وليد الرجيب:الادعاءات يكذبها التاريخ (3 من 3)
أوردنا أدلة تاريخية في الجزءين الأول والثاني من هذا المقال رداً على ما قاله طارق عزيز وزير خارجية العراق ابان حكم الطاغية صدام حسين، تثبت بأن الكويت لم تكن في يوم من الأيام جزءا من العراق أثناء الحكم العثماني لها، ولا تتبع أي ولاية عثمانية أخرى.بل ان العراق لم يحكم من شخص عراقي إلا بعد ثورة 14 تموز / يوليو 1958م التي ثار الشعب العراقي خلالها على الحكم الملكي والاقطاع المدعومين من الاستعمار الانكليزي والأميركي، عندها أصبح عبدالكريم قاسم رئيساً للجمهورية العراقية وهو من أهالي منطقة الفضل ببغداد.ولكن العراق ظل تحت الحكم العثماني مئات السنين، وبعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، واثر تداعيات الثورة العربية الكبرى حيث كان للشريف حسين بن علي طموح لتولي زعامة دولة العرب ونقل نظام الخلافة الذي انهار في اسطنبول الى احدى العائلات العربية المتنافسة، وقع الاختيار على العائلة الهاشمية الحجازية الأصل فعُين فيصل بن الحسين ملكاً على العراق عام 1921م بعد ثورة العشرين، الاّ أن البلاد لم تنل الاستقلال الا بعد عام 1932م لتكون من أوائل الدول العربية التي استقلت عن الوصاية الأوروبية أو الانتداب البريطاني.وفي عام 1913م رسمت بريطانيا الحدود بين الكويت والدولة العثمانية في المعاهدة الأنكلو-عثمانية، وقد نصت المادة (7) من المعاهدة على أن يبدأ خط اشارات الحدود من مدخل خور الزبير في الشمال ويمر مباشرة الى جنوب أم قصر وصفوان وجبل سنام حتى وادي الباطن وتبعية جزر بوبيان ووربة وفيلكا ومسكان للكويت، وتبعية القبائل الداخلة ضمن هذه الحدود للكويت، ولم تشر الاتفاقية الى تبعية الكويت لولاية البصرة.وأكد رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري السعيد الحدود القائمة كما جاءت في اتفاقية 1913م، وأرسل خطاباً الى الأمين العام لعصبة الأمم يؤكد فيه حدود العراق مع جيرانه وخاصة الكويت التي حرص العراق على تثبيتها، بل طالب نوري السعيد الكويت أن توافق على هذه الحدود كي يستوفي شروط قبول العراق عضواً في عصبة الأمم، حيث يجب أن تكون الدول ذات حدود واضحة مع جيرانه، وبالفعل انضم العراق عام 1932م الى عصبة الأمم.عندما توفي الملك فيصل الأول أصبح ابنه غازي الأول ملكاً على العراق 1933م وقد كان غراً صغير السن وطائشاً، وكان حاقداً على الانكليز لأنهم لم ينفذوا وعدهم لجده الشريف حسين بالمملكة العربية الكبرى، وكذلك حرّضه بعض رجالات العراق للمطالبة بضم الكويت للعراق، لأسباب عدة منها الرغبة بالاستحواذ على ممتلكات حاكم الكويت وبعض العائلات الكويتية في البصرة والفاو، وكذلك اكتشاف النفط بكميات هائلة في حقل برقان الكويتي في ثلاثينات القرن الماضي، وكذلك لايجاد منفذ بحري للعراق عن طريق الاستيلاء أو تأجير جزيرتي وربة وبوبيان.واستمرت المطالبة بضم الكويت للعراق بعدما جاء عبدالكريم قاسم 1958م، وهو ما دعا الرئيس جمال عبد الناصر الى حشد جيوش عربية للدفاع عن الكويت، ثم جاءت مطالبة صدام حسين بضم الكويت للعراق للأطماع نفسها.وهكذا يفضح التاريخ زيف الادعاءات بتبعية الكويت للعراق، بل ان مساحة الكويت تقلّصت كثيراً من 50 ألف كم حتى وصلت الى 17 ألف كم مربع فقط، وعمل الانكليز على ظلم الكويت باقتطاع أجزاء من أراضيها خاصة الشمالية وضمها للعراق تحقيقاً لمصالحهم في المنطقة، وما زالت المطالبة الكويتية بأملاك الكويتيين في البصرة والفاو لدى الحكومة العراقية الحالية تحت نظر الأمم المتحدة.أختم هذه السلسلة بالقول ان الشعب العراقي شعب شقيق، تربطنا معه أواصر الجيرة والأخوّة والنسب، وهو لا يتحمل ذنب حكامه الطامعين والمغامرين الذين سببوا الشقاء والقتل والدمار لأبنائه.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 29/04/2013 العدد:12355