وليد الرجيب: الاستثمار في البشر قبل الحجر.
مر يوم 23 أغسطس الجاري الذكرى 13 لوفاة المناضل الإنسان الرائع الأستاذ سامي المنيس، حيث وافته المنية عام 2000م في القاهرة، وبذلك فقدت الكويت والحركة الوطنية الكويتية والعربية مناضلاً عشق وطنه حتى تحول إلى هاجس يؤرقه ليل نهار، وكأنه ولد ليكون مدافعاً عنيداً عن وطنه وأبناء شعبه، وعن الديموقراطية التي ناضل الشعب الكويتي عقوداً طويلة من أجل تحقيقها، بل كان رحمة الله عليه قريب المناضل وشهيد الوطن والحركة الوطنية محمد المنيس، الذي قتل اثر حل المجلس التشريعي 1938-1939م.كان الوطن يشغل حيزاً كبيراً من ذهنه، لم تشغله المناصب والإغراءات ولم تتأثر شخصيته الشعبية الودودة والفذة عندما أصبح نائباً في مجلس الأمة، بل أعطى أبو أحمد دروساً في أخلاق الخصومة والاختلاف في وجهات النظر وفي الخطاب الراقي البعيد عن الإسفاف والبذاءة، وبذا اكتسب محبة واحترام خصومه قبل أصدقائه.كان نموذجاً من المناضلين لا يتكرر كثيراً في التاريخ، بل كان ينام ويستيقظ على هم الوطن ويتألم لجرح الوطن، لم يهادن ولم يساوم ولم يبع ذرة رمل من تراب الوطن أو يخذل شعبه من أجل مكاسب شخصية تافهة، بل كان بالغ الحرص ألا يأخذ قرضاً من بنك التسليف وهو حق له كمواطن، حتى لا يفتح ثغرة يدخل منها خصومه الذين لم يستطيعوا أن يمسكوا عليه زلة واحدة ليستخدموها في تشويه سمعته.انخرط منذ نعومة أظافره في الحركة الوطنية والقومية، واستضافت جريدة «الطليعة» التي تعتبر لسان حال الحركة الوطنية كتّاباً مناضلين عربي مثل الشهيد غسان كنفاني والشهيد رسام الكاريكاتير العالمي ناجي العلي، وكان المنيس صاحب الامتياز في هذه الجريدة ذات الصوت العالي الذي يصدع بالحق ويدافع عن الحرية والديموقراطية والمال العام.شكل مع رفاقه المناضلين الوطنيين د. أحمد الخطيب والأستاذ عبدالله النيباري والأستاذ أحمد النفيسي كتلة «نواب الشعب» التي خاضت الانتخابات البرلمانية في بدايات التجربة النيابية واكتسحت أصوات الناخبين، وأصبحوا داخل مجلس الأمة رأس حربة للشعب وقواه الوطنية، وكانوا صوت الحق المجلجل الذي أرعب أصحاب المصالح وسراق المال العام.وكان الراحل سامي المنيس معرّضاً للاعتقال أثناء الغزو والاحتلال العراقي عام 1990م، ولكنه هُرّب خارج البلاد على يد وبناء على نصيحة أصدقائه ورفاقه، ورغم أنه خرج مرغماً إلا أنه لم يستكن وظل صوتاً قوياً مدافعاً عن قضية وطنه، خاصة أنه كان مدافعاً صلباً عن حركة التحرر الوطني العربية والعالمية ويحظى بصداقات عديدة من الشخصيات السياسية والثقافية والصحافية في العالم، كما كان متبنياً للقضايا العمالية في الكويت وخارجها، وكان أيضاً نائباً لرئيس اتحاد الصحافيين العرب وعضواً في منظمة الصحافيين العالميين حيث نال جائزة المنظمة للحريات الصحافية عام 1984م.وبعد التحرير انتخب لمنصب الأمين العام للمنبر الديموقراطي الكويتي، حيث عمل بحسه التنظيمي على تماسك المنبر الذي يضم طيفاً من الاتجاهات الوطنية والتقدمية والمستقلة، وعرف بتواضعه وأدبه الجم مع الجميع وحبه للإنسان ومساعدته للمحتاج.رحم الله المناضل الكويتي سامي المنيس صاحب المقولة الشهيرة: «الاستثمار في البشر قبل الحجر».وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
___________________________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 28\08\2013 العدد:12478