الحركة التقدمية الكويتية تحدد مواقفها تجاه أولوية العفو... وما يجري تداوله عن "مبادرات سياسية"... وضرورة توحيد الموقف الشعبي
تتابع الحركة التقدمية الكويتية باهتمام مجريات الأحداث والتطورات التي تدور في البلاد في ظل الأزمة العامة، وما يتم تداوله عن "مبادرات سياسية"، وذلك في الوقت الذي لا يزال فيه ملف العفو عن المحكومين في قضايا الرأي والتجمعات معلقاً، ويجري اتخاذ قرارات وتوجهات اقتصادية - اجتماعية تلحق الضرر بالغالبية الساحقة من المواطنين والسكان، لذلك فقد رأت الحركة التقدمية الكويتية أن توضح للرأي العام الشعبي مواقفها تجاه مختلف هذه التطورات من منطلق كونها حركة معارضة تقدمية مدنية، حيث تتلخص مواقفنا في النقاط والعناوين التالية:
١- إنّ الكويت تشهد منذ سنوات أزمة عامة متفاقمة أوسع من مجرد الأزمة في العلاقة بين الغالبية النيابية والحكومة، فهي بالأساس أزمة ناجمة عن نهج السلطة، ولهذه الأزمة انعكاسات سلبية على أوضاع الدولة والحياة السياسية والاقتصاد والمجتمع، ويتطلب الخروج من هذه الأزمة انفراجاً سياسياً في إطار تغيير جدي في نهج السلطة، وتبني برنامج إصلاح سياسي ديمقراطي وإصلاح اقتصادي عادل اجتماعياً، ولا يكفي لتجاوز الأزمة العامة أن تتوافق الغالبية النيابية مع الحكومة على استئناف جلسات مجلس الأمة في دور الانعقاد المقبل، أو أن يتم إجراء تعديل وزاري بمشاركة نيابية أوسع.
٢- بالنسبة لنا فنحن لسنا على اطلاع على أي "مبادرة سياسية"، ولكننا من منطلق سياسي مسؤول وبعيداً عن النزعة العبثية نرحب بأي مبادرة سياسية جدية تساعد على اجتياز الأزمة عبر انفراج سياسي حقيقي، وتؤدي إلى تحقيق إصلاحات.
إلا أننا في المقابل نرى أنّ هناك فرقاً شاسعاً بين ما يفترض أن يكون من مبادرات سياسية مستحقة، وبين التفاهمات والتسويات التي تجري بين بعض الأطراف بمعزل عن اطلاع الرأي العام الشعبي لتثبيت أوضاع مختلة وتحقيق مكاسب خاصة.
٣- إنّ العفو غير المشروط عن المحكومين في قضايا الرأي والتجمعات والقضايا السياسية عموماً، وفي مقدمتها قضية دخول المجلس، كان ولا يزال يمثّل عنصراً رئيسياً لتحقيق الانفراج السياسي، وذلك بالترافق مع إطلاق الحريات العامة وإلغاء القوانين المقيدة لها، وتمكين مجلس الأمة من ممارسة صلاحياته الدستورية في الرقابة والتشريع، وإلغاء أي تحصين لأي مسؤول حكومي تجاه المساءلة الدستورية.
ومن هنا فإننا نطالب بالإسراع في حسم ملف العفو كأولوية بعيداً عن أي مساومات أو ابتزاز سياسي.
٤- من الأهمية بمكان الحرص على تماسك الحركة الشعبية بمختلف مكوناتها كقوى سياسية وكتل نيابية ونقابات عمالية وجمعيات مهنية ومؤسسات مجتمع مدني وجماعات ضغط ومجاميع حقوقية ونسوية وبيئية ونشطاء الكويتيين البدون وتوحيد صفوفها في المعركة ضد قوى الفساد وللتوافق حول مواقف وقضايا إصلاحية سياسية أولاً، وكذلك لتبني مطالب إصلاحية اقتصادية وإدارية وقانونية واجتماعية وبيئية وتعليمية… ومن هنا فإننا نتابع بقلق وأسف بعض مظاهر الخلافات الجانبية والصراعات الهامشية بين بعض الأطراف، وندعو إلى تجاوزها، والتركيز على القضايا الأساسية التي تهم الناس وتتصل بمحاربة الفساد وتحقيق الإصلاح.
٥- إننا في الحركة التقدمية الكويتية غير معنيين بالصراعات الدائرة وتصفية الحسابات بين مراكز النفوذ داخل السلطة وحلفها الطبقي، التي اشتدت في الآونة الأخيرة، ونؤكد أننا امتداد تاريخي للمعارضة التقدمية المدنية الوطنية والديمقراطية العابرة للطوائف والقبائل والمناطق والفئات، التي كانت منذ بدء الحياة السياسية في الدولة الكويتية ولا تزال تقف خارج إطار صراعات مراكز النفوذ، وقادت منذ خمسينات القرن العشرين حركات المطالبة بالاستقلال والدستور وقيام حياة ديمقراطية، وأسست في الستينات الحركة النقابية العمالية والحركة الطلابية، وتصدت في ١٩٦٧ لتزوير الانتخابات، وقادت في بداية وأواسط السبعينات حركة المطالبة بتأميم شركات النفط الأجنبية، وكانت في ١٩٧٦ في مقدمة الصفوف للتصدي للانقلاب السلطوي الأول على الدستور، ودفعت الثمن غالياً عبر التضييق والتهميش والاعتقالات وحل نادي الاستقلال، ونحن اليوم من موقعنا كامتداد تاريخي لهذه المعارضة التقدمية المدنية الوطنية والديمقراطية نرفض محاولات البعض لخلط الأوراق وتشويه الحراكات الشعبية وربطها بصراعات مراكز النفوذ.
٦- إننا في الوقت الذي نرفض فيه التوجهات المتعارضة مع مصالح الغالبية الساحقة من الناس الواردة في قرارات جلسة مجلس الوزراء يوم ١٦ أغسطس الماضي، ونراها قرارات منحازة طبقياً لصالح قلة من المنتفعين، ومتهربة من استحقاقات إصلاحية جدية للمالية العامة وللاقتصاد الوطني ولإدارة المرافق الحكومية، فإنّنا ندعو الحركة النقابية العمالية والجمعيات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني وأعضاء مجلس الأمة إلى التصدي لهذه التوجهات وعدم إقرارها.
الكويت في ١٦ سبتمبر ٢٠٢١