نورييل روبيني الاقتصادي الليبرالي الأشهر منذ الأزمة المالية العالمية 2008 يُقرّ أخيراً: ماركس كان على حقّ
نورييل روبيني
بقلم: جوزيف لازارو
ترجمة: راشد سلمان- الكويت
13 أغسطس 2011
Published on Sunday, August 14, 2011 by the International Business Times
هناك حقيقة مقررة قديمة (بديهية) مفادها أن "الحكيم هو الشخص الذي يقدّر الصراحة، تقريباً، بمثابة الأنباء طيبة" و مع الأخذ بتلك البديهية كدليل، يمكن وضع ما هو مقبل بالتأكيد في خانة الصراحة.
قال الاقتصادي نورييل روبيني "دكتور الشؤم" (تعبير أطلق عليه بسبب تنبؤه ببعض حيثيات الأزمة المالية العالمية لعام 2008 قبلها ومنذ 2006 و2007 والتي جري بعضها طبقاً لتنبؤاته المتشائمة دوما-المترجم)، وهو الأستاذ في جامعة نيويورك الذي توقع بدقة منذ أربع سنوات الأزمة المالية العالمية، قال روبيني إنّ واحدة من انتقادات الاقتصادي كارل ماركس للرأسمالية تلعب بعينها دوراً في الأزمة المالية العالمية الحالية.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة نيويورك، إذا لم تكن هناك جولة أخرى من التحفيز المالي الضخم أو إعادة هيكلة للديون العالمية، فإنّ الرأسمالية سوف تستمر تعاني من أزمة بسبب خلل في النظام أكتشفه لأول مرة الاقتصادي كارل ماركس قبل أكثر من قرن من الزمان. لقد جادل ماركس، ضمن العديد من نظرياته الأخرى، بأنّ الرأسمالية تنطوي علي تناقض داخلي من شأنه أن يؤدي إلى أزمات دورية، وأنّ ذلك على الأقل، من شأنه أن يضع الضغوط على النظام الاقتصادي.
وقال روبيني إنّ دافع الشركات هو الحد من التكاليف، لحفظ وتكديس السيولة النقدية، ولكن هذا بدوره يؤدي إلى شحة السيولة النقدية في أيدي العاملين، الأمر الذي يعني أنّ لديهم شحة من المال للإنفاق، ومن ثم قلة التدفق النقدي مرة أخرى إلى الشركات.
والآن، في ظل الأزمة المالية الحالية، لا يعاني المستهلكون من شحة المال للإنفاق فحسب، بسبب ما ورد أعلاه، ولكنهم أيضا يملكون الدافع للحد من التكاليف، ولحفظ وتكديس السيولة النقدية لديهم كأفراد، مما سوف يعمل علي تضخيم تأثير قلة التدفق النقدي العائد مرة أخري إلي الشركات.
وقال روبيني في مقابلة (مرئية-المترجم) مع وول ستريت جورنال "كارل ماركس كان على حق"، وأدلف "في نقطة معينة يمكن للرأسمالية أن تدمر نفسها بنفسها، ذاتيا، وهذا لأنه لا يمكن الاستمرار في تحويل الدخل من العمل الي رأس المال دون أن يكون هناك قدرة فائضة ونقص في الطلب الكلي، اعتقدنا أنّ الأسواق فعالة بذاتها، إلا أنها في الحقيقة ليست فعالة. وما اعتقدنا أنه عقلاني- رشيد بمفرده... ما هو إلا عملية التدمير الذاتي".
واضاف روبيني أنّ غياب النمو القوي العضوي (الحقيقي) لإجمالي الناتج المحلي - والذي يمكنه زيادة الأجور والإنفاق الاستهلاكي - يستدعي الحاجة إلي إقرار حافز مالي كبير، متفقا في ذلك مع اقتصادي آخر رفيع المستوى هو بول كروغمان الحائز على جائزة نوبل، وأنه في حالة الولايات المتحدة كان مبلغ الحافز المالي (786 بليون $) الذي أقره الكونغرس الامريكي في عام 2009 صغيراً جداً لخلق الطلب الكلي اللازم لدفع الاقتصاد الأميركى نحو التعافي، ومن تم الي التوسع والنشاط ذو الاكتفاء الذاتي.
وقال روبيني إنه في ظل غياب الحوافز المالية الإضافية، أو في ظل الغياب غير المتوقع للنمو القوي لإجمالي الناتج المحلي، فإنّ الحل الوحيد هو إعادة هيكلة الديون العالمية للمصارف وديون المنازل (أساساً الأسر / العوائل)، وأيضا ديون الحكومات. مع أنّ روبيني أكد أنه لم يحدث قط من قبل مثل هذه الإعادة (إعادة الهيكلة الشاملة).
وقال من دون هذه الحوافز المالية الإضافية، فإنّ العجز في إعادة الهيكلة يفضي إلى "بيوت مُفلسة، مصارف مُفلسة، وحكومات مُفلسة ".
وقال روبيني، يمكن للولايات المتحدة من الناحية النظرية أن تلجأ للحلول الثلاثة التالية :
أ) تنمية نفسها للخروج من المشكلة الحالية (بما أنّ الاقتصاد ينمو ببطء شديد في الوقت الراهن، بالتالي هو في حاجة إلى مزيد من التحفيز المالي)، أو
ب) إنقاذ نفسها للخروج من المشكلة (ولكن إذا لجأت الكثير من الشركات والكثير من المواطنين إلي سياسة الإدخار، فإنّ الخلل الذي اكتشفه كارل ماركس سيكون له تأثير هائل ضخم، أو
ج) تضخيم نفسها (عبر آلية التضخم-المترجم) للخروج من المشكلة (ولكن ذلك ستترتب عليه أضرار مباشرة واسعة).
ومع ذلك، قال روبيني إنه لا يعتقد أنّ الولايات المتحدة أو العالم الآن عند النقطة التي تواجه فيها الرأسمالية لحظة التدمير الذاتي.
وقال روبيني "إننا لسنا عند هذه النقطة حتى الآن"، ولكنه أضاف بأنّ الاتجاه الحالي المتصاعد، إذا أستمر، "سوف نتعرض لخطر تكرار المحطة الثانية من فترة الكساد العظيم" – (خطأ عام 1937).
في عام 1937، واجه الرئيس فرانكلين روزفلت في هذه الفترة الضغط من الجمهوريين في الكونغرس وتنازل للمحافظين وخفض الإنفاق الحكومي، على الرغم من حقيقة أنّ السنوات الأربع الأولى من سياسة الصفقة الجديدة (نيو ديل) التي إشتملت علي آلية تحفيز مالي ضخمة خفضت البطالة المهولة في الولايات المتحدة من 20.6 في المئة خلال إدارة الرئيس الأميركي الأسبق له هوفر، وما يليها مع بداية الكساد العظيم، إلى 9.1 في المئة -- كما فعل الرئيس الحالي باراك أوباما مع "حزب حفلة الشاي" الذي يحرك الحزب الجمهوري ذا الأغلبية في مجلس النواب 2011.
وماذا كانت النتيجة؟ بدأت معدلات البطالة في الولايات المتحدة بالارتفاع مرة أخرى إلي أن بلغت 12.5 ٪ في عام 1938.
خفض الإنفاق الحكومي قبل الأوان أضر بالاقتصاد الأمريكي في عام 1937 عن طريق الحد من الطلب، ويرى روبيني نفس النمط يتكرر اليوم، بعد تدابير وسياسات التقشف التي سوف تنفذها الولايات المتحدة عبر قانون صفقة الديون (اتفاق أوباما والكونغرس الأخير-المترجم).