وليد الرجيب: أردوغان على هدى الحكام العرب.
واجهت الشرطة التركية ومكافحة الشغب يومي 31 مايو الماضي و1 يونيو الجاري الجماهير المتظاهرة والمحتجة سلمياً، والتي تتزايد أعدادها في ساحة «تقسيم» الرئيسية بالعنف المفرط والمفاجئ من خلال استخدام الهراوات وخراطيم المياه والقنابل الغازية، ما أدى إلى جرح ألف متظاهر وفقد ستة أشخاص لأبصارهم حسب «اتحاد الأطباء التركي»، وتم اعتقال مئات الأشخاص، وتقول منظمات حقوقية أن في تركيا الآن صحافيين مسجونين أكثر من أي دولة أخرى في العالم، إضافة إلى عشرات المحامين والمشرّعين الموقوفين بتهمة التآمر ضد الحكومة، وقد شاركت في هذه التظاهرات ونظمتها مجموعات اشتراكية وأحزاب تركية من بينها الحزب الشيوعي التركي وأنصار الجبهة الشعبية الثورية للتحرير.وقد اندلعت شرارة الاحتجاج يوم الأربعاء 29 مايو الماضي على اثر قيام جرافات بإزالة حديقة قديمة واقتلعت أشجاراً «بحديقة جزي» في ساحة تقسيم الشهيرة من أجل بناء مجمع تجاري سياحي كبير، علماً بأن هذه الحديقة هي المساحة الخضراء الوحيدة التي تبقّت بين المباني التجارية في اسطنبول.ويحمل ميدان تقسيم أهمية تاريخية ورمزية كبيرة في الاحتفالات بعيد العمال، حيث شهد الأول من مايو عام 1977م مقتل 36 عاملاً بعد إطلاق النار على حشود شعبية محتفلة بالمناسبة، وكانت الحكومة التركية ترفض السماح للعمال الأتراك بتنظيم احتفالات بمناسبة عيد العمال باستخدام ساحة أو ميدان تقسيم، وهدد أردوغان في ذلك الوقت باستخدام تدابير مشددة بحق المحتفلين، هذا قبل أن تقر تركيا الاحتفال بعيد العمال لاحقاً.وفي أول تعليق لأردوغان على التحركات حسب نيويورك تايمز 1 يونيو الجاري، قال: «ان الشرطة كانت هنا بالأمس وستبقى هنا اليوم وغداً أيضا في ساحة تقسيم» وفي تحد ينم عن فقدانه لأعصابه وبعيداً عن اللياقة السياسية قال مخاطباً المحتجين: «إذا كنتم تستطيعون تجميع مئة ألف أستطيع تجميع مليون شخص مؤيد، وحزبه سيتصدى للعبث والتطرف» وأضاف أن حزبه دان المتظاهرين الذين يهدفون إلى ضرب حزب العدالة والتنمية الإسلامي، ولكنهم سيظلون أقوياء.ويذكر أن المحتجين يتزايدون مع استخدام القمع، فلم تقتصر الاحتجاجات على اسطنبول ولكن دخلت مدن أخرى ضمن الغضب الجماهيري مثل أنقرة العاصمة وأزمير، بل خرجت تظاهرات تضامنية في مدن أوروبية وكذلك في نيويورك.وقد وجهت الخارجيتان الأميركية والبريطانية توبيخاً لأردوغان الذي يدّعي أن بلاده تمثل نموذجاً ديموقراطياً بين الدول العربية والشرق الأوسط وتقدّم إسلاماً معتدلاً ووسطياً، ولكنه عند أول احتجاج سلمي ضد سياسته وسياسة حزبه منذ 11 سنة كشّر عن أنيابه وفقد توازنه وكشف عن ديكتاتورية لا تختلف عن ديكتاتورية الحكام العرب المستبدين، بل ان أحد المتظاهرين قال عن أردوغان: «انه ينتقد الأسد ولكنه لا يختلف عنه».وللشعب التركي قائمة طويلة من المطالب والانتقادات على أردوغان وحزب العدالة والتنمية، بسبب زحف الأسلمة والارتماء في أحضان الامبريالية الأميركية والأوروبية وإسرائيل، والسير في طريق النيوليبرالية المنحازة لكبار الرأسماليين والمتنفذين الفاسدين على حساب الطبقة العاملة والفئات الشعبية التي تتجه للفقر شيئاً فشيئاً جراء هذه السياسة، كما ينتقده الشعب بشدة لأنه مشارك رئيسي في مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، الذي يهدف بالنهاية إلى إضعاف الدول العربية لصالح التفوق الإسرائيلي ولتبقى تركيا شرطي المنطقة.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 03/06/2013 العدد:12390