October 2024
29

تعليق الحركة التقدمية الكويتية على تصريح وزير الخارجية الملتبس في موسكو حول عملية ٧ أكتوبر المجيدة ومحاولة بعض وسائل الإعلام المعادية للمقاومة تشويه موقف الكويت التاريخي من القضية الفلسطينية

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

في تصريحٍ ملتبس لوزير الخارجية بعد جلسة مباحثات ثنائية مع وزير الخارجية الروسي في العاصمة الروسية موسكو، ولا نعلم ما إذا كان التصريح هذا ضمن كلمة وزارة الخارجية الرسمية أم كان اجتهاداً من الوزير وتعبيراً عن رأي شخصي، وهل للوزير التعبير عن رأيه الشخصي في مناسبات رسمية؟ وهل رأيه هذا سواء كان شخصياً أم رسمياً يتسق مع خط السياسة الخارجية لدولة الكويت ومبادئها وقوانينها، وهل أصلاً هذا الرأي يتناسب مع ما ذكره في نفس التصريح من نقاط مهمة يجب الوقوف عليها لنبيّن كيف أن موقف وزير الخارجية لم يكن متماسكاً، بل ويتسم بالغموض في مواضع عدة، ومليء بالأمنيات والأوهام التي لا يمكن أن تبني وزارة الخارجية مواقفها وتحركاتها عليها، بل يجب أن تبنى المواقف والسياسات حسب المعطيات وما تحتاجه من عمل جدي وملموس ومكثف لا يكون من خلال التمني والتأمل، فمسؤولية وزارة الخارجية ليس (التعبير عن الرأي) وكفى، بل والعمل على تحقيق مصالح الكويت كدولة عربية مستقلة ذات سيادة وشعبها جزء من الأمة العربية، المصالح التي يستهدف الكيان الصهيوني وداعميه الإضرار بها وتدميرها من خلال حربهم الإبادية ومشاريعهم التآمرية التي ليست فقط لا تأخذ بمصالح الكويت، بل هي ضد مصالح الكويت ودول المنطقة.

الوزير عبدالله اليحيا قال بالحرف:" من بدأت الحرب… أو بدأت الأحداث في 7 اكتوبر… بدأت الحرب على غزة.. وصل اليوم أكثر من 42 ألف أكثر من 150 ألف جريح… غير الأرقام اللي هي في تزايد في موضوع التهجير عن مواقعهم"

• هنا للأسف الوزير لم يُشير بتصريحه إلى من بدأ الحرب على غزة؟ أليس (العصابات الصهيونية) التي تحتل فلسطين وتحاصر غزة وتُنكّل بالضفة الغربية وتوسّع مستوطناتها؟ ألا تدين رسمياً الكويت الكيان بهذه الجرائم رسمياً؟ ألا تعتبره كياناً محتلاً؟

لماذا لم يذكر (شهيد وشهيدة) بعد أن ذكر رقم 42 ألف؟ ولما لم يُسمّي من قتلهم؟ ومن يدعمه بالسلاح الذي يقتلهم؟ الكيان الصهيوني وأمريكا! ولما لم يذكر بالإسم من يهجّر الفلسطينيين؟ وهل يصح من وزير الخارجية أن يقول (مواقعهم) ولا يقول (أرضهم) كما هي الحقيقة وكما تعتبرها دولة الكويت؟

واستكمل الوزير قائلاً:" دولة الكويت شاركت في كل محفل.. في كل مناسبة.. وأكدت على ضرورة وقف إطلاق النار.. ضرورة حل الدولتين.. ضرورة الاعتراف في فلسطين.. ضرورة حق المصير للشعب الفلسطيني.. الشعب الفلسطيني عانى اذا قلنا رسمياً من أكثر من 70 سنة"

• هنا وللأسف عبدالله اليحيا أيضاً لم يُسمّي من يُعطّل ويُعرقل ويرفض ما تطالب به دولة الكويت؟ أليس الكيان الصهيوني وداعميه وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية؟ التي تزوّده بكل ما يحتاج ليستمر بالقتل والتدمير والتهجير والتوسع بالمستوطنات، وتقوم بالتغطية عليه سياسياً وقانونياً… ألا تعترض هذه الممارسات من أعداء الشعب الفلسطيني ما تؤكده دولة الكويت في كل المحافل؟ ومعاناة الشعب الفلسطيني لأكثر من 70 سنة أليست بسبب الإحتلال وداعميه!؟

وأخيراً، قال الوزير: «أنا غير مؤيد ما حصل في 7 اكتوبر لكن متوقع في ظل وجود ضغط عالي على هذا الشعب… عاش وتربى وكبر وأصبح لجيل ثالث وهو تحت الاحتلال" وأتبع هذا الكلام بالتمنيات!

• لا نتوقع من الوزير عبدالله اليحيا أن يعلن تأييداً لعملية السابع من اكتوبر المجيدة.. ولكن أليس في هذا التصريح سلب لحق الفلسطيني بالدفاع عن نفسه واتخاذ كافة السبل والوسائل لدفع العدوان، أليس هذا الحق مشروعاً ومكفولاً وفقاً للمواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية!؟ أيحتاج هذا الحق لإذن مُسبق؟ أليس هذا الحق الذي إنطلقت منه مثلاً المقاومة الكويتية في مواجهة غزو البعث العراقي للكويت؟ أكانوا يحتاجون لإذن مسبق وموافقات من دول هنا وهناك للقيام بواجبهم الوطني تجاه شعبهم ووطنهم؟ وألم يكن ما حدث في 7 اكتوبر وفقاً لاعتراف الوزير الضمني حين قال (متوقع في ظل وجود ضغط عالي) أمراً طبيعياً، خصوصاً أنه وقع الحدث في الجغرافيا التي على الأقل دولة الكويت تعترف بها كأرض فلسطينية محتلة؟ ولماذا الوزير لم يشرح ما هو (الضغط العالي) وتجنب القول بأن الضغط هو الإحتلال والحصار والأسر والقتل والإستيطان… وألا يتعارض التعبير ضمنياً عن معارضة عملية السابع من اكتوبر مع ما ذكره الوزير في آخر تصريحه، بأن الشعب الفلسطيني وصل للجيل الثالث وهو يعاني تحت الإحتلال?!

وفي جانبٍ آخر من الموضوع، لقد لاحظنا أن تناول بعض وسائل الإعلام وبعض الشخصيات المشبوهة للتصريح ينطوي على نوايا خبيثة لمحاولة وضع الكويت في موقف الضد للشعب الفلسطيني ومقاومته، مستغلين ما أشرنا إليه من كوارث في هذا التصريح، ويحاولون جاهدين جر الكويت لحظيرة المطبعين والمتصهينين، ما يحمل وزارة الخارجية مسؤولية قطع الطريق على هذه المحاولات الخبيثة بإصدار بيان واضح يصحح الموقف الملتبس الذي ورد في تصريح الوزير ويؤكد موقف الكويت الداعم للشعب  الفلسطيني والرافض للتطبيع وبما ينسجم مع موقف وإرادة شعبنا الأبي، كما يستوجب على أبناء وبنات شعبنا التصدي لحملات الصهينة بكل الوسائل، وحرمان العدو وداعميه والمتآمرين معه من الفرح بما يتمنون لكويتنا الشامخة بمواقف شعبها القومية والإنسانية.

إن ما يُعزّينا هو أن مصير شعوبنا لا يُقرّر بالمحافل الدولية وفي قاعات المؤتمرات المذهّبة… بل تقرّره يد المقاومة القابضة على الزناد، في جبهات القتال والمواجهة ضد العدو الغاصب، وصمود شعوبنا وثباتها خلف أبطال كفاح التحرر الذين يسطّرون أعظم الملاحم ويقدّمون أثمن التضحيات على طريق تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني من النهر إلى البحر.

الكويت في 29 أكتوبر 2024