فجر الخليفة: الفاشية في القانون الموحد.
الزي الموحد كان علامة فارقة للفاشيين في إيطاليا والنازيين في ألمانيا، فالزي هنا محاولة لتوحيد المظهر الخارجي للناس، بالتزامن مع توحيد دواخلهم وأفكارهم وتحويلهم لآلات طيعة في يد السلطة، وهو- أي الزي الموحد- رسالة للخارج، بوجود هذه الجبهة الموحدة ضد الأعداء الوهميين الذين عادة ما يتم اختلاقهم لتخويف الناس، وضم المزيد منهم للميليشيات ذات الزي الموحد.
الفاشيون مخلوقات مجردة من الأحلام، ولا يرون البشر والفروقات الفردية بينهم، ولا يرون الشعب وطموحاته وأحلامه، بل يرون مجاميع ينبغي السيطرة عليها وتطويعها لخدمة السلطة لا الوطن، فالمواطن هنا طفل قاصر ينبغي توجيهه، ليسير كما يُراد، وأن يرتدي ما يُراد، وأن يقول ما يُراد.
في الكويت، تتردد كثيراً كلمة موحد أخيراً، ويبدو أنها الكلمة المفضلة الجديدة للبعض، فنظامنا التعليمي الجديد التصقت به هذه الصفة، رغم أن أهدافه لا تتعلق بالتعليم بالضرورة، وأخيراً ظهر للعلن قانون الإعلام الموحد، الذي بقراءة أولية، نكتشف أن الهدف منه المزيد من التكبيل وتكميم الأفواه، لدرجة قد يستحيل معها العمل الصحافي، وإن استمرت السلطة بهذا المعدل، فقد نسمع قريباً عن قانون الزي الموحد، فلا تتعجبوا!
لا أكشف سراً إن قلت إن السلطة تعيش أقسى حالات الانفصال عن الواقع، في ظل هذا الفضاء المفتوح، وفي ظل ظهور مفاهيم جديدة كـ«صحافة المواطن»، التي تعتمد على شبكات التواصل الاجتماعي ومواطنين عاديين ينقلون الخبر كما شاهدوه، ويتضح هذا الانفصال والهلع من خلال قانون الإعلام الموحد.
ولعل في تصريح وزير الإعلام في معرض دفاعه عن القانون بأنه « لم يفرض تراخيص لإنشاء صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، كـ «تويتر»، وأنه يلغي الحبس ويستعيض عنه بالغرامات، المزيد من تجلي مدى انفصاله وانفصالهم عن الواقع، أما الأولى فخارج سيطرتكم أيها الوزير، وأما الثانية، فإن قانونيين أكدوا أن المواد ضبابية، وبالتالي لا ضمانات بإلغاء الحبس، وأن العقوبة قد تشمل الاثنين، الغرامة الثقيلة والحبس معاً.
لقد أثار هذا القانون - رغم عدم إقراره بعد- موجة كبيرة من الاستياء قد نشكر السلطة عليها لاحقاً، فالناس بحاجة لمن يذكرهم دائماً بحقيقة الصراع وأولوياته، وهذا ما فعله قانون الإعلام الفاشي الموحد.
فجر الخليفة
منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 17/04/2013.