وليد الرجيب:21 مارس.
مارس يوم مميّزٌ عند كثير من شعوب العالم، حيث تحتفل فيه منذ ما قبل ميلاد السيد المسيح حضارات عدة، فمثلاً هو عيد «النوروز» لدى شعوب كثيرة تعتبره أول أيام السنة، مثل الإيرانيين والأتراك والهنود والأرمن والأكراد والتاجيك وغيرهم، وهو طقس يقال انه قبل الديانة المجوسية، والبعض يربطه بالمجوسية، وما زالت هذه الشعوب وغيرها تحتفل بعيد النوروز حتى الآن.
كذلك يحتفل المصريون القدماء بهذا اليوم الذي كان اسمه الفرعوني «شمو» ثم تحول مع الزمن إلى «شم النسيم» لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو وطيب النسيم، وكان قدماء المصريين يحتفلون بهذا اليوم في احتفال رسمي كبير فيما يعرف بالانقلاب الربيعي وهو يوم تساوي الليل والنهار، تصاحبه ظاهرة عجيبة حيث تخترق أشعة الشمس قمة الهرم، فتبدو واجهة الهرم وكأنها انشطرت إلى قسمين، وكذلك تحتفل اليونسكو باليوم العالمي للشعر في تاريخ 21 مارس من كل عام.
ويحتفل كثير من الدول العربية في هذا اليوم بـ «عيد الأم»، وتعود الفكرة إلى ثلاثينات القرن الماضي عندما اقترح الصحافي المصري الراحل مصطفى أمين تخصيص يوم للأم، ولكن الفكرة أثارت جدلاً وهجوماً، بيد أن الأخوين علي ومصطفى أمين جاهدا من أجل تحقيق فكرتهما، رغم محاولات الرئيس جمال عبد الناصر لتحويل اسمه إلى «يوم الأسرة»، إلا أن يوم 21 مارس 1956م أصبح عيداً للأم وانتشر بعدها في كل البلدان العربية، رغم أن كثيراً من الدول في العالم لا تحتفل به.
وكان بعض العرب المعترضين ولايزالون على الاحتفال بعيد الأم، يرون أن سبب إصرار الأخوين أمين على الاحتفال بهذا اليوم، مدفوع من قبل الولايات المتحدة لصرف الأنظار عن الاحتفال بالثامن من مارس اليوم العالمي للمرأة، الذي له دلالات نضالية للمرأة ضد المصانع الأميركية وخاصة مصانع النسيج، عندما خرجت آلاف النساء العاملات في مسيرة ضخمة عام 1857م ثم في عام 1908م للمطالبة بظروف أفضل للعمل، فقوبلت بقمع شديد من رجال الشرطة، ولكن الأمم المتحدة وافقت عام 1977م وأصدرت قراراً يدعو العالم لاختيار يوم للاحتفال بالمرأة فاختارت معظم الدول يوم 8 مارس، ويدعم المعترضون موقفهم بأن للأخوين أمين علاقة وطيدة بالأمريكان والسفارة الأميركية في مصر.
وعلى كل حال تكرر ذلك في الاحتفال بالأول من مايو كعيد عالمي للعمال إحياء لذكرى إضراب «هايماركت» عام 1886م الذي راح ضحيته عدد من العمال بسبب إطلاق النار عليهم من قبل رجال الشرطة وإعدام سبعة منهم، لكن حتى الآن ووفقاً للتقاليد يتم الاحتفال بعيد العمال في الولايات المتحدة كرمز لنهاية فصل الصيف أي في أول اثنين من سبتمبر، وهو أكثر خضوعاً للقيود من الاحتفالات بالأول من مايو كعيد للعمال في معظم بلدان العالم الذي له دلالات نضالية، والأول من مايو هو يوم عطلة رسمية في كثير من دول العالم من بينها دول عربية مثل مصر وتونس والعراق وسورية والأردن ولبنان، بينما مملكة البحرين هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تعترف بهذا اليوم.
وبالمناسبة حاولت بعض الدول الموازنة فاحتفلت بيوم الأب في آخر يوم من يونيو، ولكن الولايات المتحدة لم تعطه اعتباراً كبيراً لأنه لا يمثل رمزاً نضالياً ضدها.
الأم بالتأكيد تستحق أن نحتفل بها كل يوم من أيام السنة، فدورها المزدوج كامرأة عاملة وأم، وكذلك كونها تعاني من تمييز مجتمعي وجحود من الأبناء في بعض الأسر يدفعنا لتقديرها، فكل عام وأمهاتنا بخير.
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 23\03\2013 العدد:12318