبرته الحكومة اليونانية انتكاسة لجهود اليونان لاجراء اصلاحات وبرامج للخصخصة، واتهم اثاناسوبوس بمنح تعاقدات لشركة خاصة تعمل في مجال الطاقة عام 2007م، ووجهت له اتهامات باختلاس أموال عامة، حيث تبلغ قيمة العقد 250 مليون يورو بينما جلب ذلك خسائر بلغت 100 مليون يورو بسبب التعاقد مع شركة الطاقة.وبينما تهب رياح الصحوة على شعوب العالم من خطر وكارثية اجراءات الخصخصة، تواصل حكومة الكويت مساعيها لبيع القطاع العام لقطاع خاص ضعيف وطفيلي بزعم تطوير الخدمات والقضاء على البيروقراطية، بينما لا يوجد للخصخصة الا هدفان هما تنفيع الشركات الخاصة والمتنفذين المحليين على حساب افقار بقية الشعب وخاصة أصحاب الدخل المحدود منه، والهدف الثاني هو المحاولة اليائسة لانقاذ النظام الرأسمالي العالمي الذي يتجه الى الهاوية يوماً بعد يوم.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 133\2013 العدد:12308