مقال لم تنشره جريدة الراي للكاتب وليد الرجيب بعنوان "محاورة الشباب".
فئة الشباب هي الفئة الأكبر بين فئات الشعب الأخرى، وهي الفئة المناط بها بناء مستقبل البلد واستلام راية التقدم في جميع المجالات، وهي كذلك الفئة التي تعاني اجتماعياً في قضايا رئيسية مثل السكن والبطالة وغياب العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وإتاحة مقاعد التعليم العالي لأكبر عدد من خريجي الثانوية، ناهيك عما تعانيه سياسياً من ملاحقات سياسية وتلفيق للتهم وتكميم للحريات وأحكام بالسجن لمجرد رأي مغاير ومعارض.
وحسناً فعلت الدولة باستحداث وزارة خاصة بالشباب، بحيث لا تظل هذه الفئة مغيبة ومهمشة عن متطلبات التنمية ومغيبة عن الاستفادة من طاقاتها وإبداعاتها الخلاقة المناسبة للعصر.
ورغم إيماني العميق بدور الشباب المبادر والمبدع والروح الشبابية الوثابة، إلا أنني لست من المبالغين بانفراد الشباب وقدراتهم في عملية التطوير والإصلاح والتغيير في مجتمعاتهم، ولست ممن يحملون الشباب وحدهم هذه المسؤوليات الجسام، ولا أعتقد بأنهم أو أي فئة أخرى قادرة لوحدها على هذا الدور، وأظن أن هذا التضخيم والوهم الذي ساهمت به شخصيات وطنية ووسائل إعلام لا تمتلك ناصية التحليل والرؤية الواقعية والعلمية، لعب دوراً في تضخم ذوات الشباب وأوقعهم في وهم قدرتهم على قيادة حتى الثورات في مجتمعاتهم دون غيرهم، وأغفل الجميع أن أي عملية تغيير أو إصلاح مجتمعي تحتاج إلى تظافر كل فئات المجتمع، كما تحتاج إلى الخبرة السياسية التي يسترشد بها الشباب مع عدم إغفال الدور المبادر والمبدع والرؤية الجديدة والخلاقة التي قد لا يمتلكها أصحاب الخبرة السياسية غير المواكبة لروح العصر.
ولأن الحكومات في العالم تدرك أهمية فئة الشباب فإنها تخصص لها وزارات وهيئات ومؤسسات مجتمع مدني، وتستمع إلى رؤيتها ومنظورها في قضايا المجتمع، لكن بعض الحكومات تتجه إلى هذا المنحى لامتصاص غضب ونقمة الشباب، وتعقد لهم ومعهم مؤتمرات الحوار ليس بنية إشراكهم في عملية اتخاذ القرار ولكن بنية كسب ولاءاتهم لسياسات الحكومات حتى وإن كانت خاطئة، ولذا هي تنتقي لمثل هذه الحوارات شباب غير معارضين مثلما فعل المجلس العسكري في مصر ومثلما فعل الرئيس مرسي عندما أعلن أنه اجتمع مع شباب الثورة للاستماع إلى وجهات نظرهم، بينما أنكر شباب الثورة الموجودين في الميادين وجود مثل هذه الاجتماعات مع السلطة، وتساءلوا عن هوية الشباب المجتمعين ومدى تمثيلهم لقوى الثورة والمعارضة.
في الكويت جرى الحوار مع الشباب من جهتين رسمية يتبناها الديوان الأميري في ما عرف ب"المؤتمر الوطني للشباب" الذي انطلق يوم أمس (القبس يوم الأحد 10 مارس الجاري)، وحوار آخر أهلي تبنته جريدة القبس لطرح قضاياهم وقضايا مجتمعهم السياسية والاجتماعية، وبالطبع فإن الحوار الجاد والصريح أمر مستحق وضروري أياً كانت الجهة الداعية أو المنظمة له، ولكن الأهم نتائج هذا الحوار والهدف منه، هل هو للبهرجة الإعلامية وذر الرماد في العيون أم للبحث عن مخارج حقيقية لأزمات الشباب السياسية والاجتماعية التي يعانون منها لعقود؟
وعلى الأقل طرح حوار الشباب مع جريدة القبس المطالب والتحديات المجتمعية، والتي أبرزها الاصلاحات السياسية ويتصدر البدء بها تشريع قانون للأحزاب وحكومة تحظى بثقة البرلمان وتطوير النظام الانتخابي وتطوير النظام البرلماني باتجاه النظام الكامل، إضافة إلى وضع حلول عملية لمشكلات الإسكان والتعليم والعدالة والمساواة أمام القانون والعمل الجاد على القضاء على الفساد.
حوار القبس هذا كان مجانياً لم يكلف فلساً واحداً، فما هي نتائج مؤتمر الشباب الحكومي الذي رصدت له مبالغ ضخمة؟
osbohatw@gmail.comوليد الرجيب