وليد الرجيب: هناك شيء ما يحدث في العالم.
الشعوب لا يجب أن تخاف من حكوماتها، بل الحكومات يجب أن تخاف من شعوبها»، بهاتين الجملتين يبدأ فيلم «في فور فانديتا» أو V for vendetta الذي عرض للمرة الأولى عام 2006، ويمكن ترجمة اسم الفيلم إلى «ثاء نسبة إلى الثأر»، والفيلم معروف جيداً في أوساط الشباب وخاصة القناع المميز للبطل الذي منع في بعض الدول مثلما منع الفيلم نفسه في هذه الدول.
ويعتبر الفيلم من أفلام الخيال العلمي وتدور أحداثه في بريطانيا في الثمانينات، والقصة المصورة التي تحولت إلى رواية ثم إلى فيلم تستند إلى قصة تاريخية حدثت في بريطانيا عام 1605م أثناء الصراع بين الطائفتين الكاثوليكية والبروتستانتية في أوروبا، عندما حاول رجل بريطاني اسمه «غاي فوكس» تفجير مجلس اللوردات في قصر وست منستر خلال جلسة الافتتاح في 5 نوفمبر، بوضع 36 برميلاً من البارود في مخزن تحت البرلمان، ولكن أمره انكشف وتعرض إلى تعذيب وحشي ثم شنق.
وبطل الفيلم V يظهر طوال الفيلم مرتدياً قناعاً بابتسامة ساخرة، يستلهم قصة غاي فوكس ويعيد انتاج مشروعه في تفجير البرلمان وينجح في النهاية ويموت في نفس التفجير، والفيلم يعبر عن حركة احتجاجية ضد الأنظمة وبالأخص الرأسمالية التي تعمل تجارب مختبرية مميتة لشعوبها، وتفتقد إلى العدالة الاجتماعية وتمارس القمع ضد شعوبها وتحرم عليها المسيرات والمظاهرات والاحتجاجات السلمية، وتستغل الدين لإخضاع شعوبها، هذا ما تعكسه أحداث الفيلم.
لكن الفيلم يعكس وجهة نظر الفوضويين الذين لا يؤمنون أصلاً بالدولة فشعار البطل هو حرف v داخل دائرة بينما شعار الفوضويين هو حرف A داخل دائرة تعبيراً عن Anarchists أو الفوضويين، الذين يعولون على التخريب من أجل التغيير ولا ينتهجون أيديولوجية أو فكراً أو نظرية، هم فقط ثوريون غاضبون.
لكن بعد هذا الفيلم ظهرت أفلام بفكرة سياسية أنضج مثل فيلم «أفاتار» الذي يصور احتلال أميركا الرأسمالية للكواكب الأخرى بعدما احتلت العالم بأجمعه ومقاومة شعوب الكواكب لها، وكذلك فيلم «باتل أوف سياتل» أو معركة سياتل التي تعكس حركة احتجاجية ضد الرأسمالية وتوجهاتها ضد شعوب العالم، وغيرها من الافلام التي تعبر عن رفض الشعوب لإجراءات الخصخصة والتقشف التي يفرضهما صندوق النقد والبنك الدوليان.
وهذا يجعلنا نتذكر فيلما شبه صامت للعبقري شارلي شابلن في القرن الماضي وهو فيلم «الأوقات الحديثة» الذي يصور جشع البرجوازية واضهاد الطبقة العاملة، هذا الفيلم الذي انتجه شابلن في بداية ثلاثينات القرن الماضي أي بعد الأزمة الاقتصادية الرأسمالية الكبرى التي سميت بـ «الكساد الكبير» عام 1929م، هذا الفيلم الذي عرضه في الفترة المكارثية إلى الملاحقة بتهمة الشيوعية فاضطر إلى الهجرة إلى بريطانيا.
والسؤال الآن بعد الأزمة الرأسمالية العالمية التي بدأت 2008م والتي أثارت نتائجها غضب شعوب العالم، هل هناك شيء ما نوعي سيحدث في أجواء العالم؟
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ24/11/2012 العدد:12199.