من المستفيد ومن المتضرر من الخصخصة ؟
طالعتنا وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل خلال لقاء مفتوح في محافظة مبارك الكبير بمعلومة خطيرة، تدل على عمق إدراكها بتلك المركبة التي تحملها وتحمل باقي الوزراء (الحكومة)، حيث اعربت عن اسفها لعدم وجود مفهوم حقيقي للتخطيط في معظم الوزارات.والمصيبة الأكبر بعد معرفة هذه الحقيقة والمعلومة التي تشربها الانسان العادي في الشارع الكويتي "الفساد والفوضى" بأغلب الدوائر الرقابية والتنفيذية والخدمية؛ تبشرنا الوزيرة الصبيح في سياق حديثها بخصخصة الجمعيات التعاونية كطوق للنجاة من الفساد المالي والاداري، محذرة من الانسياق وراء احكام مسبقة عن الخصخصة ونتائجها وتجاربها السابقة قبل اختبارها!!والسؤال الذي يطرح نفسه بشده، قبل الخوض بالخصخصة نفسها، كيف ستدير الحكومة العاجزة عن التخطيط والرقابة هذا التحول الاقتصادي، في نقل ممتلكات الدولة والمجتمع كالقطاع التعاوني الى مجموعة رأسماليين هدفهم مضاعفة ارباحهم!وكيف ستقود هذه الحكومة العاجزة عن التخطيط وحماية مؤسسات الدولة من الفسادين المالي والاداري الخصخصة بإتجاه خدمة المواطن كما يروج دائما المستفيدين من الخصخصة كموقف اقتصادي، اوالذين يجهلونها او الذين يعتقدون ان النجاة من الفساد هو نقل ملكية عامة لخاصة فقط، بعدما رأينا فشل محطات الوقود المخصصة!!وكيف سيقود اصحاب رؤوس الاموال هذه العملية الحساسة ونحن نعلم مدى حرصهم للوصول بأي شكل من الاشكال للمناقصات والعقود في التنظيف والتشجير والشوارع واغلب انواع الخدمات لكسب الأموال دون الجدية في العمل، ومؤخرا المنشآت التي اصبحت موجودة مجرد ذكرى للفساد ومضاعفة الارباح والهروب من المسؤولية!ناهيك عن الفهم الحقيقي والعميق لما تبشر به الصبيح "الخصخصة"، ومشاكله التي تتلخص في ضعف وفشل الادارة العامة للدولة وجشع التجار، متجاوزة بذلك كل مشاكل الخصخصة وتجاربها القريبة جداً في مصر والجزائر وتركيا والاردن والارجنتين وبوليفيا والبوسنة والهرسك وصربيا وكرواتيا ومونتنيغرو واغلب دول العالم الثالث تحديداً، التي تخضع فيه البلدان تحت سيطرة نخبة سياسية فاسدة وغير قابلة للعزل.وبكل بساطة تتلخص نتائج الخصخصة التي تقودها الحكومات العاجزة عن التخطيط وحماية المجتمع من الفساد المالي والاداري تدريجياً في تجربتها الى ارتفاع حاد في نسبة البطالة، واحتكار السلطة والثروة وغياب العدالة الاجتماعية "غنى فاحش وفقر مدقع"، تهديد الديمقراطية وغياب المساءلة العامة، الفساد المالي والاداري وهدر المال العام.ومن الواضح ان هذا التوجه متفق عليه من اغلب النخب السياسية، مهما كانت متخاصمة، فجمعية الاصلاح التي تمثلها بشكل او بأخر السيدة وزيرة الشؤون (الصبيح) تتفق تماما مع هذه الرؤية التي يتبناها التحالف الوطني مثلا، والتجمع السلفي، واغلب النخب السياسية اليمينية، مايعطي انطباع ان الرؤية الاقتصادية لهذه النخب السياسية تخدم الطبقة الحاكمة (كبار الرأسماليين وتجار التجزئة، تحديداً)، بمعنى تسهيل متطلبات هذه الطبقة، والخوض الى حد الاحتراب والمخاصمة في مايجتمع عليه غالبية المجتمع، انها متخاصمة او متخالفة سياسياً على امور ثانوية التأثير على المجتمع مثل "خصومة الصوت الواحد" وقد تتفق عليه لاحقاً، لكنها متوافقة على الرؤى الاقتصادية كبيرة التأثير على الفئات الشعبية ومحدودة الدخل كالخصخصة الذي يربح منه الكبار ويخسر الناس كلهم، أي الشريحة العريضة والاوسع في المجتمع الكويتي ككل.وللاطلاع اكثر على الخصخصة كمفهوم وتاريخ ونتائج يمكنكم العودة لكتاب الدكتور بدر الديحاني الذي صدر مؤخراً بعنوان "الخصخصة من مواطنين الى زبائن" لمعرفة تجاربها وتأثيرها، ثم معرفة مستوى وعي الحكومة ومستوى الجشع والاستغلال.سعدون محمد.صحفي