الكويت كانت جميلة... أفيقوا
هل سبق لكم أن رأيتم امرأة في منتصف العمر قد غزت التجاعيد وجهها إلا أنها لم تستطع إخفاء ملامح الجمال منها، ثم قلتم بالتأكيد قد كانت جميلة جداً بل فاتنة.تلك هي الكويت... عروس الخليج ودرته المكنونة. الكويت الرائدة في كل المجالات في الماضي لم يتبق منها سوى ملامح تدل على جمال كان أخّاذاً في ما مضى. فها هي أبراج الكويت ذلك المعلم الحضاري الذي يشهد على التطور المعماري في ذلك الوقت، تتلون اليوم بإضاءة رديئة لا تصلح أن تستخدم لإنارة واجهة مطعم للوجبات السريعة، وها هي ملاعبنا تذكرنا بجيلٍ ذهبيٍ تسيّد الخليج وآسيا ووصل للعالمية بينما ينتظر رفع الإيقاف عن المشاركات الدولية.تلك الملامح وغيرها تذكرنا بالكويت الجميلة، تذكرنا بأننا كنّا الأوائل في كل شيء؛ في الموسيقى والمسرح والثقافة، في الصحة والتعليم والرياضة... في كل شيء، الا اننا اليوم نعاني من تردي الخدمات الصحية وانحدار مستوى التعليم ونتحسر على الفن والمسرح ونندب حظنا العاثر في الرياضة.الكل يعاني من الأزمة الاسكانية ومن البطالة - الحقيقية منها والمبطنة - ومن ارتفاع الأسعار والغلاء المعيشي وغيرها من المشاكل العالقة. تلك المشاكل تمسنا جميعاً لا تفرق بين فلان من الطائفة الفلانية أو فلان من القبيلة الفلانية، ورغم ذلك ما زلنا نتناحر في ما بيننا وكأن المشكلة هي مذهب فلان أو قبيلته أو عائلته.للأسف ذلك التعصب الذي يغذيه ويرعاه دائماً الفاسدون والمستفيدون من الفساد ليصرفوا أنظارنا عن مكان الخلل وعن الصورة الكبيرة قد ابعدنا عن حقيقة أننا جميعاً ككويتيين نعاني من المشاكل نفسها أياً كانت خلفيتنا الاجتماعية.لقد آن الأوان لكي نستفيق ونستوعب ونسأل أنفسنا؛ من المستفيد من هذا التدهور في جميع القطاعات؟ من المستفيد من تقسيم المجتمع لطوائف وقبائل وغيرها؟ من المستفيد من الفساد؟تنص المادة السادسة من دستور الكويت على أن نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً، ولكن هذه المادة غير مطبقة فعلياً، فالحكومة التي تشكلت قبل أيام لم يكن للأمة دور في اختيار وزرائها وليس لها دور في خطة عملها أو برنامجها، إنما تم تشكيلها كالعادة بنظام المحاصصة، وأما مجلس الأمة فقد جاء انتخاب اعضائه عبر قانون أقرته الحكومة المعينة بمرسوم ضرورة.ولكي نستطيع أن نفعّل هذه المادة ونكون مصدراً للسلطات جميعاً علينا أن نستوعب حقيقة أننا جميعاً كويتيون تجمعنا المواطنة الدستورية وأن تدهور الوضع في وطننا يمسنا جميعاً.علينا اليوم أن نوحد مطالبنا كشعب ونطالب بحقنا الدستوري بأن نكون مصدراً للسلطات عبر ديموقراطية حقيقية لا تقسمنا حسب المذهب أو القبيلة بل يتنافس فيها المواطنون لتقديم أفضل ما لديهم لخدمة الشعب ونهضة الوطن... فالكويت لم تعد جميلة ولكن يمكن أن نعيدها أجمل مما كانت.
عضو التيار التقدمي الكويتي د.حمد اسماعيل الأنصاري
جريدة الراي