في رحيل «بوناصر»..
بقلم:علي حسين العوضي
لم أعتد على كتابة مقالات لأرثي شخصيات معينة بعد وفاتها، لأنني دائماً أفضل ألا أكتب باتجاه مشاعري الخاصة تجاه هذه الشخصية، بل أسعى لأن أبحث وراء هذه الشخصية، محاولاً إيجاد بعض الأفكار التي من خلالها نستعيد ذكرى هذه الشخصية.
ولكني اليوم، لا أعلم لماذا أكتب بهذا الاتجاه، وخاصة أن الأحداث على الساحة المحلية والتطورات الإقليمية في منطقة الخليج العربي ومحيطها بدأت تأخذ أبعاداً وأشكالاً مختلفة.
وعندما بدأت بإمساك القلم لأترجم أحاسيسي بكلمات على الورق، أخذني هذا الأمر من دون أن أعلم بأن أكتب عن شخصية لم أقابلها إلا لساعات معدودة، وهي الساعات التي سبقت وفاته، عندما ذهبت إليه أثناء وجوده في المستشفى الذي صادف أيضا في التوقيت ذاته وجود والدي – رحمه الله – في الجناح ذاته.
ذهبت إليه، لأطمئن على صحته، وخاصة عندما علمت أنه عانى من مرض، وطالت فترة علاجه، وتردت أحواله في أيامه الأخيرة، فعندما كنت ألتقيه كان حواراً خارج نطاق المألوف في مثل هذه الزيارات، فكان الحديث يتركز على أحوال التيار الوطني والتقدمي، وما وصلت الحال اليه من تعثر كبير، بعدما فقد بريقه ومعدنه الذي كان يتميَّز به في أوقات سابقة، إلا أنه في المقابل أبدى تفاؤلاً غير محدود بعودة هذا التيار من جديد على الساحة المحلية، إذا ما استطاعت قياداته تلمس هموم الشارع الكويتي، وهو الأمر الذي ركز عليه بإفساح المجال للقيادات الشابة، ومنحها الفرصة لتقوم بدورها في قيادة هذا التيار الوطني والتقدمي، وهو ما تحقق برأيه في السنوات الأخيرة، بتأسيس التيار التقدمي الكويتي، وكذلك عودة العناصر الشبابية لقيادة المنبر الديمقراطي الكويتي.
لم أعرف هذه الشخصية في أوقات سابقة، فكل ما أعرفه عنه أنه كان عضواً في المنبر الديمقراطي الكويتي في فترة من الفترات، وكان مراقباً – وفق حديثه لي- للعناصر الشبابية، ويعرفها تماماً، ويعلم مدى قدرتها على العطاء.
حواري معه، والذي حاولت التخفيف من وقته، إلا أنه رفض ذلك، بل أصرَّ على استكماله، حتى وإن أنهكه التعب في الحديث، كان ينطلق من أفق التعاون والتركيز على القضايا المشتركة التي تجمع أطراف التيار الوطني والتقدمي، قائلا: هناك اتفاق كبير بينكم (كمنبر ديمقراطي وتيار تقدمي)، وهو ما يجب استثماره، مطالباً بنسيان الخلافات وعدم وضع الأمور الشخصية كأمور تعيق أي عمل مشترك بينكما.
وكان الملاحظ في حواري معه تذكره للعديد من الشخصيات في المنبر الديمقراطي، وحرصه الشديد على الإشادة بعدد من الأسماء، وهو ما حمَّلني أمانة نقل بعض ما طرحه في حديثه معي إلى تلك الشخصيات والأسماء.
لا أريد الإطالة في الحديث عن الراحل عمار حمود العجمي، الذي وافته المنية يوم الجمعة الماضي، 14 مارس الجاري، بل إن رفاقه في الدرب والعمل الوطني أقدر مني للحديث عنه، لمعاصرتهم له، وإلمامهم بأدواره التي قام بها في سنوات نضاله، فهو أحد القيادات العمالية والنقابية التي كان لها دور في الدفاع عن القضايا الوطنية والدستورية.
رحمك الله يا «بوناصر»
___________________________
منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 19\03\2014