القمع المبرمج!
" أعلنت الوزارة عن بدء عمليات القمع المبرمج من أجل السيطرة على فائض الانتقاد والذي يهدد بشلّ قدرتها على امداد المواطنين بحاجاتهم الأوّلية من حرية وحكم للقانون، يذكر بأن الوزير كان قد أنذر بأن البلد مقبلة على مرحلة عصيبة ما لم تنخفض حدة النقد، ومؤخرا أشرف كبار القياديين في الوزارة على اطلاق حملة "نبيه متفائل" والتي تهدف الى لفت انتباه المواطن الى الجوانب المضيئة في وطننا المعطاء وتدعو الى غض البصر عن كل ما يمكن أن يشّوّه هيئته المشرقة." قرأ بلال الخبر مندهشا وهو يرتشف قهوته، أغلق كمبيوتره المحمول على موقع الجريدة، والتفت نحو صديقه، وقال: – غريب هذا يا هلال، ما موضوع القمع المبرمج؟ البارحة غادرت الديرة والأمور كانت عال العال. أجاب هلال وهو منصرف البال: – أأنت جاد يا بلال؟ ألم تسمع بما قيل ويقال؟ – ما الحكاية يا ابن الحلال؟ - يقال والعلم عند ربّ الجلال… بأنّ في نهار من نهارات الصّيف القتّال… انقلبت حال البلد على استعجال… وأعلنت حالة الطوارئ وكأنّ الساعة دقّت في الحال. – طيّب ما أسباب الانفعال؟ - أيضا يقال والعهدة على من قال… بأنّ على المولّدات زادت الأحمال… وبين الشّعب استشرى الضّلال… فقررت الوزارة بأن دوام الحال من المحال… ولا يمكن الاستمرار على هذا المنوال. – لكن ألم يتوقعوا هذه الزيادة في الأحمال؟ كلنا نعلم بأن الدنيا صيف… وفي القيظ تخفّ الأشغال… ويحّب المواطن أن يقضي الموسم في دلال. – المسألة ليست بهذه البساطة كما صرّح مسؤول الأحمال… ففائض الانتقاد تخطى حدود الاحتمال… وبات ينهمر شديدا مثل الشلال… فصار لزاما تنبيه أصحاب النقد العالي بأن يخففوا الاستهلاك… ويتركوا عنهم أحلام الأطفال… ويتركوا أحاديث الكبار للكبار… كما أعلن عن خطط لتحصيل المستحقّ من فواتير وأموال… تحت طائلة منع السفر أو حتى الخطف… عفوا أقصد الاعتقال. - اعتقال؟! - نعم، وقد تصل الى حبس انفرادي وتحقيق قسري يتخلله ضرب بالأكفّ والنعال… هذا فقط على سبيل المثال. – وأين القانون من هذه الأفعال؟! - لا تسئ الظن بالوزارة يا بلال… فكل هذه الاجراءات محكومة باللوائح والدستور على حاله لا يزال… هذا ليس بخطف ولا هو باعتقال… بل هو القمع الحلال. – هل ما تقول حقيقة أم من الخيال؟! يبدو بأنهم ينوون ارجاعنا لزمن "اليامال"! – ان هذا جزء من خطة الوزارة تحت عنوان "نحو خير مآل"، الرامية الى تحويل البلد الى مركز مالي وسياحي ليس له مثال… ثم تعال، هل لديك مشكلة مع "اليامال" يا بلال؟ – أستغفر الله من كل انحراف وضلال! أنا مواطن صالح لا أحب الجدال… حتّى أن رعشة تصيبني من كثرة السؤال! خبر عاجل: "تمهيدا للتدوير المنتظر… وزير الدستور استقال!".منقول عن مجلة نبراس الالكترونية في سبتمبر 2007.