استراتيجية استنزاف الثروة النفطية وتغييب المعلومات/ بقلم الزميل : أحمد الديين (عضو التيار التقدمي الكويتي)
في جلسة مجلس الأمة المنعقدة يوم أمس (الاثنين) تباهى وزير النفط الدكتور محمد البصيري بإستراتيجية مؤسسة البترول الكويتية لرفع إنتاج النفط الكويتي من مستواه الحالي المقدّر بنحو مليونين ونصف المليون برميل يوميا إلى أربعة ملايين برميل يوميا في العام 2020، وأشار إلى تجربة تمت لرفع طاقة الإنتاج إلى أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا... ولكن الوزير الهمام تجنب عن عمد وسابق إصرار وترصد أي حديث مستحق عن مبررات زيادة الإنتاج ومدى صلتها بمتطلبات تطوير اقتصادنا الوطني واحتياجاته الفعلية؛ والأهم من ذلك فقد تجنّب وزير النفط الكشف عن حقيقة حجم الاحتياطيات النفطية القابلة للاستخراج، وبالتالي توضيح ما يمكن أن تؤدي إليه استراتيجية زيادة الإنتاج إلى أربعة ملايين برميل يوميا من استنزاف للثروة النفطية الآيلة إلى نضوب!ولعلّه من المفيد التذكير بأنّه قد سبق للأخ الكبير النائب أحمد السعدون أن وجّه في العام 2006 سؤالا برلمانيا حول صحة المعلومات الواردة في خبر نشرة بتروليوم انتيليجنس ويكلي النفطية المتخصصة عن التضارب بين المعلومات الرسمية المعلنة لحجم الاحتياطي النفطي والتقارير الرسمية السرية في هذا الشأن، ثم كرر طرح سؤاله مرة أخرى في العام 2008 وأرفق معه معلومات إضافية، ومع ذلك فإنّ وزراء النفط المتعاقبين منذ 2006 إلى يومنا هذا لم يجيبوا عن ذلك السؤال البرلماني، ما يؤكد أنّ هناك تعمّدا حكوميا لحجب المعلومات وتغييبها! والأسوأ من ذلك أنّ وزير النفط الأسبق الدكتور محمد العليم قدّم معلومات حول حجم الاحتياطيات النفطية في جلسة سرية لمجلس الأمة سرعان ما دحضها النائب أحمد السعدون في تلك الجلسة، وفي اليوم ذاته خصّ النائب السعدون "عالم اليوم" بتصريح صحافي كشف فيه أنّ هناك معلومات واردة في تقرير داخلي لشركة نفط الكويت بتاريخ 31 مارس من العام 2001 تبيّن أنّ مخزون النفط في المكامن كان 168 مليار برميلا، وأنّ الاحتياطي المؤكد يبلغ 81 مليارا، ومجموع ما تمّ إنتاجه 23 مليارا، والباقي هو 24 مليار برميل وليس 97 مليارا مثلما جاء في بيان وزير النفط!وربما سبق الأستاذ عبداللّه النيباري النائب أحمد السعدون في هذا الأمر عندما لفت الانتباه في العام 2006 إلى توافر معلومات مؤكدة تفيد بأنّ التقارير الداخلية في شركة نفط الكويت تقدّر النفط القابل للاستخراج هو في حدود 35 مليار برميل، حيث استنتج الأستاذ النيباري حينذاك أنّ عمر النفط الكويتي يقع في حدود 35 سنة وليس مئة سنة ، إذا استمر إنتاجنا السنوي بالمعدلات الحالية... فما بالك إذا ما تمّ تنفيذ استراتيجية زيادة الطاقة الانتاجية إلى أربعة ملايين برميل يوميا في العام 2020، مثلما تتجّه إلى ذلك مؤسسة البترول الكويتية؟... بل ما بالك إذا تمّ تطبيق استراتيجية زيادة الطاقة الانتاجية في ظل التعمّد الحكومي لتغييب المعلومات عن الحجم الحقيقي للاحتياطيات النفطية وتجاهل ما ستتعرض له من ثروتنا النفطية من مخاطر الاستنزاف والنضوب؟!باختصار، إنّ الاستخدام العقلاني الرشيد وطويل الأمد للثروة النفطية استحقاق وطني يتطلب ربط سياسة إنتاج النفط وتصديره بمتطلبات تطوير اقتصادنا الوطني واحتياجاته الفعلية؛ وربطها بحجم الاحتياطيات النفطية الحقيقية القابلة للاستخراج، وذلك قبل أي اعتبارات أخرى تتصل باحتياجات السوق النفطية العالمية واحتياجات الدول المستهلكة.