وليد الرجيب: عبث في مصائر الشعوب.
لمجرد محاولات الجمهوريين ليّ ذراع الرئيس أوباما وادارته، فقد تم رفض رفع سقف الدين من قبل الجمهوريين في الولايات المتحدة، قبل تعليق السقف المحدد سابقاً للاستدانة حتى السابع من فبراير المقبل، ولتفادي تخطي السقف المحدد سابقاً عند 16700 مليار دولار، لجأت الخزانة الأميركية الى تدابير استثنائية من بينها التوقف عن اعادة الاستثمار في بعض الصناديق المالية، ويتعين على الجمهورييين والديموقراطيين التوصل الى اتفاق حيال هذا السقف وعلى ميزانية للعام 2014 لتمويل الحكومة وتفادي شلل جزئي جديد لمؤسسات الحكومة شبيه بذلك الذي انتهى بعد 16 يوماً من الشلل الحكومي.وقد تجاوز مستوى الدين العام في الولايات المتحدة السقف القانوني السابق الذي وافق الكونغرس على تعليقه الاربعاء 16 أكتوبر الجاري، عقب أزمة سياسية كبيرة، وفق بيانات عامة نشرتها وزارة الخزانة الأميركية، وأوردت آخر حصيلة أوردها موقع الوزارة أن الدين المتراكم لدى الدولة الفيديرالية الأميركية بلغ الخميس 17 أكتوبر 17027 مليار دولار في وقت كان السقف القانوني للدين محدداً عند ما يقارب 16700 مليار دولار («الراي» 20 أكتوبر).وقد انتشرت في الآونة الأخيرة أفلام وثائقية تشرح هذه الأزمة بتبسيط، ويظهر أحد هذه الأفلام ديون أميركا البالغة 16 ترليون دولار، لو كانت مصفوفة كأوراق عملة من فئة المئة دولار، فانه يمكن بناء مجموعة من ناطحات السماء أعلى بكثير من تمثال الحرية.وبحسبة سريعة يقول أحد الأكاديميين في علم الرياضيات بجامعة الكويت:» اذا كان لديك ترليون دولار واحد فقط من فئة المئة دولار، وقمت بصرف مئة دولار بالثانية الواحدة باستمرار ومن دون توقف، ستكون قد استنفدت المبلغ بعد 317 سنة»، وفي مقارنة لأحد الاقتصاديين البحرينيين يقول: «ما تملكه الصين من سندات الخزانة الأميركية 1.277 ترليون دولار واليابان 1.135 ترليون، والمراكز المصرفية لحوض الكاريبي (البهاما، جزر فرجينا البريطانية) 0.288 ترليون، وروسيا 0.132 ترليون دولار، وكل هذا أقل من ربع الدين الأميركي البالغ 16 ترليون، كما ذكر بعض الاقتصاديين أن ميزانية الولايات المتحدة تبلغ 14.5 ترليون دولار، وهي تعادل ميزانيات الدول العربية مجتمعة مضروبة بسبعة.فلنتخيل لو تم الاصرار على رفض رفع سقف الدين من قبل الجمهوريين، ما يمكن أن يحدثه ذلك من كوارث اقتصادية غير مسبوقة، سيتأثر بها العالم أجمع بما فيها دولنا الخليجية، وهو يعني بأن الحزبين اللذين يمثلان الطبقة المسيطرة في أميركا العظمى من ديموقراطيين وجمهوريين غير متوافقين على ادارة الدولة، والأمر لا يتعدى العبث بحياة ومستقبل شعبهم الأميركي ومصائر شعوب العالم، فالمهم هو الانتصار في المعركة السياسية، وهو أمر شبيه بما حدث في الدول الرأسمالية قبيل الحربين العالميتين من أزمات اقتصادية كبيرة.فالجمهوريون غير موافقين على برنامج أوباما للرعاية الصحية والذي يسمونه «أوباما كير»، بل يريدون المزيد من الأرباح لشركات التأمين الصحي الخاصة على حساب صحة وحياة ملايين الأميركيين.ان 16 ترليون دولار مبلغ هائل يمكن أن ينقذ كثيرا من الشعوب من المجاعات والفقر، فنصف قائمة العشرين الأوائل كأغنى أغنياء العالم هم عشرة أشخاص أميركيين، يملكون لوحدهم 375 مليار دولار وهي ثروة تفوق ثروات تسع دول عربية هي السودان وسورية وتونس ولبنان واليمن والأردن والبحرين وموريتانيا وجيبوتي، فيا له من نظام رأسمالي متوحش.وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com
___________________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ ٢٦/١٠/٢٠١٣ العدد:١٢٥٣٥