مقال للزميل بشار بعنوان "الصراع الرئيسي"
في الدول اللاديموقرااطية أو نصف الديموقراطية يدور الصراع فيها على شكل (عامودي) بين سلطه تحتكر الرأي والقرار، وشعب يطالب بحريته أو بالمزيد من الحريات السياسية والديموقراطية... وفي هذه الحالة لا مجال للصراعات الثانوية الفكرية، إلا بعد أن يتغيّر هذا الواقع عن طريق المطالبة والصراع مع السلطة إلى واقع ديموقراطي بحيث يمكن أن يدور الصراع فيه على شكل (افقي) لتتنافس التيارات والأحزاب والإيديولوجيات.إنّ الديموقراطية هي الوسيلة -وليست الغاية- الأنسب والأسلم للصراعات الفكرية، وهي ميدان التنافس الحقيقي بين المختلفين فكرياً وايديلوجياً. أما القرارات الدكتاتورية الفردية حتى وإن كانت عادلة تنويرية وتحقق بعض طموحات الشعب إلا أنّه ليس هناك من ضمان لاستمرارها، إذ يمكن أن تُلغى بسهولة أو تستبدل بقرارات دكتاتورية فردية قمعية ظالمة، فهي تقر عن طريق فرد وتلغى عن طريق فرد، فلا شعبية تستند إليها ولا إجماع أغلبية متحققاً حولها.ونأتي إلى الكويت، ونسأل أنفسنا، ترى مَنْ هو الطرف الذي يجب علينا مواجهته لاستكمال الديموقراطية؟ هل نواجه التيار الاسلامي أو القبلي -نحن كتيار مدني- مع أنهم لا يملكون السلطه ولا أدواتها؟...أم نقف كشعب -بمختلف أطيافنا وأفكارنا- في مواجهة مَنْ بيده السلطه وأدوتها، في وجه مَنْ زوّر مجلس ١٩٧٦ و ١٩٨٦ ومَنْ انشأ المجلس الوطني غير الدستوري سنة ١٩٩٠، ومَنْ حاول اغتيال عبدالله النيباري، ومَنْ شلّ حمد الجوعان، ومَنْ سرق أموال الناقلات، ومَنْ رشا النواب وتدخل في صلاحيات السلطة التشريعية، ومَنْ مارس الانتقائية في تطبيق القانون، ومَنْ رعى الفساد والمفسدين، ومَنْ عمل وفق سياسة فرق تسد، ومَنْ دعم القوى الدينية المتطرفة وأوقف المسارح ومنع الكتب وضرب الشيعه في الثمانينيات، ثم عاد وضرب أبناء القبائل، وكلما فَقَدَ تأييد جزء من الشعب لجأ يطلب ودّ الجزء الآخر، مع أننا كلنا أبناء وطن واحد، وذلك كله هذا بهدف قطع الطريق أمام مطالبتنا كشعب بالمزيد من الحريات والمشاركه السياسية والديموقراطية.إنّ التوافق المرحلي المؤقت بين المختلفين فكرياً ضد التفرد بالسلطة مطلوب ويعزز الطريق للانتقال إلى مرحلة جديدة، أما الخوف من التعاون مع المخالف فكرياً فلن يقدمنا خطوة إلى الأمام، إذ مهما نظّرنا فإنّ الديموقراطية تبقى ممارسة، ولا تطور بدون حركة وممارسة وأخطاء نتعلم منها... وبالتأكيد فإنّ المرحلة الجديدة لن تكون مرحلة فردوسية، لكن المؤكد أنها ستكون خطوة أكثر تطوراً نتعلم من أخطائها ونطوّرها.كل هذا لا يعني ألا نواجه التيارات الرجعية أو أن نسلم أمرنا لها، بل علينا أن نواجهها ولكن من دون اعتبارها العائق الرئيسي أو الوحيد لاستكمال الديموقراطية، فالعائق الرئيسي هو مَنْ بيده أدوات السلطة؛ ويستخدمها لقمع أي حركه تؤدي إلى تطور ديموقراطي حقيقي... أما عدم المطالبة بالديموقراطية تحت ذريعة الخوف من وصول التيارات الدينية أو الرجعية فهو تأييد للديكتاتورية مهما جملناه بالمفردات التنويرية.
بشار1\12\2012