د. بدر الديحاني: المقاطعة نجحت... وماذا بعد؟!
نجاح مقاطعة انتخابات مجلس الصوت الواحد لم يكن أمراً مفاجئاً البتة، فقد كانت بوادره واضحة للعيان رغم أن الحكومة ألقت بثقلها الكامل لحث الناخبين على المشاركة والتقليل من شأن المقاطعة.وكما تشير النتائج الأولية، وقت كتابة هذا المقال، فإن نسبة المشاركة لن تصل في أي حال من الأحوال إلى 50 في المئة، وربما أقل من ذلك بكثير (يتوقع بعض المتابعين ألا تتعدى 30 في المئة)، وهو ما يعني سقوط الشرعية السياسية والشعبية لمجلس الصوت الواحد، لهذا فالسؤال الآن هو: ماذا بعد نجاح المقاطعة الشعبية؟لقد حظيت حملة مقاطعة الانتخابات بتأييد سياسي وشعبي واسع ومتنوع، ومن المؤكد أن النجاح الذي حققته على أرض الواقع سيعطي دفعة معنوية كبيرة للقوى السياسية والشبابية والشعبية التي تبنت المقاطعة اعتراضاً على مرسوم الضرورة الخاص بتعديل قانون الانتخاب، كما أنه من المؤكد أيضاً أن نجاح المقاطعة سيوصل رسالة قوية جداً إلى الحكومة ومؤيديها، لكن من غير المؤكد حتى الآن كيف ستُفهم الرسالة إذ إن الخشية أن يساء فهمها كما أُسيئ فهم بعض الرسائل السياسية والشعبية السابقة مما أوقعنا في أزمة سياسية محتدمة وأدخلنا جميعاً في نفق سياسي مظلم سيكون من الصعوبة بمكان الخروج منه من دون تقديم تنازلات من الأطراف السياسية كافة وفي مقدمتها اعتراف الحكومة بالسقوط الشعبي والسياسي لمجلس الصوت الواحد.الاعتراف العلني والاستجابة السريعة والمباشرة لرفض الغالبية العظمى من الشعب لمجلس الصوت الواحد سيُسجل لمصلحة السلطة السياسية وليس عليها باعتبار ذلك مبادرة سياسية جريئة لأن المكابرة السياسية وعدم الاعتراف بالحقائق الموجودة على الأرض تكون تبعاتهما السياسية سلبية دائماً، فما بالكم ونحن لانزال نعيش تداعيات الربيع العربي وتأثير الانتصارات الشعبية العربية العظيمة.وكما ذكرنا سابقاً، فمن المفترض أن تكون الكويت، لأسباب كثيرة من ضمنها وجود نظام سياسي مستقر ودستور يحدد أطر نظام الحكم الديمقراطي، أبعد دول المنطقة تأثراً بتداعيات الربيع العربي ما لم يتسبب سوء الإدارة السياسية بعكس ذلك فيجعل الصراع مباشراً بين السلطة والشعب بدلاً من أن يكون صراعاً سياسياً ضمن إطار الدستور وداخل المؤسسات الدستورية.أما في حال عدم اعتراف السلطة السياسية بشكل سريع بسقوط مجلس الصوت الواحد رغم الرفض الشعبي والسياسي الواسعين، وتصميمها على استمراره بأي ثمن كان، فإن من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى انتقال المطالب السياسية "للمعارضة" بعد أن اكتسبت أخيراً تأييداً والتفافاً شعبياً واسعاً (لا نتحدث عنها عن ما يسمى كتلة "الأغلبية" بل عن اصطفاف سياسي وشبابي نوعي)، من مجرد رفض مجلس الصوت الواحد إلى المطالبة بإصلاحات سياسية ودستورية جذرية وشاملة، خصوصاً أن قطاع الشباب الذي يمثل النسبة الغالبة في المجتمع وفي صفوف "جبهة المعارضة" أيضاً لم يعد مقتنعاً بجدوى الإصلاحات السياسية التي كانت تطرح في السابق حيث يرى الشباب، كما هو واضح من خلال كتاباتهم وتعليقاتهم على وسائل الاتصال الاجتماعي والشعارات التي رفعوها أثناء التظاهرات، أنها ليست سوى إصلاحات شكلية وبطيئة لا تعالج أساس المشكلة السياسية التي أرهقت الوطن فترة طويلة.د. بدر الديحانيمنقول عن جريدة الجريدة تاريخ 3\12\2012.